أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محاسن الحمصي - خط الأحلام















المزيد.....

خط الأحلام


محاسن الحمصي

الحوار المتمدن-العدد: 2284 - 2008 / 5 / 17 - 11:29
المحور: الادب والفن
    



"وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا"
- ابن زيدون-


هل كان عليّ أن أتسلق أغصان شجرة العائلة لأبحثُ بين الأوراق والفروع من جدي الأول حتى جدي السابع الذي- سامحه الله- أورثني جيناته المختلفة وليست المتخلفة، فأنا حتما لا أمتُ بوصف يتطابق مع أحدٍ من أفراد أسرتي الحالية ـ لا من جهة الأم، ولا من نسل الأب شكلا ومضمونا، ولولا معرفتي وثقتي بأمي لقلت أني ابنة (حرام) في ليلة عابرة..!؟
عرفت أني طفلة معجزة حين حسم أبي الأمر في جلسة مغلقة جمع فيها أمي، إخوتي العشرة بما فيهم أنا.. وأفتى بصوت صارم وواضح :
- أختكم.. لا يركبها عفريت ولا يصاحبها جان، ولا (مرفوع عنها) الحجاب.. وليست قديسة أو ولية من أولياء الله الصالحين..
- لكنها تعرف كل شيء ومناماتها تتحقق سواء كانت خيرا أو شرا..
- حباها الله وميزها عنكم بشعلة ذكاء إضافية، فراسة،طاقة زائدة، قوة حدس واستشعار عن بعد، قد تتنبأ بأحداث تحصل للبعض بقدر ملحوظ يفوق من في مثل سنها، لذا توقفوا عن الشكوى والخوف ودعوها تعيش بسلام وأمان بينكم لا مبرر لعرضها على أطباء ومشعوذين مادامت لا تؤذي أحدا..!


ورغم كل صفاتي الخارقة، كنت متواضعة، ودودة أبتعد عن المشاحنات بين إخوتي، أحاول تقريب وجهات النظر، إسداء النصح، ومساعدة الجميع دون كلل أو ملل.
أحببت المدرسة وكرهت أي تخصص علمي من رياضيات وفيزياء وكيمياء، أغوص في كتب الأدب،الشعر، الفلسفة،التاريخ و الجغرافيا..
أجمل الساعات لدي تلك التي يسود فيها السكون، ويخلد الجميع إلى النوم لأمشي وأتجول في أنحاء البيت مغمضة العينين في (العتمة) وأحفظ أين هي الأشياء..!
هواية عجيبة كلفتني بقعا زرقاء ترافق جسدي من طوبة باب، طرف سرير، زاوية طاولة.. رضوض ساق، تورم جبهة، كسر أنف عند تلمس الطريق إلى البراد وخزائن المطبخ، مفاتيح الكهرباء، الحمام، القبو، السدة، الدرج والسلالم..
وحين أعود إلى غرفتي أبدأ في ترتيب أشيائي في ذلك الظلام الذي اخترته برغبة جامحة ..
العمى والصمت تجربة أخوضها والهدف مجهول إلا الشعور والإحساس بأن هناك حكمة وراء هذه الهواية الغريبة التي احتار بها أهلي..!

الكتمان ورؤية الأحداث قبل وقوعها أمر آخر.. فحين ينقبض قلبي ويزوغ بصري فجأة، أو أرى كابوسا مزعجا وأحلم بشخص ما، فإن يومي ينقلب إلى قلق صامت، أبتعد وأختلي بنفسي.. فما بداخلي لي وحدي وليس ملك أحد وأبدأ في الصلاة..
أرى ملاكا يجلس معي وواحدا يصلي، وآخر يحرسني واثنان يحملان روحي بعيدا، حتى يعود جميع أفراد العائلة لتنفــرج أساريري ويهدأ بالي..

دخول المجتمع والاندماج مع الناس لم يشكل عائقا في حياتي، أتصرف بتلقائية وأصيخ السمع في الوقت المناسب، وغالبا ما كنت ألتزم الصمت، أتنقل بين وجوه الشخصيات التي ألقاها، أراقبها وأكشف المستور في زيف الأقنعة من خلال العبارات والجمل وفي معظم الأحيان يصدق حدسي في قراءة ما خلف الظاهر..

كبرنا وبدأ رف العصافير يطير، لكن العطل تجمعنا حول المائدة في جو أسري حميم، كل واحد يحمل همومه، أفراحه، مشاريعه، نبحثها معا، نجد الحلول إن اعترضت طريقنا مشاكل، ثم ينهال علي الجميع بالأسئلة :
- هل سأجتاز الامتحان بتفوق ؟
- من جد وجد.
- هل سأجد فتى أحلامي ؟
- الزواج قسمة ونصيب.
- هل سينجح مشروعي التجاري ؟
- استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان..
- هل.. وهل.. وهل ؟
- قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والله لطيف بعباده..

أجد الوسائد والمخدات تتجه نحوي والضحكات تملأ أركان البيت، وأنا أدرك أن هناك من سيقع، يمرض، ومن سيغادر إلى الأبد..! أما أحلامي فقد تفرعت بين العلم، العمل، السفر، الصداقات، والنشاطات الاجتماعية إلى أن تشابكت أصابعنا في (دبكة) جماعية ليلة زفاف أختي..!
لم أخفض بصري، ولم أسحب كفي فقد سحبَ خيط روحي ولفـه حول معصمه، عرفت أنه قدري واستسلمت..!
حُزن أبي، انكسارُ أمي، استهجان إخوتي بدا واضحا دون اعتراض على اختيار يرجح كفة ميزان الفوارق الطبقية علميا، عمليا، اجتماعيا، وتجاهلت كل من طرق بابي (يطلب اليد) ويعرض الود.
وقف قلبي على زاوية الشارع محتجا، يحمل الراية البيضاء، أعدته وحبسته بين الضلوع، ونزفه أسود.. أسود..!
وبدأت سلسلة الكوابيس الليلية والمنامات التي تنذر بالخطر وتحول الألم إلى سلاح يهدد صفو أيامي، يِؤرجح أعصابي بالخوف ويبلور الإحساس المبهم في انتظار مفاجأة قد تأتي بغتة أو ضربة موجعة لا تترك للشفاء سبيلا..
ذات الحلم يطاردني، أموال، اختلاس، امرأة، شرطة ورصاص، فأهبّ من نومي أتلمس تمثال ثلج، قريبا من قلبي بعيدا عن عالمي..!

حوار ضبابي يدور في الوقت الضائع بيننا:
- أما زلت تحبني..؟
- أي حب يا امرأة في هذا الزمان الغادر؟ أكرس نفسي لقضية تستحق العناء: (الوصول) .
- الوصول إلى حبل المشنقة بأساليب الشر المتعددة.. وثمرة الحب التي زرعتها في أحشائي
أتتركها تنمو دون ريِ بماء الحنان؟
- ماهذا التخريف؟ قلبي معك وها أنذا أمامك أستمع لهواجسك، وأتعايش مع مخاوفك وتخيلاتك..؟
- شكرا.. إن احتجتُ إلى قلب سأطلب قلبك لأنه غير مستعمل إلا للضخ..!

وهاهو الهاجس والكابوس بعد عام يأتي بأحداث متسارعة، وقد ترك أرملة متشحة بالسواد، وأما ثكلى خُطف طفلها لحظة ولادة عسيرة..

إنه الموت، والموت قاسٍِ لا يفرق بين صغيرولا كبير، يُحرق القلب، ويشل الحياة.
أكفكف الدمع، أجفــف حليبا يتدفق من صدر أم حنون، أهز بيدي سرير طفلي المفقود:
- لو أبصرت النور ياولدي، كنت ستبصر اليتم.
حاولت إبقاء حلمي حيا، حافظت على قانون حياتي المقدس.. ففشلت.
لن أغمض عيني في الظلام بعد اليوم، كنت عمياء البصيرة لا البصر، هزمتني امرأة خارقة تملك علم الغيب، ترضخ لأوهام حديث العقل الباطني، تعيش في دائرة الأفق الضيق.. سأشعل الأضواء، وأمشي على درب المجهول، وبعينين مفتوحتين سأجد كوة تفضي إلى نور الحقيقة..
يخرج صوتي عن صمته في (العتمة)، وأصرخ..

قاصة من الاردن




#محاسن_الحمصي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص في حجم الكف4
- قصص في حجم الكف 3
- ويطول الدوار ...!!
- إشاعة موووووووووت...!!
- حروف ربيعية ..!!
- على سفر..!!
- الزعيم في أفريقيا ..على افريقيا السلام ..!!
- موسم الهجرة الى السماء
- حبيبي ..بووووووووش ..!!
- قطار العمر ..!!
- لله يا محسنين..نريد حلاً..!
- حوار على وتر مقطوع ..!!
- عقد الزواج ...لو سمحتِ ..!!
- لأني ....!!
- ليالي العيد ...!!
- فيتا......مين ...؟
- زمان ..يا زمان ..!!
- أنا ...بوليس ..!!
- دق الجرسُ..!!
- زغرودة حلوة..!!


المزيد.....




- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محاسن الحمصي - خط الأحلام