خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2332 - 2008 / 7 / 4 - 09:41
المحور:
القضية الفلسطينية
((حركة المقاومة الاسلامية ) في فلسطين) ؟
لم تطرح حركة حماس _فرع فلسطين _ نفسها في الواقع الفلسطيني , باعتبارها , فصيلا وطنيا فلسطينيا معبرا عن التطلعات الوطنية الفلسطينية , وهي لم تدعي يوما ذلك . بل منذ البدء كانت في غاية الوضوح والصراحة , فلقد طرحت نفسها باعتبارها الجزء الفلسطيني من حركة دينية اسلامية عالمية , هي حركة الاخوان المسلمين , فهي اذن لم تدعي انها تمثل وجهة النظر الوطنية الفلسطينية حتى من زاوية المنظور الديني في المسالة الوطنية الفلسطينية, بل هي تمثل امتدادا لحركة الاخوان المسلمين ( العالمية) في الوضع الفلسطيني , وانعكاسا لوجهة نظر ورؤية الحركة الدينية العالمية (الاخوان المسلمين) في كيفية معالجة _ وضع القضية الدينية الاسلامية بعلاقته بالصراع الديني العالمي _ في فلسطين_
ان المسالة المحددة التي يطرحها هذا الامر هي ان هذا الفصيل _الجزء الاقليمي من تنظيم اممي اسلامي_ هو ممثل بالاصالة لرؤية عالمية اسلامية في كيفية معالجة القضية الفلسطينية , وبالنيابة عن الرؤية الوطنية الفلسطينية , ومن المعروف عادة وتقليدا وعرفا ( بغض النظر عن مستوى القناعة) ان التمثيل بالنيابة يخضع للتمثيل بالاصالة , ولا يلغي ذلك طبعا امكانية وجود تباينات حول امور ثانوية بين المركز والمحيط بين الكل والجزء ,وهو ما نلحظه احيانا في علاقة ( حماس الداخل وحماس الخارج) لكنها سرعان ما تختفي تحت مطلب الخضوع الشرعي من المحيط , الجزء بالمركزية الاساس
ان العلاقة السابقة بين المركز العالمي لحركة حماس وحركة حماس في الوضع الفلسطيني وشروط القضية الفلسطينية تحتوي علاقة ثلاثية الاطراف يمثل بها الفرع الفلسطيني لحركة حماس العالمية دور الاداة التنفيذية التي تعيد اخضاع شرط القضية الفلسطينية للمركزية العالمية للقرار الحمساوي لذلك نرى هذه المسافة الشاسعة جدا بين موقفي حركة فتح التي تمثل بالاصالة شرط القضية الفلسطينية في التحرر , و موقف حركة حماس التي تمثل بالانابة شرط القضية الاسلامية عالميا في التحرر , انها المسافة بين الوطني واللاوطني . والذي لا يمكن له ان يلتقي بصورة ايجابية لصالح التحرر الفلسطيني إلا عبر اخضاع العالمي للوطني , اليس هذ جوهر علاقة القضية الفلسطينية بامكانية التحرر في ظل ما نراه من انحياز عالمي استعماري للدولة الصهيونية ممثلة الاستعمار بالنيابة في الوضع الفلسطيني؟
لكن ( حركة المقاومة الاسلامية_في فلسطين ) حماس ليست في الواقع سوى المثال الابرز وهي في الوقت الراهن الاكثر ضررا لظاهرة اوسع في الوضع الفلسطيني تعيق حرية حركة النضال الوطنية الفلسطينية , وهي بدلا من ان تتقلص جراء حالة الصمود التاريخية الفلسطينية , وعلى العكس نجد انها تتسع لتاخذ صورة التوجهات السياسية والتجسد التنظيمي والتي تعمل على زيادة حالة ( لا نستطيع قول الانقسام الوطني ) بل وبراحة رؤية وضمير نقول ( حالة تفتيت وتشظية للقدرة النضالية الفلسطينية )
فسياسيا يتسع ( بجهد قوى الرؤية العالمية والتواجد المحلي) مطلب اسقاط السلطة الوطنية الفلسطينية , اذا لم تكن هذه القوى نفسها في موقع مركزية القرار الفلسطيني , بل وتفكيك حق وخصوصية السلطة في شرعية ووحدانية تمثيلها للمجتمع الفلسطيني , الى مدى المطالبة باستبدالها بطرف اقليمي , اسرائيل او الاردن او مصر, وهي في سبيل تحقيق هذا الهدف تلجا الى الاساليب الرخيصة بالتحريض الاخلاقي المضخم الموجه لشخوص السلطة الفلسطينية في حيلة خبيثة تربط بين اسقاط هذه الشخوص واسقاط ما تمثله سياسيا ووطنيا , وطبعا فان لها باجهزة المخابرات الاقليمية خير معين ومرشد في تحقيق هذا الهدف , وحتى الان نستطيع القول ان مستوى التأثير الذي تركته هذه القوى في الواقع الفلسطيني اصبح ملحوظا الى درجة النجاح في الاستقلال في غزة كمركز انفصالي جغرافي سياسي ينازع السلطة حق تمثيل المجتمع الفلسطيني امام العالم , بل ابتدأ العالم في الانفتاح عليه نظرا لمصالح اطراف اقليمية في رفض التسوية التي تحتوي على مطلب اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ويخدم مساومتها مع المركز العالمي للاستعمار حول برنامجها الخاص , وجراء الانتهازية التاريخية في الموقف العالمي في تعامله مع القضية الفلسطينية بالنظر اليها من زاوية مصالحه الخاصة,
ان هذا الاتجاه الخطير وجوده واستمراره في الوضع الفلسطيني , يتجه بصورة مركزة شديدة الدهاء والخبث الى مخزون قوة الموقف الوطني الفلسطيني . الى الطبقات الشعبية الفلسطينية في معزوفة حقيرة حول تضخيم صورة معاناته في مقابل لا مبالاة مدعاة من قبل السلطة الفلسطينية , في حين انه وللاسف نجد في مسلك شخصيات لها مواقع في السلطة ما يمنح هؤلاء المغرضين مزيدا من الوقود للنار التي يحرقون بها علاقة الطبقات الشعبية الفلسطينية بقضيتهم الوطنية والسلطة كممثل شرعي ووحيد لهذه الطبقات والقضية الفلسطينية التي هي في الحقيقة تخصهم اكثر من غيرهم
اما تنظيميا فتلتقي المراهقة اليسارية مع انتهازية اليمينة في محاولة مشتركة للوصول لهذا الهدف دونما اعتبار لحالة الانتماء المفترض انها لديهم بفلسطين الوطن والمجتمع , ان الزيادة العددية الملحوظة للتنظيمات التي تنطبق عليها الصفات سابقة الحصر والتحديد اخذة في الازدياد فنحن لا نستطيع الا ان نرى في كل المسميات ذات الجوهر النظري السابق مسميات لا وطنية بدءا بحركة حماس وحزب التحريرومنظمة الصاعقة وجبهة التحرير العربية ....الخ يضاف اليها دعاة الدولة العلمانية الديموقراطية الواحدة وتجسدها التنظيمي في المواقع الفلسطينية .....الخ .
مواجهة هذا الشرط السلبي في الواقع الفلسطيني
ان مواجهة هذه الحالة السلبية في الواقع الفلسطيني يتطلب حملة شاملة في المجالات :
دستوريا : تحديد الصفات الدستورية للتعددية السياسية في البناء الديموقراطي الفلسطيني وتجسيده بالتشريعات القانونية والادارية اللازمة بعلاقته بالاستقلال والسيادة والشرعية الفلسطينية والاشارة الى السلطة الوطنية الفلسطينية لتفعيل جوانب متابعة تنفيذه سياسيا وامنيا واقتصاديا واجتماعيا
سياسيا : الاعلان عن وتحديد جوهر الشرعية والسيادة الفلسطينية ممثلا بالسلطة الوطنية الفلسطينية والحفاظ عليها وتحديد الموقف الايجابي منها واحترام موقعها امام الاطراف الدولية جوهرا واساسا لشرعية وامكانية التعددية السياسية في الواقع الفلسطيني واستكمال ذلك بفرض شرط الاستقلال المالي والسياسي والتنظيمي على هذه التعددية , وفي حال عدم الاستجابة للسلطة الفلسطينية حق اعتبار هذه التعددية دخيلا غير وطني ينتقص الشرعية والسيادة الفلسطينية يعطي السلطة الفلسطينية الحق والشرعية القانونية بالملاحقة والاعتقال والعقاب
: منح فرصة زمنية محددة للقوى لتصويب البرامج السياسية والهيكلية التنظيمية والعلاقات الدولية بمن يتناسب والتشريع الدستوري الفلسطيني والاعلان الرسمي عن حق السلطة الفلسطينية في الاسقاط القانوني عبر القضاء الفلسطيني الحقوق الدستورية للمتخلفين عن تصويب اوضاعهم
كذلك لا بد للسلطة الفلسطينية من الكف عن تقديم التنازلات لهذه القوى ( الدعوة للحوار والوحدة الوطنية مع هؤلاء) والتراجع عن هذا النهج الذي لا يفعل في الواقع سوى تعزيز مواقعهم الجماهيرية , فليس من فارق في الواقع بين تقديم التنازلات لهؤلاء عن تقديمها لاسرائيل , وان نظرة الى المسافة الزمنية ما بين البدء بتطبيق اتفاقيات اوسلو وحتى اللحظة فاننا نقرا بها ان تقديم التنازلات لهؤلاء بالضبط كان السبب في التعنت الاسرائيلي ومنحى تقديم التنازلات لها , بل من الواضح ان استمرار نهج مركز القرار في السلطة الفلسطينية بالانجرار الى المواقف والمواقع التي ينحدر اليها هؤلاء يجب ان يتوقف وان يعاد النظر به وان يتلاشى في النهاية فهو خطوة من خطى تعزيز الاستقلال والسيادة والشرعية الفلسطينية .
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟