أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - في عتبات الكتابة














المزيد.....

في عتبات الكتابة


محمد الإحسايني

الحوار المتمدن-العدد: 2349 - 2008 / 7 / 21 - 08:53
المحور: الادب والفن
    


ألقى الكاتب محمد الإحسايني هذه الكلمة بعد عرض الأستاذ سعيد يقطين لرواية الأزمنة السبعة في نادي الأسرة بالرباط، وبعد الشهادة التي قدمها عنه الزميل عبد المجيد فراس، الصحافي العراقي المقيم في المغرب. كماألقاها في اللقاء الذي عقدته رابطة الأدب المعاصر في الجديدة، والتي حلل فيها الدكتور عبد الرحيم كنوان" الأزمنة السبعة " بحضور ا لدكتور مصطفى الطوبي، وعدد من الأساتذة الجامعيين، المهتمين بالرواية، وجمهرة من مثقفي المدينة ...يعد الكاتب هذا النص، مواجهة
لتخبط النقد الروائي وتناقضاته، دون تحديد... ودون الدخول في سجالات عقيمة.

في عتبات...


أتخيّـلُ هدوءاً يستحوذ عليّ، أجده في الإصغاء لحوافز الكتابة ذاتها، أجده يسخر مني ومنك، ومنا جميعاً.
عناصرُ تختمر في الذهن، ألبسـُها، تلبسني، في أهبة الخروج من عالم مفعم بأفكار،
تتزاحمُ، تحركُ دواليب القلم، قبل أن يفطن المرء في حمأة الكتابة أنه عاجزٌ فعلاً عن
ترجمة أفكاره، مشاعره إلى العالم الخارجي.
تدخل الكتابة إذن، وضمنها الكتابة ُالروائية، في بؤرة من التوتر، تصادَرُ على أنهـــا
إبحار في عيون الكائنات، في الأمكنة والأزمنة، تجاه الخلاص، خلاص ٍ من العبوديـــة،
وانحطا طِ الذات. فالكتابة خروج من دائرة التيه، وكسر للحلقات المفرغة. إنها بمعنىً ما، إعادة تأكيد شرط وجود، انتصار للذات، احتضان للموضوع، حبو اليه واحـتـبــاء،
تمازجٌ في كيان موحد، لا انفصام له. ألم يقل سقراط: اعرف نفسك بنقسك، كأنما كـان
يخاطب الإنسانية كلها؟
لعل هذه الجذور الممتدة َ في الذات البشرية، هي التي كان سقراط يبحث عنها.
الكون شاسع بالنسبة للمبدع، ولكنه يتبلور بفعل الكتابة، بإلحاحاتها المتدفقة، بـيـــن
لسان الريشة الملتصقة باليراع، يسوّد موات البياض.
يصمت الورق هامداً في كون يتأرجح بمشاعر وأشواق ثرة، قد يمتدّ قربك، خلفــك،
وأمامك، وأنى رميتَ بالطرف، مُحدّقاً أو ساهماً. وقدينطلق إلى ما وراء الواقع الملموس في إصرار .
من يُحدث إذن خيط التواصل؟
وأي نداء يحث الهمم القعساء في هذا الزمن الرمادي؟
بعبارة اخرى، من يحرك أشياء قابعة في النفس البشرية؟
الكتابة الحق، هي التي تمتلك جرأة الاستصراخ، هي التي تتوجه إلى الإنـســـــان،
والإنسان، هو هذا الكون الذي أطلنا الحديث عنه في بضع كلمات، هو هذا اللغز الذي
يشبه الحجر الفلسفي لدى البعض، والذي حل فيّ، أنا، وأنت، والهو، والنحنُ.
ومع ذلك؛ فالكلمة كائن حي، بالرغم من أن الخط ، كما يقال، ميت، صامت، مثل بياض
الورق .
لكن...عندما تدور به المطابع، يصبح الحرف المخطوط، كائناً متحركاً، مشخصاً، مجسداً، ُيظهر ويُخفي كثيراً من الأشياء، يعري، يفضح، يترك نقط الصمت تتكلم بلاغتها.
الراغب في الكلمة الحية، لايتنكب عنها الطريق؛ بل يسير في مناكبها نحو العتبات
المقدسة، نحو الإبداع...
اللغة، طقس يومي، يُمـَارَس ساعاتِ العشق تجاه عتبات الكتابة. والارتباط بالكتابة،
خيار يومي حتمي؛ وإن كان يقترن، بصفة عامة، بأدوات معرفية وفنية، لها نتوءات في الذاكرة والواقع، حيث يتذبذب حب رومنطيقي تجاه الكائنات.
لايحتاج طقس الكتابة إلى تقديم القرابين، إنما تُـمـْتَشق اللغة أثناء مزاولته، أمام بوّابة
لها حرمة، وسياج، وحراس شداد، لها خصوصية وكنه ما.
ويمشي الممتشق-ة- مزهواً بين خمائل القلعة، يخرق المتعارف عليه بلا إذنٍ، من الحراس، يطرز على ستائر من حرير، وينقش على بواباتها الذهبية، تعاريج الذات،
وتضاريس الموضوع، يُعْمِلُ فيها الإزميل كي يصيغ استعارة، أو يتصيد معنىً هارباً أو
يحجبه، أويلغيه كلية، درءاً للفسيفساء المنحدرة إلينا من تاريخ مرصوص، مليئ بالتمجيد واللعنات، أو تراه ينحت الحجر، عبر المفازات، وينسج من الرمال، صوراً كحلم صباحي في السهوب.
تستولي على المبدع حُميا الكتابة، تراه داخل خميلة بمنعرجات منكسرة، يبحث عن أولها وعن آخرها، بلا ملل.
ما

أشبه ذلك بيوتوبيا في مملكة الله!
يكون عليه ان يتخلص من كل قالب جاهز، في ابتذال لغة الكلام.
يكون عليه الا يترفع؛ بل إن عليه أن يتمسح بعتبات الكتابة، أن يمزج تجربته بكل ما يدور حواليه، وفيه، وإليهِ، وعليهِ، والهناك، في انسجام وتوتر، حتى يدرك بنفسه وعياًكونياً. ومن غير الإنسان يستطيع ذلك!

هل للكتابة كل هذا النبل؟
أجل، لها، وللكـُتاب، ما ليس للنبلاء على مدى التاريخ.
لكنْ، من يهتدي إلى عتباتها المقدسة؟



#محمد_الإحسايني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الأزمنة السبعة
- تأملات نقدية حول أعمال محمد الإحسايني3
- حماقات السلمون
- التدوير2
- التدوير
- مذكرات كلب غير عابئ ولامخدوع1
- النقود المزيفة
- العام ما قبل الأخير من إشراقات باهتة
- سوسيلوجيا المناقشات في برنامج: -الاتجاه المعاكس-
- أغنية أعلى البروج
- الكلب والقارورة..... ش.بودلير
- عيون الفقراء
- في الواحدة صباحاً...........بودلير
- المغريات أو إيروس، وبليتوس ، والمجد
- هل الإنسان مجرد وهم؟
- اقتراني بالكتابة من زواج سري إلى رباط لاانفصام له
- الفضاء الروائي في المغرب متعدد ويرتبط بالإنسان أصلاً
- النسيم
- الحياة السابقة
- النوافذ لشارل بودلير


المزيد.....




- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - في عتبات الكتابة