أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - أزمة العقل العربي -دلالة الموقف من الدكتاتور أنموذجا















المزيد.....

أزمة العقل العربي -دلالة الموقف من الدكتاتور أنموذجا


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 699 - 2003 / 12 / 31 - 05:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعدو الذئاب على من لا كلاب له      وتتقي مربض المستنفر الحامي
(_مقول النابغه للزبرقان بن بدر)

لقد أصبت حقاً بخيبة أمل كبيرة مؤخراً, من جراء الموقف القبلي العربي النشاز من حادث سقوط صدام حسين ، والذي جاء جد متأخرعن السياق الطبيعي ، كأحد سلالات قابيل الحقيقيين ، متجرداً من أية خصيصة إنسانية ...البتة ...

وإذا كنت أجدني احد هؤلاء الذين كتبوا عن  صدام حسين في مختلف المراحل  ، وبعيداً عن التوافقية المأسوفة عند عدد من كتابنا مع رؤى أنظمتهم ، إلا أنني وبعد 9 نيسان لم أجد أي دافع للكتابة عن هذا  الطاغية الاستثنائي في تاريخ البشرية من خلال تماهيه مع ذئبية افتراسية  تكاد تكون غير مسبوقة البتة ، لعلّ مرد ذلك كان ليقيني بأن ماتم لم يخرج عن إطار مفهوم السيرورة الزماني , وربما ان ما تم يدخل في سياق توثيقي خارج اختصاصي  الشخصي،بل ولكثرة الأقلام التي كتبت بجدارة في هذا المنحى . و من هنا فأنا لاإجد –الآن – أي حماس بعد سقوط هذا الوحش أن استرسل وراء إحصاء جرائمه التي تندي جبين البشرية ،  جمعاء , كأقذر سادي تاركاً مهمة  ذلك لأصحاب الاختصاص  ،  بل ان هذاالنمط من المرضى لن يتحولوا الى ابطال ابدا ,   وان مارآه المشاهد على امتداد خريطة المعمورة من لقطات تلفزيونيه لصدام حسين ــ لحظة اعتقاله ــ  انما هي صورة محسنة عن حقيقته , وجبنه , وهذا ماينسف فرضية الذهن التلفيقي في  تخدير الرجل , لأن مثل هذا الجبن هو ماكان وراء دمويته , هذه الدموية التي لاتبدر –بهذه الصورة – إلا عن كائن مفتقد لأية خصلة أو فضيلة بشرية !! , ولقد قلت منذ أيام لأحد  محاوريّ:هب ان صدام كان مخدراً لحظة اعتقاله , وظهوره على الشاشة, ولكن ,اولم ينته الان تخديره؟.فلم لا ينتحر بأظافره , ان لم يكن هو لم يجد خياراً سوى هذا المصير , فمن صفات الطائر الكريم – الصقر مثلا- انه ينتحر بمخالبه

عندما يقع في شباك الصياد , لأن كبرياءه , وانفته , وعزة نفسه وادمانه الحياة الكريمة, الحرة ,يحول دون رضائه بحياة ذليله ,مهانه.........ولعل رضاءه بالعيش في ذلك الجحر , وفي حالة فأريه ,يؤكد درجة بطولته.........فهو كما قيل عنه جرب كل الاسلحة المحرمة بحق شعبه , ولم يجرب اطلاق رصاصة واحدة في صدغه –انقاذاً لماء وجهه ....فقط.

المعادلة المحرجة

 لابد من ان اوضح هنا أيضا ان رؤيتي للاحتلال الأمريكي – لن تتغير البتة  من خلال أية رؤى قصيرة الأمد تكتيكية  قد يقع في مصيدتها قصار النظر ،

وهذا تماما ماحدا بي كأحد الموقعين على بيان الــ27مثقفا 5 نيسان2003 لتبيان مثل هذا الموقف , بل والإشارة إلى الطاغية كمجرم جرّ بلاده , والمنطقة الى التهلكة ، وأنه  سبب مباشر لهذا المصير المأساوي الذي حل بالعراق , ولعل مثل هذا   الموقف وقبل سقوط الدكتاتور –كان مكلفا جدا وبخلاف موقف الغوغاء المسبح بحمده ، بل و الرأي الرسمي ، في فترة حرجة كان يهتف فيه باسم أبي الحواسم في الشوارع , وان اصحاب مثل  تلك المبادرة  كانوا قد عرضوا أنفسهم للمساءلة , وأستطيع ان اقول الآن: ان شجاعة كبرى كانت وراء مغامرة مثل هذا البيان الاستشرا في , في وقت ركن فيه كثيرون الى الصمت عما يتم حولهم –بل ان هناك من سحبوا تواقيعهم خشية ان تتم محاسبتهم- رسمياً- لا كما حدث حيث صار الادلاء بالمواقف – سهلاً- بعد سقوط تمثال الدكتاتور ..المجرم...من هنا اتذكر ان السؤال الذي كان يراودنا بعد توقيع ذلك البيان المجازف هو: أي مصير ينتظرنا ؟.....ولعلها المرة الاولى التي أقول فيها: أنه كان هناك 27 مثقفا شجاعاً قالوا كلمتهم وسط معادلة حساسة ملغومة ، و إلا فإنني اسأل ان يدلني احد على أي موقف صريح – داخلياً- من الطاغية صدام حسين قبل ذلك ...!, اعني في الفترة ما بين20اذار9نيسان 2003..!!؟.-

خلخلة المعايير ....:

لعل الفرز بين آلتي الخير والشر بدأ منذ بداية وجود الجنس  البشري – وتحديداً منذ قابيل وهابيل – اهرمان واهر مزدا – ولا عجب ان يجد المرء أنصارا للجلاد , مثلما  يجد أنصارا للضحية , وانه فرز نهائي وبالتأكيد , ولامناص منه في ظل نزعة الاستغلال والاستبداد المتأصلة في ( النفوس الميتة ) بلغة غوغول .......

طبيعي جداُ ان أي متابع للشأن السياسي لابد ان يستغرب في قرارته  ان هذا الطاغية لم ينل قصاصة على يد أبناء الشعب العراقي , قبل الآن ! بل وكيف إن هذا الوحش البشري استطاع أن يستفيد من أمريكا نفسها  حتى لحظة سقوطه في المصيدة ( كنت قد ذكرت قبل 9/4/2003في مقال لي بعنوان : جورج بوش الإبن هل يزين الصورة الأخيرة لعمه صدام حسين ؟ مقدماً وجهة نظر شخصية  انه  قد استفاد شخصياً من سائر الممارسات التي تمت بحق العراق  من قبل الامريكان ! –ولصالحة هو ، وبخلاف ما يتصور بعضهم –كي يغدو بطلاً قومياً زائفاً............ويا للهول....!

ولعل ما يدعو للضحك  بأكثر، أن هناك عربا ـ ليس عامة فقط ـ بل مفكرين وكتابا وصحافيين و مثقفين كبارا ـ يتوهمون ان طريقة عرض وسائل الإعلام الأمريكية لصورة صدام الأخيرة ،  بين يدي ذلك الطبيب الذي تعامل معه بكفين مقلنستين , وهو يستعطفه , ويستدر الشفقة في لحظة استعداد لتقبيل أي حذاء / إنما هي مهانة للعرب ؟! وقد يكون الأمر مؤلما بأكثر أن يشعر بعض من كان من عداد ضحاياه بمثل هذا الشعور  المزيف،  أو يندم على تاريخه النضالي ضد صدام ـ الآن ـ إنها باختصار –إهانة لخط تفكير معين مرذول ، يتبجح  به هؤلاء عبر الفضائيات والصحف بل وسائل الإعلام......... كافة.....

سيكولوجيا الضحية :

يبدو ان نمطا ممن يشملهم مصطلح الضحية بات يدمن جلاده , ولا يتصور العيش إلا تحت جبروته, يبكي لآلامه , ويفرح لانتصاراته ، رغم دفعه الضريبة ، غاليةً ، الى درجة مقتل أفراد الأسرة ،  أو التعرض ( للإعدام الوهمي ) وسوى ذلك ، على يد الطاغية نفسه , مهما كانت تغطية مثل هذا الموقف بزعم رجحان كفة الطاغية في معادلة الخيارالذي لابد منه بين امريكاا والطاغية . إلى درجة وعي مضحكة و متسطحة جداً وبتصوري ان الموقف الذي أبداه اتحاد الكتاب العرب  في مؤتمره الثاني والعشرين ـ الجزائر ـ , مع وفد كتاب العراق  ـ الذي أجرى أول انتخابات حرة في تاريخه وبقيادة كاتب مناضل معاد لصدام حسين هو ــ حميد المختار ــ الذي ذاق مرارة سجون صدام ، و لم يعينه بريمر....!، هو موقف أقل ما يقال فيه أنه قبلي خاطىء ، ولا يخرج عن سياق ادمان مخلفات عهد الطاغية الذهبي )) لا أعاده الله وأمثاله..أينما كانوا.... ، وربما لأن هناك بينهم من لا يزال يعتقد أن زميلهم صدام ( عدو الشعر المحكي ...ضمير العامة العراقيين ، والذي قتل وهجّر آلاف الأدباء والمثقفين ) روائي كبير !، وكان ينبغي أن يكون من عداد هذا المؤتمر أيضاً ، ناسين أن بينهم أعضاء ترفرف راية إسرائيل فوق عواصمهم .ولن استرسل ابعد من هذا ......

 صدمنة الوعي العربي 

راح كثيرون حالياً ــ وفي زمن افتقاد الرمز البطولي ـ يبحث عن رمز ما يتشبث به ولو- وهماً, ولم يضره أن يكون هذا الرمز كائناً أهوج من طراز أبي عدي! ... وهذا كما هو واضح ـ نتاج نزعة قبلية باتت تستيقظ للتو ، وفي فترة حرجة يفترض أنه تم تجاوزها.  ان هؤلاء الذين يمجدون ــ الطاغية, انما يكيلون بدورهم بمكيالين حيث يتشدقون ــ من جهة بالقوانين الإنسانية لعدالة قضيتهم ، وهذا حق مشروع  ، بيد أنهم سرعان ما ينقلبون ممارسين همجيتهم مع(( الآخر )) منطلقين من قانون الغاب ــ أو القبلية .... لا فرق .... !

وثمة حقيقة ينبغي ألا ننساها وهي ان هناك آلاف الأسماء التي اكتراها صدام حسين ، واستضافها، مربدياً ،وسوى ذلك( ومنهم بعض الأدعياء من  رجال الدين ممن زوروا حتى نسب الرسول كي يكون صدام من أحفاده )، ودفع لها من اموال العراق ، بانتظام ــ وحتى في فترة ما قبل استلامه السلطة ، وهذه الأسماء معروفة للجميع تجد في الدفاع عن صدام دفاعا عن ورقة توت ماضيها التليد ، وهي فعلاً بحاجة إلى التصدي لها وفضح أوراقها ... بكل ما أمكن ....

 

نحو توثيق جرائم الطاغية! :

 

اعتقد أن توثيق جرائم الطاغية صدام حسين ، وفي وقت عاجل ، مهمة إنسانية  مطلوبة منا جميعاً ــ وسبق وان أشار إليها أيضاً ــ حمزة الجواهري ــ مشكوراً ـ وخاصة من خلال إنتاج أفلام سينمائية واقعية ، وتخصيص مراكز بث نلفزيوني وإذاعي خاصة  بعرض تناول جرائم صدام بحق أبناء شعبه والإنسانية ..... لا سيما وانه يخشى أن يتحول هذا المجرم إلى رمز اسطوري ملفق في أذهان الأجيال القادمة ، نتيجة أضاليل بعض أزلامه المأجورين ....

والمغرر بهم ..... على حد سواء .... لأن (( صدمنة ))    الوعي الثقافي العربي هي في المحصلة مؤشر خطير

ــ مروع وعاهة أخلاقية جاهلية بحاجة إلى الوقوف والتحليل ... بل والمعالجة قبل أي ـ  شيء ـ ولقد قال الشاعر    الفرزدق :

 لحا الله قوماً شاركوا في دمائنا              وكنا لهم عوناً على العثرات



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرة بين المسافات - دليل العاثر إلي برج الناشر
- مدائح البياض
- غيوم ابو للينير بين نهر السين ونهر الحب - شاعر فرنسي..المرأة ...
- أضواء - استرخاص الألقاب
- ثقافة الفرد لا تتناسخ مع الثقافة العامة - المثقف والسلطة.. ث ...
- بلند الحيدري رائد الحداثة المنسي - غواية المدن في اصطياد شاع ...
- ثقافة الفرد لا تتناسخ مع الثقافة العامة - المثقف والسلطة.. ث ...
- مئوية الشاعر الكردي جكرخوين - تجول في الفيافي مع الرعاة ليكت ...
- بلند الحيدري رائد الحداثة الشعرية المنسي- 2/2
- في ذكرى رحيله : بلند الحيدري رائد الحداثة الشعرية المنسى 12
- لصوص قانونيون في دوائرنا ومؤسساتنا باسم : لجان المشتريات! نه ...
- هيمنة الانترنت تطفئ جذوة الايحاء ومنظمة اليونسكو تقرع الأجرا ...
- استنطاق الحيوان كشكل للدلالة علي تازم العلاقة بين المثقف وال ...
- الحوار المتمدن دعوة جادة إلى حوار جاد
- المواطن السوري: معط أو مستعط...!ووظيفة الدولة والشركات الخاص ...
- الإعلام الضال ظاهرة مسيلمة الصحاف أنموذجا
- الحكمة الكردية في الزمان الصعب !!
- ما بعد الانترنيت
- التلفزيون السوري والبرامج الرمضانية
- على هامش ندوة:مهامنا السياسية


المزيد.....




- -لكلماته علاقة بأيام الأسبوع-.. زاخاروفا تعلق على تصريحات ما ...
- سيارة وجمال.. هدايا مقدمة لسعودي أنقذ مواطنيه من سيل جارف (ف ...
- -المسيرة-: 5 غارات تستهدف مطار الحديدة الدولي غرب اليمن
- وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية
- وثيقة سرية تكشف عن أن قوات الأمن الإيرانية تحرشت جنسيا بفتاة ...
- تقارير مصرية تتحدث عن تقدم بمفاوضات الهدنة في غزة و-صفقة وشي ...
- الكرملين يعلق على الضربة المحتملة ضد جسر القرم
- مشاهد جديدة من موقع انهيار طريق سريع في الصين أدى إلى مقتل ا ...
- سموتريتش يشيد بترامب في رفض حل الدولتين
- -وفا-: إسرائيل تحتجز 500 جثمان فلسطيني بينهم 58 منذ مطلع الع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - أزمة العقل العربي -دلالة الموقف من الدكتاتور أنموذجا