أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهير قاسم - ثقافة الفساد














المزيد.....

ثقافة الفساد


سهير قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2256 - 2008 / 4 / 19 - 06:33
المحور: المجتمع المدني
    


يتحدث الجميع عن الفساد المادي في المجتمع من جانب واحد كأنه الهمّ الوحيد فقط، لا نقلل من خطورته على المجتمع خاصة أن العديد ممن يشاركون فيه يقنعون أنفسهم أنهم بعيدون عنه مع أنهم في حقيقة الأمر غارقون فيه. لكن ذلك لا يعني أبداً تجاهل أشكال الفساد الأخرى التي تحارب المجتمع في جوهره ومكنوناته الفكرية. بات علينا التفكير والتأمل بالمصطلح وماهيته، وتحديد المقصود منه؟ هل يشارك فيه قطاع كبير من المجتمع؟ أم انه يقتصر على فئة تقدّس المادة وتتاجر بها؟
إن الحديث عن المخططات التي ترمي إلى دفن المجتمعات في البلدان التي تعاني من هموم وقضايا مصيرية وطمس لثقافتها، أصبحت جليّة، لكن في هذه الآونة تعلن وتطبٌّق بطرق وأساليب مختلفة تماماً، تنفّذ ليست وفق مؤامرات خارجية فقط، بل بأيد محلية داخلية، هي صميم ثقافة المجتمع المستهدف نفسه، وبقناعتهم التامة عن ضرورة تمرير الثقافات الغريبة والدخيلة. نرقب التغيرات في القيم والمفاهيم التي أصبحت مقلوبة، في الوقت نفسه هي مقبولة من الناس حتى وإن كانت سيئة، تحل قيم مكان أخرى. ماذا يعني ذلك التبدّل أو الإحلال إن صح الحديث؟
من غير المعقول أن نلتفت بعين فاحصة إلى الفساد المادي ويتم التركيز عليه بصور مختلفة، ونتجاهل الفساد الفكري والثقافي الذي أصبح يسيطر على مجتمعنا بصور ونسب كبيرة، إن ذلك لا يشكّل مأزقاً فحسب بل خطراً يهدد المجتمع برمته. وأتساءل هل أصبحت المادة هي التي تسيّر شؤوننا وقضايانا، ونبتعد شياً فشيئاً عن مثلنا وقيمنا وأخصّ الوطنية منها؟ لا نقف عند ذاك الحد بل تصل بنا الأمور إلى البحث عن ثمن للنضال والوطنية والقيم إن صح التعبير. بات غير مقبول ألا يحصل الإنسان على ثمن إنجازاته أو سجنه أو أسره ووطنيته، وصدقه أيضاً،...
على أرض الواقع هناك فرق كبير بين ما يروّج نظرياً وما بين التطبيق العملي على الأصعدة والمستويات كافة، فجوة كبيرة يعانيها المجتمع، والأسوأ أن يروج من يدّعون القيم بقصد أو بغير قصد أنهم يعملون من أجل الثقافة والتربية. بالمقابل لا نرى توجّهاً جاداً من العامة قبل ذوي القرار يهدف إلى الحفاظ على المدخرات الفكرية والثقافية.
إن المجتمع بات يفتقد إلى مكوناته الرئيسة وعناصره التي شكلت قضيته العادلة وهمه الأكبر التي تضيع بفعل السياسات والمصالح أحادية الجانب وسياسة التناحر والاقتتال الداخلي، فإذا تحدثنا عن الديمقراطية فإن الممارسة فوضى وانقسام وحرب من أجل حريات شخصية لا غير. أما الأحزاب فنتحدث عنها ولا حرج، تنهش وتسعى لتحقيق مكاسب ذاتية حزبية. ونظرة إلى المؤسسات نرى صراعات غير مبررة لا جدوى منها ولا فائدة سوى تحقيق مصالح ذاتية واستماتة لتحقيق مكاسب شخصية.
إن الثقافة تغرس في النشء منذ نعومة أظفارهم، في ظل ما يجري فإننا نرى ثقافات منحدرة تتساقط وتتراكم في أذهانهم دون أن تصبّ في الصالح العام. وهنا نقول، ماذا نأمل في تلك الأجيال إن بقي الحال على ما هو عليه!!!
مخطيء من يعتقد أن الفساد مجرد مادة أو مال أو تحقيق مكاسب رخيصة وما شابه. ينسون أو يتناسون الفساد الأخطر الذي يخصّ المواطن ويصيب قيمه المعرفية والأخلاقية. يتنافسون على بيع وشراء قيم المجتمع الأصيلة، يتسابقون إلى ذلك والهدف هو الحصول على المال الذي ينهال عليهم. إن الفساد الثقافي يكبر، والمتآمرون على وجوده وانتشاره يكثرون، فثمة نزيف من التواطؤ أصبح عنواناً ومساراً واضحاً، والضحايا هم الفقراء والأجيال والقضية،و... .
شتان ما بين الفساد المعنوي والمادي لا نقلل من شأن أحديهما، لكن الأكثر ضرراً وأثراً هو فساد الفكر والثقافة اللذين يؤديان إلى كارثة تسبب أمراضاً تستفحل في المجتمع ولا تعالج في فترة زمنية قصيرة. والأخطر من ذلك أن هناك مكافحة للفساد المادي أو حديث عن مكافحة، لكن أين من يتحدث عن فساد الفكر والثقافة التي باتت مستهدفة بكل معانيها!



#سهير_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى الثورة الفلسطينية؟
- بلا حدود!!!
- من يرد لهم طفولتهم!!!
- عذراً فلسطين تاهت بنا السبل!!!
- من أنتم حتى تبددون القضية؟؟؟
- الاعلام الموجه وثقافة فوق القانون!!!
- الثانوية العامة في مهب الريح!!!
- وطن يباع ويشترى وتصيح فليحيا الوطن!!!
- أيها الماضي لا تعيرنا كلما ابتعدنا عنك
- أرواح تزهق ثمناً لمؤامرات رخيصة
- الوطن الجريح سيحاسبكم
- سرقتم منا القضية
- الموظفون لا يستطيعون تسديد التزاماتهم والجهات الرسمية لا تكت ...
- صرخة المرأة العاملة
- واقع التعليم بين الماضي والمستقبل؟؟؟
- طفولة معذبة
- إبعاد جهاد وموت الأم
- مأساة منى
- تراشق الاتهامات ... بعيدا عن الموضوعية
- المعاقون في المجتمع الفلسطيني؟؟؟


المزيد.....




- واشنطن تطالب بالتحقيق في إعدام إسرائيل مدنيين اثنين بغزة
- 60 مليون دولار إغاثة أميركية طارئة بعد انهيار جسر بالتيمور
- آلاف يتظاهرون في عدة محافظات بالأردن تضامنا مع غزة
- شيكاغو تخطط لنقل المهاجرين إلى ملاجئ أخرى وإعادة فتح مباني ا ...
- طاجيكستان.. اعتقال 9 مشبوهين في قضية هجوم -كروكوس- الإرهابي ...
- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهير قاسم - ثقافة الفساد