أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - صبري يوسف - دور العلمانية في قيادة الدولة والمجتمع 1 3















المزيد.....

دور العلمانية في قيادة الدولة والمجتمع 1 3


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2261 - 2008 / 4 / 24 - 09:29
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


دور العلمانية في قيادة الدولة والمجتمع

1

إن بناء وقيادة دولة مثل العراق ليس سهلاً، لأن العراق بلد الحضارات، يتوزَّع فوق جغرافيته خليط وموازييك متشابك، وفيه رؤى مذهبية وقومية ودينية متنافرة، فالذي يريد بناء العراق وقيادة العراق عليه أن يفهم هذا التضادّ بين تفاسير الرُّؤى، لهذا السََّبب نجد أنفسنا أمام واقع يصعب أن نصيغ منه رؤية موحَّدة يتفق عليها الجميع بحسب تطلُّعات كلّ طيف من هذه الأطياف، لهذا لا بدَّ أن يضع بعين الاعتبار كل من يتصدَّى لمعالجة هذا النُّفور وهذا التضادّ من وضع حلٍّ لهذا الواقع المتناحر على أن يكون مُرضياً ومناسباً لكل الأطراف، وإلا سيمرُّ العراق في حالات غليانية إلى أجلٍ مفتوح، ولم أجد أجدى من أن يتَّفق العراقيون على أن أطيافهم تحمل رؤى تتصارع مع بعضها بعضاً، لأنها قائمة على عقائد ومبادئ وتوجهات مذهبية ودينية وقومية غير متجانسة مع توليفة هذا الخليط العراقي، وأنا أرى لكي يتجاوز العراقي محنة هذا الصراع المرير عليه أن يجد مخارج صحّية وعملية وعلمية وحضارية وإنسانية بحيث أن تقود هذه الرؤى إلى إنقاذ العراق من حمَّامات الدم الذي مرّ ويمر وسيمر بها طالما كل طرف يسحب اللحاف صوبه، فقد انكشف العراق وتمزَّق اللحاف ولم يعد بالإمكان جرَّ اللحاف أكثر لأنه أصبح العراق ـ اللحاف في مهبِّ الصِّراع، صراع تنافر الرُّؤى!

من هذا المنظور يتجلَّي لي بكلِّ وضوح أن أرجح خطوة لبناء عراق جديد هو النظر إلى حضارة العراق، قبل مجيء الأديان، فقد كان العراق في أوج حضارته، وحالما هبطت وحلَّت الأديان في عالم الشَّرق، جرّت معها الحروب والويلات على العراق وعلى المنطقة بأسرها، لأن الإنسان حتى هذا اليوم لم يفهم الأديان إلا من زاوية ضيّقة، والغريب بالأمر أن أرى كل هذا الصِّراع في الدِّين الواحد، فكيف سيكون حال الصِّراع بين الأديان، فإذا كان الدِّين الواحد يتصارع عبر مذاهبه فكيف سيتفق مع طوائف ومذاهب أديان أخرى، لهذا ما على الإنسان المعاصر في العراق والعالم العربي والغربي والكوني سوى أن يفتح عينيه جيداً، ويقرأ الأديان جملةً وتفصيلاً، ويتمعَّن بكلِّ كلمة وكلّ جملة ويقرأ الدِّين الواحد ويركِّز على مذاهبه ومواطن صراعاته وخلافاته مع مذهب آخر، ويحتكم للعقل ويجد حلاً لهذا الخلاف المذهبي أولاً، لأن القائد الرُّوحي والديني عليه أن يفهم ويعي جيداً أنَّ أيَّة رؤية مذهبية تقود إلى خلاف وصراع دموي هي رؤية لاتمتُّ للدين والأديان بصلة، لأن الدين أي دين على وجه الدنيا، عليه ان لا يتضمَّن أية صراعات وخلافات مذهبية دموية بين طوائفه ومذاهبه، وعلى الأئمة والشيوخ وعلماء الدِّين ورجالات الدِّين الذين تخصَّصوا بفقه الدِّين والمذاهب أن يجدوا عوامل لقاء وحوار واتفاق مع المذاهب الأخرى، لا أن يعمّقوا عوامل الخلاف والاختلاف والصراع، لأن الحوار العقلاني هو الطَّريق الذي سيقود هؤلاء إلى برِّ الأمان وبالتالي سيقودهم إلى تجاوز مسبِّبات الصِّراع، ويجب أن تضع المراجع الدينية المذهبية في الاعتبار أن الخلافات على أفكار ورؤى خلفاء ورجالات دين ممكن مناقشتها ومحاججتها، للوصول إلى نقاط ورؤى مشتركة بين المذاهب المتناحرة وليس كلّ ما قيل من قبل رجالات دين من حيث الرُّؤية المذهبيّة هو القول الفصل لكل زمان ومكان، لأن متغيرات الزمان والمكان تجعل من بعض الرؤى التي كانت مناسبة منذ عهود سابقة غير مناسبة الآن.

إنّي أرى أنَّ أيّ دين يتخلَّله اختلافات في المذاهب عليه أن يعيد النَّظر في أسباب الخلافات ويجد حلولا لها بالحوار وليس بالصراع فكلّ مشاكل الكون ممكن معالجتها بالعقل والحوار والنقاش والنقد البنّاء، ولا يوجد فكر ثابت غير قابل للتغير والتطوُّر على وجه الدُّنيا، ومن جهة أخرى على كلِّ دين من الأديان أن يعالج خلافاته المذهبية والطائفية ثم يجد طريقاً للحوار مع الأديان الأخرى، وأنا أرى أن أكثر خلافات وصراعات الشَّرق قائمة من منظور خلافات مذهبية في الدِّين الواحد وبالتالي تختلف مع الأديان والمذاهب الأخرى، وأتساءل بكل بساطة إذا كان أيّ دين يقود إلى صراع وتناحر وحرب وتصفيات فيما بين مذاهبه، كيف سيتَّفق مع دين آخر ومذاهب ومعتقدات أخرى؟!

لهذا على كل رجالات الدِّين، في كلِّ الأديان أن يضعوا بعين الاعتبار أن هذا الزَّمن هو زمن الحوار وتقبُّل الآخر، هو زمن العقل، هو زمن محاججة الصَّواب نفسه للوصول إلى قمّة الصواب والحكمة والمنطق والرقي والتطور، ولا يجوز لأي دين تكفير دين آخر، ولا يجوز لأي دين الغاء الدين الآخر، بل يجب على كلِّ رجالات وعلماء الدين الواحد التواصل مع بعضهم ومع أديان أخرى لمعالجة نقاط الخلاف فيما بينهم، وكل توجّه ديني في دين ما يجب ألا يقود إلى تكفير الآخر ولا إلى الصِّراع مع الآخر ولا إلى الغاء الآخر وعدم قبول الآخر، لهذا نحن علينا إيجاد نقاط وعوامل وحوافز مشتركة بين الأديان، لأننا عندما نصل إلى هذه المرحلة من التوازن والتواصل فيما بين الأديان بشكلٍ راقي وحضاري وإنساني، عندها سينتفي الصِّراع والاحتراب وسيتم التركيز على تنمية وتطوير وتخليص البلاد من المآزق التي تمزقها، وبالتالي التركيز على إنسان جدير بأن يقود هذا الكوكب إلى مرافئ السَّلام.

قبل أن أدخل في تفاصيل وضع العراق، أودُّ الإشارة إلى أنني إنسان يحب ويعشق السَّلام والوئام بين البشر، ويؤلمني أن أرى كل هذا الجَّحيم الذي يتفاقم بين بني البشر وأسكت عليه، لهذا أودُّ أن أقول كلمتي، متضامناً ومادّاً يدي إلى كل إنسان على وجه الدُّنيا يهدف إلى تحقيق السَّلام العادل بين البشر، لأنني أرى من الغباء البشري أن يستشري كلّ هذا الصراع بين البشر في الوقت الذي نحن مجرد ضيوف على وجه الدنيا، فلماذا لا نحكِّم عقلنا ونحلُّ مشاكلنا كبشر، فهل من المعقول أن يهبط علينا كائنات من كواكب أخرى وتحل مشاكلنا؟! وأندهش كيف لا يسخِّر الإنسان عقله المستنير كي يفتح طريق الخلاص لكلِّ البشر لتحقيق العدالة والسَّلام بين البشر، لأنَّ خيرات الأرض تكفي لكلِّ البشر، فلماذا كلّ هذه الحروب والويلات والخلافات والصِّراعات التي لا طائل منها، وأرى في الكثير من الأحيان وكأنَّ بعض البشر هم أخطر من الحيوانات الضارية وحشيةً وافتراساً، فلماذا لا نركِّز على إنسانية الإنسان ونستأصل من قلبه كلّ ما هو ضارّ وشرّير، وكل ما يعيق تطورُّه وتحضُّره، كي يعيش في حالة تليق به كإنسان في هذا الكون الوسيع!

أودُّ التوقُّف عند ما يحصل في العراق، هذه الرقعة الجغرافية التي كانت يوماً ما مهد الحضارات، وما قدَّمته بلاد ما بين النَّهرين للبشرية من حضارة لا يمكن لأيّ عاقل أن ينكرها، فلماذا لا يعود إلى سابق عهده ويتشرَّب قيم الحضارة والخير والسَّلام، جنباً إلى جنب مع بقية حضارات الشَّرق والعالم؟!

انَّني كنتُ وما أزال ضدّ الأنظمة العربية في قضية قيادة الدَّولة والمجتمع، وبالتالي ضدّ النَّظام العراقي البائت، وضدّ الحكومة الحالية منذ سقوط الصَّنم حتى الآن، وضدَّ النظام الغربي ـ الأميريكي في مسالة تعاطيه وتدخله في الشأن العراقي والشرقي، لأن القضية متداخلة بشكل غير عادل وغير منطقي وغير إنساني، فلو لم يتواطأ نظام القائد الضرورة، ضرورة التواطؤ مع الغرب، لما حصل ما حصل في العراق من حروب مع إيران ولما تمَّ غزو الكويت، لأن نظام الغرب وتحديداً أميريكا قادَ صدام حسين إلى ما وصل إليه، لهذا فكلاهما يتحملان الجزء الأكبر لما حصل من ويلات، فيأتي المواطن ضحية مؤامرة الأنظمة المتعاقبة، وأودُّ التركيز على نقطة واضحة للجميع وهي أن وضع العراق بالرغم من ديكتاتورية صدام حسين فإنه كان يضبط الأمن وعلى علات ديكتاتوريته التي ما كنتُ يوماً أوافق عليها، بل كنتُ ومنذ البداية ضدّ حربه مع أيران وضدّ تدخله وغزوه للكويت، فكل هذه النتائج جاءت من جراء تواطئه مع الغرب، لهذا قدّم صدّام حسين العراق، بلاد ما بين النهرين، بلد الحضارات على طبق من ذهب للغرب وقاد الغرب ـ بقيادة أميريكا ـ العراق إلى براكين الدم مستغلاً نقاط ضعف المواطن العراقي الذي ما يزال لا يرى أكثر من بضعةِ سنتيمترات بعيداً عن أنفه، وإلا فما هذا التوجّه العقيم في طريقة بناء الدولة، أيعقل في الألفية الثالثة أن يفكر أي عاقل في بناء الدولة، أية دولة، على أساس مذهبي وديني وطائفي وعشائري، ولو دققنا فيما يذهب إليه واقع الحال في العراق، لوجدنا أنّه على مشارف التقسيم، تقسيم العراق إلى فيدراليات هشَّة، وهذا هو طموح التوجه الجورج بوشّي، لأن العراق الموحَّد يشكل قوة وتعاضداً ومواطنة، وعندما يتم تقسيمه يسهل أكله وتدميره ويتفشَّى صراعه، لماذا؟ لأنه سيمرُّ في حالة غليانية مفتوحة بين المذاهب والقوميات والأديان، وكلّ هذا ليس لصالح أي طرف من الأطراف، حيث سيزداد الصِّراع الدموي بين السنّي والشيعي وبين العروبي والكردي والكلدوي آشوري السِّرياني، لأن تقسيم العراق سيؤدِّي إلى قتل العراق والعراقيين معاً! لأنه لو تمَّ تقسيمه سيكون مسرحاً لصراعات طويلة الأمد، صراعات لها أول وليس لها آخر، ولو لم يتوحّد العراق ويتجاوز الصِّراع المذهبي والديني والطائفي والقومي، سيمرُّ في حروب طائفية ومذهبية ودينية مجنونة مثلما حلَّ في لبنان وأكثر، ولهذا لا خيار أمام العراق سوى اللُّحمة الوطنية وتحقيق حقوق المواطن بكل أطيافه وأديانه ومذاهبه، وما لم يتجاوز السّياسي العراقي هذا الخلل سيصاب بعقم مسموم إلى أجلٍ مفتوح.

يتبع!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]




#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمٌّ معفّرة بباقاتِ السَّنابل
- وردةٌ في مرافئِ القصيدةِ تنمو
- أنشودة الحياة ج8 ص 755
- أنشودة الحياة ج8 ص 754
- أنشودة الحياة ج 8 ص 753
- أنشودة الحياة ج 8 ص 752
- أنشودة الحياة ج 8 ص 751
- أنشودة الحياة ج 8 ص 750
- أنشودة الحياة ج 8 ص 749
- عبور في عوالم واهِم قصّة قصيرة
- أنشودة الحياة ج8 ص 748
- ربيع الشرق الأوسط على كفِّ عفريت
- قلق الإبداع وكيفية ولادة القصيدة
- رسالة مفتوحة إلى الأديب المبدع عادل قرشولي
- قصّ جانح نحوَ وميضِ الشِّعر
- العراق بلد الحضارات، إلى أين؟!
- ردّاً على إجابات الشَّاعر علي الشلاه حول ارتباك الشعر
- السَّلام أوّل اللُّغات وآخر اللُّغات
- الاتجاه المعاكس برنامج استفزازي لا يحقِّق الفائدة المنشودة
- الذكرى الثلاثون لإقامة أوّل معرض للفنَّان التشكيلي حنا الحائ ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - صبري يوسف - دور العلمانية في قيادة الدولة والمجتمع 1 3