أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - علاء اللامي.. والسعي لبث الروح في شعبوية متهافتة؟! - الجزء الاول















المزيد.....



علاء اللامي.. والسعي لبث الروح في شعبوية متهافتة؟! - الجزء الاول


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 275 - 2002 / 10 / 13 - 15:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


علاء اللامي.. والسعي لبث الروح في شعبوية متهافتة؟!

 

 

 

اطلعت قبل ايام قليلة في بعض السايتات العربية على مقال تحت عنوان "الحزب الشيوعي العمالي العراقي والعدوان الوشيك على العراق: دوغما ستالينية مغطاة بطبقة من الصراع! لعلاء اللامي. لقد جاءت هذه المقالة رداً على مقالة تحت عنوان "الانهزامية والاوهام في ذلك الفصيل العراقي" لسمير عادل (احد كوادر الحزب الشيوعي العمالي العراقي) الذي تصدى في مقالته لطرح علاء اللامي المنشور في مقالته (القاعدة والاستثناء في الغزو الامريكي...) الذي دعا فيها الى تسليم النظام للسلطة طوعاً واقامة مؤتمر شعبي للمصالحة كي يجنب الشعب الدمار.

 

بدءا، اود ان اقول، وليس منة مني، بل انه من صلب مبادئنا ونضالنا وبرنامجنا، هو حق الاخرين التام وغير المشروط والمقدس بالتعبير عن الراي والنقد. اني شخصيا ارحب باي نقد يطرح تجاه الحزب. انه شيء صحي مهما كان حجم الاختلاف. انه يعطي الفرصة لنا، لكل الاطراف، حتى توضح ارائها اكثر واكثر. انه ضروري جدا لجماهير العراق حتى تعرف، بشكل واضح، ماذا يقول كل منا سواء كاحزاب او افراد، كي تقرر في اول فرصة اي بديل تنتخب.. ان نقد علاء اللامي، رغم كل العبارات الشديدة والقاسية، يوفر لنا فرصة مناسبة لتوضيح ارائنا وافكارنا وسياساتنا اكثر واكثر. 

 

من المعلوم ان كل مسعى لتجنيب جماهير العراق، المبتلاة بالف نوع ونوع من المصائب، اثار الحرب وويلات الحرب وازالة خطر وكابوس الحرب هي امر ايجابي ومبعث تاييد كل انسان يلتسع قلبه حرقة على جماهير العراق. ولكن السؤال المطروح دوما: كيف؟ ووفق اي اساليب نضالية؟ ووفق اي تكتيكات سياسية؟ ان هذه مسالة محورية تختلف عليها الاحزاب والجماعات استنادا الى افاقها السياسية والاجتماعية المختلفة. الكل تتحدث عن خير جماهير العراق: من المجلس الاعلى وصولاً الى الحزب الشيوعي العمالي مرورا بالقوميين بالليبراليين وشيوعيي الحزب الشيوعي العراقي. السياسة هي المحك.ا الممارسة السياسية والتكتيكات السياسية والاهداف السياسية هي المحك.

 

كلمة حول ماركسي مستقل"!

يعرف الكاتب نفسه بوصفه "ماركسي مستقل"!! من اين اتى بهذا التعريف؟! (من المؤكد اني لاانكر على احد حق ان يحمل عقيدة فكرية او سياسية معينة ولاينتمي الى تنظيم سياسي معين). ان الماركسية، في ميدان السياسة، هي حركة  متحزبة. حركة هدفها اسقاط النظام البرجوازي واقامة البديل الاشتراكي للمجتمع. انها حركة حزبية. ليست بحركة قديسين ومصلحين اجتماعيين يجلبون الخير والنور للمجتمع. ليست بحركة "شخص لايشرفه البتة ان يكون رجل سياسة محترف". انها حركة اناس نظموا انفسهم من اجل تغيير المجتمع. ولانه يبغي تغيير المجتمع، على المرء، سواء شاء ام ابى، تنظيم نفسه وولوج ميدان السياسة والصراع السياسي. لاسبيل له غير هذا السبيل ان اراد تغيير المجتمع فعلاً. لا يرتجى من ماركسية وعاظ و"خيرين" اي خير!

 

 وللمفارقة، ان اغلب اؤلئك  الذين يطلقون علينا صفات مثل دوغما، ستالينية، كانوا اول من اعاد النظر بشيوعيتهم مع انهيار الكتلة السوفيتية التي هي كتلة ليس لها ادنى ربط باشتراكية ماركس وشيوعيته. ان اول الحراب كانت تاتينا من اؤلئك الذين كانوا يظنوا حتى الامس اننا (من عائلة واحدة). حين انقلبت، قبل اكثر من عقد، الراسمالية العالمية بابواقها الاعلامية، بمفكريها، بساستها، بقساوستها وملاليها، ضد الشيوعية وماركس ولينين ومجمل افكار التحرر والمساواة، اين كان هؤلاء الماركسيون؟! انهم اول من اعاد النظر بالماركسية. راحوا يرددون مع منافسيهم السابقين "شاخت الماركسية"، تحدثوا عن" قلة الديمقراطية في الماركسية"، "يجب ترميم الماركسية بالديمقراطية"، "يجب توسيع دور السوق في الماركسية" وغيرها من ترهات! كانوا يتحدثون عن ضرورة تحرير الماركسية، ولكن واقع الحال ان الماركسية تحررت منهم. لقد تاسس الحزب الشيوعي العمالي، في خضم هذه الاوضاع بالضبط، رافعاً راية ماركس والماركسية.  نحن من اكدنا على ان الهجمة على الشيوعية هي موجة عابرة. نحن من اكدنا على ان انهيار الف اتحاد سوفيتي لايبطل من حقانية وصحة نقدنا وصحة الماركسية. نحن من اكدنا على ان "الماركسية تعني الحقيقة". ان هذا تاريخ مدون ومكتوب. اين كان علاء اللامي الذي غدا اليوم المدافع عن الماركسية بوجه الدوغمائية؟!! هل بوسعه ان يرينا ابحاثه ونضالاته ودفاعه عن ماركس والماركسية حين كانا تحت ذلك الضغط الرهيب؟! ام كان يردد وراء الجوق؟!

 

لقد كان فعلاً يردد وراء الجوق. لم اقرأ كتاباته في حينه (ان كانت له كتابات!). ولكن هو نفسه يؤكد ذلك في مقالته. اذ يعبر عن "خيبة رجاءه" ان تاتي مواقفنا هذه  بعد "احداث جسام هزت الكوكب والعقل البشري هزاً وجعلت الحركة التقدمية في العالم اجمع ومنها الاحزاب الماركسية تنقد وتطور وتنبش تراثها وملفاتها السرية والعلنية وتراجع ماضيها...".  ان من انهار هي الامال والمشاريعهم القومية، الوطنية، الشعبوية، الاصلاحية والمعادية للامبريالية التي البستها التيارات الاجتماعية المختلفة للطبقة المالكة نفسها رداء ماركس قسراً. ان ما انهار هو حركاتهم الاجتماعية الداعية الى "الاستقلال الوطني"، "تطوير الاقتصاد الوطني"، "التنمية الوطنية"، و"اشتراكية معاداة الامبريالية" وغيرها. ان ما انهار هو التجارب الماوية والالبانية واشتراكية راسمالية الدولة السوفيتية.  لم تكن هزيمة الماركسية، بل هزيمة اشتراكية هذه الحركات الاجتماعية المذكورة. ان هذا ليس بحديث اليوم. ان هذا حديثنا، حديث منصور حكمت قبل عشرين.

 

بالنسبة لماركسية ماركس، ليس هناك ما يجب استخلاصه في كل هذه التجارب. انها تجارب طبقات اخرى ليست لها ادنى صلة بطبقتنا وحركتنا الاجتماعية، حركة العامل ومجمل الجماهير الداعية للتحرر والمساواة نحو اقامة  البديل الاشتراكي.

 

حول الموقف من الحرب!

 

تحدث الكاتب عن الحرب وموقفنا من دعوته. ان موقفنا من الحرب واضح وصريح وحازم من الايام الاولى. بعد يومين فقط من حدوث العمل الارهابي في 11 ايلول، قلنا ان امريكا ستستغل هذه القضية لفرض هيمنتها وغطرستها على العالم. ذكرنا ان المسالة لاتتعلق بافغانستان. وذكرنا ان تحركات امريكا ستطال العراق. كان موقفنا لاغبار عليه. يجب التصدي لهذه الحملة. يجب احباطها. ان جماهير العراق من ستكون اول ضحاياها. بوسع كل انسان ان يطلع على بيانات الحزب وقراراته وقرارات الاجتماعات الموسعة لللجنة المركزية المنشورة على صفحة الحزب www.wpiraq.org. من اين استنتج عباراته "الاستهزائية" مثل هذه التي تقول "فليجرب السيد سمير عادل اذن ان يذرف دموعه بسخاء على هذه الالاف من مواطنيه الممزقين بشظايا الصواريخ والقنابل الذرية التكتيكية! (والغريب انه هو من يضع علامة التعجب هذه!! ف.م).

 

 لم يجرب سمير عادل والاف الرفاق في حزبه، الحزب الشيوعي العمالي، ذرف الدموع على جماهير العراق. انهم نظموا وطيلة 9 سنوات من عمر ونضال الحزب، وسنوات اخرى قبلها، نضالاً سياسيا مشرفاً دفاعاً عن جماهير العراق لحظة لحظة. انهم من وقفوا ضد الحصار وحشدوا قوى مئات المنظمات والاحزاب السياسية التقدمية والراديكالية والعمالية والشخصيات البرلمانية عبر عدة اشكال نضالية، مؤتمرات، كونفرنسات، حملات جمع تواقيع، تضاهرات، ندوات، كتابة مقالات، اصدار بيانات وقرارات، امسيات تضامنية مع عمال العراق ونساء وجماهير العراق  وغيرها من اشكال نضالية. ليس ثمة ضرورة هنا لذكر ما قام الحزب به من فعاليات تجاه "الحرب". لاذكر امثلة قليلة فقط من مئات الفعاليات. انه الحزب الوحيد الذي اقتحم عشرات من اعضاءه ومؤيديه الغاضبين السفارة الامريكية في استراليا لمدة اربعين دقيقة احتجاجا على ضرب العراق في ديسمبر 1998 وقد تناقلتها وسائل الاعلام الاسترالية فيما اقيم تعتيم عالمي عليها. قام بمئات التظاهرات الاحتجاجية ضد امريكا وحربها. الحزب الوحيد الذي طارد شوارتسكوف ولم يبق له باب يولجه سوى البوبات الخلفية في سدني. الحزب الوحيد الذي ادخل كلنتون مكفهر الوجه في تورنتو. فقط في استراليا، حشدنا اكثر من مئتين منظمة ضد الحرب والحصار في الشهرين المنصرمين فقط.

 

لاتناول الان اصل نقطة الخلاف. انه ينتقد ويصب جام غضبه على سمير لكونه ادرج، في نقده لمقالة اللامي، موقف ماركس الشهير من مقولة "الدفاع عن الوطن" التي فضحها ماركس في عصره بوصفها اشتراكية وطنية مناهضة للعمال تهدف الى جعلهم وقود مصالح الطبقات الحاكمة. يدرج الكاتب اللامي في رده على ان هذه المقولة كانت تصح على عصر ماركس، عصر المستعمرات، بيد انها لاتصح على حالتنا هذه!  لكن كل من قرء مقالة سمير سيدرك ان سمير انتقد ذلك الفصيل من اليسار، ومنهم علاء اللامي، الذي يسعى الى دفع جماهير العراق الى محرقة الحرب التي يسميها الدفاع عن العراق بوجه "الغزاة" و"الامبريالية الامريكية". لم ياتي سمير بشيء من جيبه. ان اللامي في مقالته يؤكد على وجوب اتخاذ الخطوات التالية تجاه حرب امريكا: "المشاركة في القتال ضد الغزاة وعملائهم العراقيين في حال حدوث الهجوم البري"!!، "المبادرة الى وقف اطلاق النار ضد القوات الحكومية ومن جانب واحد وهو جانب المعارضة الوطنية والاسلامية"، ...، "في حالة انتهاء الحرب باحتلال العراق، يجب المبادرة، دون تاخير، لشن حرب عصابات شاملة ولاهوادة فيها ضد الغزاة... وفي حالة انتهاء الحرب ببقاء النظام في عراق مدمر، فيجب استئناف الكفاح ضد هذا النظام من اجل الديمقراطية والاستعداد لعصيان مدني يتوج بانتفاضة شعبية ضده لاجباره على اعادة السلطة للشعب واجراء انتخابات ديمقراطية..."!!!. ان هذه سواء شاء اللامي او ابى هو دفاع صريح عن النظام ابان حملة امريكا على العراق. انه عمليا، وبغض النظر عن النوايا التي في ذهن الكاتب، يقف في خندق النظام البعثي المجرم. ان النزعة الاشتراكية الشعبوية المعادية للامبريالية الي شاعت، لعقود، على صعيد عالمي، وبالاخص في بلدان مايسمى بالعالم الثالث، تحت اسم الماركسية، قد لفظت انفاسها منذ زمن. بيد انها تُحيى اليوم امام العدو الاجنبي (الامبريالية). انها بقايا تيار سياسي معين ليس له اي امتداد اجتماعي وسياسي. ان هذا يعني توصية الجماهير بالتسلح ومحاربة العدو الغازي وتصفية جيوبه وبالتالي، وبعد الانتصار على العدو، مواصلة الحرب وادارة الجماهير لرؤوس حرابها الى صدر النظام!! ان هذا الطرح لهو تبسيطي الى حد مذهل! انها تصورات ذهنية مفرطة ليس لها انصار. لايعلم احد كيف تتم هذه العملية؟! انها تخطيطية ليس لها اي اساس واقعي!!

 

يصل الكاتب بعدها الى  النتيجة التالية: "ترى، اليس التخلي عن المقاومة والدفاع عن النفس في وطنها وعن هذا الوطن وثرواته المستهدفة هو سوق فعلي للناس عمالاً وغير عمال الى المقصلة النووية الامريكية؟"!!! انه امر لايحتاج الى توضيح ان حزبنا في حملة دعائية وسياسية وتعبوية منذ اشهر للتصدي لحملة امريكا على العراق على صعيد اوربا وكندا واستراليا. فمن اين استنتج الكاتب ان طرحنا "سوق فعلي للناس الى المقصلة النووية؟! هل ثمة انسان يمتلك ذرة من العقل يصدق ان حزبا يقوم بكلا العمليتين في ان واحد؟! وكيف؟! ان هذا الاتهام يحتاج الى شجاعة عالية لقوله! في الحقيقة ان الامر على العكس من ذلك بالضبط. ان الكاتب نفسه من يدعو العمال وجماهير العراق الى المذبحة. اليس دفع الناس للمقاومة والدفاع عن "الوطن" و"ثرواته المستهدفة" هو، عملياً، سوقهم نحو المقصلة النووية؟! هل ان دفع الناس للحرب سيحميهم من "المقصلة النووية الامريكية ام يجعلهم اكثر عرضة لها؟! هل ثمة اشخاص على استعداد للذهاب الى بغداد للدفاع عن نظام صدام الفاشي تحت مسميات محاربة الغزاة؟!! لماذا لايكون اول من ينال "شرف" الدفاع عن الوطن؟! لماذا على عمال العراق وكادحيه ان يرفعوا السلاح بوجه امريكا (وطبعا ليس بوجه امريكا، بل في خندق النظام البعثي)؟! كي لاتداس ارضهم وعرضهم ومقدساتهم؟!! هذه الارض التي لاتملك اغلبية الجماهير قطعة ارض تافهة للسكنى عليها. لماذا يدافعوا؟! كي لايسيطر الغازي على ثروات العراق التي لم يذق عمال العراق سوى الفقر والجوع وانعدام ابسط الخدمات الاجتماعية؟! انها ثروات وخيرات طبقة، حفنة من الراسماليين تسعى، ومعهم علاء اللامي بطرحه هذا، لدفع العمال والكادحين نحو الموت من اجل صيانتها. اليس نظام صدام بنظام راسمالي، ممثل لمصالحها، اي نظام تغط الاغلبية في فقر فيما تتراكم الثروات بيد حفنة، اقلية من المالكين. ام ان ماركسينا المستقل! لايرى الطبقات الاجتماعية والصراعات الاجتماعية التي هي المبدء الاساسي للماركسية.  في حقيقة الامر، ان هذا ذرف دموع لا على حياة ومصير جماهير العراق، بل على "الوطن" و"ثرواته" (وطن وثروات الطبقات الحاكمة، البرجوازية).

 

ان احد التنظيرات الماركسية الي يصوغها الكاتب تتحدث عن تصنيف مقولة ماركس "لاوطن للعمال"   بانها مقولة قديمة. ينتقدنا ان هذه المقولة تصلح في عصر الصراع الاستعماري ولكنها لا تصلح في حالتنا هذه (الدفاع عن الوطن وثرواته!). وعلى هذا الاساس، ينتقد الحزب بالدوغمائية. اولاً، لايساور احد التصور بتماثل صراع الراسماليات حول المستعمرات في حينه وبين حالة استغلال امريكا لاوضاع عالمية معينة لشن حملة على العراق. بيد ان اختلاف الحالتين ليس له ادنى ربط بمدى صحة مقولة ماركس هذه. ان مقولة ماركس صحيحة وعميقة على طول الخط. ثانياً، من قال ان هذه المقولة "لا وطن للعمال" هي مقولة عصر ماركس فقط. وفق اي دليل؟! ان هذه المقولة تصح، في يومنا هذا، اكثر بكثير من عصر ماركس. لقد غدا عالمنا اليوم قرية صغيرة. تنتقل الايدي العاملة، مثل مجمل الاشياء، بين الدول بسرعة خرافية. ان راسمالية عصرنا هذه هي راسمالية عصر الثورة المعلوماتية والمنجزات العلمية الهائلة. انها ليست بعصر الالة البخارية. ان الراسمالية دمجت الرساميل والبلدان والحدود والبشر بشكل لايصدق. ان مئات الملايين من البشر، العمال، لايعيشون في البلدان التي ولدوا فيها وفي احيان كثيرة نسى ابنائهم لغتهم الاصلية. فاي وطن للعمال؟!!

 

 يجب التمييز بين "الدفاع عن العراق" وبين "وجوب التصدي للحملة العسكرية على العراق ومناهضتها والسعي نحو احباطها"! ان الماركسي يميز بين كلا الموقفين بشكل دقيق وصارم. فالاول يصب الماء في طاحونة النظام البعثي والدفاع عن سلطته وحكمه مهما تحدث المرء عن قصده بالدفاع عن العراق، مهما قام بوضع ملحق لذلك بادارة الحراب الى صدر النظام البعثي بعدها. العراق، الوطن، الان يعنييان سلطة الطبقة الحاكمة ونظام البعث هو نظامها السياسي الحاكم اليوم. اما الثاني، فهو يقف بالضد من سياسة امريكا في الغطرسة والعنجهية واشاعة الحروب والعسكرتاريا. انه يقف بالضد من ارتكاب مجزرة بحق جماهير العراق، بالضد من فرض الحرب وما تشيعه من انحطاط روحي ومعنوي واخلاقي واستهتار بالقيم الانسانية. يسعى للحيلولة دون الهجمة لهذين السببين. ان مايؤرق الاول هو الوطن كمقولة قومية وطنية التي تعني المصالح الاقتصادية والسوق الداخلية البرجوازية للبلد. وعلى هذه الاساس، فهي عزيزة لدى الطبقات الحاكمة ولدى كل الاشتراكيين الوطنيين على امتداد التاريخ الحديث. اما مايعد محور حركة الثاني هو عدم جعل جماهير العراق وقود صراع الطبقات الحاكمة للبلدان. ان ما يشغل بال الثاني هو الجماهير نفسها، امنها. انه موقف الاشتراكية العمالية، اشتراكية ماركس. فالفرق بين كلا الموقفين يتمثل بالفرق في اتخاذ اي من  الخندقين المتضادين  للطبقتين الاساسيتين في المجتمع، الطبقة العاملة ومعها سائر الجماهير الكادحة، والبرجوازية.

بيد ان عدم قبولنا بمقولة "الدفاع عن الوطن" لايعني اننا لانبالي بحياة الجماهير. ان هذا استنتاج مضلل تسعى الطبقات الحاكمة وتياراتها السياسية الصاقه بنا كذباً. ان مسالة حياة الجماهير وامنها ورفاهها ليس لها ادنى ربط بمقولة "الدفاع عن الوطن". انها مثل دعاية حرب. انه لامر معلوم اننا نحن الشيوعيون هم من دافعنا وناضلنا ودخلنا السجون وتعرضنا للتعذيب والاعدام على ايدي الهيئات الحاكمة من اجل حقوق الجماهير وحياتها ورفاهها. ان الطبقات الحاكمة لاتستخدم هذه المقولة في حالة هجوم الاخرين العسكري عليها، بل تستخدمها في حالة هجومها هي على الاخرين ايضا. ان كان في الحالة الاولى يتحدثون عن تعرض حرمة اراضيهم للانتهاك، فانهم يتحدثون في الحالة الثانية عن انتهاك الاخرين لحرمة مصالحهم وقدسيتها، ولهذا "لامفر لنا من الدفاع عن مصالحنا عبر مهاجمة الاخر. وفي كلا الحالتين، سواء من اجل الدفاع عن السوق الداخلية للطبقة الحاكمة بوجه انتهاكات الاخرين ام من اجل الدفاع عن المصالح التي بامكان انتزاعها من البلد الاخر، تكون الجماهير هي وقود هذه الصراعات. حين يمعن المرء النظر بالصراعات، سيرى بسهولة مصالح الطبقات الحاكمة ورائها. في ايام السلم، تتوضح الصورة اكثر. ان نصيب العمال والكادحين من طبقتهم الحاكمة، من الثروة التي ذهبوا للدفاع عنها، هو مصادرة الحريات السياسية، البطالة، الجوع، الفقر، انعدام الحقوق وغيرها. وعليه، نحن لسنا دعاة الدفاع عن الوطن لان الطبقات الحاكمة تسعى لجعلنا ملحق سياساتها ومشاريعها. نحن دعاة التصدي لمساعي شن الهجوم على العراق واحباطه.    

 

يورد السؤال التالي منتقداً: "(هل هي حرب بين الولايات المتحدة والنظام الحاكم) بكلمات "الشيوعمالية"؟ من اجل المستعمرات في كندا او استعمار الهند وغيرها حتى نتحدث عن لاوطن للعمال؟! "ام نحن ازاء غزو بربري لايخفي القائمون به والمخططون له اطماعهم بالسيطرة على النفط العراقي والعقدة الجيوسياسية التي يمثلها موقع العراق؟"!! انه يختلق من ذهنه تهمة لنا ليعود لتفنيدها!! من قال انها حرب؟! في اي بيان من بياناتنا اوقراراتنا تحدثنا عن "حرب"؟! لقد اكدنا الف مرة انها ليست حرب. انها حملة عسكرية على جماهير العراق. لقد اكدنا ان الحرب تقتضي طرفين. بيد ان مانواجهه هو اختيار وانتقاء امريكا للعراق هدفاً لفرض مشاريعها في الهيمنة والعنجهية على صعيد العالم. ان اسقاط صدام هو حجة لااكثر. ان فرق التفتيش واسلحة الدمار الشامل هما حجة لا اكثر. ان هذه مبررات امريكا. انها ليست حربا ضد صدام. ان صدام ليس اصل القضية. ان هذا هو تفسير الهيئة الحاكمة الامريكية. لقد اكدنا ان مخططاتها لاتخص العراق فحسب، انها تخص فرض التراجع على خصومها وتركيعهم واخضاعهم لمصالحها. لقد اكدنا ان امريكا ومن اجل مشاريعها العالمية تمضي لارتكاب المجازر بحق جماهير العراق.

 

 بيد ان اللامي ينتقدنا عبر الاستهزاء بالقول "ماذا ينبغي ان يفعل الثوريون حسب راي "الشيوعمالية"؟ هل يجب ان يتفرجوا على المذبحة ويدوروا حول الجثث كالهنود الحمر الذي ابادهم اسلاف "ال بوش" فاذا انتهت رقصة الموت تحركوا لتشكيل مجالسهم السوفيتية العتيدة على عظام العمال والفلاحين؟". هل يستطيع ان يدلنا على موقف واحد تجاه مسائل المجتمع (وما اكثرها!) لزم الحزب الصمت عليها او اتخذ موقف المتفرج منها؟! من تجنيد الاطفال، قتل "بائعات الجسد"، حقوق المراة، حقوق الاطفال، الحريات السياسية والحقوق المدنية، اطلاق سراح السجناء السياسيين، الحصار الاقتصادي، مصير مجتمع كردستان، الحملة الايمانية للنظام، العشائرية والطائفية، تدخلات الدول الاقليمية في كردستان، عسكرة المجتمع، حل الجيش... وعشرات القضايا اليومية في المجتمع وصولاً الى التصدي لمساعي امريكا في الحروب والعسكرتارية، وخضنا نضال مرير وطويل ضدها بالاف الاعضاء والكوادر في العراق وكردستان واوربا واستراليا وكندا. فمن اين اتى الكاتب بوقوفنا المتفرج على المذبحة!! ان كل امرء لديه ذرة من الانصاف السياسي يدرك اننا لاننتعش على عظام العمال والكادحين. اننا نعلم جيدا، واكدنا على ذلك مرارا، ان الحملة على العراق قد تنفع احزاب مثل الجلبي والحكيم وغيرهم. بيد انها تلحق ضرر جدي بجماهير العراق وبنا. ليس بوسع الحزب الشيوعي العمالي الانتصار من وراء ظهر ارادة الجماهير، من دون ارادة الجماهير. حين تُسحق الجماهير وتُذبح وتُسلب ارادتها، فانه تُسحق وتُسلب ارادة الحزب الشيوعي العمالي. لن تجلبنا للسلطة البوارج والصواريخ الامريكية. لن يجلبنا للسلطة انقلاب عسكري. لن تجلبنا للسلطة مهندسي افكار البشر في CNN  او BBC اوغيرها. ان مايقربنا للسلطة هو ولوج الجماهير الميدان و ممارسة حريتها وخيارها السياسي. ان، بديلنا، مجالسنا، ستنتعش في اجواء التدخل الواعي للجماهير وفرض ارادتها وليس على "عظام العمال والفلاحين"!  لن يزعجنا الانتقاد ابداً . انه احد الحقوق المسلم بها للبشر. ولكن ان ياتي احد ويتهمنا بالرقص لتشكيل مجالسنا بعد انتهاء رقصة الموت، فانه امرء لا اتحمله كانسان يعرف بالضبط ان احد اركان هذا الحزب الاساسية هو انسانيته التي تعد مبدءه الاساسي. ان هذا القول لهو ظلم فاحش بحق الحزب. لم ولن يتخذ الحزب وطيلة تاريخه اي تكتيك او سياسة او موقف يناقض هذا المبدء الاساسي. ان هذا مايميز ماركسيتنا عن كل تلك الماركسيات الجلفة والفظة وغير الانسانية التي سادت لعقود.

   

"يقول ان معاداة الوطن والوطنية ليست بضاعة خاصة بالشيوعية العمالية الجديدة التي سلخت مقولة ماركس من سياقها التاريخي، بل تشاركها فيها وياللمصادفة الكئيبة! اكثر الحركات السلفية الدينية دموية"!! ان الاممية هي احد خصال ماركسية ماركس. لم يرد في البيان الشيوعي ذكر للوطن سوى حين تحدث عن "لاوطن للعمال". ان تصنيفنا مع الاسلاميين الدمويين!! في خانة واحدة وذلك لتنكرنا للوطن والوطنية لهو امر يصعب ان ترد عليه بكلمة لاتلحق الاهانة بالطرف المقابل. من اليسير على اي امرء ان يدرك مدى تناقض مقولاتنا ومفاهيمنا مع الاسلاميين. ان الاسلاميين يكنون العداء لمفاهيم الوطن والوطنية لفرض مفاهيم تعادلها بذات الدرجة من معاداة الانسان وتمييزه. انها تستبدل الهوية الوطنية بالهوية الدينية. وان كلاهما هويات مقحمة على الانسان، مناهضة للانسان، عنصرية وتمييزية بحق البشر. كلاهما يعد الهوية (الدين، الوطن) اصل. نحن نعد الانسان اصل. الانسان اعلى قيمة وراسمال على قول ماركس. ان يضعنا احد في خانة واحدة مع الاسلاميين فهو امر يفتقد الى اي اساس وموضوعية. ولايتطلب منه سوى حد ضئيل من الموضوعية حتى يدرك مدى صحة مماثلته. ان هويتنا الاممية هي سمة شيوعيتنا. ان ماركس لم يختلقها من ذهنه. انها نتاج واقع موضوعي لطبقة عاملة عالمية خلقتها برجوازية لاتقف امام حركتها حدود، قربت العالم ودمجته كقرية. اممية تستند الى وحدة مصالح الطبقة العاملة العالمية، وحدة مصالح البشر الذين لامصلحة لهم في بقاء الظلم والاستغلال والاغتراب.

 

"تفكيك الدكتاتورية".. ام انقاذ راس الهيئة السياسية الحاكمة؟!

 

 يتحدث الكاتب عن "تفكيك الدكتاتورية لانقاذ العراق" كما يتحدث عن  انه يمكن انقاذ العراق والشعب العراقي وسحب البساط من تحت اقدام الغزاة. كيف ذلك؟ "عن طريق فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقة بين النظام الحاكم والمعارضة العراقية وبمبادرة من قبل النظام تاخذ شكل دعوة صريحة وعلى لسان رئيس الدولة الى عقد مؤتمر للانقاذ والمصالحة الوطنية تدعى اليه جميع اطراف المعارضة العراقية بدون استثناء.." (خط التاكيد مني). هل ثمة اية حصافة سياسية في هذا التكتيك السياسي. ابهذه الطريقة يمكن تفكيك الدكتاتورية؟! اي صفحة جديدة ينتظر اللامي فتحها من قبل النظام؟ ان النظام الذي من المؤمل ان يكون الطرف الاساسي للمصالحة هو  النظام البعثي بكل سجله الاجرامي المشهود؛ نظام لايقر باي مخالفة سياسية وحتى لاقرب مقربيه، فكيف يقر بتسليم السلطة طوعا الى مؤتمر شعبي للمصالحة؟ اي مؤتمر تصالحي؟! ومع من؟! تصالح بين البعث والحكيم والجلبي والخزرجي والسامرائي والاحزاب- العصابات القومية الكردية والاسلامية؟ وماذا يخدم جماهير العراق ان تتصالح حفنة من قطاعي طرق؟! ان مشكلة جماهير العراق هي مع قطاع الطرق هؤلاء، مع بديلهم وبرامجهم ونوع المستقبل الذي ينشدونه.

 

 ان ادراك عدم واقعية الطرح امر لايحتاج الى حنكة. اذ يتحدث الكاتب عن "نحن نعلم ان تلك الخيارات سيرفضها النظام، ولكن، ولانعدام الوسائل الاخرى في الوقت الحاضر على الاقل للاطاحة به ... فلابد من طرحها وتكرارها وتطويرها ومحاصرة النظام وتحميله مسؤولية عناده الاحمق"‍‍‍ او يقول في مكان اخر "فهل ينطوي هذا المسعى، او هذا الاقتراح، حتى لوكان خياليا وغير علمي، على معان ومواقف سياسية رجعية..؟" ان سؤالا يطرح نفسه هنا. ان كان يعرف ان هذه الخيارات سيرفضها النظام، لماذا يطرحها؟! ابهدف تطويق النظام وبالتالي تحميله مسؤولية عناده؟! ماذا يفيد الكاتب هذا؟ ماذا يفيد جماهير العراق تحميل النظام المسؤولية بسبب عناده؟! هل المسؤوليات التي يتحملها النظام الذي حجر جماهير العراق في غرفة موت مظلمة طيلة اكثر من ثلاث عقود قليلة؟!! ان الكاتب نفسه لاتساوره القناعة بطرحه. ان هذا مايقوله، وباشكال مختلفة، اكثر من مرة. ان هذا الطرح ليس دلالة عدم  انه ترقيع اركان النظام وترميمه عبر دعوته الى "قطع نصف المسافة على الاقل باتجاه تفكيك الديكتاتورية ومعالجة ملفات الماضي الدموي". وكيف يعالج ملفات الماضي الاسود؟! ان ايدي هذا النظام مخضبة بدماء مئات ومئات الالاف من الابرياء، من النساء، الشباب، الاطفال وغيرهم. ان اجيال كاملة تدمرت على يد هذا النظام، كابوس اسود عاشته الجماهير طيلة ثلاث عقود ولاتعرف متى تتخلص منه. فاي معالجة ملفات الماضي!! ان هذه دعوة لـ"عفى الله عما سلف". لن يقبل احد بهذا. ان البشرية تريد جواب هذا النظام على جرائمه. ليس من حق احد ان يتنازل عن دعوى جماهير العراق. لايقف وراء هذه الدعوة عشرة او مئة او الف شخص. يقف ورائها الملايين.

 

 انه يطلب من النظام البعثي ان يسلم اموره لـ"وجه الله" الى احزاب المعارضة. وماذا بعدها؟! يتقاعد النظام؟!  يترك السلطة ويذهب؟! هل يعتقد اللامي بهذا؟!  ان هذا طرح ذهني. ان هذا الطرح هو دعوة للمصالحة بين جماعة "الفسيفساء العراقي" - الكلمة المحببة للكثيرين هذه الايام-  مع النظام، هؤلاء الذي عاشوا عمر طويل في احضان النظام الفاشي من ضباط وشيوخ عشائر وبعثيين سابقين وقوميين اكراد وغيرهم. انهم عائلة واحدة. ان مشكلتهم مع النظام هي: لماذا سحب بساط السلطة من تحت اقدامهم، لماذا لم يشركهم بها؟ ان هذا الطرح ليس من اجل "تفكيك الدكتاتورية". ذلك ان المصالحة، ككلمة، تعني تضمين الاخر وليس حذفه . اي ان يقوم البعث، طالما هو الحاكم، بتضمينهم في السلطة. انها ليست تضمين الاخرين للبعث في السلطة ببساطة لانه هو في السلطة وهم خارجها.   انه طرح من اجل ترقيع ازمة السلطة السياسية في العراق، من اجل ترقيع سلطة النظام البعثي وانقاذ راسه بفسح المجال لاخرين. ولهذا، فان بديل رجعي. انه طرح من اجل "لنتقاسم الكعكة بيننا (نحن ابناء العائلة) افضل من ان ياكلها "الغريب"، افضل من تدخلات "الغريب". ان اساس هذا المنطق تجده في تقليده السياسي  الذي عفى عليه الزمن (الشعبوية الامبريالية لليسار القومي).

 

 ان "نظام حكم تعددي لامركزي ومحايد طائفياً" الذي يطرحه اللامي لايعني سوى حكومة وبرلمان يتقاسمه اصحاب احط النزعات القومية والدينية والطائفية من شيعة وسنة وتركمان واكراد الذين يتعكزون على هذه الهويات المخربة من اجل السلطة؛ لا من اجل تمتع الكرد، مثلا، بالرفاه والسعادة. ان نموذج كردستان جلي. ان جماهير كردستان تسعى لازاحة سلطة العصابات القومية وتتطلع لحظة لحظة لكنس هؤلاء من كردستان، يعود اللامي لوضعها في السلطة في العراق!! ماذا يكون بديلهم لجماهير العراق غير نفس تلك الماسي والمصائب التي جلبوها لمجتمع كردستان؟! ان نموذج الجمهورية الاسلامية (قبلة المجلس الاعلى!) واضح جدا ايضاً. ان جماهير ايران على عتبة كنس هذا النظام القرووسطي، فيما يقوم اللامي بفرش درب السلطة بالزهور لجماعتهم في المجلس الاعلى!!  ان هدف هذه التيارات السلطة. انها ليست بافضل من النظام البعثي في رجعيته، في تعصبه، في قوميته، في طائفيته، في جرائمه، في تنصله عن الحريات السياسية والحقوق المدنية، في مناهضته للمراة. ان سلطة برلمانه سوف لن تتعدى، في احسن الاحوال، حكومة اقليم كردستان  او البرلمان الاردني.  بعد كل هذا، يعود الكاتب ليسمي ذلك "اعادة السلطة الى الشعب"!!! (ولا اعلم  متى كانت السلطة بيد الشعب حتى تعاد له!!). في قلب العالم المتمدن، في ارقى برلمانات العالم، لايعني البرلمان ولا الحكومة التعددية  سلطة الشعب. انها بالضبط سلب سلطة الشعب. ان هدفها اضفاء طابع شرعي وكاذب على حكم الطبقات الحاكمة. يذهب الناس كل 4 او 5 سنوات للتصويت لعدد من ابناء الطبقة الحاكمة، لسلبهم حقهم في التدخل السياسي وتحديد مصير البلد، ليحكم حفنة باسمهم. ان هذا يجري في ارقى برلمانات العالم، فكيف الحال في برلمان لضباط وشيوخ عشائر وقوميين ودينيين من حملة اشد النزعات الرجعية والبالية في العراق!! ولهذا، فانه بديل رجعي.

 

كلمة اخيرة حول ماركسية علاء اللامي!

ان الماركسية لدى علاء اللامي هي "فلسفة نقدية"، "علم اجتماع نقدي" و"علم سياسة نقدي". بيد ان الماركسية ليست هذه كلها. انها على قول انجلس: "علم تحرير البروليتاريا". ان الماركسية هي انهاء العمل الماجور وارساء المجتمع والبديل الاشتراكي. انها ليست اداة تحليل للتاريخ ودراسته، ليست اداة لفهم الظواهر الاجتماعية، ليست اداة لفهم السلوك الفردي والجمعي للبشر. انها اداة نضالية لفهم المجتمع وتغييره. لاشيء يوضح قضية الشيوعية مثل سعي البشر للتغيير، لان يكونوا متساوين واحرار. ان شيوعية "التضامن النقدي" ليست بشيوعية. ان "النقد المستمر لتجربة وسلوك" اي حزب و"دون تحفظات" ليست بشيوعية!! لاتتطلع البشرية للرسل ولا للوعاظ، انها تتطلع لاحزاب سياسية جدية تزيح تلك الجماعات التي وعدت منذ عقود جماهير العراق بالديمقراطية وحقوق الانسان  ولم تحصد منها سوى القمع، الجوع، انعدام الحريات وغيرها. ان الحزب الشيوعي العمالي يمضي نحو تغيير اوضاع جماهير العراق، نحو ارساء مستقبل افضل لها، نحو حريتها ومساواتها. ان برنامج الحزب "عالم افضل" هو مرشد الحزب للعالم الذي يريد ارساءه في العراق. ليست ثمة حركة جدية غير متحزبة.

 

 يتحدث اللامي عن "لايشرفه البتة ان يكون رجل سياسة محترف". ليسوا بقليلين اؤلئك الذين يسعون لتصوير انفسهم انهم فوق الهموم السياسية والحزبية "الضيقة"، انهم "اصحاب وجهة نظر بحثية مشغولة بقلق انساني عميق" (الذي تبين ان امتداها العملي لم يكن سوى سوق الجماهير للمحرقة الامريكية البعثية والتصالح البعثي مع المعارضة!!)، وان السياسة والتحزب يعنيان الانحياز وعدم الموضوعية. لقد شاع في عصرنا ان الانتقال من الفكر الى السياسة لهو انحطاط، تراجع. لقد شاع ان العمل الفكري ابهى واكثر اعتبار من العمل السياسي (ولوكان شعرا او ادبا لكان ابهى بكثير!!). بيد ان ما يحسم مصير المجتمع هي السياسة والاحزاب السياسية وليس الوعاظ! ان سياسية امرء ما دلالة جديته في تعقب اهدافه وافكاره ونقلها من ميدان الفكرة الى الممارسة. ولكن واقع الحال انهم سياسيين. ان كلامهم سياسي، ذا جهة  سياسية واهداف سياسية معلومة ومحددة.

 

ان نقدنا للتجربة السوفيتية وتفسيرنا لهزيمة ثورة اكتوبر مكتوب ومدون منذ عقدين بالضبط (هزيمة ثورة العمال في الاتحاد السوفيتي، خطوط عامة لنقد اشتراكي- منصور حكمت)، بوسع اللامي ان يطلع عليه، يقرأه، يعطي رايه به. ولكن ان يستنتج دوغمائيتنا من الستالينية فهو من الهشاشة بدرجة لايصمد امام ابسط وقائع الحزب وافكاره وممارسته السياسية . ان حديثه عن "محاولة صغيرة لتحويل الماركسية النقدية الى دوغما بائسة في القرن الحادي والعشرين" وذلك لاخذنا "بنسخة تجددة وشديدة التخطيطية والتبسيط من التجربة المجالسية" لايوضح اي شيء عن نقده. كلمات ونعوت كثيرة ولكنها لاتقول شيء!! لاتوضح شيء ولاتفك اي لغز او عقدة.

 

لقد خلط، في رده الحابل بالنابل، كي يضيع نقد سمير عادل له.  لقد حول مقالته الى افراغ ما مخزون في ذاكرته وذهنه عن الحزب باكثر الاشكال سطحية وغير سياسية. ولهذا ماانفك يصرخ على ان هدف دوغمائيتنا "ليست معرفة الحقيقة بل الحلول محلها واعتبار الانا الحزبية او الفردانية هي الحقيقة، والحقيقة هي الانا، وكل ماهو خارج هذه الانا سيكون طبعا.. خارج الحقيقة". ان  انشاء المثقفين هذا علكه الكثيرين قبله، ولم يبقى اي طعم له. ان وراء هذه العبارات منطق استبدادي. لماذا يجب علي ان اوافق على طروحات لي راي اخر فيها؟! كي اقنعه باني لست حلولي واني ديمقراطي! اذا لم يشاطره  احد ما الراي، يغدو حلولياً!! من اين اتى بهذا المنطق! ان هذه العبارة هي مصادرة حق الاخرين بالراي. كان بوسعه ان يقول: "ان هذا ما اراه صحيحاً"، "لكم تفكيركم ولي تفكيري". "ليذهب كل منا لسبيله وبرنامجه واعماله وجماهير العراق تعطي رايها وتختار". بيد  ان ديمقراطية اللامي لهذا الحد ضيقة ٍ بحيث يصرخ بوجه راينا ونقدنا "انتم حلوليين"!! اي بؤس هذا!! ان حركتنا متينة وعميقة ومتجانسة ومتطلعة للامام صوب التغيير. ان قوتها تنبع من صحتها وحقانيتها، من تعبيرها الدقيق عن تطلعات واماني جماهير العراق. ان الشيوعية العمالية تعني الحقيقة. ان كل ممارستنا السياسية تدلل على هذا. لست مجبرا على ابداء التواضع الكاذب والقول غير هذا.

10 اكتوبر 2002

     

                        

 



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَنْ ينصح مَنْ؟!! رد على مقال صاحب مهدي الطاهر "رد على مناشد ...
- نص خطاب في مراسيم رحيل منصور حكمت- ستوكهولم
- يجب رفع الحصار فورا ودون قيد او شرط
- ورحل شامخاً!!
- اعلان شيعة العراق.. سيناريو جديد مناهض للجماهير
- قرع امريكا لطبول الحرب سياسة مناهضة لجماهير العراق
- الاوضاع الاخيرة في فلسطين!!
- الاحزاب الشيوعية العربية والاصطفاف في خندق الاسلام السياسي


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - علاء اللامي.. والسعي لبث الروح في شعبوية متهافتة؟! - الجزء الاول