أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - سرقة آشتي لحقول النفط ليست جزء من الخلاف الدستوري بين بغداد وكردستان















المزيد.....

سرقة آشتي لحقول النفط ليست جزء من الخلاف الدستوري بين بغداد وكردستان


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2254 - 2008 / 4 / 17 - 10:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في زحمة الوضعية الخطيرة التي يجد العراق نفسه فيها مع حكومة بائسة منهارة فاقدة لأية مصداقية، يرأسها شخص يتحرك كالسائر في منامه، وحيث يقرر الأحتلال ماهي "الإنجازات" وما هي "الإخفاقات" ويعطي لهذا النابليون الحالم نقاطه، يسعى الجميع لسلب الضحية ما يستطيع بسرعة خشية استفاقتها. فبينما يسعى الإحتلال الى تكبيلها فلا يعود لإستفاقتها معنى، يسعى "أبناؤها" الى مص ثديها حتى تخرج روحها منه.

تجري هذه الحكومة المسكينة اليوم مفاوضاتها على اخطر امور مستقبلها وهي غير قادرة على ان تقول اية "لا", ليس فقط مع محتليها بل ايضاً مع "الإقليم" الذي لا يريد تفويت الفرصة هو الآخر. لقد بات مؤكداً انه سيحصل على قوانين تفضيلية ستكون لغماً هائلاً لهذه الفدرالية المترنحة، خاصة ان حاول اقليم اخر ان يطالب بالمساواة معه!

يفاوض الإقليم على قوانين النفط وعلى "حقه" في توقيع العقود، وعلى عقود وقعها دون ان يريها لأحد حتى ولا برلمانه هو وتم فيها اعطاء الشركات حصصاً لم يسبق لدولة ان اعطت لشركة اي شيء مثلها، وليس هناك اية بارقة امل ان تحل هذه القضية بشكل يمكن لدولة ان تتعايش معه. إنه تأسيس لكردستان مركزية واقليم بغداد اكثر مما هو العكس. فكردستان لها صوت قوي في بغداد وليس العكس، كردستان تعتدي وبغداد يفترض ان تشتكي للمحكمة الدستورية، بغداد ترسل فرق النفط وكردستان تطردها بقوة السلاح!

اما وزير النفط العراقي، حسين الشهرستاني والذي وافق مؤخراً على طلبات الشعب المستندة الى تقارير ودراسات خبراء العراق بالإستمرار في قانون النفط القديم وتوقيع عقود خدمة وعقود تطوير كما يفترض، فقد تعرض الى حملة محمومة اقل ما يقال عنها انها كانت قليلة الأدب شارك فيها العديد من اعضاء الحكومة الكردستانية وممثلى كردستان في البرلمان العراقي. لقد تم تصوير الأمر وكأنه معركة شخصية بين آشتي هورامي والشهرستاني، الذي تم تهديده بصفاقة متناهية. تحدثوا عن عدم الإستعداد "للجلوس معه" وضرورة "تغييره" ، "إذا ما أصر على سياسته ضد شركات النفط الأجنبية المتعاقدة مع حكومة الاقليم"، فيبدو ان هذه الشركات صارت لها قدسية وهيبة من هيبة الإقليم التي يجب عدم المس بها. وبلغت التهديدات في حالة د. حسين بلو مستوى رجال العصابات: "سوف تظهر في الأسبوعين القادمين أنباء جديدة حول تغيير الشهرستاني"!
لم يتراجع الشهرستاني واحتفظ بهدوئه في الإجابات، لكن الرسالة لابد ان تكون قد وصلت بالتوعد لمن يتجرأ من حكومة المركز بالوقوف معه او يفتح فمه بأعتراض على قرارات حكومة كردستان مستقبلاً. لكن الحيلة لم تنطل على الكثير وعبرت اغلبية ساحقة عن تأييدها للشهرستاني، لكن البعض مثل رئيس الحكومة، التزم مبدأ "الصمت من ذهب" ولم يرفع اصبعاً دفاعاً عن وزيره او ان يعطي رأياً فيما يجري!

شارك الإحتلال في الحملة متهماً اياه بشكل يثير الاسى والضحك بانه وراء ازمة الكهرباء في العراق لأنه يرفض اعطاء النفط الى المحطات الكهربائية! الشهرستاني كان قد أزعج الجشع الأمريكي الذي لايعرف الحدود بتوقيعه اتفاقيات خدمة، وتقديمه مثال عملي يبرهن بشكل ناصع الوضوح بأن العراق ليس بحاجة الى اية عقود مشاركة انتاج, وانه قادر الى تطوير انتاجه حتى الى فوق حاجته، دون الولوج في مثل هذه الإتفاقيات الخاسرة والخطرة على سيادة البلاد وان كل ما اشيع عن ضرورتها ليس سوى هراء، لاشك انه لايختلف عن هراء ضرورة المعاهدة "الستراتيجية".

لكن غضب الإحتلال على حسين الشهرستاني لم يأت من هذا فقط، بل وربما اهم منه تجرؤه على اتهام مبطن للأمريكان بارتكاب عملية ارهابية في تفجير مصفى الشعيبة، حين اكّد، رغم محاولات اعلامية نشطة مضادة لتصوير اسباب مختلفة، ان الإنفجار جاء إثر مرور مروحية تابعة للقوات المتعددة الجنسية قرب المصفى! لقد استبعد الشهرستاني اتهام الإحتلال بالتفجير المتعمد، لكنه قدم لذلك الإستبعاد حججاً غير مقنعة يفهم من يقرأها انه يقصد ان يقول انه لايستطيع ان يقول اكثر، فلا يمكن ان يتسبب طائرة بتفجير في مصفى دون ان يكون الأمر بفعل متعمد منها.(1) لم يصل الشهرستاني الى اتهام الأمريكان صراحة بالإرهاب، لكنه اقترب من توجيه الإتهام اكثر من اي مسؤول عراقي اخر حسب علمي، وهذا ليس سهلاً ويجب تقديره.

يقول المتفاوضون ان المفاوضات لم تنته بعد، ولكن حالة المالكي لاتدعو الى التفاؤل بأي شيء. الظاهر ان "صولة" المالكي لن تستخدم "لترهيب" من يفاوضه باعتباره "رجل حسم" وانما ستستخدم لتغطية الضعف الذي ينوي تسيير مفاوضاته به مع الأمريكان وحكومة الإقليم، فمن يستطيع ان يتهم جنرالاً انتهى تواً من فتوحاته بالضعف؟
لذلك يجب الإستعداد لأخبار سيئة فيما يتعلق بكل من معاهدة الإحتلال وصلاحيات الأقاليم في توقيع الإتفاقيات بدون اشراف المركز، او بأشراف شكلي دبلوماسي دون صلاحيات اعتراض على العقد، وستقدم "تنزيلات هائلة" لكنها ستعرض على انها فتوحات عظيمة وانجازات يهلل لها بوش وبترايوس ومحطات التلفزيون. وبالفعل تم الحديث عن التنازل عن الإعتراضات القانونية التي قدمها مجلس شورى الدولة للصيغة الكردية للقانون، وتم الإتفاق مبدئياً على حق الإقليم في توقيع العقود والعودة إلى النسخة الأصلية من القانون التي "تتضمن امتيازات لحكومة إقليم كردستان" حسب تعبير المفاوضين الأكراد!

كل هذا مؤسف ومقلق، لكن ما وددت التنبيه اليه في هذه المقالة بشكل خاص هو المحاولة الجارية لطمس سرقة علنية واضحة وبالأدلة، وخلطها بالخلاف الدستوري الذي يفترض حله بالتفاهم او المحكمة الدستورية. إنها العملية التي قام بها آشتي هورامي حيث قام بسرقة حقول كاملة للنفط لتسليمها الى الشركات بتزوير اوراق وملاحق. حقول ليست صغيرة اختفت من الخرائط وانتقلت اوراقها من ملحق رقم (3) الخاص بالحقول المكتشفة الى ملحق (4) للرقع الإستكشافية الخاصة بالمناطق غير المسكتشفة بعد، لتقوم الشركات بـ "إعادة اكتشافها" وبيعها للعراق من خلال عقود مشاركة الإنتاج على اساس ان الإكتشاف تم بمخاطرتها بأموالها وبجهودها! اننا لانتحدث عن حقول صغيرة بل عن حقول مثل حقل كورمور الغازي (والذي هو ضمن محافظة صلاح الدين وتم الإستيلاء عليه)، وكذلك حقل طقطق الذي وصفه خبير النفط العراقي فؤاد الأمير بأنه "قد يكون أثمن اكتشاف في حقول الشمال منذ اكتشاف حقل كركوك."!
ربما يستطيع آشتي هورامي ان يدعي ان العقود الشديدة الضرر بالعراق التي وقعها مع الشركات الأجنبية كانت بحسن نية وانه لم يحصل على شيء مقابل حركته هذه, وسواء صدقناه في ذلك او لا، فلن يكون من السهل البرهنة على التهمة (رغم ا نه يمكن ان يتهم على الأقل بسوء التصرف باموال الدولة، لو كانت هناك دولة) إلا ان سرقة آشتي هورامي للحقول مسألة مبرهنة وبالوثائق فكيف سيجري التعامل معها؟ لاحظوا ان هذه المسألة لاعلاقة لها بالخلاف بين المركز والإقليم حول الصلاحيات الدستورية، انها قضية سرقة وتزوير بسيطة وواضحة، ويفترض بالإقليم او المركز ان يقوم بالقاء القبض على هورامي وفتح تحقيق بشأنها، بغض النظر عما سيأول اليه قرار المحكمة الدستورية او الإتفاق بين بغداد وكردستان.

ما يحاوله اشتي هورامي، بمساندة تامة من فريق كردستان، اظهار الأمر كأنه جزء من الخلاف على الصلاحيات، وان تحل قضيته ضمن حل الإشكال مع المركز. وكان قد حاول قبل ذلك ان يظهر إعتراض المركز على انه مشكلة شخصية بينه وبين الشهرستاني، وحينها حكم اغلب الناس والسياسيين ايضاً بأن هورامي انسان صلف طفولي ومتهور، فقد كان يصرخ: "كلما قالت بغداد "ممنوع" وقعنا عقداً اضافياً"!
وبالفعل وقع هورامي، بتصفيق وتشجيع من حكومة وبرلمان اقليم كردستان التي سرقها هي قبل غيرها، وقع عدداً كبيراً من الإتفاقات خلال وقت قياسي قصير لم يسبق لدولة كاملة ان وقعته خلال عام كامل، حسب فؤاد الأمير!
لكن التصوّر بأن هورامي كان متهوراً نزقاً، تصور خاطئ! انه فخ نصبه هورامي نفسه (او مستشاريه) بذكاء تام واراد اقناع الجميع ان هذا هو دافعه. والحقيقة ان هورامي كان قد قرر ان يوقع اكبر عدد ممكن من الإتفاقيات السيئة (ليس بالنسبة له طبعاً)، حتى لو لم تقل بغداد اية "لا". لم يكن مدفوعاً بالغضب من بغداد, ولا بسبب عقدة احساس بضرورة التخلص من التبعية الطويلة لبغداد، كما تصور البعض، بل كان دافعه وشعوره نفس دوافع وشعور اللص الذي احس بحركة في الشارع فقرر ان يسرع بنقل اكبر عدد ممكن من المسروقات قبل ان يطلع الصبح!

هذه هي قصة هورامي. قصة لص اعتيادي نفذ عملية سرقة وتزوير إعتيادية، ولكن هائلة، للنفط، فهل يجرؤ قاهر عصابات النفط على التصدّي له، او التحقيق معه، او حتى اثارة اية تساؤلات عما قام به وكيف يجب التعامل معها؟ اترك لكم تقديركم, لكن تقديري ان المالكي سوف يطمطم القضية ويخلطها مع الخلاف الدستوري حول صلاحيات المركز والإقليم ليقدم لنا في النهاية صفقة كاملة تحسب له كـ "انجاز" مثل غيره. قد يحرم هورامي في هذا "الإنجاز" من تكرار سرقته، وهنا سيبدو واضحاً لنا حكمة هورامي وبعد نظره حين استعجل فرصة حياته الوحيدة ونقل ما امكنه من حمولة وهو سعيد بتصورنا انه مجرد تهور منه. يبقى السؤال قائماً ان كانت الحكومة ستعامل الأمر كسرقة ام كخلاف دستوري مع الإقليم!



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حل سريالي لمشكلة كركوك
- كيف تتخذ قراراً في الضوضاء؟ البحث عن الرهان الأفضل
- بعد خمس سنين –حكومة الإحتلال ام صدام، ايهما -افضل- للعراقيين ...
- حين تغني الحكومة للإنحطاط، تذكروا هذه النكتة
- حكاية المعلم الذي تحول جنرالاً
- محاولة للتفاهم بين مؤيدي صولة الفرسان ومعارضيها – شروط اولية ...
- الإعلام وخطابات حميد مجيد والدباغ والمالكي
- المالكي يحقق اقدم وعوده الإنتخابية ويخرس متهميه بالطائفية
- حرب عصابات وعصابات وليست حرباً بين حكومة وعصابات
- الرصاص الذي يقتلكم ليس موجهاً اليكم فلا تنزعجوا
- ذبح الصدريين تهيئة لإنتخابات تفتيت العراق وبيعه
- ابريل غلاسبي كذابة
- صفر الدين القبانجي وخطبته العصماء
- متى يعترض عادل عبد المهدي ومتى يقبل؟
- هنري برغسون: وفاء سلطان وأمثالها مختلي الأخلاق
- دور علاوي في فقدان سيادة العراق على العمليات العسكرية ووجوده ...
- حلبجة...السادة أمنوا منازلهم جيداً
- قضايا تختفي واعدامات بالمئات من اجل التستر؟
- الحزب الشيوعي العراقي والمعاهدة - (2 من 2) المطالبة بإجماع و ...
- الحزب الشيوعي العراقي والمعاهدة - مفاهيم مشوشة (1 من 2)


المزيد.....




- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...
- جامعات تنتفض نصرة لغزة.. ما الذي حرك الغضب بقلاع المعرفة الأ ...
- الذكاء الاصطناعي يكشف مكان قبر أفلاطون
- رويترز: اجتماع عربي دولي بشأن غزة في الرياض هذا الأسبوع


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - سرقة آشتي لحقول النفط ليست جزء من الخلاف الدستوري بين بغداد وكردستان