أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي المصري - محنة الأقباط















المزيد.....


محنة الأقباط


سامي المصري

الحوار المتمدن-العدد: 1930 - 2007 / 5 / 29 - 12:18
المحور: حقوق الانسان
    


الفكر الظلامي الديني وتفاعلاته الاجتماعية الذي اجتاح مصر منذ سبعينات القرن العشرين حتى اليوم، له آثار عميقة على المجتمع المصري، وآثار غائرة في كيان المجتمع القبطي بالذات. فلقد وجد الأقباط موقعهم فوق السندان وتحت المطرقة، أي بين الكنيسة والدولة، أو كما سبق وقلت بين شقي حجر الرحى.

كان عصر -عبد الناصر/ البابا يوساب /البابا كيرلس- عصر نماء وازدهار للمجتمع القبطي غير مسبوق. بعد عبد الناصر، بدأت كبوة مصر الكبرى التي لم تخرج منها، حيث نُقِّب وجه مصر الحضاري (وُضِع عليه نقاب)، فحُجِّبت الرؤية عن المجتمع، وأدخِلت الثقافة المصرية في نفق مظلم لم ندرك له مخرجا. وتفاقمت المحنة على مستوي سياسي اجتماعي ثقافي، اخترقت الدماغ المصري بمسلميه وأقباطه، فغيرت شكله الحضاري والمجتمعي والأسري إلى وضع غاية في السوء، وبصورة غير مسبوقة.

بدأت الاعتداءات على الأقباط بأحداث الخانكة يوم 6 نوفمبر 1972 واستمرت وتزايدت حتى الاعتداءات على أقباط قرية بمها بالعياط يوم 11 مايو 2007، مرورا بأحداث الكشح. وقد بلغت مئات الاعتداءات حيث تزايدت جدا في عصر مبارك. ومن العجيب أنه كلما تفاقمت الأزمة وظهر قبحها أصر المسئولين أكثر على مواقفهم المدمرة مع التعتيم على الحقائق والمعالجة الفاسدة للأمور، مما يزيد من حدة المشكلة، وتعميق الهوة. هكذا بدأت محنة الأقباط وما زالت تتزايد فتطالعنا الأحداث كل يوم بأخبار مزعجة. الفترة الأخيرة حملت لنا أخبارا كثيرة تزاحمت فيها الأحداث، شارك فيها فساد الدولة مع تواطؤ الكنيسة وتخاذلها على تعميق المحنة لحد اليأس، مما عقد اللسان عن النطق، في وقت عز فيه الصحيح من الكلام. ومن هذه الأحداث ما يلي:

1. أحداث قرية العديسات بالأقصر عقب تعيين أول محافظ قبطي في التاريخ.
2. السيد وزير الداخلية يلغي جلسات النصح التي تقوم بها الكنيسة لمن يريد الإسلام. والكنيسة التي تخفي الخبر عن الأقباط، تصُم أذنيها عن هذا القرار المخيف الذي يقنن وييسر خطف بنات الأقباط والاعتداء عليهن وأسلمتهن دون أن يتلقوا أي مساندة من جانب الكنيسة أو حتى من الأسرة. القرار مخالفا للقانون بينما الكنيسة لم تطالب الدولة بتنفيذ القانون، والأقباط ضائعون!!!!
3. الإدارة الكنسية تعلن رفضها للإصلاح الذي طالبت به هيئة العلمانيين، وبذلك تعلن إصرارها بشكل رسمي على التمادي في الفساد، مع الفشل في تقديم الخدمات الضرورية للشعب القبطي!
4. قرار بتعديل بعض مواد الدستور مع عدم تعديل المادة الثانية حفاظا على رجعية وتخلف الدولة!
5. موقف البابا من المادية الثانية من الدستور بشكل متكرر، إصرارا منه على المجاهرة بإعلان الخيانة والعمالة للدولة ضد مصالح الأقباط بل مصر كلها، مما رسخا مشاعر الإحباط عند الأقباط!!!
6. اجتماع المجمع المقدس للكنيسة القبطية، واتخاذ قرارا بحرم أحد كبار علماء اللاهوت الأرثوذكس، إعلانا عن إصرار الإدارة الكنسية على التعفن والتحجر الفكري. سنناقش هذا الموضوع الخطير في حديث مقبل.
7. سلوكيات القيادات الكنيسة المتدنية جدا والمخجلة قبل وبعد المؤتمر الثاني للعلمانيين يعلن عن التخلف الظلامي للإدارة الكنسية التي تحارب الإصلاح بأسلوب خلا من السلوك الخلقي السوي.
8. الإفراج بأعداد كبيرة عن المعتقلين السياسيين من الجماعات الإسلامية وتنظيم الجهاد الذي أفرز تنظيم القاعدة، مما يشير إلى قيام تعاون سياسي مع مبارك لن يستمر طويلا!!! هذا الاتجاه الخطير الذي تباركه أمريكا، يهدد أمن مصر وسلامها ومستقبلها. ويعتبر تهديدا مباشرا للأقباط والمثقفين.
9. حكم محكمة القضاء الإداري بعدم إلزام وزارة الداخلية باستخراج بطاقات وشهادات ميلاد، للمسيحي الذي يشهر إسلامه ثم يعود للمسيحية مرة أخري، هو إصرار وإجهار بالتعصب الديني.
10. ثم أحداث قرية بمها بالعياط والتي تجلت فيها التعاون الكامل بين الدولة والأنبا شنودة شخصيا لتدمير المجتمع القبطي، مع تجاهل أبسط حقوقه المشروعة طبقا للقانون.

أحداث قرية بمها تعتبر أول حادثة بعد تعديل المادة الأولي من الدستور لحماية‏ ‏وتأصيل‏ ‏حقوق‏ ‏المواطنة. السلوك الحكومي المتجاهل للفتنة بل مؤازرا لها، بموقفه من الحادث يعلن أن عملية تعديل الدستور لم تكن إلا عملية شكلية تستهدف إحكام قبضة الحكومة الحديدية فوق شعب يئن، مستخدمة مواجع الأقباط كذريعة. فحماية‏ ‏‏حقوق‏ ‏المواطنة‏ ‏التي‏ ‏تصدرت‏ ‏المادة‏ ‏الأولي‏ ‏من‏ ‏الدستور ليست إلا عملية شكلية لم تغير من السلوك الحكومي المتعصب والمجحف بحقوق الأقباط. فأحداث بمها أعلنت سقوط الحكومة في أول اختبار للمواطنة.

سأعرض تسلسل الأحداث في بمها، والتداعيات التي تكشف عن محنة حقيقة، يعيشها الأقباط اليوم فوق السندان وتحت المطرقة، تتمثل في رئاسة كنسية متهالكة في الفساد وسلطة مدنية مشرفة على الغرق.

1. العياط بصفة عامة موقع متفجر بالإحداث الطائفية فقد شهدت قرية واصف باشا غالى أحداثا عنف طائفي هذا العام قريب الشبه بما حدث في قرية بمها.

2. شهدت قرية‏ ‏بمها التابعة لمركز العياط ‏أحداث‏ ‏عنف‏ ‏طائفي وحشي عقب صلاة الجمعة‏ حيث تم تحريض جموع المصلين بالهجوم على منازل ومتاجر الأقباط. كما تم طبع وتوزيع منشورات تحرض على الفتنة قبل يومين من الحادث. وبعد صلاة الجمعة قامت جموع الدهماء بالهجوم، مستبيحين‏ ‏مساكن‏ ‏ومتاجر ومزارع ‏وممتلكات‏ ‏وأرواح‏ ‏المسيحيين بالقرية، ‏فعاثوا‏ بها‏ ‏تدميرا‏ ‏وحرقا‏. ‏نتج عن الهجوم‏ ‏إصابة‏ 11 ‏قبطيا‏ أحدهم في حالة خطرة, ‏وإضرار‏ 48 ‏منزلا‏. وتم‏ ‏حرق‏ 36 ‏منزلا وكلهم ‏يمتلكهم‏ ‏أقباط.‏ ‏وقاموا بترويع‏ الأبرياء ‏وإرهاب‏ العزل.

3. السبب‏ هو ‏شائعة‏ ‏بناء‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏القرية لممارسة العبادة المسيحية‏.‏ القرية يوجد بها 31 مسجدا، ولا توجد بها كنيسة واحدة، ويوجد بالقرية ما يزيد عن 1200 عائلة قبطية ، حوالي 3000 قبطي. فقامت إحدى العائلات القبطية بالتنازل عن منزلها وقدمته لإقامة الصلوات والقداسات، وقد تم ذلك بموافقة أجهزة الأمن ومسئولي القرية. ولكن الإرهاب الإسلامي المدلل من حكومة تسانده وجد فرصة ليمارس جرائمه الناتجة عن حقد وكراهية غير مبررة.

4. لم يكن الأمر مثار لاهتمام المسئولين بما يتناسب مع خطورة الحدث، ولا اهتمام قوات الأمن التي لم تقم بجهد لحماية الأقباط. إذ تركز جهدها في منع الصحفيين من دخول القرية، حيث فرض عليها كردوناً أمنيا محكماً حتى لا تتسرب الأخبار، لكي يمكن صياغتها ‏علي‏ طريقتهم، وتصوير الموضوع على أنه ‏نزاع‏ عادي ‏واعتداءات‏ ‏متبادلة‏ ‏بين‏ ‏مسيحيين‏ ‏ومسلمين،‏ ‏الأمر‏ ‏الذي‏ ‏يروج له المتأسلمون والحكوميون.

5. في‏ ‏اليوم‏ ‏التالي‏ ‏لوقوع‏ ‏أحداث‏ ‏العياط‏ تم‏ ‏تبرئة ‏المتهمين‏ ‏الأربعة ‏في‏ أحداث ‏قرية‏ ‏العديسات والنشر عنه. فقد صدر حكم‏ قضائي ‏بتبرئتهم جميعا، من الاعتداءات‏ ‏علي‏ ‏أرواح‏ ‏وممتلكات‏ ‏الأقباط‏ التي حدثت ‏في‏ 12 ‏يناير‏ 2006. وإذا كان هؤلاء الأربعة أبرياء من دم الأقباط فأين القاتل الذي ارتكب تلك الجرائم المروِّعة؟!!! رغم أن الحكم القضائي واضح التحيز وعدم المعقولية إلا نه لم يكن مفاجئا، فهو سيناريو ‏متكرر قد ‏ألفناه. فلم يصدر حكم قضائي واحد لصالح الأقباط المعتدي عليهم بصفة دائمة في مئات من الحوادث المماثلة في عصري مبارك والسادات/الأنبا شنودة. إن عدم‏ إدانة‏ ‏وعقاب‏ المجرم وتبرئته بيد العدالة من جرم متعمد‏، ‏وغياب‏ ‏القصاص‏، يشجع الجناة على تكرار الجريمة لتأكدهم من النجاة، كما يحمل الحكومة المسئولية كاملة عن كل ما ارتكب من جرائم ضد الأقباط. هذا الجرم ‏يرسب‏ شعورا‏ ‏محبطا غير آمن لأقباط يعيشون تحت رحمة الدهماء والغوغاء في غيبة من القانون والعدالة. فبالرغم من رفع شعار المواطنة الواهي، فقواعد الجور والتعصب الديني سارية المفعول حتى في اجهزة القضاء المصري. وهذا يؤكد أن تعديل الدستور لم يكن بذات قيمة طالما أن المادة الثانية منه تضع حائلا ضخما يمنع حق المواطنة.

6. في البداية قامت الصحافة المصرية ومنظمات ‏حقوق‏ ‏الإنسان ‏العربية‏ والمصرية بشجب العدوان وتجريمه ومطالبة الحكومة بتوقيع أقصى العقوبة على المجرمين العابثين بالوطن والمواطنة. يبدو أن الصحافة في البداية كانت لا تزال تقع تحت تأثير مخدر تعديل المادة الأولي من الدستور وحقوق‏ ‏المواطنة. لكن بعد أن تكشف الموقف الرسمي لأجهزة الدولة بما في ذلك مجلس الشعب وأجهزة الأمن، والذي ينحصر ما بين التجاهل الكامل والتعتيم على جريمة قومية‏, ‏وكأن‏ ‏الأمر‏ ‏لا‏ ‏يعنيهم‏ ‏في‏ ‏شئ. فبدأت الصحافة في التراجع والعودة لتوصيف الجريمة بأسلوب مضلل لتغييب وتتويه الحقائق والبلبلة وخلط الأمور، ووضع المعاذير التافهة. ولا يستثنى من ذلك الصحف والمجلات الكبرى مثل الأهرام وروزاليوسف، بل إن اتخاذ هذه الصحف موقفا متخاذلا مائعا هو الأكثر إساءة للقضية. وهو يعكس الموقف المتعصب الرسمي لأجهزة الدولة، والرافض لحق المواطنة في عصر مبارك.

7. الخبر التالي هو أعجب الأخبار فقد أقيمت جلسة عرفية للتصالح بين الأقباط والمسلمين. وكأن العملية خصومة وصلح وحق عرب ولعب عيال، وليست جريمة قومية كبرى تهدد أمن مصر وتروع الآمنين، وتحتاج لقرارات حاسمة على أعلى مستوي أمني وقومي لإنقاذ مصر. رحم الله عبد الناصر الذي لم يتهاون قط في مثل هذا الموقف، لذلك لم يحدث في عصره حدث واحد قريب الشبه بالأحداث الرهيبة التي بلغت بالمئات في عصر مبارك. وما دامت الأحداث بالمئات فما المانع من أن تزداد كمان واحدة؟!!! وما دام العائلة كلها بخير فهل أحداث الوطن الجسام تهم؟!!!

8. تمت جلسة الصلح تحت إشراف مدني من المحافظة وإسلامي يتقدمهم الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وأمني رفيع بحضور اللواء عادل الهلالي مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة. منعت أجهزة الأمن ٦ من المسيحيين من حضور الجلسة بسبب رفضهم مبدأ الصلح. أما على الجانب القبطي فكان هناك تغيب كامل لمسئولين كالعادة فلم يحضر أسقف واحد ولا عضو مجلس ملي واحد ولا حتى صحفي!!!! أين البابا؟!!!! فإذا كان البابا يختفي وقت الضرورة فما هو لزومه؟!!! من العجيب حقا هذا الموقف المتكرر منه ساعة الضرورة. أين الأساقفة ولماذا لم يكلف البابا واحد منهم ليقوم بهذه المهمة الضرورية. مع أن عدد الأساقفة باسم الله يزيد عن المائة وعشرون. 45 منهم زاروا البابا في أمريكا عندما دخل مستشفي كليفلند حتى يطمئنوا على صحته الغالية، طبقا لما روته مجلة الكرازة!!!! فمعظم الأساقفة بلا عمل إلا إثارة الفتن وبث الشائعات والتعتيم على المواقف والتنافس والتفاخر باقتناء أحدث وأغلى السيارات المرسيدس، ولديهم السائق الماهر القادر أن يوصلهم حيث شاءوا. أين أعضاء المجلس الملي؟!!! أين المحاميين الأقباط؟!!! وأين الصحفيين والمثقفين؟!!!! كل هؤلاء أصبحوا مشلولين تماما في عصر الأنبا شنودة الذي يضع كل الأمور في يديه وتحت سلطانه ولا يعمل أي شيء!!!! لقد سبق وشرح لنا السيد المسيح الموقف بكل دقة حيث يقول، "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. وأما الذي هو أجير وليس راعيا الذي ليست الخراف له فيرى الذئب مقبلا ويترك الخراف ويهرب فيخطف الذئب الخراف ويبددها" (يو 10: 11-12). وهكذا هرب المأجورين ليتركوا الحملان لتتفاوض مع الذئاب في أمر افتراسها. ولم يقف الأمر عند حد ترك الخراف بلا راعي أو مسئول، بل أفتى البابا شنودة وهو يجلس في قصره العاجي، وأعطى أوامره المقدسة بأن يقبل الأقباط الصلح بشروط الذئاب، وزيادة على ذلك أن يرفضوا التعويض عن الخسائر باعتباره لا يتوافق مع التقاليد المصرية السمحة، حسب قول البابا!!!!! يا للعار يا بابا! هل أنت صحيح بابا أم.... ماذا؟!!!

وتم بهذه الجلسة عملية افتراس الأقباط بعد حرق بيوتهم ومتاجرهم وحقولهم. وأقيمت الجلسة تحت إجراءات أمنية مشددة بنادي العياط الرياضي، حيث حضرها قرابة ٨٤ مسلما و٥٥ مسيحيا فرض عليهم الصلح بشروط الإرهابي المنتصر المجحفة، في حرب غير متكافئة، تحت التهديد الحكومي وفتاوي البابا. مثَّل المسيحيين أربعة أفراد يتقدمهم القس حنا مكين، ومثلهم من المسلمين يتقدمهم الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، وتولي النائب مصطفي القاياتي نائب أطفيح إدارة العملية لفرض الرأي ولوي ذراع الأقباط حيث كانوا كخراف تساق بلا راعي أمام ذابحيها.

9. شروط الصلح المهين احتوت على الآتي:
اتفق بالإكراه في جلسة الصلح علي إقامة مكان عبادة خدمي فقط بدون صليب ومذبح وقبة وجرس، قبول الأقباط لشروط الصلح (كما يسمونها) تم تحت التهديد باتهامهم بإثارة الفتنة وخيانة الوطن والعمالة للخارج!!! وعلى الأقباط ألا ترتفع أصواتهم وإلا يظهروا احتفالاتهم الدينية حتى لا يحركوا مشاعر المسلمين!!!!! أي مواطنة هذه وأي صلح هذا؟!!!
شرط جزائي 200 ألف جنيه لمن ينقض شروط الصلح!!!!
تم أخذت الصور للكاهن وهو يقبل الشيخ لنشر الأخبار المضللة في الجرائد!!!!
طلبت نيابة العياط حضور ١١ شخصاً من المصابين المسيحيين بأحداث «بمها»، لإعادة الاستماع لأقوالهم، وبيان قبولهم الصلح من عدمه، وتسجيل ذلك في محضر تحقيقات النيابة في القضية. هل يرسل البابا المعظم واحد من المحامين المحيطين به إلى النيابة مع هؤلاء المساكين أم يترك خرافه كالعادة لتأكلها الذئاب؟!!!! لو ذهبوا بلا مرشد كيف لهم أن يرفضوا الصلح بعد أن وافق أفراد الجلسة بتوقيع غرامة 200 ألف جنيه لمن ينقض شروط الصلح!!!!!!
وتضيف النيابة أنها تنوي حفظ القضية في حالة إقرار الـ ١١ مجني عليهم بقبول الصلح!!!!
هل هذا الكلام قانوني ودستوري أن تحفظ قضية ارتكبت فيها جرائم بهذه الخطورة تهدد أمن مصر، بفرض صلحا، بإرهاب المجني عليهم ؟!!! هل هذه البلد فيها قانون ودستور؟!!! ما هو عمل قانون الطوارئ؟ هل لخدمة الأمن في مصر أم لخدمة فرد واحد هو الرئيس؟!!! هل هذه مصر التي نعرفها؟!
أمن الحق أنهم يردون المـــــاء صفوا وأن يكدر وردي؟!!!
أمن العدل أنهم يطلقون الأسد من الغـــاب وأن تقيد أسدي؟!!!

10. في اليوم التالي لمهزلة الصلح كان اجتماع البابا الأسبوعي حيث يغسل عقول سامعيه ويخدرهم بأحاديث بابا شارو وشهريار الملك اللذيذة. فكل هدف حديثه هو التخدير بهدف السيطرة والتسلط على شعب مغلوب على أمره. ولأول مرة تقوم معارضة شعبية للبابا. فكان هناك غضب واضح بين الشباب القبطي خلال وجودهم بالكاتدرائية. فقام الشباب الغاضب بتوزيع منشور يستنكر موقف الكنيسة، موقعا باسم «شهداء المسيح بالجيزة». كما وزع مع المنشور مقال كتبه نظير جيد (الأنبا شنودة) في مجلة مدارس الأحد عام 1952 عن حرق كنيسة السويس، حيث وصف الاعتداء علي الأقباط بأنه لا يمكن أن يحدث إلا في البلاد المتبربرة أو في العصور الوثنية الوحشية. وقارن الشباب بين موقف الأنبا شنودة عندما كان علمانيا وموقفه اليوم المتخاذل بعد أن صار بطريركا له سلطان أقوى وتصرف هزيل. وبينما أراد البابا أن يبعث رسالة سياسية مفادها أنه لا يزال صاحب القبضة الحديدية على الأقباط ، فهو لا يقوم بالعمل المنوط به للدفاع عن حقوقهم المهدرة لتقاعسه، وهو يتجاهل مشاعر المقهورين. وقد كانت الأسئلة الموجهة للبابا سببا في أن يدلي بتصريحه الوحيد عن الحادث!!! فرد ‏قداسته قائلا‏: ‏إننا‏ ‏نؤمن‏ ‏جميعا‏ ‏بإله‏ ‏واحد‏,‏ والله‏ ‏شايف‏ ‏وسامع‏ ,‏وإن‏ ‏سكت‏ ‏المسئولون‏ فإن الله لن‏ ‏يسكت‏!!! أتمنى لو الأنبا شنودة مدركا ومؤمنا بما يقول، فإن سكت الأنبا شنودة عن محنة الأقباط فلن يسكت الله عليه!!! هذا هو التصريح الوحيد الذي جاد به ربنا على لسان الأنبا شنودة عن الأحداث. وهو تصريح تافه بشكل مستفز، خلا تماما من الشعور بمشاركته للشعب في آلامه أو حتى الإحساس بها، وقد خلا تماما من التعبير عن شجبه للأعمال البربرية ضد أبرياء من رعيته، خلا تماما من أي أثر للإحساس بالمسئولية كرئيس وراعي لهذا الشعب.

11. بعد تصريح البابا الضعيف والمقتضب جدا عن أحداث بمها، الذي أُرغم على النطق به بسبب ثورة الشباب عليه، كان له حديث مع تلفزيون أبو ظبي عن الشريعة الإسلامية والمادة الثانية من الدستور، التي يساندها ويبررها، رغم كل المحن التي مرت بالشعب القبطي، وكما ذكرت جريدة "المصري اليوم" قوله، "من حق الأغلبية أن تجعل الإسلام ديناً رسمياً"!!! هل هذا معقول بعد أحداث بمها...؟!!!!!

12. صدرت مجلة الكرازة التي يرأس تحريرها البابا شنودة بعد أحداث بمها. ولأول مرة تنشر المجلة خبرا يتعلق بمعاناة الأقباط من الإرهاب الإسلامي. عند أحداث الإسكندرية كتبت، [صدرت مجلة الكرازة التي يرأس تحريرها البابا في أول عدد لها بعد أحداث الإسكندرية (العددان 13-14 بتاريخ 21 إبريل 2006). ولعلها المجلة الوحيدة في مصر التي لم تذكر أي إشارة لا بالتصريح ولا بالتلميح عن أحداث الإسكندرية!!!.] واليوم تتصدر الصفحة الأولى المجلة وصفا مقتضبا لأحداث بمها وتعتبر هذه سابقة تاريخية تشارك بها مجلة الكرازة لأول مرة الشعب القبطي في محنته!!! وقد خالجني بصيص من الرجاء، حتى بلغت للبند العاشر من الحديث فخابت ظنوني حيث تقول الكرازة، "أخيرا نود أن نترك الأمر إلى الله واثقين في عدل الله"...!!!!! فأدركني شعور بإحباط ويأس.

نحن حقا نثق في عدل الله ولكن هل هذا هو كل المطلوب أن تعمله إدارة الكنيسة برئاسة البابا المعظم في هذه المحنة ومثيلاتها؟!!!!! هل هذه هي أقصى إمكانيات البابا أن يترك الأمر في يد الله دون أن يبذل أي جهد؟!!! هل هو يفكر بنفس الطريقة في أموره الخاصة بما في ذلك مطامعه وأحقاده؟!!! ماذا كان سلوك الآباء البطاركة السابقين في مثل هذه المواقف؟!!! لماذا لم تحدث كل هذه المآسي التي بلغت بالمئات إلا في عصر الأنبا شنودة الثالث/السادات/ مبارك!!!!!

الحدث الوحيد المماثل في عصر الأنبا يوساب هو حادث كنيسة السويس وقد واجهه البابا يوساب بكل قوة. رحم الله الأنبا يوساب الذي وقف كالأسد الهسور الذي يحمي عرينه يوم حرق كنيسة السويس، مما أرعب الملك وهز عرشه. فقطع الملك الإذاعة وقدم اعتذارا للشعب القبطي نشر بكل الجرائد المصرية. وعندما عرض الملك تبرعا لبناء الكنيسة المحروقة رد عليه البطريرك رافضا تبرعه احتجاجا على تهاون أجهزة الأمن، وتعبيرا عن الاحتقار لأمواله ومطالبا قبل كل شيء بنتائج التحقيقات في الحادث، وطلب توقيع العقاب على المجرمين لردع أمثالهم عن القيام بأي عمل مماثل. وأكد البابا على متابعته للتحقيق حتى تأخذ العدالة مجراها. ولذلك لم يتكرر الحادث إلا في عصر الأنبا شنودة!!! حيث تكرر مرات ومئات المرات بسبب البابا المتراخي في حق شعبه.

لقد كانت قوة الأنبا يوساب سندا لشعبه، فقامت مظاهرة احتجاج من كنيسة ماري جرجس بجزيرة بدران، قادها رجل الوديع عظيم هو المرحوم الدكتور سليمان نسيم وكتب نظير جيد مقاله القوي في مجلة مدارس الأحد مستندا على قوة البابا. بينما اليوم البابا يختبئ وقت الملمات مخفيا نفسه من شعبه متعللا بمماحكات تافهة

من يعوض المتضررين في الحادث؟ لقد أعطى البابا تعليمات بأن يقبل الأقباط الصلح وأن يرفضوا التعويض عن الخسائر باعتباره لا يتوافق مع التقاليد المصرية!!! هل يدفع البابا التعويضات للمتضررين من أموال البطريركية البالغة الثراء أم أن البابا يظهر كرمه الحاتمي على حساب المساكين من الشعب الذين فقدوا بيوتهم ومتاجرهم ومصادر رزقهم؟!!!!!!!!!

هل يتوقع أحد محاسبة المسئولين عن أحداث بمها بعد حكم القضاء في أحداث قرية العديساتا؟!!! مستحيل!!! لماذا ؟!!!!
لأن البابا غير موجود أو في حكم ذلك!!! إنه متسامح جدا في حقوق الأقباط مش من جيبه. فبقدر ما يفرِّط في حق شعبه لا يتوانى عن الإفراط في قسوته على شعبه في كل مناسبة وبدون مناسبة، وبشكل غاية في المبالغة. هكذا يكون الراعي الصالح!!!!

البابا يوساب الساهر على شعبه هو نفسه الذي عندما قام بعض المتهورون من الأقباط بخطفه ِأرسل خطابا لعبد الناصر يعلن مسامحته لهم ويطلب الإفراج عنهم بصفته أب لهم!!! ولم يهدأ الرجل العظيم حتى تم الإفراج عنهم رغم الجرم الكبير الذي ارتكبوه في حقه.

الحادث الوحيد في عصر عبد الناصر، هو حادث مقتل طبيب مسيحي وزوجته كانا عائدين من الإسكندرية. عند قرية سندنهور صدم الطبيب طفل فأصابه بجروح. تجمع القرويون وكانت النتيجة ثلاث قتلى. في خلال ساعتين كان المتهمين مقبوض عليهم وفي خلال شهرين من الحادث أعدم سبعة أشخاص أدينوا طبقا لمحكمة عادلة، واعتبروا مسئولين عن قتل الطبيب وأفراد أسرته. وبالرغم من أن الحادث كان فرديا ولم يكن فيه تدبير وتخطيط وتربص إرهابي بقصد ضرب الوحدة الوطنية، إلا أن الحكم الرادع لم يعطي فرصة لقيام أي عمل إرهابي في عصر عبد الناصر كله. ولذلك فإن حكومة مبارك بأجهزة أمنها تقف مدانة في قفص الاتهام في أحداث بمها وفي أكثر من مائة حادث أمني إرهابي آخر، ليس فقط ضد الأقباط بل ضد أمن مصر وسلامها.

واضح أن المشكلة لها ثلاث جوانب:

أولا: الإدارة الكنسية للأقباط التي لا تهتم بالشعب ولا تطالب بتنفيذ القانون وتنافق الإسلام والحكومة.

وثانيا: القيادة السياسية التي بليت بها مصر بدءا من عصر الرئيس المؤمن محمد أنور السادات.

ثالثا: القيادة العلمانية القبطية التي حطمها تسلط الإكليروس وتمسكه بالتحكم في كل مقاليد الأمور في يد واحدة حديدية متسلطة على الأقباط بينما هي متهالكة في الضعف ومتخاذلة في حقوق الأقباط أمام الحكومة. فأسكتت وأبكمت صوت المثقف القبطي، فوجد نفسه مهمشا داخل الكنيسة وخارجها.

لكي الله يا مصر ولكم الله يا أقباط مصر فقدركم هذا أن يتزامن حكم السادات ومبارك مع الأنبا شنودة الذي يبيع شعبه بلا ثمن، ويقدمهم ذبيحة تسلطه وهواه فاحتفظ لنفسه بموقع العميل الخائن. يتقاضى أجرة الإثم أمجادا وقتية، ومصالح شخصية وزيادة في التسلط على شعب قد وقع بين شقي حجر الرحى.



#سامي_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان وتقرير فينوغراد
- مفاهيم خاطئة بالمجتمع القبطي
- مطالب الإصلاح ورد الفعل -6
- مطالب الإصلاح ورد الفعل -5
- مطالب الإصلاح ورد الفعل –4
- مطالب الإصلاح ورد الفعل –3
- مطالب الإصلاح ورد الفعل –2
- مطالب الإصلاح ورد الفعل -1
- القوانين الكنسية لانتخاب بابا الإسكندرية... والأنبا شنودة
- ما بين التحضر والتحجر... (2) البابا بندكتوس... والبابا شنودة
- ما بين التحضر والتحجر... (1) البابا بندكتوس... والتطرف الإسل ...
- لجنة تثبيت أم إفساد العقيدة .. والأب متي المسكين
- مقالات مرفوضة بالحوار المتمدن
- المجتمع القبطي ...كيف كنا وماذا أصبحنا وكيف؟
- لبنان ... وا لوعتاه
- جيل غيَّبَه التدين المريض
- من الرجال من لا يموتون ... -أبونا متَّى المسكين-
- الأنبا شنودة وأحداث الإسكندرية الأخيرة-2
- الأنبا شنودة وأحداث الإسكندرية الأخيرة
- نشاط الجماعة المحظورة في مصر علامة حكم يتهاوى


المزيد.....




- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن المجاعة في شمال غزة “وشيكة ...
- غرق مئات خيام النازحين نتيجة الأمطار والرياح الشديدة في غزة ...
- نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى
- عهد جديد للعلاقات بين مصر وأوروبا.. كيف ينعكس على حقوق الإنس ...
- -إسرائيل اليوم-: نتنياهو يستبعد غانتس من مفاوضات الهدنة وتبا ...
- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي المصري - محنة الأقباط