أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - من زوايا أنفاس الموصل















المزيد.....

من زوايا أنفاس الموصل


رحاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 2173 - 2008 / 1 / 27 - 09:20
المحور: الادب والفن
    


مآذن ومنارات الحدباء وأجراس كنائسها القديمة، الموصل أم الربيعين، يتقاطر حنين الذكرى لوفاة الصحفي والأديب الكبير( عبد الباسط يونس) أتعطر من زوايا أنفاس الموصل وتاريخها، لياليها وأيامها التي عاصرت سحر الأدب وسر موجاته العذبة، المدينة التي أنجبت لفيف كبير من العظماء، أقف عند مشارف أبوابها العتيقة وأعلن لنينوى عن تواصل الحياة بحلوها ومرها، لن ينفلت من قبضته تاريخها الموثق بعمق حضارتها( عاصمة آشور) أسوارها شاهدة على طينها وما حمل من ألواح العلم والمعرفة، لأتمعن بحسِ ألقها الساكن في قلبي وجمال غاباتها المستلقية على ضفتي نهرها، وشمس البحث تدفعني أنا ابنة الموصل، التي من نبع قلبها خلقت، يشدني وفائي إليها مثل باقي أدبائها، شعرائها، كتابها، مفكريها، سليلة هؤلاء، منحتني الموصل عبير هوائها النقي، وهذا الفيض من النبض العاشق لها، للبحث في المعرفة ومعنى الألم والحب.
بما أنني لا أجيد الكتابة عن نفسي، أقدم ما كتبه الدكتور: عبد الستار عبد الله، أستاذ من جامعة الموصل، كلية الآداب، قائلاً:
[ "الإحساس باللغة/ الوجود في الكتابة، العقل يكرس الأنظمة، والشعر يهدمها..."
ثم يكمل:
- يتوالد الشعر بوصفه كائناً تحت سقف المعرفة لا يوصفها آلة تفسير العالم، ولكن يعدها عالماً يتخلق في حرائق الشعر...
من هذا المنظور سأحاول أن أُقارب عوالم ( رحاب حسين الصائغ في ديوانها الأول- قصائد لا تحرق) فهي تؤكد على حاجتنا إلى الاقتراب من زمن يختلف في حضوره أو غيابه لأنَّ سلطة ( اللوغوس) لم تعد ذلك المقام السامي الذي يهيمن على وعي الكتابة، بل أصبحت العلاقة تقوم على أساس إزاحة ألذات عن مركز المسميات للإقامة في فضاء الغرابة، وإعادة بناء معرفة تصدم أفق الانتظار، وتطمح في الوقت نفسه إلى لحظات الحضور..
هل يمكن للخيال أن يجمع نفسه في جسد..؟
.. لو كان التخيل
يجمع نفسه في جسد.!؟
ألا يؤسس غياب ( الجسد) رغبة أكيدة في التموضع داخل عالم الوعي، لكن المخيلة الخيال ، تبقى مشروعاً دائماً للحيرة، فليس هناك في عالم الوقوف خارج الأزمنة شكل يُمكن للمبدع أن يضع فيه تحولاته!، لأنَّ ذلك سيؤدي بالضرورة إلى فقدان الشعر قدرته على المغامرة ومشاعية المعطى، فالوصول إلى أشكال للخيال يعني سقوط الطاقة الحيوية للحلم في حدود الرتابة والقبول بمركزية النمط، وهذا سيؤدي إلى الجنون..
في القصيدة الأولى من الديوان رحاب الصائغ (رحلة في قعر الشيء)
" سأجن..
إذا لم أجد بعضي
يبزغ من عالم الحيطان.."
أليس عالم (الحيطان) أبدية ساكنة يغلفها الصمت وينخر فيها نظام المعنى إذن لا بد من (البزوغ ) الانفلات من ظلمة الانغلاق إلى فهم ألذات باعتبارها حلماً ينطلق في مهرجان حدس السحر..
ورحاب الصائغ حدس الحلم الذي ينطلق من قلب عصفور ليسكن حرائق القصائد...!!! ].
بما أن الموضوع بعمومه من زوايا أنفاس الموصل، فإنَّ الشاعر فخري أمين الموصلي المنبع والأصل، محتجب خلف أسوار كتبه وأوراقه، ولا يحب الإعلان عن وجوده كشاعر، إلاَّ أنَّ الموصليون يعلمون ذلك، لأنه يجد باب الشهرة مقيت، والعيش تحت الأضواء متعب، لكنه يكتب ويكتب ويمعن النظر فيما حوله من شوق لهذه المدينة الصابرة مثله على أهوال الأمور، وهوان الزمان والعيش في ظل احتلال الأمريكي المغتصب للعراق، يحاول في كتاباته الهادفة لتثبيت معاني التواجد الحر في كل أجواء الموصل، المدينة همها سلام أبنائها من هذا العدوان، لكنهم لا يستسلمون أبداً، بما يملكون من حب لها يعمر قلوبهم بالشجاعة، حاملين لها المودة والفخر، بين أزقتها، أسواقها، شوارعها جوامعها، جامعاتها، مدارسها، بتآلف عجيب.
فخري أمين أحد أبنائها البررة، غادرها أيام الصبا للدراسة، عاد إليها بحنينه لها روحاً وجسداً، غير قادر على فراقها، بتواضعه المعروف قبل أن يقدم لي قصيدة لتدخل ضمن مشروع كتاب أعمل به بجهدي فردي حباً للموصل، ( أنطولوجيا النقد الأدبي في الشعر العربي المعاصر) من أجل أن أقدمه هدية لمدينتي، يتضمن البحث فيه عن (المرأة ) قدم لي قصيدة ( تلك المرأة).
قصيدة تحمل عبق مزَّكه من نغمات الروح الخافقة بسحر التذوق للجمال، بما تملك من مشاعر مذهبة بحفيف صوفي، يترنم في كهف عشقه بصبر الزهاد، حيث يقول:
الثالثة فجراً
والحديقة المجاورة للمسرح
غارقة في عتمة شفيفه
تصلح للحب أو الحلم
كيف اهتديت إليها هناك؟
يدخلنا بكلماته جو السحر وحلم عميق من الشعور، برسم صورة للمكان، تأخذك لأبعاد متوازية من الحلم والحب بذكر المكان، هو ليس من اختياره، اللحظات التي مرَّ بها دفعته للإحساس بالمكان وطغيان فكرة وجود إمرأة، بقوله:
هامساً جاء صوتها
رائقاً في العتمة الرائقة
. . .
من هي ..؟
من أين جاءت..؟
كل ما أعرفه أنها تعشق صوت المغني،
رغبة لازمة من كبد البراءة طاردته، ليس سهواً ما أحس، سبق له بها معرفة أوضحت له أنها تعشق صوت المغني، أما هو لم يتجاهل تلك المرأة، صوتها المنسلخ في بقايا المكان هو الذي قاده للشعور بها، بقوله:
لكنه سريعاً أضاء
ليسلبني نجمتي الدافئة...
. . .
هل استحالت مثل أميرة مسحورة
إلى بجعة مع أول شعاع ضوء..؟!
سحر المكان منحه حكايات الحب، أرغمه على التفكير بها، شاهداً على نفسه أنها مجرد حلم، بقوله:
لكنها في أول رحلة ذهبت
اختفى باصها في منعطف غابي،
وأنا،
مهجور على الرصيف،
المرأة منحته الإحساس باللذة الزمكانية، أنصهر في حالة حب غير واقعي، جعله يسافر مع روحه تجاهها، رغم أنه يجهل كل شيء عنها، بقوله:
ألوحُ لها في وحشة باردة ...
. . .
ماذا كان أسمها..؟
لست أذكر،
غير أني لن أنسى،
قصيدة حملت الهم الوجداني في قلب الشاعر، عاش لحظات من الخيال الجميل، أضافته عليه إمرأة، بقي لسنين تراود وجدانه تلك اللحظات.

ذكر الدكتور عبد الستار عبد الله، [ أن الإبداع ينبثق من لحظة الانفعال عن عالم يضغط بشدة على ضرورة الإحساس بالراهن، والقبول بحتمية المطابقة بين زمن القول وزمن الإحساس بالمعطى. ]
الشاعر فخري أمين يتحدى زمن التأمل بتكثيف الصورة الشعرية في قصيدته، باحثاً عن المرأة في عمق ذاته، أسس لها وجود بعالمه واضعاً للزمكانية معنى من تلك المشاعر التي داخلته في لحظات من الوقت، كانت( الثالثة فجراً) فحولت مسامات خيال فكره لنقطة الحس عنده، أن المرأة هي الحلم المزروع في كافة جماليات الحياة.
كاتبة/ من العراق



#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضور الغيابات
- المرأة شعرأ تُصالب الزوايا
- بدلة أزرارها مجدولة
- عبر ذكرى
- القمر المنشطر
- ثلاث تخطيطات مفتوحة لظلال العالم
- تحية مباركة مع باقة ورد عطره
- قصائِد لا تُحرَقِ
- هرطقة..إمي
- قصص قصيرة جداً
- المرأة ضياء الوطن
- المرأة وفزاعة الحضارات
- مزامير راقصة
- قصص الكترونية قصيرة جداً.
- رغم الخرافة، أحبك
- وهم الدفء
- منجم مستمر
- عشقي وأحزاني
- موت لحظة
- لا أنكر يا مسيح القلب


المزيد.....




- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - من زوايا أنفاس الموصل