أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - الوطن شعور بالأمان والكرامة أولا .














المزيد.....

الوطن شعور بالأمان والكرامة أولا .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 2356 - 2008 / 7 / 28 - 10:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


"حب الأوطان من الإيمان" حقيقة تمسك بها جيل الاستقلال وضحى من أجلها ليبقى مرتبطا بأرض الوطن التي لم تنازعه حبه لها إغراءات المهجر ونعيم حرياته . إنه صدق الانتماء الذي عبر عنه أمير الشعراء أحمد شوقي في حب صوفي : " وطني لو شغلت بالخلد عنه //نازعتني إليه في الخلد نفسي"
. ظل هذا الجيل مشدودا إلى وطنه ، يسقيه حبا ودمعا ودما ، كما ظل الوطن الحضن الدافئ الذي يُشعر الجامحين من أنبائه بقرب ملامسة الأفق ، فيزيد من جموحهم وإصرارهم على حمل الوطن في القلوب والمقل رغم الجور . إذ كان لسان هذا الجيل لا يكف عن الترديد بإيمان وحماسة وسماحة : " بلادي وإن جارت علي عزيزة // وأهلي وإن ضنوا علي كرام" . فالانتماء للوطن كان قيمة ولا أسمى تغذي الروح وترفع الهمم ، ولم يكن أبدا كسرة خبز ولا قطعة ذهب . إنه نفس الإحساس الذي حرك مشاعر الغضب في نفوس البسطاء فهبوا مقاومين للاحتلال دفاعا عن الوطن الذي يجسد كل معاني الشرف والعرض والكرامة . جميع من سلف ومن خلف حملوا بين ضلوعهم حب الوطن وذادوا عن كرامته . لكن سرعان ما توارى هذا الحب في جيل ما بعد المسيرة الخضراء الذي بات هاجسه الشغل والخبز ، فلم يعد الوطن هو الأرض والهواء والدين والانتماء كما كانه عند السلف . إن الوطن هو حيث يوجد الشغل والخبز مصداقا للمثل الشعبي " بلاد الخبز هي بلادي" ، مما يعني استعداد هذا الجيل للانتماء لأي بلد / وطن يوفر له حقوقه الطبيعية ، بحيث لا وطن ولا انتماء بالفطرة وبالوجدان . إننا أمام جيل بمواصفات مغايرة وتصورات متباينة تشعره بالغربة في وطنه وبعدم الانتماء . ولا يختلف في هذا الأمي عن المثقف ما دام هاجسهما الشغل والخبز . تلكم هي الحقيقة التي أكدتها لي واحدة من الدكاترة المعطلين بعبارات مؤثرة هذا نصها : "أما بالنسبة للوطن الذي تتحدث عنه فلي مفهوم آخر له فانا الآن أحس أنني حارقة بمعنى "الحريگ"الذي يستعمل في الهجرة. فانا حارقة في المغرب ولحد الآن أبحث عن الوطن الذي لا يتحدد بالعَلَم والشعار والنشيد والمعتقد واللغة والبطاقة ولكنه يتحدد بتحقيق الذات واحترام كينونة الإنسان وكرامته. وطن لغته لغتي ومعتقده معتقدي ونشيده يطربني ومعتقده يحترمني . وطن أجد فيه نفسي ،وطن أحس فيه بذاتي وتتحقق فيه طموحاتي . وطن يجعلني أتشبث به وأحس أنه جزء مني وأنا جزء منه . وطن أرفض أنا تغييره لا أن يغلق علي هو كل نوافذ الهجرة ليسلمني لسمك القرش أو لتجار المخدرات أو سماسرة الأجساد البشرية. وطن يستحق أن أحترمه كما يستحق إلهي أن أعبده. فللأسف هذا الوطن الذي نجتمع فيه أنا وأنت أدى إلى قتل أحد الأطر العليا القاطنين بمدينة فاس حينما كان يناضل من أجل حقه . فأي احترام يستحقه مني إذن؟" . إن مشاعر الغربة التي تنتاب الأطر العليا المعطلة ووضعية "الحريگ" التي يوجد عليها وفيها قهرا وقسرا هؤلاء المعطلون ، مردها بالأساس إلى وضعية البؤس والعطالة التي فرضتها سياسات حكومية أهملت الاستثمار في العنصر البشري ، وتغافلت عن استشراء الفساد المالي والإداري ، بل وفرت للمفسدين أسباب الحماية والإفلات من العقاب . إنها مرحلة تناولها بالتفصيل والتدقيق تقرير الخمسينية وشرّحها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة . إلا أن معطيات كثيرة تعرقل الجهود التي يبذلها الملك للقطع مع الفساد والاستبداد . والأمثلة التالية نماذج للتذكير لا للحصر .
1 ـ ملفات النهب والتبذير في مختلف القطاعات والتي فتحها القضاء دون أن يبت فيها ، وإن فعل فبالبراءة أو التخفيف . ولم يكن ملف العفورة إلا أحد هذه النماذج التي تتكرر باستمرار بسبب غياب الحزم والعقاب ، أي بسبب حالة "السيبة" التي تشجع على السرقة والتبذير والتبديد . فـ" المال السايب يعلم السرقة" . وحالة التسيب هذه تغري حتى بعض المسئولين الحكوميين بمكافأة المفسدين والجشعين . فقد أثيرت الشبهات حول ميكانيزمات الخوصصة ومعايير تفويت عدد من القطاعات الإنتاجية لذوي الحظوة أو النفوذ ( الصيد البحري ، أراضي صوديا وصوجيطا . الأراضي التي فوتت لمجموعة الضحى وأضاعت على الدولة ألف مليار سنتيم ..) . طبعا هذه الممارسات تؤكد أن نهب خيرات الوطن أو تبذيرها لا يقدم عليها من في قلبه ذرة حب للوطن . فهؤلاء هم أعداء الوطن وهم الذين يستعجلون خرابه جوعا وعطالة وفتنة وإجراما . ولعل الإحصائيات الرسمية في موضوع الإجرام تعكس هشاشة الأوضاع وخطورتها . إذ سجلت المصالح الأمنية المغربية سنة 2006 ما مجموعه 78 ألف و838 قضية . أما سنة 2007 فقد سجلت ما يناهز 266 ألف فعل إجرامي في الوسط الحضري، فيما سجل الوسط القروي ما يناهز 80 ألف قضية . حجم مخيف ستعجز أمامه كل مقاربة أمنية معزولة عن المقاربة التنموية .
2 ـ الخروقات الأمنية التي تقدم عليها بعض العناصر المسئولة في جهاز الأمن ، كما حدث في سيدي إفني ، والتي حشرت المغرب في وضعية تناقض مع المبادئ التي أعلنها والإجراءات العملية التي أقدم عليها بجرأة ومسئولية بهدف القطع مع ماضي وأساليب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان . إن هذه العناصر الأمنية المخلة بالقانون لا تختلف في شيء عن الذين يسرقون الأرزاق أو يهددون الأمن أو يصادرون الحق في الكرامة والحق في الحياة . جميع هؤلاء أعداء للوطن وإن زعموا الانتماء إليه أو الدفاع عن أمنه ، لأنهم يصرون على تشويه سمعة الوطن وتفتيت لحمته ضدا على إرادة الملك الذي دشن عهد المصالحة ووسع أبعاده وآفاقه لتشمل الحقوقي والاجتماعي والاقتصادي في مختلف ربوع المملكة . جهود ستظل تعرقل ديناميكيتها عناصر النهب والفساد التي تشكل الخطر الحقيقي الذي يتهدد استقرار الوطن . لهذا يبقى المدخل الأسلم هو مواجهة كل بؤر الفساد والنهب والتبذير التي تضيع على المغرب كل فرص التنمية المستدامة وتؤجج ، في المقابل ، مشاعر الغربة وميول الانتحار والإجرام .





#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمان نعمة يزعزعها الإرهابيون ويفرون لطلبها .
- لنقطع مع ثقافة التيئيس والتبخيس .
- لما تصبح التهدئة انتصارا .
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(5)
- جماعة العدل والإحسان وإشكالية الترخيص القانوني .
- هيبة الدولة من كرامة المواطن .
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(4)
- الإرهاب وتنوع الخطط والمخططات .
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (5)
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (4)
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (3)
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (2) .
- أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (1)
- أية إستراتيجية لمواجهة الإرهاب ؟
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(3)
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(2)
- بلال التليدي : كبر مقتا أن تقول ما لا تفعل !!
- ماذا لو شملت عقوبة الإعفاء من المهام كل المقصرين ؟
- تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(1)
- على هامش فرار الإرهابيين : الدول لا تبنى بالعواطف .


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - الوطن شعور بالأمان والكرامة أولا .