أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - لماذا يطالب الناس بالتغيير .. ثم يتحسرون على الماضى؟!














المزيد.....

لماذا يطالب الناس بالتغيير .. ثم يتحسرون على الماضى؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2262 - 2008 / 4 / 25 - 10:54
المحور: كتابات ساخرة
    


تأملوا هذه الظاهرة التى أصبحت تتكرر كثيراً هذه الأيام: فالناس يطالبون بالتغيير وينتقدون الحكومة لأنها غالباً ما تصنع أذناً من طين وأخرى من عجين حتى تتظاهر بانها لا تسمع هذه المطالب الشعبية، وتظل تتشبث بأن كل الأمور "تمام" وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، ثم عندما "تفعلها" الحكومة و"تغير" شيئاً فأن نفس أولئك الذين كانوا يطالبونها بذلك ينقلبون عليها وينتقدون خطوة التغيير التى أقدمت عليها ويترحمون على الأوضاع القديمة والأيام الخوالى!
هذه الظاهرة تعكس خللاً لاشك فيه، وموطن هذا الخلل ليس فى الناس الذين لا يمكن اتهامهم بأنهم لا يعجبهم العجب او أنهم يعارضون لمجرد المعارضة.
وإنما موطن الخلل فى منهج الحكومة شبه الثابت فى اتخاذ قراراتها وهو المنهج الذى يؤدى إلى "تبويخ" التعبير.
ولنأخذ مثالاً لذلك بحركة المحافظين الأخيرة.
فالمطالبة بتغيير الكثير من المحافظين مطلب شعبى عبرت عنه كثير من المؤشرات والتحركات التى وصلت إلى اضرابات واعتصامات فى الكثير من المحافظات لأسباب شتى.
وظلت الحكومة تضع يدها فى الماء الباردة شهوراً وسنوات دون أن تحرك ساكنا وكأن شيئاً لم يكن.
وعندما تحركت اخيراً وبعد طول انتظار فإنها قامت بـ "التغيير" بطريقة مفاجئة اكتنفها تكتم شديد كما لو كانت خطة حربية.
فى حين أن نجاح هذا التغيير يعتمد فى الأساس على اقتناع الناس به ومشاركتهم فيه بطريقة أو بأخرى.
وعلى سبيل المثال فإن فكرة إنشاء محافظتين جديدتين، بل محافظات جديدة، فكرة جيدة ومطلوبة بشدة من أجل تطوير التوزيع السكانى وإصلاح الخريطة العمرانية التى تعانى من تشوهات مزمنة تؤثر على التنمية وعدالة توزيع الخدمات وحسن استخدام الموارد. فلماذا لم يتم طرح هذه الفكرة على الرأى العام والخبراء والمجتمع المدنى والأحزاب السياسية للمناقشة وابداء الراى؟ ولماذا احتكرت الحكومة لنفسها حق البت فى هذا الأمر وحرمت نفسها من اقتراحات المعارضة وأفكار الخبراء وآراء الناس وأمانيهم؟ بل لماذا حرمت نفسها حتى من خبرات هيئات مختصة بهذا الشأن بصورة مباشرة، وفى مقدمتها لجان الإدارة المحلية فى مجلسى الشعب والشورى التى لم تعرف شيئاً عن هذه التغيرات سوى من الصحف.
هذه العقلية البيروقراطية هى التى أدت إلى أن قرار الحكومة جاء مشوبا بعيوب جسيمة استوجبت تعديله بعد أقل من 48 ساعة على صدوره فى واقعة غير مسبوقة.
والعجيب أن الحكومة بدلاً من أن تعترف بخطئها وعشوائيتها أخذتها العزة بالأثم وقالت أن قرارها مدروس. وفى محاولة إثبات ذلك قال وزير التنمية الإدارية الدكتور احمد درويش أن "التقسيم الجغرافى الجديد لعدد من المحافظات خاصة محافظتى حلوان و6 اكتوبر لم يتم بشكل مفاجئ بل تم من خلال خطة علمية مدروسة استغرق إعدادها 9 أشهر".
هذا ما نسبته جريدة الأهرام إلى الوزير درويش فى صفحتها الثامنة بعدد الأثنين الماضى، بينما نسبت إلى زميله المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة قوله فى الصفحة السابعة من العدد ذاته ان القرار "تمت دراسته منذ عدة سنوات" وليس فقط منذ عدن شهور كما قال زميله فى نفس الحكومة!
وأيا كانت الفترة شهوراً أو سنوات فإن من حق المواطن الذى رأى هذا الإرتباك الذى صاحب القرار أن يتساءل: إذا كانت هذه نتيجة الدراسة العلمية فما الذى يمكن ان تكون عليه العشوائية إذن؟!
واذا كان القرار نتيجة دراسة علمية حقاً كما تقول الحكومة فلماذا اضطرت إلى تعديله؟ ولماذا تجد نفسها فى مشاكل لا تنتهى بخصوص ذيول للقرار لم تكن فى حسبانها مثل نص الدستور فيما يتعلق بمكان المحكمة الدستورية، ومثل الانتخابات المحلية وبالذات فيما يتعلق بمجالس المحافظات، ومثل تنازع الاختصاصات والسلطات بين وزارة الاسكان والمحليات، ومثل المدى الزمنى لاستحداث أجهزة إدارية للمحافظات الجديدة وما ستتضمنه هذه الفترة الانتقالية من فوضى ومشاكل لا حصر لها للمواطنين المثقلين أصلاً بجبال من الهموم.
كل هذه المشاكل كان يمكن تجنبها، أو على الأقل تجنب معظمها، لو أن الحكومة تواضعت قليلاً واستطلعت رأى الخبراء والمتخصصين والناس فى هذه المناطق الذين تعاملت معهم كما لو كانوا بيادق على رقعة شطرنج تحركهم من هذه المحافظة إلى تلك دون وضع رأيهم فى الاعتبار.
ثم تجد نفسها مضطرة للتراجع وتغيير قرارتها بعد ان يتحرك "أهل مكة الذين هم أدرى بشعابها" ويحتجون بكافة السبل!
والعجيب أن الحكومة بعد ذلك كله لا تتوقف عن تهنئة الذات والافتتان بنفسها لما قدمت يداها، ولا يجد أنصارها حرجاً من أن يشكروها لأنها استجابت لشكاوى الناس وعدلت القرار الذى اتخذته منذ أقل من يومين، بدلاً من أن ينتقدوها لأنها تسرعت بإصدار قرار غير مدروس استلزم الأمر تعديله.
ولا نريد أن نتوقف كثيراً أمام ما حدث.. وإنما نريد الاستفادة من السلبيات والعيوب التى كشف عنها.
وأول الدروس المستفادة هى ضرورة الحوار الديموقراطى الذى يشارك فيه المجتمع بأسره وباختلاف فصائله من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار قبل اتخاذ قرارات استراتيجية.
ثانياً- أن إعادة رسم خريطة مصر هى احدى هذه القضايا الاستراتيجية التى تحتاج إلى معالجة متعمقة ومتعددة الأبعاد.
ثالثاً- أن قضية اللامركزية ليست مجرد قضية "إدارية" تتحقق بزيادة أو إنقاص عدد المحافظات او أعادة رسم الحدود وإنما هى أولاً وقبل كل شئ قضية "ديموقراطية" تتحقق بإشراك الناس عبر انتخابات حرة ونزيهة للمحليات، وتتحقق بإعطاء صلاحيات وسلطات حقيقية لهذه المجالس المحلية المنتخبة بحرية ونزاهة، وتتحقق بأن يكون شغل منصب المحافظ بالانتخاب وليس بالتعيين.
والطريق طويل لكن هناك ضوء فى نهاية النفق. وإذا رأى الناس هذا الضوء فإنهم سيرحبون بالتغيير .. بكل جوارحهم بدلاً من أن يطالبون به اليوم ويندمون عليه غداً.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -طالبان- مصريون فى 4 شارع عبدالخالق ثروت!
- مسئولية المجتمع (1)
- نقابات عثمانلية!
- إذا كانت أغلبية الصحفيين مع التمييز الدينى لا أريد عضوية هذه ...
- إضراب.. وحريق.. وبينهما خيط رفيع
- والله العظيم ...تحسين الأحوال المعيشية للناس..ممكن
- هل نرفع الراية البيضاء أمام مافيا أراضى الدولة؟ (1)
- حيرة الحكومة بين -التعطيش- و-التسقيع-
- نداء عاجل إلى من يهمه الأمر
- التدحرج من -القمة- إلى - القاع- (1)
- لمصلحة من : قتل المبادرات الأهلية ؟!
- أحب »كيث«.. لكني أحب الناخبين أكثر!
- أزمة الرغيف .. عار على جبين حضارة مصر
- الخبز الحاف!
- مجالس الأعمال تبحث رغيف الخبز!
- المصيلحى .. عدو الشعب رقم واحد!
- من الذى يحمى أراضى الدولة؟!
- سنة خامسة إصلاح: وماذا بعد؟! (1)
- حاجة تكسف: هكذا تحدث «مشرفة» منذ 83 عاما!
- جنون -الحجر-


المزيد.....




- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
- الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - لماذا يطالب الناس بالتغيير .. ثم يتحسرون على الماضى؟!