|
حزب العدالة والتنمية على خطى الفصل بين الدين والسياسة (1).
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2358 - 2008 / 7 / 30 - 07:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بانتهاء المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية الذي انعقد يومي 19 و 20 يوليوز 2008 ، تكون الصورة العامة عن برنامج الحزب للأربع سنوات القادمة ـ على الأقل ـ قد تحددت ملامحها الأساسية وبات واضحا التوجه العام الذي اختاره الحزب ليحكم مواقفه من قضايا عديدة يأتي في مقدمتها : العلاقة بين الديني والسياسي ، المشاركة في تدبير الشأن الحكومي ، التحالف مع الأحزاب السياسية . فخلال الفترة الممتدة من التحاق أعضاء حركة التوحيد والإصلاح بحزب الدكتور الخطيب إلى حين التهييء للمؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية ، ظل الحزب سجين مواقفه الإيديولوجية المتمثلة أساسا في "أسلمة" قوانين الدولة وتشريعاتها ، رفض المشاركة في الحكومة إلى جانب قوى اليسار ( الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية ) . وتجاوزا لهذه المواقف حرصت أطروحة المؤتمر السادس على الكشف عن عدة اختلالات وأوجه القصور تهم مواقف الحزب وأدائه ، ومن أبرزها: (نقص في وظيفة الإنتاج وتوليد الأفكار السياسية وفي التحليل والنقاش السياسي .. مما ترتب عنه ضعف في الثقافة السياسية المشتركة وأعطى الانطباع بوجود حالة تأرجح بين تصورات عامة مختلفة ، وأحيانا متعارضة حول هوية الحزب وطبيعة عمله السياسي،دون القدرة على الحسم لصالح اختيار بعينه ، وبعدم وجود مشروع سياسي جامع). ـ ( ضعف القدرة على قراءة الواقع السياسي ) . ـ ( عدم كفاية النفس النضالي وضعف الوعي السياسي لدى كثير من الأعضاء ) . ـ ( قصور على مختلف المستويات التنظيمية في ترجمة القوة السياسية والتمثيلية والجماهيرية للحزب ) . ومنذ 2002 ظهرت بعض الأصوات ترصد بعض مكامن الخلل . وكان مصطفى الخلفي أحد هذه الأصوات التي تطرقت لجوانب من الخلل أو القصور لدى حزب العدالة والتنمية حيث أشار أساسا إلى أزمة توضيح المشروع السياسي لحزب العدالة والتنمية ، على اعتبار أن ( الخط العام للحزب كما تبلور منذ أكثر من عقد من الزمن تأسس على خيار المشاركة والانفتاح ، والاستيعاب الدقيق لتعقيدات التدافع السياسي والاجتماعي بالبلاد ) إلا أن قيادة الحزب لم تعد ملتزمة بهذا الخط العام إذ ( ظهر قصور في توجيه الخطاب السياسي للحزب حسب هذا التوجه ، وفي ضمان انسجامه في القضايا الكبرى على أساس منه ، وفي ضبط سقف مبادراته وتحديد أولوياته ورسم خريطة علاقاته المرحلية والاستراتيجية ) . وبسبب هذا القصور تم إدخال الحزب ( في معارك غير محسوبة وفتح جبهات متعددة في نفس الوقت .. مثل الخروج إلى المعارضة ، والاحتجاج على حضور الفنان الصهيوني " لوران جبرا" بالدار البيضاء ، وقانون مكافحة الإرهاب ، بالإضافة لبعض التصريحات التي صدرت حول بعض القضايا كإمارة المؤمنين والعلاقة بين حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية ، حيث إن بعض المواقف في هذه المحطات خلفت تشويشا على الخط السياسي للحزب في الساحة الوطنية ، ومكنت خصومه من مبررات قوية للعمل على تحجيمه والتخويف منه وإضعاف فاعليته في الحياة السياسية والوطنية ) . والمؤتمر إذ وقف على بعض جوانب القصور والاختلال هذه ، فإنه وضع أسسا لمرحلة تدارك مكامن القصور وتصحيح الخلل عبر إقرار "مشروع أطروحة المؤتمر السادس" التي تداولها أعضاء الحزب وناقشوا مضامينها . وتعرّف هذه الأطروحة نفسها كالتالي " ونقصد بالأطروحة نظرية العمل المؤطرة للمرحلة أي الرؤية المرحلية للحزب التي تسعى بعد قراءة وتحليل الوضعية السياسية العامة داخليا وخارجيا ، إلى تحديد المدخل أو المداخل الأساسية للإصلاح وأولوياته الكبرى في هذه المرحلة ، وإلى تحديد التموقع السياسي والاجتماعي للحزب ، وكيفية تفعيل توجهات الحزب في الانفتاح والتعاون مع القوى السياسية والاجتماعية والمدنية ، التي تتقاطع نظرتها للإصلاح مع نظرة الحزب " . لهذه الغاية أعلنت أطروح المؤتمر بوضوح :( فإننا من منطلق النزاهة الفكرية والموضوعية نحن في حاجة للوقوف على مختلف مظاهر النقص والخلل التي عرفها أداؤنا العام سواء على مستوى مقارباتنا ورؤانا النظرية واجتهاداتنا السياسية أو على مستوى خطابنا ومواقفنا وجاهزيتنا النضالية ونجاعتنا الميدانية) . وكان من أبرز الانتقادات التي توجه لحزب العدالة والتنمية : تنصيب نفسه ممثلا للدين السليم وحارسا عليه وناطقا باسمه . إذ لم يفت عددا من قيادات الحزب التأكيد على هذا كما جاء في قول الأستاذ بنكيران ( نحن الآن في مرحلة الدفاع عن الحصون المتبقية من الإسلام )( برنامج في الواجهة . M 2 ) . ونفس الأمر أعاد التأكيد عليه الدكتور الريسوني عبر قناة " العربية" بقوله( الآن هناك دعاة كثيرون للإصلاح لكنهم مثلا في بلدنا وفي غير بلدنا يرون بالذات أن الإصلاح هو إزالة ما بقي من ديننا ، ونحن نقول الإصلاح هو إعادة ما ضاع من ديننا ) . وإذا كان حزب العدالة والتنمية ، خلال العقد الأخير ، قد هيمن على توجهاته واختياراته تصور الدكتور الريسوني وتياره الذي يجعل السياسة من مهام الدعوة وغير منفصلة ولا حتى متمايزة عنها ، الأمر الذي يضع الحزب في مواجهة مع من يصفهم بالعلمانيين الذين يتهمهم بـالسعي لـ"إزالة ما بقي من الدين" ، فإن المؤتمر السادس للحزب تبنى موقفا مغايرا لا يجعل أولوية "الإصلاح هي "إعادة ما ضاع من ديننا" بل هي ما عبرت عنه أطروحة المؤتمر كالتالي :( تقترح أطروحة المؤتمر السادس اعتماد معيار سياسي وظيفي للتموقع ينطلق أساسا من اعتبار تصورنا لأولوية الإصلاح في المرحلة القادمة ومدخله الأساس أي مدخل النضال الديمقراطي . ومن مستلزمات ذلك التعاون مع كل الديمقراطيين الحقيقيين الذين وضعوا ضمن أولوياتهم النضال من أجل إقرار إصلاحات سياسية حقيقية تعيد الاعتبار للحياة السياسية وللمؤسسات المنتخبة ولمشاركة المواطن وللمسؤولية السياسية ولدعم حقوق الإنسان والحريات العامة ). للحديث بقية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوطن شعور بالأمان والكرامة أولا .
-
الأمان نعمة يزعزعها الإرهابيون ويفرون لطلبها .
-
لنقطع مع ثقافة التيئيس والتبخيس .
-
لما تصبح التهدئة انتصارا .
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(5)
-
جماعة العدل والإحسان وإشكالية الترخيص القانوني .
-
هيبة الدولة من كرامة المواطن .
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(4)
-
الإرهاب وتنوع الخطط والمخططات .
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (5)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (4)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (3)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (2) .
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (1)
-
أية إستراتيجية لمواجهة الإرهاب ؟
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(3)
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(2)
-
بلال التليدي : كبر مقتا أن تقول ما لا تفعل !!
-
ماذا لو شملت عقوبة الإعفاء من المهام كل المقصرين ؟
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(1)
المزيد.....
-
سالم الطويل.. فصل الداعية الكويتي بعد تهجمه على المذهب الإبا
...
-
سفير إسرائيل في بروكسل: التكتل سيخسر إذا عاقبنا بسبب غزة ولم
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال
...
-
الأردن.. توقيف أشخاص على صلة بجماعة الإخوان المحظورة
-
روبيو: نعمل على تصنيف -الإخوان- كتنظيم إرهابي
-
روبيو: الولايات المتحدة في طور تصنيف جماعة الإخوان منظمة إره
...
-
بعد 11 عاماً من تهجيرهم.. مسيحيو قره قوش يتحدّون إرث -داعش-
...
-
علي الأمين: إيران ربما تفعل الورقة الشيعية للدفاع عن سلاح حز
...
-
’مادونا’ تحث بابا الفاتيكان على زيارة قطاع غزة المحاصر
-
مستشار رئيس فلسطين في مؤتمر الإفتاء: سنصلي جميعًا في القدس و
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|