أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة! رد على شتائميات اللامي - الجزء الثالث















المزيد.....



علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة! رد على شتائميات اللامي - الجزء الثالث


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 293 - 2002 / 10 / 31 - 03:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة!

رد على شتائميات اللامي

الجزء الثالث

 

 

 

اما الحالة الثانية لسقوطنا التي يتحدث عنها الكاتب فهي "الاستفزاز غير المبرر والساذج للتراث الروحي لمئات الملايين من الجماهير المسلمة والاساءة الى مشاعرها بشكل خطير.." وينبهنا الى مخاطر الانتحار السياسي والحكم على النفس بالعزلة ثم التلاشي.

 

انا اشكر شعوره هذا، شعور وقلقه علينا. بيد ان شعوره هذا ليس في مكانه. انها لمقولة ماركسية معروفة و لاجدل حولها تلك التي تقول "ان الافكار السائدة في المجتمع هي افكار الطبقة السائدة" وان نضال الشيوعيين هو نضال لاهوادة فيه ضد الافكار السائدة في المجتمع، الافكار التي من السهولة بمكان رؤية مصالح الطبقات السائدة التي تقف ورائها.  تطرح الطبقات السائدة افكارها الخاصة وتقاليدها الخاصة واخلاقياتها الخاصة وتعممها وتشيعها بوصفها افكار واخلاقيات وتقاليد المجتمع ككل. ان احد ميادين نضال الشيوعيين هو النضال ضد هذه الافكار والاخلاقيات، انتقادها وفضحها وتصفية الحساب الجدي معها. لا يشمل هذا السياسية منها فحسب، بل مجمل ميادين حياة ومعيشة الجماهير. من اين اتت هذه الافكار والتصورات للناس؟! انها لم تاتي من السماء. انها نتاج وعمل تيارات اجتماعية وسياسية، نتاج  احزاب سياسية.  ليس ثمة افكار خالدة عضوية ازلية في ذات البشر. تتغير افكار البشر من التقدم الى الرجعية او بالعكس ارتباطاً بالاوضاع والمسارات السياسية المحددة. هل ان حق الراي والتعبير في لبنان مثلاً في الستينات مثل حاله اليوم؟! تغير. لماذا؟! لماذا تقلصت حريات المفكرين والمبدعين اليوم؟! انها نتاج عوامل سياسية واجتماعية معينة وليست لها ادنى صلة بذات البشر. انها نتاج تصاعد التيارات الاسلامية التي احيت من قبرها كوسيلة لبرجوازية متهافتة لم يبق لديها اي شيء تحرري في المجتمع، برجوازية تحتاج الى هذا السلاح لستر ازمتها العميقة. ان حيدر حيدر يحاسب اليوم على رواية كتبها قبل اكثر من عقدين. ثمة عشرات غير حيدر حيدر. ان عودة الاسلام السياسي للساحة السياسية نتاج اوضاع اجتماعية سياسية معينة. تطرقت وتطرق رفاق لنا كثيرون لهذه المسالة في مناسبات عدة. لهذا، لاارى ضرورة لتكراره هنا. ليس لدى الجماهير افكار و "تراث روحي" عضوي خاص بها. انها تصورات غير مادية، ميتافيزيقية. انها تصورات قومية وشعبوية تنظر للامة كامة بدون طبقات، بدون صراعات، بدون افاق وتطلعات سياسية واجتماعية او فكرية مختلفة، بل ومتضادة. انها تلجم الجماهير في قفص "الامة" و"الخصوصية" و"تراثها الروحي الخاص". فاي ماركسية يتحدث عنها اللامي؟!

 

ان طرحه هذا يعني اتخاذه لموقف الدفاع عن الدين امام نقد الدين. ما ان يذهب المرء لنقد "المنطقة المحرمة" لنقد الدين، حتى تجد اخرين من امثال علاء اللامي يزعقون بنا "حذاري من المس بمعتقدات الاخرين"، " لاتهين معتقدات الاخرين"، "عليكم احترام معتقدات الاخرين". (واترك جانباً هذا التصور السائد في بلدان قمعية واستبدادية ترى كل نقد اهانة!)، لاقول من الواضح ان منتقدينا قد غدوا قضاة ومرشدي التاريخ يجلسون على جدران العالم العالية وليس لهم اي دور في الصراع السياسي والاجتماعي لعصرهم. بالنسبة لنا، المسالة بالعكس من ذلك بالضبط. نحن جزء من لوحة هذا العالم وهذا التاريخ وهذا المجتمع، لنا دور في رسم ملامح هذا العالم. اننا احد اطراف هذا الصراع ولنا مصلحة في صياغته ومصيره. اننا لانقف على طرف الحياد في الصراع بين التقدم والرجعية. نحن لسنا مفسري التاريخ ولا مراقبيه المحايدين ولا قضاته. نحن جزء، وجزء حي، منه. نبغي ان نلعب دورنا بوصفنا اناس احياء وماركسيين يسعون كافراد وجماعات في صياغة ملامح عالمنا المعاصر بصورة مؤثرة.  ان نقدنا للافكار الرجعية والسعي لفرض التراجع عليها هي احد زوايا هذا الصراع.  ان اتخاذ موقف الدفاع وابداء المقاومة تجاه هذا النقد وتغطيته بعبارات مثل "احترام معتقدات وافكار الجماهير" هي  زاوية اخرى من الصراع. ان سؤالي لللامي هو في اي  طرف يقف في هذا الصراع؟!

 

لقد اكدنا، مراراً، وفي مناسبات مختلفة وبالاخص برنامج الحزب الشيوعي العمالي "عالم افضل"، اننا نميز بين مسالتين: حق الانسان التام وغير المشروط بتبنيه لاي فكرة او عقيدة واكدنا على ضرورة صيانة الفرد من تطاول الدولة او اي جهة على هذا الحق وبين احترام عقيدة الاخرين ذاتها. اننا ننشد ان لا تكون هناك اي قيود او شروط على حق الانسان بتبني عقيدة او افكار ما. ان هذا امر مسلم به للانسان منذ ولادته، وعلى القانون ان يؤمن هذا بوصفه حق اساسي للمواطن. ليس منح الحق الشكلي والصوري للانسان بهذا الخصوص، بل يجب توفير وتامين الاوضاع والامكانية الحرة للفرد او الجماعة في التصريح بعقيدتهم بصورة واقعية. بيد ان ثمة فرق شاسع بين احترام حق الفرد بتبني افكار ما او عقيدة وبين ان تكن احترام للعقيدة او الافكار المعنية. اننا نؤمن بحق الفاشيين في الراي والتعبير، بيد اننا لانكن الاحترام للافكار الفاشية. اننا نؤمن بحق الاسلاميين بالتعبير عن ارائهم ولكننا لانكن ذرة احترام للافكار الاسلامية والخرافة والجهل. بوسع المرء ان يتحدث الاف الساعات عن "الرجال قوامون على النساء" وانهن "ناقصات عقل ودين و.."  وان الرجل افضل من المراة، بيد اننا لانقر بادنى احترام للنزعة الذكورية وهذه الترهات. اود ان اسال اللامي لو ان المرء يضع التقدم والرجعية على قدم المساواة ويقف محايد امامهما، عليه ان يقدم  للقاريء معياره للتقدم والرجعية الاجتماعية.

 

هل على علاء اللامي ان يحترم اكل لحوم البشر لوكان يوما ما فرد في احد قبائل اكلي لحوم البشر في افريقيا؟! وان لم يفعل ذلك، سياتي علاء لامي جديد يطالبه بلماذا لاتحترم عقائد الناس؟! لماذا تستفزها؟! عندها ماذا سيرد عليه اللامي؟! هل ان علاء اللامي على استعداد لاحترام عادات اقاليم في الهند لو تزوج يوماً من امراة يقوم افراد عائلتها، وبصورة وحشية بربرية، بقلع خصال شعرها خصلة خصلة في احتفال بهيج يحضره اناس المحلة (!!) حتى تكون صلعاء تماماً في ليلتها الاولى؟! هل هو على استعداد لذلك؟!  للاسف، ان اللامي هو من يطالبنا بمراعاة مشاعر الجماهير الدينية. بيد ان الصورة الحقيقة هي بالعكس من هذا بالضبط. ان  الجماهير نفسها  هي التي تأن يومياً تحت السياط المادية والمعنوية لضغط الاسلاميين. ان الجماهير هي التي عليها ان تكبح حرياتها وحقوقها خوفاً من الاسلاميين. على الفتاة ان لاتلبس تنورة قصيرة او بنطال، على الشباب ان لايقيموا علاقاتهم العاطفية والجنسية، على الكاتب او الكاتب ان لايوردا اي افكار تنقض "المقدسات" بل وحتى احاسيسهم الجنسية في كتاباتهم، على الطفل ان يدرس القران قسرا في المدرسة، على الجماهير ان تحترم شخص وتضع له مكانة خاصة ولا يُرد له طلب لانه اية الله او روح الله، على الناس ان لا ترتاد المنتديات العائلية، على الطفل الرضوخ لقرار الكبير بدون مناقشة، على المراة ان ترضخ لزوجها وارادته بوصفه رب (!!) العائلة، المراة المطلقة نشاز لانها "بضاعة مستعملة" غير مرغوبة، بوسع الرجال ان يتزوجوا ثلاث ورباع وماملكت ايمانهم، و...غيرها من الاف المسائل الباعثة على الخبل التي ترزح بها الجماهير في العراق. ان التجاوز على المقدسات، سيعرض الانسان "العاق" الى عذابات معنوية ومادية في دنياه ابشع بمئات المرات من جهنمهم الذي يسعون الى رمي الانسان فيه بعد موته. ان عادات وتقاليد الناس هي كابوس جاثم يجب كنسه. اننا نناضل من اجل كنسه. ان على من يفكر بخير الناس ان يفكر بتحررهم من هذه المعتقدات لا ديمومتها وتقديسها. لا يقر الحزب الشيوعي العمالي باي مقدسات، ويسعى لارساء مجتمع خال من المقدسات. بوسع اي امرء اختيار اي عقيدة يشاء. بيد انه لايحق له جعلها "مقدسة" ويفرض على الاخرين عدم المس بها او التطاول عليها. ان اسطورة المقدسات هي سلاح بيد اصحاب الطبقات العليا بوجه اصحاب الطبقات الدنيا.

 

ان مايررده علاء اللامي بهذا الصدد هو بالضبط طروحات الاسلاميين. انها ماركسية بحلة اسلامية. ان كان للاسلاميين اهدافهم السياسية من وراء هذه الطروحات، لااعلم ما هي اهداف علاء اللامي؟! ماذا يجني منها؟! انهم حين يقولون ذلك فان هدفهم مفهوم الا هو ابقاء الناس في سجن الدين حتى يكون المجتمع يعيش في الفضاءات الاسلامية. وحين يغط المجتمع  في فضاءات اسلامية، يعطي المبرر لبقائهم ونشدانهم للسلطة. انهم يسعون الى الابقاء على مرتكزاتهم عبر هذه  الاساليب والطروحات وبالاخص وهم يرون ان جماهير العراق ترى العالم، لايمكن فصلها عن العالم، تبغي المساواة والرفاه والتحرر، تبغي ان تعيش مثل سائر البشر في العالم المتقدم. تعلم هذه التيارات ان فكرت المراة بالمساواة والتحرر، ان فكر الشاب بحقوقه وحرياته، ان فكر الكاتب والمثقف باطلاق العنان لرؤيته للعالم، سيُسحب البساط من تحت اقدام الاسلاميين ولايبقى مجال لحديثهم عن البقاء و لا السلطة. ان وراء المسالة قضية سياسية. ان هذا ما لايدركه اللامي للاسف.

 

ملاحظات متفرقة

 

لم يرد علاء اللامي على مقالتي المنشورة تحت عنوان "علاء اللامي..  والسعي لبث الروح في شعبوية متهافتة. تجنب الحديث عنها تماماً ما عدا اسطر قليلة في مسالة وموضوع هامشي نوعا ما (مسالة ماركسي مستقل) الذي كتب عنها "واذا كانت هذه العبارة قد عسلجت وكرشت في دماغ رفيق اخر هرع الى المعمة بحميته الحزبية هو فارس محمود.. " ليبين بعدها انه ماركسي بمعنى "الاستقلال من الناحية التنظيمية وليس الاجتماعي والفلسفي الفكري. ويورد العبارة التالية في مكان اخر اذ يقول "اذا اعتبر فارس محمود ان صفة الماركسي تستوجب الانتماء الحتمي والميكانيكي الى حزبه، فهذا رايه الشخصي فقط وهو راي – بالمناسبة- ليس بعيدا عن فكرة "التبعيث القسري" التي كرها حزب البعث في العراق وارغم بموجبها الناس على الانتماء اليه. مصادفة كئيبة اخرى! اليس كذلك؟ ماذا نفعل اذا كان التاريخ اكثر مكرا ولؤما احياناً في مواجهة الشموليين والسلفيين من جميع الالوان؟ ( انظر للروحية العالية التي يتحلى بها الكاتب!!)

 

من الواضح ان اللامي قاريء سيء كذلك. ساعيد عليه ما كتبته حتى يقراه مرة اخرى. " يعرف الكاتب نفسه بوصفه "ماركسي مستقل"!! من اين اتى بهذا التعريف؟! (من المؤكد اني لاانكر على احد حق ان يحمل عقيدة فكرية او سياسية معينة ولاينتمي الى تنظيم سياسي معين). ان الماركسية، في ميدان السياسة، هي حركة  متحزبة. حركة هدفها اسقاط النظام البرجوازي واقامة البديل الاشتراكي للمجتمع. انها حركة حزبية. ليست بحركة قديسين ومصلحين اجتماعيين يجلبون الخير والنور للمجتمع. ليست بحركة "شخص لايشرفه البتة ان يكون رجل سياسة محترف". انها حركة اناس نظموا انفسهم من اجل تغيير المجتمع. ولانه يبغي تغيير المجتمع، على المرء، سواء شاء ام ابى، تنظيم نفسه وولوج ميدان السياسة والصراع السياسي. لاسبيل له غير هذا السبيل ان اراد تغيير المجتمع فعلاً. لا يرتجى من ماركسية وعاظ و"خيرين" اي خير!" ان هذا هو بالضبط ماكتبته. لماذا لم يفهم العبارات التي تحتها خط رغم تاكيدي بالقول "من المؤكد"!! ان معناها هو التالي. بوسع الانسان ان يحمل عقيدة فكرية او سياسية معينة في جميع مجالات الحياة دون ان ينتمي الى حزب سياسي معين. ان هذا حقه. بيد ان كلامي جاء لشخص صاحب طرح سياسي تجاه وضعية سياسية حساسة وخطرة في العراق. لقد جاء كلامي تاكيداً على ان الشخص الذي ينوي التغيير ويسعى له، عليه ان ينظم نفسه ويلج ميدان السياسة (مركز التغيير). ينظم نفسه وليس ينظم الى تنظيمي. ان ينقل افكاره وطروحاته من ميدان القول للفعل والممارسة السياسية انى كان نوع هذه الممارسة التي من الواضح انتقادي لها. فمن اين اتى استنتاجه للتبعيث القسري؟! ان الاستفزازية هنا واضحة باجلى  اشكالها. لا اعلم لماذا؟!  من اين ينبع استنتاجه "للانتماء الحتمي والميكانيكي" الى حزبي. أ يتصور الكاتب ان انضمامه للحزب هو انجاز لنا؟! في المجتمع، ثمة صراعات عميقة ومعقدة وقوى اجتماعية مليونية حية في صراع ضاري ويومي من اجل صياغة مصير الجماهير وحياتها؟! انا لست قاصر الرؤية لهذه الدرجة بحيث اتصور ان انضمام اللامي الى حزبي هو شيء مهم، "حلال المشاكل". ان ما يقف خلف هذه التصورات هي نظرات تلك الاشتراكية البالية القصيرة النظر التي تجعل الصراع الحزبي والعضوية الحزبية باضيق اشكالها كل همها اليومي. ان الشيوعية العمالية تيار يختلف جدياً عن ذلك اليسار. ان نقطة انطلاقه هي الحركات الاجتماعية في المجتمع وليس عدد اعضاء التنظيم!! ان حزبنا يسعى من اجل ضم الاعضاء لصفوفه. ولكن ليس بالتصور المحدود للكاتب. ان الكاتب نفسه لو طلب العضوية في صفوف حزبنا، ساجيبه، كاحد اعضاء الحزب، وباخلاص عالي، بالقول: شيء حسن ان تنضم عضواً ومناضلاً في صفوف الحزب، ولكن افكارك تبعد اشواطاً كبيرة عن الحزب. اقول له ان الحزب مكان المناضلين نحو عالم افضل ولكن للاسف ان افكارك عائق امام ان تكون مناضل هذا الحزب. ليس لدينا اي شرط لانضمام المرء لصفوف حزبنا، لانقيم محاكم تفتيشية لاحد لنعرف مدى نقائه النظري. ولكن من اجلك اقول هذا. ان تصور الشيوعية العمالية للعضوية يختلف جدياً عن مجمل التصورات السائدة في اليسار. انها احد نقاط اختلافنا الاساسية. بعد هذا ياتي هو لاتهامي بالتبعيث القسري!! لا اعرف بماذا اجيبه؟!

 

 

لكن يبقى السؤال قائماً لماذا من بين كل هذا البحث والجدل والادلة التي عرضتها بالتفصيل في ردي على اللامي اجاب على هذه المسالة الهامشية جداً، فقط على اول ثلاث كلمات بعد العنوان؟! انه يعرف لماذا. لايحتاج القاريء لان يقول له احداً ما لماذا.

 

يقول الكاتب "اتمنى لو ان المعقب وحزبه سيقدمان نصف ما قدمته منذ ان بدأت الكتابة ( ومعذرة لاضطراري لهذا القول الذي قد ينطوي على غرور)".  ليس على اللامي ان يعتذر على قوله "الذي قد ينطوي على الغرور". ان عليه ان يعتذر عن شيء اخر، عن كل الكلمات والعبارات غير اللائقة وغير المهذبة والاستفزازية والعنجهية التي وردت في مقالته. هذا اولاً. اما ثانياً، هل بوسع اللامي ان يعطينا معياره لهذا التقييم؟! ان عرف المرء معياره لهذا التقييم، سيكون عندها قادر على ابداء رايه. انا لا اعتذر واقول ان الغرور، التباهي، الاعتداد المفرط بالنفس، التكبر، النرجسية المفرطة، التصورات المبالغ بها عن النفس وعن الدور والمكانة التي يتحلها بها في هذا العالم وبنفس الوقت التواضع الكاذب وغيرها هي سمات متاصلة في المثقفين. يتصورون ان البشرية مدينة لهم وانهم احد اكثر الاركان اساسية في المجتمع طالما هم ينتجون الافكار والاخرين مشغولين في العمل "الوضيع". يتصورون ان العالم واقف على اكتاف المثقفين. ان هذه التصورات هي، في جانب منها نتاج الاستبداد والقمع الدموي، نتاج انعدام الحريات التامة في بلدان مثل العراق ومايسموها بالشرق. في مجتمع متحرر ومنفتح، سياخذ اغلب المثقفين مكانهم الواقعي ومكانتهم الحقيقية في المجتمع. ان اللامي لم يقدم اي شيء حتى يتحدث عن "نصف ماقدمه". ان كان معياره مقالاته، فاود ان ابلغه انه لايتعدى كاتب من الدرجة السادسة. ان مقالاته ليست قادرة على حشد عشرة اشخاص ورائها. ان مقالاته ليست قادرة على الصمود لدقائق امام البحث الجدي. على الاقل، نحن حزب سياسي متين من الناحية الفكرية والسياسية، حركة شيدها منصور حكمت طيلة اكثر من (25) عام من البحث النظري والممارسة السياسي، قائدنا، منصور حكمت، احد اهم وابرز منظري العصر الراهن ونبراس كل المتطلعين للحرية والرفاه، لدينا عشرات الكوادر القيادية الضليعة على صعيد الفكر والنظرية والممارسة السياسية،  الاف الكوادر المجربة ملتفة حول حزبينا في اجواء الاستبداد هذه، لدينا برنامج "عالم افضل" مرشد البشرية نحو التحرر والرفاه والمساواة. لو افنيت كلا الحزبين ولم يبقى اي عضو حزبي، فان وجود "عالم افضل" يكفي لبناء حركة سياسية جدية ومقتدرة من جديد. ولكن لااعرف من هو علاء اللامي؟! انه واحد من بين ملايين الكتاب والمثقفين في هذا العالم لااكثر. ماذا اضاف لنضال البشر وحياة البشر في عصره؟! اي مقولات قد رَسَّخْ في عصره؟ اي عقد اجاب عليها؟! ما هو دوره في دفع البشرية نحو التحرر والمساواة؟! اي حركة سياسية واجتماعية قد نظم؟!  لست اهدف الى الاستهانة باحد. ولكن طالما اخذ حقه كاملاً في ابداء الراي تجاه هذه المسالة، اود ان اطرح رايي الشخصي بايجاز وعليه ان يقر بحقي في ابداء الراي به.     

 

لقد اتحفنا الكاتب بكلمات يصعب وصفها دون الحاق اهانة بالكاتب نفسه مثل "السلفية اليسارية"، "داء الشيخوخة المبكرة"، "دوغما ستالينية مغطاة بطبقة من الصراخ والضجيج والسعال الديكي"!! "نفش الريش الثوري"، عنجهية معلم القرية النائية"، "الحماقات الفكرية والسياسية"، "العبقري المغفل رقم واحد"، "الخبل السياسي"، "تهريج غير علمي"، "فقاعات"، "الهذيان الطفولي"، "خلط عقلي خطير يتوجب علاجه في مصحة نفسية"!!!، "صفاقة"، "حزب لم يخترع اللبلبي والبقلاوة" (لاحظ هذه الوضاعة السياسية المقرفة!!)، "الرفيق الهمام يكذب كذباً صريحاً"، "الفارس فارس محمود"، التهكم بكلمة "جماهير العراق" وغيرها من مفردات ان دلت على شيء فانها تدل على مدى سياسية ورزانة صاحبها السياسية. كان بوسع الكاتب ان يكون اكثر هدوء واقل استفزازية واكثر تحمل وصبر. قد يقول ان عصام هو الباديء بهذا الاسلوب(وبالطبع ان هذا ليس بصحيح لانه اتخذه تجاه مازن قلو وتجاهي بدون اي مبرر يذكر). ان الباديء ليس بالضرورة هو الاظلم. قد يكون من يرد هو الاظلم. علاء اللامي يصب جام غضبه على الحزب (!!) وليس على عصام بالشتائم. ليس هذا وحسب، انه يشبه الحزب بـ"جوهر الشمولية والنزعة الفاشية" ويتحدث عن "تكلست وشاخت تجربة "الشيوعمالية" وصار لها جلادوها ومقاصلها وممنوعاتها وشتائمها" ويشكر السماء لعدم وصول الحزب للسلطة "خوفاً من ان يقطع راسه بسيف المباديْ العمالية" كل هذا  استناداً الى بعض الكلمات التي وردت في مقالة عصام وليس الى برنامج الحزب ولاسياساته ولانضالاته اليومية التي يعرفها جيداً، ولا طبيعة علاقاته الداخلية!! اثمة اقحام اكثر من هذا. انه يرد على عبارات خشنة لااوافقها (ولايوافقها الكثيرين غيري) استخدمها عصام بالشتائم. ان من ينتقد امرء ما على اسلوب غير مناسب عليه ان يبين للاخرين انه ارفع من هذا المستوى المتدني للاسف من البحث. يجب ان يبين للاخرين سموه. لايقبل احد من امرء ينتقد شيء ويرتكب افدح منه. الم يكن ثمة سبيل امام اللامي لامتصاص غضب والفاظ عصام بالرد عليه بشكل اكثر انساني واكثر سياسية واكثر تعقل. انا لا اعلم اي مسالة بوسع الشتائم ان توضحها. ماذا يستفيد القاري من هذا الصخب غير المفهوم؟! ان كان احد ما يهدف الى اقناع الاخرين بمسائله، كان يتوجب عليه ان يوضح ويقنع، يورد الادلة تلو الادلة، يفهم الاخرين بمحتوى بحثه ويدل على خطل منطقه. بيد ان اللامي لم يكن يهدف الى اقناع احد للاسف. كان يهدف الى الدفاع عن "شخصيته" التي مسها شخص اخر.  ان شخصيته والدفاع عن شخصيته "الجريحة" كان محور تحركه، كان محور غضبه. انا لا اعلم لماذا، رغم كل الاحترام الذي ابديته له ولحقه بالراي والتي مثلما ابلغته انها سمات حركتنا وليست منة مني، اجاب بعبارات استفزازية ومهينة وغير لائقة؟! كان بوسع اللامي ان يرد على التعليق القصير لمازن قلو باحترام ويجيب على سؤاله الذي مفاده هل بوسع اللامي ان يدلني على سبيل تفكيك الديمقراطية وكيف يقطع النظام نصف الطريق لذلك. وفي الوقت ذاته، كان بوسعه ان يوضح لمازن قلو انه مخطيء في تصوره هذا وعدم اطلاعه على كتاباته ضد النظام البعثي ويقنعه بكلمتين وباحترام. عليه ان يذهب لاقناع الاخرين لا ان يستفز بسرعة ويحرق الاخضر واليابس. يقول "ساواصل السجال مع الاصدقاء في الحزب الشيوعي العمالي اذا ما تقيدوا بشروط السجال الفكري والرصين" اولاً، لماذا ينسب هذا للحزب؟!، ثانياً، هل تقيد هو بشروط السجال الفكري المتحضر والرصين؟! انها ثقافة الاستبداد بافظع اشكالها واكثرها قيحاً. هذه الثقافة التي تثقل على كاهل الجميع. يجب نقد هذه الثقافة. يجب اقامة ثقافة متحضرة وانسانية. علينا ان نقدم نموذج اخر اكثر انساني واكثر تحضراً. ليس من حق اي شخص ان يلحق الاهانة بالاخرين استناداً الى ارائهم ونظراتهم. ان احترام شخصية الانسان وكرامته هي اصل ومبدأ بالنسبة لنا كحزب. ان موضوعة الاتفاق او الاختلاف ليست لها ادنى ربط يذكر بمبدأ الاحترام غير المشروط للاخرين.

 

يتحدث، بصخب وهياج، حول ان "راية الحرية قد تلقت صفعة على يد الحزب"!! وذلك لرفض الحزب نشر مقالته من على صفحة الشيوعية العمالية ويشبهنا على هذا الاساس بحزب الجلبي وصفحته (عراق نيت)!! (علما انه هو من ارسل التحايا بعد ايام للحزب ورفاقنا في تنظيمات كندا لتصدينا للجلبي في تورنتو!! ولااعلم كيف يفسر هذا؟!). اني اسال اللامي: اي حزب سياسي قبلنا او غيرنا قام بنشر شتائميات الاخرين على صفحات جريدته السياسية التي هدفها التعريف وتوضيح سياسات الحزب ومواقفه ونصدرها باربع صفحات اسبوعياً حتى تواكب المستجدات؟! اقام بذلك لينين ام ماركس ام  حتى نفس الاحزاب الليبرالية والقومية والديمقراطية التي تنشر في زوايا العالم الاربعة؟! انها جريدة حزب سياسي. هل يعلم ماذا يعني ذلك؟! من سمح له ان يتجاوز على حق رئيس التحرير بعدم نشر مقالته؟! الايتمتع رئيس التحرير، وفق ديمقراطية اللامي، بنشر ما لا يراه مناسباً للنشر؟! الا يقوم الديمقرطيون بذلك؟! الايقوم القوميون بذلك؟! الليبراليون؟! "السادة المتنورين الافاضل" في المجمع العلمي في قم؟! لماذا يقلب الدنيا ويقعدها لرفض رئيس جريدة الشيوعية العمالية بالرد باحترام بعدم  نشر مقالته؟!! أ من هذه يستنتج ان راية الحرية قد تلقت صفعة؟! انه يطلب وقوف الناس على رؤوسهم حتى يتناغمون مع منطقه المقلوب. ان الهجوم على الشيوعيين بحجة روحهم القمعية والاستبدادية وغيرها لهي من مقولات الحرب الباردة التي تسعى لاقناع العالم ان الشيوعية تعني القمع والديكتاتورية والشمولية وان هدفها اخافة الناس من الشيوعية وابعادهم عنها. ياتي علاء اللامي ليمضغ هذا الطعم دون وعي  ويقذفه بوجهنا اليوم!! ان اللامي ليس اول من قذفه بوجهنا، ان الطبقة الحاكمة بسياسييها، وبمثقفيها وكتابها من ريغان وبوش وموظفي وخبراء الصحافة "المحايدين" في العالم ورجالات الدين "الافاضل" على قول اللامي وصولاً الى "حبر زمانه" خير الله طلفاح يقصفون ومنذ عقود بهذه الترهات كي ينجو طبقتهم من سخط البشرية وتطلعها نحو حياة افضل، كي بعدوا شبح الشيوعية وسعيها لارساء مستقبل مرفه للبشر.

 

لا يعلم المرء من اي استنتج اللامي اننا اعدنا الخط الفكري المجالسي بعد ان غلفناه وطعمناه بكل ما هو مقيت (!!) ومحافظ من التجربة الستالينية؟! وفق اي بحث او قرار حزبي او ممارسة سياسية تم هذا؟! هل بوسعه ان ياتي بشاهد او دليل على رايه هذا؟! ام انه يتصور الجدل اللسياسي هو جمع اكبر ما يمكن من الاتهامات بدون دليل واثبات ورميها بوجه الاخر؟! ان تجربتنا المجالسية في كردستان وكركوك التي لااعلم مدى اطلاع الكاتب عليها هي نموذج مشرق وحي لسلطة الجماهير وتحكم الجماهير  وتدخلها في تحديد مصيرها السياسي. انها نموذج حي ومشرق وطليعي لنوع السلطة السياسية التي يبغي الشيوعيون ارسائها.   

 

وضع اللامي مسارين امام الحزب: اما التحول الثوري عبر التخلي عن النزعة السلفية والدوغمائية الستالينية او سلوك النهج الكارثي والتحول الى  شلة اوعصابة من المتطرفين والشتامين الصغار!! انه يكتب شيء لكي لايوضح اي شيء. ان  كلا العبارتين لاتوضح اي شيء. ان الحزب الشيوعي العمالي واضح الرؤية والمنهج، متين من الناحية النظرية والفكرية والبرنامجية، حزب جدي ومتطلع للمستقبل والتغيير. اننا حزب واعي بمساراته السياسية. ان جهتنا معلومة الا وهي تنظيم جبهة العامل والراديكالية والتحرر والمساواة، جبهة ماركس والشيوعية العمالية. وان اللامي قد حسم ومنذ زمن جبهته، جبهة سماحات ايات الله، ونهج البلاغة والقومية والتراث الروحي للشعب. ان هذه هي حدود نزعته الاشتراكية الشعبوية المناهضة للامبريالية.          



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة!! رد على شتائمي ...
- ! رد على مقالة جورج منصور -انصار الحزب الشيوعي العمالي يثيرو ...
- افشال ندوة الجلبي.. دروس وعبر!!
- علاء اللامي.. والسعي لبث الروح في شعبوية متهافتة؟! - الجزء ...
- مَنْ ينصح مَنْ؟!! رد على مقال صاحب مهدي الطاهر "رد على مناشد ...
- نص خطاب في مراسيم رحيل منصور حكمت- ستوكهولم
- يجب رفع الحصار فورا ودون قيد او شرط
- ورحل شامخاً!!
- اعلان شيعة العراق.. سيناريو جديد مناهض للجماهير
- قرع امريكا لطبول الحرب سياسة مناهضة لجماهير العراق
- الاوضاع الاخيرة في فلسطين!!
- الاحزاب الشيوعية العربية والاصطفاف في خندق الاسلام السياسي


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة! رد على شتائميات اللامي - الجزء الثالث