أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - بلادنا رغم أنف الحاكمين














المزيد.....

بلادنا رغم أنف الحاكمين


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 11:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الفوضى في مصر لا تقتصر على المنظومة السياسية التي تعمل على توجيه أجهزة الإدارة بانحيازها ضد الغالبية العظمى من فقراء مصر ولصالح أقلية محدودة تسيطر على الثروة والسلطة، ولا على مؤسسة الدستور والمنظومة القانونية بما فيها من خلل وعوار يبعد بنا عن دولة القانون الحديثة آلاف الأميال، ولا على المؤسسات النيابية والأحزاب الرسمية بما يكتنفها من ترد وانحطاط، ولا على الجهاز الإداري والتنفيذي الذي أسقط القانون والحقوق ليجعل العشوائية والفوضى والفساد نمطا للحياة في بلادنا المنكوبة حتى يعيث في البلاد فسادا واستبدادا دون مساءلة وحساب معتقدا أن احتكاره لسلطة القمع وأدواته تجعله الأقدر على فرض إرادته وحماية نفسه ونظامه في مجتمع الفوضى حيث تسود القوة بمعناها المادي دون الحاجة إلى مبرر أخلاقي.

ذلك أن هذه الفوضى ممتدة ومتشعبة على نطاق أوسع في الأسواق، ونستطيع أن نكتشفها دون عناء عند قراءة بعض المفارقات. ففي وقت ارتفاع أسعار الطاقة عالميا لتضرب أرقاما قياسية يوما بعد يوم، تقدم الحكومة المصرية الغاز للشركات الأجنبية والمحلية وبعض الدول بأسعار تقل عن أسعار السوق بنسبة تصل إلى 80%، بل وتقدمها لدولة مثل إسرائيل بأقل من تكاليف إنتاجها في مصر! ثم تستورد الحكومة من أموالنا ما يلزم البلاد من منتجات الطاقة بأسعار السوق العالمية ليدفع الفقراء ثمن الفساد مضاعفا.

مفارقة أخرى نجدها في سوق الأسمدة، حيث أن الفلاحين المصريين لا يستطيعون الحصول على السماد اللازم لمحاصيلهم حتى بأضعاف السعر المدعوم في السوق السوداء، بينما تقوم العديد من مصانع السماد في مصر، سواء في المناطق الحرة أو مناطق الاستثمار الداخلي، بتصدير أغلب إنتاجها إلى الخارج، محققة أرباحا خيالية من إهدار موارد المصريين وعرقهم الرخيص.

مفارقة ثالثة في أسواق مواد البناء حيث تنخفض تكاليف إنتاج الأسمنت والحديد وغيرها من المواد في مصر عن أي مكان آخر في العالم، بسبب حصولها على دعم كبير للطاقة وانخفاض أجور العمال المصريين إلى مستوى يقل كثيرا عن أجور العمال في الدول المنافسة، ومع ذلك تباع هذه المواد للمصريين بأسعار تضاهي الأسعار في الأسواق العالمية، ويترجم ذلك إلى أرباح خرافية لشركات الأسمنت والحديد بينما يفلس صغار المقاولين ولا يحصل المصريون على حقهم في سكن ملائم رغم إهدار موارد بلادهم وسرقة عرقهم وكدهم.

مفارقة ثالثة أن بلادنا من أكثر البلدان المنكوبة بالتلوث في العالم، ومع ذلك تقدم الحكومة تسهيلات لا مثيل لها لتلك الصناعات الملوثة للبيئة بمزايا لا يمكن أن تحصل عليها في أي بلد آخر في العالم يحظى مواطنوه بالحد الأدنى من الاحترام اللائق بالإنسان.

هذه الفوضى تسمح لمن قتل أكثر من ألف نفس غرقا في عبارة الموت أن يغادر البلاد في حماية السلطة ويعيش مرفها في بريطانيا، بينما تعتقل شبابا وفتيات ممن شاركوا في إضراب المحلة وغيرهم من المدونين مثل الشرقاوي وإسراء لم يقترفوا إثما أو جريمة إلا أنهم طالبوا بحقهم في حياة كريمة على أرض بلادهم.

تلك بعض من مظاهر الفوضى التي تجعل المنظومة السياسية مترنحة وتدعم الفساد والاستبداد في الأجهزة التنفيذية أملا في حماية نفسها والاستمرار في مواقعها وامتيازاتها. لقد خلقوا بسياساتهم أصحاب المليارات، ولكنهم جعلوا 50% من شعب مصر فقراء، حققوا معدلات نمو بلغت 7 % سنويا، ولكنهم خلفوا وراءهم جيشا من العاطلين يهيم على وجهه شرقا وغربا بحثا عن فرصة عمل ورزق عزيز المنال في وطنهم، استطاعوا زيادة الصادرات، ولكن غابت عن الأسواق سلع الفقراء الأساسية حتى طالت الأزمة الخبز والغذاء، وزاد العجز التجاري إلى مستويات غير مسبوقة. ارتفعت الاستثمارات، ولكن لكي تستنزف موارد المصريين وتقدمها لغيرهم ولكي ترتفع أرباح الأجانب وشركائهم من رجال الأعمال.

إنهم يريدون منا أن نسلم بأن هذه البلاد ليست بلادنا، ومع ذلك فإن البلاد سوف تظل بلادنا وإنما نستطيع فقط أن نقر ونعترف لهم أن السلطة التي تحكمنا وتفرض إرادتها علينا بقوة القمع والاعتقال هي التي لا تنتمي لنا، ليست منا ولا تعبر عنا، وأنها تنتمي إلى من تسمح لهم بنهب ثرواتنا وعرقنا وسرقة مستقبل الأجيال القادمة.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحلة ورهان السلطة
- التنكيل بالمحلة لإرهاب الفقراء
- 6 أبريل على بوابة الأمل
- ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-
- عذرا يا شيخنا – نرفض الشهادة!
- رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!
- معادلة الحرية
- لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!
- قيادة نقابية أم موظف في جمعية دفن الموتى؟
- أبطال المعارك الوهمية
- الشرعية والقانون
- كاليجولا يحاصر الهواء
- حكومة رجال الأعمال لن تحمي مصر من استيراد التضخم
- مجلس الدكتور سرور
- هلفطة
- النظام والفوضى في مجتمع مقهور
- أوهام الأرقام وحقائق الواقع
- الإصلاح السياسي ورقص الصالونات والفنادق الفاخرة
- نقابة للصحفيين أم جهة إدارية
- نقابة الصحفيين تتحول لجهة إدارية تعاقب الصحفيين على سلوك الإ ...


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - بلادنا رغم أنف الحاكمين