أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - التجربة الشعرية ووظيفة المضمون















المزيد.....

التجربة الشعرية ووظيفة المضمون


رحاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 2272 - 2008 / 5 / 5 - 10:53
المحور: الادب والفن
    



الشاعر صديق علي أنموذجاً

لفتني دهشة منسلخة من تعابير حارقة بعنف، أعجز عن وصفها وتحديد جماليتها الخلاقة، للشاعر صديق علي، له ملكة شعرية خصبة وفتية كشبابه، يتناثر منها اللؤلؤة والمرجان على جيد اللغة، أشرقت أزهار الحب في قلبه، وتسربت إلى شرايين جسده، نلمس في الصورة المزدوجة التي تشكلت منها قصيدته، تحمل خطين يدفن فيهما حب الوطن وحب الحياة، تارة يسكرنا بمفاتن الإخلاص، وتارة يأسرنا بحبه للوطن والأرض الخصبة المغرم بخصوبتها ورقة جمالها وطبيعتها الخلابة، ملك الشاعر صديق على شموخ جبالها وسفحها الحادة، بقدرة فائقة على الإبداع المتدفق والمتوالي في جاذبية جمالية حَمّلها رقة الخيال في استخلاص حسي منبثق من رغبة تعيش بداخله بتماسك حبه للأرض ووفائه للحبيبة، حركته الإبداعية في الشعر منبعث من خصائص الحس الجمالي، تتمظهر القدرة في الخيال الخلاق عند الشاعر بقوة في قصيدة ( أموت عندكم)، راسماً صور مؤثرة لكل مفردات القصيدة، الحرب/ الليل/ الانتظار/ المكان/ ، هو لا يخاف المواجهة بعناد يتصارع وبشجاعة يقدم فيما يشغله، لكن يؤكد أنَّ للسلام وجود، وصفه ألتشبيهي الدقيق للحالة التي يعيشها، لأنَّ حدوث السلام مع النفس، أولاً يأتي بنتائج صادقة وتحمل التركيز على الرغبة الحقيقية، مشكلاً تصورات تقويمية لهذا العالم أهميتها، توجيه السمو في حياة الفرد، والشعر عند الشاعر صديق علي، ملح يذوب في بحر الكلمة، ضياء مشع في أقانيم المفردة، هواء يرفرف في جمالية اللغة، نجده يعترف بصراحة وحذر، غير منزلق في التزييف، يعمد إلى تدارك السير في بكائيات الماضي، فاهما القالب الجديد للشعر المعاصر، شيد فناءاته الشفافة بطابع أصيل من وحدات الحاضر، واضعاً مرايا ثقته العاكسة والشاهدة على تجربته الحياتية، زخرف ذاته المنغرسة في حقل فكر،لا يخشى أحاسيسه الجياشة تجاه الحبيبة ولم ينسى الوطن وما يعيشه من هموم، رأياه غير مسطحَ، بل بعيدة بقدم الزمن المتفاوت، محددا مساحات إدراكا ته في القصيدة( أموت عندكم) محققا شروط مبادئه فيها كأنه يصلي بأسلوب خبير آتياً من التذوق السليم.

الشاعر صديق علي وقصيدته ( أموت عندكم) سار في خطين رائعين لا إنفكاك متهما، تمكن من إخضاع العقل للدخول في حلقة اللغة وجعل قلمه طيع لها، واجدا ديناميكية ثاقبة في العلاقة بين القوة في حبين امتلكهما وأعطى حالة توازن للقصيدة يبحث عنها بقوله :
ليس لنا وقت للنوم
. . .
كاحتراق نعيش، البيضاء لشجرة البلوط
كضجري أنا
من الجلوس على الطرق المتشققة للعمر
الليلة مثلك
كالأكذوبة البنفسجية داخل رسالة ممزقة
تأتي كصراخ طفل مقدس
تحت دعوات شجرة من ظلام
الشاعر صديق علي أعطى لليل مهيمنات جميلة خالية من حلته السوداء المعروف بها، لأنه يملك التفاؤل الوقاد داخله، الشاعر في هذه القصيدة لا يحب التخاذل أو قبول التنازلات فيما يجده من حقه، سفره معكوس حين تنتابه طعنات الزمن على رصيف الحياة، لا يحنط اللحظات، بل يشغلها بما هو جميل وفتي ويحمل البراءة والدعة بقوله:
يسود الليل وليس قليل في هذه الليلة
الهيمنة على جنبات الوحشة
يسود الليل وليس بقليل
التوجه نحو أمكنة البراعة
واندلاع الحرب بيني وبين الانعزال وعودة
البستان ليس قليل
الشاعر صديق يذهب للتأمل في الغد، ربما يجد الاطمئنان حين حدوث الموت، في عبارته( سأموت في أحضان عاصمة منا) كم جميل الحلم في بزوغ مفردة عاصمة، تعني السيادة، أي لابد من سيادة للوضع المعاش واقعياً، سيادة في الحب وحقل الوطن مزج جميل، حين الالتحام مع الحبيبة لا بد من استقرار واتحاد، براعته نجدها في تآلف الحب بين الحياة والخلاص من غضب الأيام، التي ستشعرها بذكاء يربط الانتظار والليل والسيادة والاستقرار بقوله:
أنا هنا، وسآتي غداً
مطمئن أني سأموت في أحضان عاصمة منا
لن تكون لي فرصة أن أملأ
يدي بالماء، لأًندي زوالف درب التعاسة
الشاعر صديق يربط بإدراك واعي ملكه من تجارب قاسية في الحياة، وتفهم قدرة المفردات التي تعانق الجمال في اللغة، ثم يعود ليُثَبِتْ رأيه بصور اختارها صارخاً يخاطب صوت في قمة الرقة بقوله:
يسود الليل والجمال قطرات للندى
ينعش من مشاهدته
لإيقاظ ورقة من نومها
والجمال أيضاً
شفه تسقط من قهر تمرد القبلات..
يأتي المطر ويصرخ من بعيد
بإيقاع قديم، ويقول لطفل منهمك تحت عربة نرجس:
دعك من المظلة يا صديقي
ما يعنيك ؟..
الاتفاقات التي أبرمت
بين سيوف السقوط وأعناق الخريف
الشاعر صديق، أطر القصيدة بنحت مفعم وزاخر بالصور الجديدة، بوح خالي من الترهل لوحات مليئة بالحيوية، نوع متفرد في طرح الأحاسيس الجياشة التي تشع بها النفس حين تنطلق بعمق صادق، تفوح منها قدرة الشاعر على معرفة أسرار ألذات الواعية للحالة بقوله:
ليس من السهل ان بطون العشق
حقيبة لرجل مظلم
ومليئة بك أسفار الهوس
أو الموت يكون كتاباً لإمرأة بنفسجية
يكون مليئاً بي، أنا في أسفار البكاء ماذا يعنيك
بعدئذ..
اندلاع الحرب بين كؤوس وسراب اليأس
يسود الليل
الشاعر وصل الأمر به في تلك الليلة، أنه لم يعد يأمل الوقوع في التفكير بأمر آخر غير الحب، لكن ثقته بنفسه دعته أن يشبه السقوط في الحب حالة توصل الشخص للإحساس بأنه يعيش كل الفصول في لحظات، وشع حينها انه قد وصل فصل الخريف، بقوله:
أنا لا اضمن
أن أستطيع السقوط في خريف آخر
يسود الليل ولن تبق لنا لحظة
يسود الليل، ولن يرحل لسنة
أنا وأنت
لن أبقي كفاية نفس
ولن أعود كفاية موتي
الشاعر صديق، يدرك مدى العذاب في تلك اللحظات الحية التي تجرجره للعمق الداخلي في هواجس النفس الحية، ولا بد انه يحتاج من مثله لوصل وعيش لحظات العشق، كي لا يصاب بالانهيار، ويأمل أن تملأ الأمطار الأصوات فيأتي الشعر من صميم الروح كنسمات الحكماء والكهان، لذا نراه يتجول في عالم اللا مرئي من الشعر، مبحرا في المستقبل، كلهثات شعاع الشمس حين تبحث في زوايا الأمكنة كي تبث نورها وتملأها بالحياة، بقوله:
حين تملأ الأمطار من الأصوات
آتي وأسقط كورقة شجرة ..
إلى أن تملئ الأوراق الساقطة من الصوت
آتي وأسقط
أنا آثار نوم وردة
ووداع لروح النبع
وهروب الجدول
وانشقاق الرُّمان..
أنا خجل في عيون النرجس
سآتي غداً
الشعر صديق علي نسج من حرير الحرف والمفردة معاني قوية أسبغها على جميع مضامين قصيدته ( أموت عندكم) ضاماً لصفوف الكلمات روعة النور المشع، وسحر الطبيعة غير آبه للتداخل الحاصل بين الغامض منها والضاحك مصر على أن اليأس ليس له مكان عنده وأعطاه فرصة للهروب بعيداً عنه وعن قضيته الإنسانية، آخذاً معول التمكن التي يحسها بالحب، الذي ملك جوانب حياته ووجدانه وكسر كل تبعات الخوف، بدقة خالية من الشوائب، بقوله :
بكل هذا اليأس أضحك أمام شهقات الموت
أضحك أمام عودة الدموع الفضية
يا أصحابي
يا فراشات البراءة في عاصمة الخوف
سآتي غداً
إذا لم أمت تحت عربة كائن مهجر
سأحمل اليكم روحي
في حقائب فردوسية
لا تدعوني أعود!!

الشاعر عنده تفتح ذهني في شق طرق لعدة تحاليل تعيد القارئ إلى باحة أزهار جميلة قد تؤول إلى حب الوطن وحب الحبيبة وحب كبير يحفر بحور قلب الشاعر باستعمالات لا تنتهي من البلاغة، يتعايش معه عبر مسافات لا حدود لها، مستمد أدواته الإبداعية من أحاسيس إنسانية ممتزجة بوجوده المسرور فوق نجوم خياله المشع نحوها، وبصمته المتعامدة بالأمل وعدم الاستسلام أو اليأس.
الكاتبة: ناقدة من العراق



#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصاعد في شمولية الذهن الشعري
- الأمل ما يزال عالق
- قصيدة فم الغواية
- تمثال الظلام
- مصطبة الأوهام
- استنطاق الخصائص الإنسانية
- قصيدة مهداة للمرأة في يومها العالمي 8 آذار
- مسلة للمرأة في يومها
- السماوي وأسبر.. انصراف متمكن في ؛
- انفعالات تقاوم الريح
- وظيفة الإبداع وإشكالية العصر
- شعلة تنير الأعشاب..
- تحليلات متعالية في محسوس الشعر
- سيمفونية لم تكتب بعد..
- الشعر يطهر المنطق بالوعي
- معاني تسمو رغم قسوة الحياة
- من زوايا أنفاس الموصل
- حضور الغيابات
- المرأة شعرأ تُصالب الزوايا
- بدلة أزرارها مجدولة


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - التجربة الشعرية ووظيفة المضمون