أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - ان وراء الاكمة ما ورائها! كلمة حول طرح -فيدرالية المحافظات















المزيد.....

ان وراء الاكمة ما ورائها! كلمة حول طرح -فيدرالية المحافظات


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 732 - 2004 / 2 / 2 - 04:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 تصاعدت في الفترة الاخيرة الدعاية والتحركات الهادفة لاقرار (وبالاحرى لفرض) الفيدرالية. لن اتناول في هذا المقال الفيدرالية الجغرافية- القومية الذي تدعو له التيارات القومية الكردية وحزبيها القوميين الرئيسيين في كردستان، بل ساتناول ما يسمى بالفيدرالية الجغرافية- الادارية، اي فيدرالية المحافظات. ان الاطراف الداعية لهذا الطرح هو مزيج من قوى قومية، اسلامية، طائفية وعشائرية ونخب سياسية هامشيةن ناهيك عن بعض المثقفين الحمقى "طيبي النيات، ناقصي العقول" الذين لايعرفون ماذا "يلوكون". ان القسم الاغلب منها موجود في داخل مجلس الحكم نفسه. ان السؤال المطروح هنا: ماالاهداف الواقعية من طرح فيدرالية المحافظات؟! هل ان الفيدرالية هي انسب شكل لادارة عراق مابعد ديكتاتورية صدام؟! هل ان الفيدرالية هي سعي من اجل توزيع السلطة وسحبها من يد الحكومة المركزية حتى لاتلجأ الى المركزة والعنف؟! هل صحيح ان الفيدرالية تعني المشاركة الاوسع للسكان في ادارة امور مناطقهم؟! هل تعني بالضرورة ان سكان العمارة يجب ان يديرها من اهالي العمارة انفسهم لانهم ادرى بشعابها؟! هل ان الفيدرالية هي الشكل الانسب للتطابق مع الاوضاع غير الديكتاتورية، اوضاع الديمقراطية؟! وغيرها من الاسئلة الكثيرة.

 

ليست في كل هذه الادعاءات والمبررات التي يتحفونها بنا اي صلة او ربط بواقع الامور. ان كان امرء ما يتعقب فعلاً انسب شكل لادارة المجتمع واوسع اطار لتدخل السكان ومشاركتها، لماذا لايلجأ الى الطرح المجالسي؟! المجالس التي تستند على الارادة المباشرة والتدخل اليومي الحر، الحي والواعي للجماهير في الاحياء والمحلات ومجمل مراكز عمل ومعيشة الجماهير في ادارة مجمل الامور التي تمس حياتها اليومية: من توفير الامن والمعيشة وصولاً الى السياسة الخارجية للبلد. ان تكون المجالس هي السلطة التشريعية والتنفيذية التي لاتكتفي بسن القرارات، بل تسهر على تنفيذها. ان مندوبي وممثلي المجالس هم المندوبين والممثليين الواقعيين والمباشرين التي تقر الجماهير يوميا باهليتهم على اداء المهام التي اوكلتها لهم جماهير المحلة او المعمل (وباطار اكبر، المجالس العامة للمحافظة والدولة) والذين تتابع اعمالهم الجماهير وتقرر مدى اهلية قادتها واستمرارهم في مهمتهم والا سيتعرضوا للعزل و استبدالهم ببساطة.

 

من قال ان اساس الديكتاتورية هو وجود سلطة مركزية على صعيد البلد؟! ان هذا تفسير ذاتي يبحث في اوضاع العراق والاستبداد الذي ساد فيه مبررا لبرنامجه ومشروعه السياسي ومطامحه السياسية الضيقة. ويتعكز على خويف جماهير عانت الامرين على يد الديكتاتورية البعثية ويوضفها باسذج واتفه الطرق لاهدافه. ان اساس الاستبداد هو سعي الطبقات الحاكمة في البلدان التي تسمى بـ"النامية" و"عالم ثالثية" من اجل تراكم ارباحها باسرع مايمكن كي تتمكن من المنافسة في عالم تبتلع فيه الاسماك الكبيرة الصغيرة، عالم الراسمال. ولهذا لاندحة لها وهي الفقيرة تكنولوجياً، كي تراكم الارباح بسرعة وباقصى الدرجات، من ممارسة اشد اشكال استغلال العمال وظلمهم من جهة وسحق مطاليبهم ومساعيهم التنظيمية المهنية والسياسية التي هي مرافق طبيعي لهذا الظلم، كي يسهل اخضاعهم وادامة عجلة التراكم المتعاظم للربحية. ان الاستبداد متجذر باوضاع وحاجات ومتطلبات الاقتصاديات الراسمالية لبلدان مثل العراق. وطالما ان جيوب الراسمالية لاتتحمل الدفع، لاندحة لها من القمع والاستبداد. ولهذا، فان اي حديث او ربط بين الفيدرالية و"عدم عودة الاستبداد" هو حديث هزيل وساذج. بالطبع، انا لاتحدث عن مراحل معينة قد تجبر فيها الطبقات الحاكمة على الرضوخ والاقرار ببعض الحريات والحقوق، وبالاخص الاوضاع الثورية واوضاع يكون فيها ميزان القوى السياسي-الاجتماعي ليس في صالحها.

 

وكالعادة، للبحث عن فحوى قضية ما وماهيتها، يجب ان نخلص انفسنا من ادعاءات اصحابها. لايمكن فهم الاهداف الحقيقية لهذا الطرح بمعزل عن ظروفه، اسقاط النظام البعثي الفاشي وظهور فراغ هائل في السلطة السياسية. ان الاهداف الواقعية لفيدرالية المحافظات هو سعي الاحزاب القومية والدينية والطائفية والعشائرية ومن يسمون انفسهم بـ"وجهاء المجتمع"!! الى استغلال هذه الاوضاع من اجل الحصول على اكبر حصة ممكنة من السلطة السياسية التي تتكالب مجمل القوى وباقذر الطرق واشدها ابعادا للجماهير من اجل انتزاعها من الاخرين. ان فيدرالية المحافظات  لاتعني سوى سعي الاحزاب والتيارات والنخب السياسية المحلية من اجل ضمان حصتها من "الغنيمة"، غنيمة انهيار النظام وبقاء باب السلطة مفتوحاً لمن يسعى له. ان كثرة من شيوخ العشائر ورجال الدين والنخب السياسية  (وفي معظمها غير السياسية) المحلية المغمورة التي تربى الكثيرون منهم على ايدي النظام او حتى من كانوا في الخارج وجدت في هذه الاوضاع يومها لتتقدم الميدان وتطالب بحصتها. ان الاسلوب الامثل لهم هو السعي للحصول على مكانة في السلطة السياسية في مناطقها. اذ انها "قوة" في مناطقها ولا ترتجي الكثير من "بغداد". قوتها ليست نابعة من تمثيلها للجماهير، بل نابعة من اموالها وسلاحها. قوتها نابعة من صياغتها وافتعالها لهوية كاذبة ما والمطالبة بحصة تكبر او تصغر استنادا الى هذه الهوية سواء اكانت عشائرية ام طائفية ام دينية ام مالية. انه سعي هؤلاء الذين يدركون ان "لامكان لهم في سلطة موحدة تستند الى اسس غير اسسهم". وعليه، ان مجمل الادعاءات التي يذكروها هي بعيد كل البعد عن واقع الامور.

 

لاتعني الفيدرالية سوى اطلاق ايادي الاحزاب الدينية والطائفية في الهيمنة والاستفراد بسكان معظم مناطق وسط وجنوب العراق بوصفها حكر لهم. انها ترى الاحزاب الكردية تسعى لتأبط مناطق "شمال العراق"، كردستان، ولهذا تحدث نفسها بضرورة تأبط المناطق الجنوبية "الشيعية". هذه لك وهذه لي وترك "المثلث السني" بيد "السنة". ان الفيدرالية تتمتع باهمية حياتية لهذا الاحزاب والجماعات و"الوجهاء الهزيلين". انها تعني استفرادهم بجماهير العراق الذين هم اناس لايعرفوا انفسهم اساساً وفق هذه الاسس. استفرادهم يعني صياغة القوانين القومية والدينية والطائفية ووضع الجماهير تحت رحمتها. ان الفيدرالية تعني اطلاق يد هذه الجماعات لتتحكم بمصير وحياة الناس ومستقبلها. انها تعني اطلاق اياديهم في تعميق السيناريو الاسود، السيناريو الذي تعتاش منه وتتغذى منه مثل هذه الديناصورات البالية والمتحجرة. انها تعني دفع المجتمع نحو سيادة ديكتاتوريات لاتقل بشاعة عن ديكتاتورية البعث، ديكتاتورية الولاءات والانتماءات والهويات الزائفة و"الاشقياء" والحثالات المتكالبة نحو الجاه والوجاهة بابشع اشكالها. في ظل الفيدرالية، تصبح مكانة الانسان مرهونة بمكانة عشيرته او مدى قربه من السيد الفلاني. انها تفتح الابواب امام اكثر اشكال الانفلات وغياب الامان والطمانينة. ستصبح ابسط الامور مادة لصراعات عنيفة ودموية من اجل فرضها. سيصبح اختيار مدير بلدية او تربية او مدير مدرسة مادة لصراعات قوى ليست لها ادنى ربط بالاقرار على مثل هذه الامور. سياتون بمدير تربية يفرض السواد التام من الراس الى القدمين على الطلاب والمعلمات، سينصبون مدير "مزكى" من جماعة اسلامية او عشائرية ما لم يسمع به او بها احد ولم يعرف عنها اي تاريخ علمي! ستسلم ادارة مستشفى مدينة الثورة الى حفنة صبية دينيين حالمين بالمكانة والسلطة لايعرفون اكثر من ترديد عبارات "ان السيد قد قال كذا"!  وحتى لوساد قانون واحد في العراق، ستسود القرارات غير الرسمية والضغوطات غير المدونة. سيدفع بالمراة والاطفال والشباب قرون للوراء. ستصادر حرية المراة، سيجبر المسيح والصابئة على الهجرة من مدن مثل البصرة. ان اوضاع الفيدرالية التي يتوخوها لاتتعدى الوضعية البائسة والماساوية الراهنة التي فرضها رجال الدين والعشائر والحثالة الملتفة حولهم على المجتمع مع بعض التعديلات التي تقتضيها "الاصول"!! ستوجه ضربة جدية لعلمانية المجتمع ومدنيته وسعي جماهير العراق التحرري من اجل اقامة حكومة علمانية غير قومية وغير دينية تتمتع الجماهير فيه بالمساواة بغض النظر عن الدين والقومية، العرق، الطائفة والعشيرة ، ستوجه ضربة شديدة لحق المواطنة، ستعيد بالمجتمع العراقي قروناً للوراء ستصيغ من اكثر الناس تخلفاً وجهلاً واستهتاراً بادنى القيم والكرامة الانسانية والرفاه والحريات والحقوق "قادة" و"رموز" المجتمع وممثليه. اي درك سيدفع تحقيق هذا المشروع جماهير العراق، رغم ادراكي الكبير باستحالة ارساء هذا المشروع وبقاء الامور مستتبة. ساحيل هذا الامر الى فرصة اخرى

 

لم تكن مشكلة جماهير العراق، ومنذ عقود، مسالة نوع وشكل ادارة المجتمع: مركزياً ام فيدرالياً. لقد كانت مشكلتها الوحيدة هي ارساء مجتمع مرفه وسعيد وحر ومتساوي تكون فيه للانسان والطفولة معنى وقيمة، مجتمع تصان فيه الحقوق والحريات السياسية والفردية والمدنية، مجتمع خال من القتل والاعدام وهدر الكرامة الانسانية. ان الفيدرالية هي جواب لمشكلة هذه التيارات والجماعات والحثالات والنخب الساعية نحو السلطة وليس جواب لمشكلة اغلبية الجماهير المحرومة والكادحة المتعطشة نحو عالم افضل. ان الفيدرالية هي شعار ومطلب في غاية الرجعية. يجب التصدي له وفضح اطرافه والداعين لها. انها مهمة الحزب الشيوعي العمالي ومجمل الساعين لكنس هذه الجماعات البالية والمتعطشة للسلطة باي ثمن.             



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوضاع الاطفال في العراق الان!
- يجب وضع حد لتطاول الحوزة وزمرة مقتدى الصدر العميلة والمأجورة ...
- منازلة قطبي الارهاب العالمي! جماهير ايران والعراق في مقدمة ص ...
- الديمقراطية ام مأزق السياسة الامريكية؟! على هامش خطاب بوش ال ...
- تخرصات الارهابيين المفلسة! رد على جريدة الحياة العراقية
- نداء فارس محمود الى جماهير الناصرية حول إشتداد الصراع للسيطر ...
- صراع جبهتان! حول تظاهرة اتحاد العاطلين في الناصرية
- كابوس مؤرق على الابواب!!
- اللامي يقرء كتابات الحزب الشيوعي العمالي بنظاراته الشعبوية!! ...
- ثقافة التسقيط-.. ثمرة الاستبداد القومي- الاسلامي*
- نعم انها متحيزة لجبهة الحرية و المساواة وعالم خال من الظلم ب ...
- يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق!- الجزء الثالث وال ...
- بمناسبة اليوم العالمي الاول لمناهضة -عقوبة- الاعدام: يجب ا ...
- يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق الجزء الثاني اسط ...
- يجب كنس مؤسسة -الجيش- من حياة جماهير العراق! - الجزء الاول
- -مؤتمر بروكسل-.. وكعكة السلطة المغمسة بدماء الابرياء!
- فوز حزب العدالة والتنمية في تركيا، نتاج اية واقعيات!!
- الرجعيون يقاتلون بعضهم
- علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة! رد على شتائميا ...
- علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة!! رد على شتائمي ...


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - ان وراء الاكمة ما ورائها! كلمة حول طرح -فيدرالية المحافظات