أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي المصري - العلاوة الجديدة مخدر لمريض بالسرطان















المزيد.....

العلاوة الجديدة مخدر لمريض بالسرطان


سامي المصري

الحوار المتمدن-العدد: 2276 - 2008 / 5 / 9 - 10:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المظاهرات الممتدة اليوم في كل موقع من مصر، يذكرنا تماما بالسنة الأخيرة من حكم الملك فاروق عندما امتدت المظاهرات في مصر بشكل فوضوي بسبب الغبن الواقع والفقر والظلم والانهيار الاقتصادي الذي كان له تأثيرا على كل بيت خاصة محدودي الدخل. وانتهز الإنجليز وعملاءهم الفرصة لحرق القاهرة في زحمة المطالبة بالحقوق. الوزارات تتساقط بسرعة بسبب العجز في الميزانية. المكلف بتشكيل الوزارة الجديدة بعد ثلاثة أيام يعتذر للملك عن عدم قدرته على قيامه بالمهمة في ظل انهيار مالي واقتصادي، ويتكرر ذلك مع شخص آخر. عدم قدرة الحكومة على تلبية المطالب الضرورية للدولة. الشعب قد بلغت معاناته الذروة. والحديث عن الثورة يتردد في كل مكان. إن التاريخ يعيد نفسه فمظاهرات اليوم في مصر تشكل خطرا حقيقيا على حكومة عاجزة عن القيام بحلول للمشاكل المستعصية، في مواجهة شعب جائع، بسبب سياسة خرقاء لمتسلط غبي وجاهل بأساليب الحكم فيحكم بالحديد والنار.

العلاوة الجديدة تفصح عن التخبط في سياسة الحكومة الذي يؤكد على الانهيار الوشيك، الذي يماثل الأيام الأخيرة من عصر الملك فاروق. إنها إعلان عن العجز الحكومي للقيام بأي حل للمشاكل المالية المتفاقمة بسبب سياسة فاسدة استمرت لعشرات السنين استنزفت كل خيرات مصر ومواردها وأتت على كل أخضر في أرضها. واليوم لا يملك أحد أن يمنع الانهيار المدوي المرتقب.

جاء مبارك في مرحلة حرجة بعد أن حاز السادات على كراهية الكل بالإجماع من أقباط ومسلمين، يمينين ويساريين، عقلاء ومتطرفين. كان ممكنا لمبارك أن يبدأ عصرا جديدا يرفع فيه المعاناة عن شعب نفذ صبره من فساد طبقة جديدة جاهلة وشرهة في عصر الانفتاح. لكنه جاء ليلعب على كل الأوتار لحساب نفسه...ما بين السياسة والاقتصاد، ما بين الإسلام السياسي والعولمة. وأقام سياسته على تقديم الخدمات للمصالح الأمريكية المتربصة بالمنطقة... ترتب على ذلك عدم إيجاد حلول للمشاكل المستعصية والاختناقات التي بدت تلوح مخاطرها في الأفق بسبب الفساد المالي وفساد الإدارة. كان إرضاء أمريكا من جهة السياسة الخارجية والداخلية هو الهدف الأول دون اعتبار لمصلحة الشعب، فصارت السياسة المصرية خادمة للمصالح الأمريكية في المنطقة مُغلَّفة بالشكل الوطني المخادع. لقد بدأ السادات هذه السياسة وتوسع فيها مبارك لأقصى مدى، واعتَقَد أن ذلك يضمن له البقاء في الحكم أطول مدة ممكنة. لقد أسرف مبارك كثيرا في إهمال حقوق الشعب المصري.

وظهر بوش بسياسته المخيفة التي تعبث بكل الثوابت في المنطقة لحساب إسرائيل، حيث وجه ضربته لصدام حسين وهو أحد عملاء المخابرات الأمريكية المخلصين الذين خدموا أهدافها ضد شعبه بكل وحشية. وعندما استنفذ الطاغية الغرض من وجوده كانت الفرصة مواتية للسياسة الأمريكية ان تلقيه في البالوعة لتقيم سياستها المرهبة على أشلاء جسد العميل القديم. كان هذا الحدث منبها خطيرا اهتز له مبارك وكان عليه أن يقوم بدورا سياسيا مختلفا خاصة بعد أن عزف بوش على لحن الاشتراكية الغائبة والشرق الأوسط الجديد، فكان على مبارك أن يتبع سياسة جديدة ترقص على النغمات الأمريكية. ولعل ذلك كان عاملا في التخفيف الظاهري من قبضته الحديدية وحكمه البوليسي ليصبغ حكمه بغلالة ديموقراطية واهية. وأقول الحق أن الموقف كان مخيفا لأقصى درجة. فمصر مستهدفة لذاتها كما كانت العراق مستهدفة لذاتها، بغض النظر عن الأسباب الملفَّقة، وعن الإرهاب الإسلامي الذي دعمته أمريكا بكل قوة منذ وقت بعيد لتختلق التوتر في المنطقة ثم دعوى محاربة الإرهاب الذي اختلقته. كان تجنب الكارثة بالنسبة لمصر أمر شبه مستحيل. ومن نظرة استراتيجية بحتة، وللحقيقة، فمبارك لحساب نفسه فوت على أمريكا الكثير من الفرص بمهارة بالغة في محاولاتها المستميتة لضرب مصر. وساعد الموقف الأمريكي المتورط في العراق على تخفيف ضغوطها المخيفة على مصر.

كان على مبارك أن يستوعب الدرس مما حدث لصدام، وكان يلزمه أن يتنبه ويعيد حساباته ليبدأ في العمل الوطني الحقيقي لكسب شعبه، فعلى الأقل يعمل على رفع المعاناة عن الشعب. لو فعل ذلك لنسي الشعب له كل الآثام والآلام القديمة ولصنع من نفسه بطلا. خصوصا أنه كان قد أثري هو وعائلته بفحش ولم يعد في حاجة إلى المزيد، وكان يمكنه العمل لآخرته في الزمن المتبقي. لكن ما فعله هو أن بدأ سياسة خطيرة مدمرة عندما لون عصره بلون الديموقراطية بحسب السياسة الاستعمارية الأمريكية ليقدم أقصى خدماته للشركات الأجنبية تحت شعار تشجيع واجتذاب رأس المال الأجنبي للاستثمار في مصر. إن ما فعله مبارك هو بيع مصر للاستعمار ليضخ ثروات مصر إلى الخارج ويحرم المصريين من ثروة بلادهم وخيرها. لم يكن هذا العمل مدروسا بشكل كافي حتى على الأقل يحتجز من ثروات مصر لشعبها الحد الأدنى الضروري لمعيشته، فكانت الكارثة التي نعيشها اليوم في مصر.

ماذا تعمل الشركات الأجنبية بمصر؟!!!! إنها تحقق الآتي:
· ترفع الأسعار حتى تحقق أرباحا خرافية وتزيد الأعباء المالية على الشعب المطحون دون أي مبرر. عملية ارتفاع الأسعار تسير في دائرة مفرغة فكلما ارتفعت الأسعار قلت قيمة العملة مما يضطر لرفع الأسعار لتحقق الأرباح المطلوبة.
· الشركات الأجنبية توظف شبابنا وتستخدم إمكانياتنا ومواردنا الاقتصادية لتبيعها لنا مرة أخرى بلا مبرر. بل وأكثر من ذلك تسخِّر الطاقة العاملة في مصر للعمل لدول أجنبية بأسعار رخيصة وفي ذلك عملية ابتزاز فالقوة العاملة المصرية كم تكلف من ميزانية الدولة ودافعي الضرائب.
· الشركات الأجنبية لا تحل مشكلة البطالة بل من المؤكد أنها تتفاقم. من المؤكد أن هناك وظائف إدارية يقوم بها أجانب يتقاضون عنها مرتبات باهظة من دم كل مصري بلا مبرر.
· حجم العمالة وطاقة العمل وقوانين العمل بالشركات الأجنبية لا تخضع للسيطرة المصرية وهي أسوء وإمكانياتها أضعف كثيرا من شركات القطاع العام العملاقة التي تم إفسادها.
· رغم أن الشركات الأجنبية تدفع مرتبات تقل كثيرا عن الأسعار العالمية فتعتبر مرتبات مرتفعة للغاية بالنسبة للسوق المحلي في مصر مما احدث بالفعل خللا في السوق المصرية وتشويها غير قابل لإصلاح. فبينما الموظف الحكومي بما في ذلك أساتذة الجامعة والقضاة والأطباء يتقاضون مرتبات هزيلة لا تكفي للعيش فهناك من يحصل على مرتبات عالية من الشركات الأجنبية مما يحقق استمرار رفع الأسعار بشكل جنوني في السوق المحلي بشكل غير متناسب بأي حال مع المرتبات الحكومية الهزيلة.
· إن المرتبات التي تدفعها الشركات الأجنبية تعكس حجم مكاسبها التي تتزايد كل يوم زيادة مطردة دون وهي من دم كل مصري دون رادع أو حسيب.
· أرباح الشركات الأجنبية تخرج خارج مصر فتضخ ثروات مصر إلى خارج البلاد بينما الشعب يعيش في أقصى حالة من شظف العيش أليس هذا هو لاستعمار؟!!! لقد تحول المسئول الحكومي لموظف يعمل لحساب الشركات الأجنبية.

ما هو تعريف الاستعمار وما هو هدفه الأخير؟!! أليس هو ما تقوم به الشركات الأجنبية اليوم في مصر؟ بل هو أخطر بكثير من الاستعمار المعلن. فعلى الأقل الدولة المستعمرة تتحمل مسئولة أمام الرأي العام العالمي لتراعي الظروف المعيشية للشعوب تحت الاستعمار، فتوازِن الأمور. أما في حالة هذا النوع الجديد من الاستعمار فالشركات تبتز كل خير البلد دون أي مسئولية، ثم تترك الحكومة لمواجهة الشعب. وبذلك فإن حجم الابتزاز يكون أكثر بما لا يقاس من الاستعمار الواضح. إن عملية اجتذاب رأس المال الأجنبي التي بدأها السادات بالانفتاح ثم اتسعت لدرجة مخيفة في عصر مبارك هي ردة استعمارية وعودة مقنَّعة لإخضاع مصر وثرواتها للاستعمار، ففقدت مصر حريتها الاقتصادية والسياسية وأفسدت كل خير. وأصبح الدور الحكومي هو دور عميل الاستعمار الخائن المبرر لجرائمه.

هل أدرك الشعب اليوم بشكل عملي ما عمله عبد الناصر لمصر وخاصة عندما أمم الشركات الأجنبية؟!!! إن الحل الوحيد لإنقاذ مصر اليوم هو تأميم الشركات الأجنبية التي تسرق وتبتز ثروات مصر.

هل هذا ممكن تنفيذه من الناحية العملية ؟!!! أشك؟!!!

هل نستطيع أن نحلم بعبد الناصر آخر يقوم لينقذ مصر من الورطة التي هي أخطر بكثير مما جازته مصر أيام الملك فاروق عندما كان تعداد الشعب قد يتجاوز العشرين مليونا بقيل؟!!!



#سامي_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة من أجل مصر
- جيل أكتوبر لم يعرف التفاح والياميش
- الحوار المتمدن اسم على مسمى
- حول قضية ماكس مشيل والأوضاع القبطية المتردية
- رأي حول لائحة انتخاب بطريرك الإسكندرية المقترحة
- محنة الأقباط
- لبنان وتقرير فينوغراد
- مفاهيم خاطئة بالمجتمع القبطي
- مطالب الإصلاح ورد الفعل -6
- مطالب الإصلاح ورد الفعل -5
- مطالب الإصلاح ورد الفعل –4
- مطالب الإصلاح ورد الفعل –3
- مطالب الإصلاح ورد الفعل –2
- مطالب الإصلاح ورد الفعل -1
- القوانين الكنسية لانتخاب بابا الإسكندرية... والأنبا شنودة
- ما بين التحضر والتحجر... (2) البابا بندكتوس... والبابا شنودة
- ما بين التحضر والتحجر... (1) البابا بندكتوس... والتطرف الإسل ...
- لجنة تثبيت أم إفساد العقيدة .. والأب متي المسكين
- مقالات مرفوضة بالحوار المتمدن
- المجتمع القبطي ...كيف كنا وماذا أصبحنا وكيف؟


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي المصري - العلاوة الجديدة مخدر لمريض بالسرطان