أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - هيمنة الانترنت تطفئ جذوة الايحاء ومنظمة اليونسكو تقرع الأجراس: نصف لغات العالم مهدد بالزوال















المزيد.....

هيمنة الانترنت تطفئ جذوة الايحاء ومنظمة اليونسكو تقرع الأجراس: نصف لغات العالم مهدد بالزوال


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 681 - 2003 / 12 / 13 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-إذا كانت الدراسات المختلفة الاركيولوجية منها والانتربولوجية، واللغوية، في آن واحد، تؤكد أن لغات كثيرة منذ فجر التاريخ قد اندثرت، فإن الدراسات الجديدة في الحقل اللُّغوي الإنساني تؤكد ان الخوف علي اللغات في عصر الانترنت لهو أشّد وأخطر من أي وقت مضي، وذلك لأسبابٍ عديدةٍ سوف نتوقف عندها خلال هذه المقالة.
لقد بينت دراسة أًَُطلق عليها اسم: (أطلس لغات العالم) ــ كان يشرف عليها الباحث الراحل ــ ستيفن وورم عالم اللغويات الاسترالي من أصل مجري، والذي كان يتحدث حوالي خمسين لغة، بينت هذه الدراسة ان اللغات الإنكليزية، والفرنسية، والروسية، والصينية، تجذب إلي نفسها الناطقين باللغات الأخري في العالم، وهذا ما يهدد علي نحو حقيقي لغات الأقليات في العالم، الأمر الذي دعا الجهات المعنية عالمياً كي تقرع أجراس الخطر، طبعاً، أن دراسة (أطلس لغات) العالم مستمرة، وتعمل في ظل انتشار المعلوماتية الهائل ــ ولاسيما الانترنت ــ بوتائر أعلي، منذ غياب وورم، حيث تقوم منظمة اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة) بتمويلها ودعمها، والاشراف عليها.
ولقد جاء في هذه الدراسة المهمة: ان اختفاء اللغات الإنسانية مستمر منذ آلاف السنين، كإجراء طبيعي في العالم الإنساني، ولكن ذلك كان يتم بمعدلات بطيئة، بيد أننا نشهد الآن ان ظاهرة موات تهدّد بالسير بوتائر عالية.
يبدو ان حالة لغات الأقليات في العالم هي التي دفعت منذ العام 1996 منظمة اليونيسكو للشروع بدراسة ظاهرة اندثار اللغات، والتوقف عند الأسباب التي باتت تتسرّع عميلة اختفائها، ومحاولة الحفاظ عليها، ووضع التدابير والسبل اللازمة من أجل ذلك فلقد توصلت الدراسة إلي انه إذا كان من الممكن فهم وتشريح واقع اللغات في أمريكا ــ وأوروبا ــ فإنه بالمقابل يغدو الأمر صعباً وغير واضح أمام دراسة لغات الأقليات في آسيا، وانه في أفريقيا ــ يبدو الأمر خطيراً جداً ــ حيث ان ثمة مابين خمسمائة وستمائة لغة محلية في هذه الرقعة الجغرافية، وان هناك حوالي مئتين وخمسين لغة منها مهدَّّدة بالاندثار، وان حالياً ثمة خطراً فورياً يهدد خمسين لغة منها، كما ان في أسبانيا عدداً من اللغات المعتمدة في التخاطب والمحادثة مثل: اليونيس ــ الفاسكون ــ الاستورية ــ وهي بدورها مهدَّّدة بالانقراض ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة من أجل بقائها واستمرارها.. لا سيما ان إحدي الدراسات الحديثة رأت انه ما من يوم يمر إلا وتموت فيه لغة ما..
اذاً، اليوم، ونحن نضع اولي الخطوات علي عتبة الالفية الثالثة، لم نعد أمام خطر مجرد استعمار تقليدي، أو استعمار جديد، وما الي هنالك من مصطلحات تصلح لايرادها هنا، تكاد لا تنتهي بما بعد الحداثة ــ بل يمكننا استبصار خريطة جديدة تتشكل لتعيد صياغة ملامحها وخطوطها علي نحو مغاير ولعل كثيراً من لغات العالم ــ باعتبارها خزان حضارتها وثقافتها مستهدفة بالزوال التدريجي، وسط هذا الوطيس الذي بدأت السنته اللهبية تلفحنا، علي الرغم من أن كثيرين منا يتغاضي عما يلم به بدعوي أن هذا اللهيب انما يبدد أستار الظلام من حولنا ــ او يخلصنا من اللفح الزمهريري الذي نواجهه يومياً ــ وكلا الرأيين صحيح، بيدأن واقعاً آخر داخل هذه المعادلة يبقي ألا وهو ذلك التهديد الجدي علي وجودنا البشري نفسه ــ وهو الاصل ــ قبل أي اعتبار طبعاً ومما جاء في هذه الدراسة، أن اسوأ سجلات اختفاء اللغات قد تم خلال المائة سنة المنصرمة في الامريكيتين، واستراليا، وفي المقابل فانه في أوروبا الآن حوالي خمسين لغة مهددة بالانقراض.

اللغات تختفي أيضاً
ومعروف طبعاً، ان اختفاء أي لغة، يعني تقلص الثروة الفكرية وغياب جزء من خزان المعلومات البشرية التي يعبر عنها الانسان عن طريق اللغة، ولعل هذا الكلام يبدو مبهماً لاول وهلة، بيد ان الدراسة تمضي باعطاء مثال ساطع بهذا الصدد هو ان الأعشاب الطبيعية لا يعرفها عادة سوي المطلعين علي الثقافات التقليدية، ولكن عندما تختفي لغات هؤلاء، وثقافاتهم فانه وبالتأكيد ستختفي ايضاً المعلومات عن هذه الأعشاب وخصائصها العلاجية، وهذا ما سيترك فراغاً هائلاً في المجال المعرفي الانساني، تم الوصول اليه ــ بالتأكيد ــ عبر تجارب آلاف الاجيال، وهنا تماماً سنعلم كم من معارف وثقافات وخلاصات تجارب تضيع، وتندثر مع كل لغة نخسرها! ولابد هنا من الاشارة الي ان اية لغة معزولة عن سواها من اللغات لابد ان تترك أثرها في ما يحيط بها من لغات ضمن قانون تبادل الأثر بين اللغات، ولهذا فاننا كثيراً ما نقع علي مفردات سومرية ــ ميدية ــ آفيستية ــ ارامية في لغات لما تزل تعيش بين ظهرانينا.

لغات العالم حية وميتة
يعتبر كتاب (لغات العالم الحية والميتة) ــ ترجمة واعداد زياد الملا ــ أحد الكتب المهمة جداً في المجال نفسه، وذلك نتيجة الجهد الكبير الذي بذله المعد من خلال تصنيف وفهرسة لغات العالم، وتقويمها، وتحديد عدد الناطقين بها، وتبيان اقطار العالم واقسامه السياسية ضمن ملحق تفصيلي لا غني عنه للدارس في هذا المجال..
يقول زياد الملا ــ حرفياً ــ في مقدمة كتابه: يستحيل وجود لغات من دون مجتمعات تتكلم بها، كما يستحيل وجود مجتمعات من دون لغات، فاللغة ظاهرة اجتماعية ووسيلة من اهم وسائل الاختلاط بين البشر، اذ بعد صراع دام أكثر من ألف عام، تميزت اليد عن الرجل وصار هناك نوع من القامة المنتصبة، وعند ذاك ظهر الأساس لتطور الكلام المفهوم والواضح. (ص 5)
وعلي الرغم من ان المقدمة التي كتبها معدّ الكتاب لا تتجاوز الصفحتين من اصل مائة وست وسبعين صفحة خصصها الدارس عن لغات العالم بعامة إلا انه يستطيع خلال هذه التقدمة السريعة اعطاء تصوَّر صائب بخصوص اللغة أولاً، مفرداً بعدئذ المجال للتصنيف اللغوي ثانياً، ربما كي يفسح المجال لاحقاً أمام دراسات متخصصة، متعمقة، كي تقدم ما هو مفيد فاللغة كما هو متعارف ــ مرآة اللغة ــ ويمكن لنا اكتشاف وعي أي شعب من خلال لغته، باعتبارها أي اللغة الوجه الآخر للعقل علي حد قول نعوم تشومسكي واذا كانت الدراسات الألسنية تشير الي ان اللغة عادة تكون اشبه بالشجرة،حيث تسقط بعض اوراقها، وتنمو بالمقابل اوراق أخري لها، فان هذه الشجرة بكاملها معرضة للموت، وهذا ماحدث حقاً للغات كثيرة، اضمحلت باندثار الشعوب الناطقة بها، ومن هنا، فان اية لغة قادرة علي اقصاء الحواشي من مفرداتها، وما لا يناسب دورة الحياة، في الوقت نفسه الذي يمكنها فيه اثراء معجمها بما يناسب التطور الهائل لشتي ميادين ومجالات الحياة، ولكن ينبغي ألا يغيب عن بالنا ان امكان اثراء اللغة من داخلها، لا يعني البتة امكان خلق لغات جديدة، وضمها الي شجرة اللغة لأن اللغة تأتي من تفاعل الحالة الاجتماعية، والأقوامية لا من خارجها، ناهيك عن ان اللغة (المصطنعة) هي في الاصل لغة معلّقة لا تؤسس لذاتها قربي روحية مع الناطقين بها ولو ضمن الحدود الدنيا مما هو مطلوب، ان اللغة، التي هي أحد معطيات التفاعل الاجتماعي، علي اعتبار انها لا تولد معزولةً، فردية، بل ضمن الوسط الاجتماعي الواحد، تشكل احدي العلامات الفارقة للمجتمعات، ولقد عرف القرن الاخير من الالفية الثانية أهمية خاصة لقضية اللغة خلال مناقشة القضايا الأكثر خطورة، نتيجة القلاقل والحروب سواء تلك التي كانت تتم ضمن بلد واحد متعدد الشعوب أو اللغات، أو بين بلدين أحدهما مستعمر من قبل الآخر، ولعلنا نتذكر هنا الحالة الهندية حيث نجد في الباب السابع عشر،الفصل الاول المادة 343 من الدستور الهندي أن اللغة الرسمية للاتحاد الهندي هي الهندية بالكتابة الريفاغارية رغم انه وكما يري ل. ل. ب نيكولسكي في (اللغة والسياسة) يوجد في الملحق الثامن بالدستور الهندي اعتراف باربع عشرة لغة اخري غير السنسكريتية البائدة. وواضح ان اتقان أي لغة اخري وخاصة في شروط التماس اليومي مع تجمع سلالي آخر، يعني الالتحاق بثقافة التجمع المذكور .
لقد بدء الانسان يستخدم يديه ــ كما يقول د. زياد الملا حرفياً ــ أي ان يديه كانتا الاداة الاولي ثم تبعتها العصاة، فالفأس، والمعول، والمجرفة ــ وفي وقت لاحقٍ، أخذ يستخدم، لأجل عمله الفيل والجمل والثور الأهلي والخيل ثم ظهر المحرك الآلي، واضافة الي دور أداة العمل الاولي، كانت اليد البشرية قادرة، أحياناً علي أداء دور أدوات التخاطب (الحركات الاشارية) وقصاري القول: ظهرت لدي البشر، الحاجة كي يقولوا شيئاً ما فيما بينهم، وأجدت هذه الحاجة بالذات، عضواً خاصاً هو الحنجرة البدائية التي اخذت تتحول، تدريجاً، وأما أجزاء الفم فقد أخذت تتعلم لفظ الصوت الكلامي المفهوم، الواحد تلو الأخر . (ص 5)
لغات العالم ثمة جانب مهم يشير اليه ــ الملا ــ في مقدمته، وهي ان الصوت البشري مختلف تماماً عن جذر الصوت الحيواني، ولعل العلامة الفارقة هنا ــ كما يري ــ تكمن في اختلاف الغريزة عن الوعي ومن هنا فان الفن الذي تقوم به مجموعات النحل، غير واع، فهي تعمل بصورة بيولوجية بحتة، ومن دون استخدام الأدوات، لذا لايوجد أيّ تقدم في عملها وهي لم تتغير، من حيث عملها، منذ آلاف السنين وحتي وقتنا الحاضر، واللّغة تتعدي كونها وسيلة للتواصل الاجتماعيّ من خلال تجسيدها لروح الجماعة، ووسمها لها، لتشكل علامتها الفارقة، وتكون مدعاة فخارها وكبريائها، ناضحة بإبائها وعزتها وجبروتها.. كيف لا.. وان هذه اللغة والوعاء الذي يطفح بأحاسيس ومشاعر الناطقين بها، مجتمعاً، أو قوماً أو أمة، ولهذا، فان هؤلاء الناطقين بها، يتوقفون في السراء والضراء علي كنوز وجواهر هذه اللغة، الي حدّ العصبية، أو المغالاة في كثير من الأحيان، لا سيما عندما تتم مقارنتها بسواها من اللغات الأخري من حولها.. ويري الدارس انه توجد في العالم المعاصر اكثر من الفين وخمسمائة لغة، كان معظمها من دون أبجدية حتي بداية القرن العشرين، ظهرت المحاولات الاولي لتصنيف اللغات في القرن السادس عشر، ثم ظهرت طريقة علوم اللغة المقارنة تاريخياً وغيرها، ونكتفي هنا بالتصنيف القائم علي أساس النسب.
1 ــ تضم العائلة اللغوية الهندواوربية اثنتي عشرة مجموعة لغوية هي: الهندية أو الاوردو ــ السنغالية ــ االبنجابية ــ السندية ــ الكوجاريه الماراتاخية ــ البنغالية ــ النبالية ــ البيهارية ــ أوريا ــ الاسامية الكشميرية ــ الغجرية وغيرها من اللغات الميته لهذه المجموعة: السنكريتيه ــ بالي ــ البراكرتيه.

الايرانية أقرب الي الهندية
2 ــ الإيرانية وهي الأقرب للهندية وتضم: الفارسية ــ البوشتو ــ البلوجيه ــ الطاجكيه ــ الكردية، الاسيتينيه ــ التانيه وغيرها ومن اللغات الميته في هذه المجموعة: الفارسية القديمة الفيستيه البهلوية ــ الميدية ــ البارثية السغدية ــ الخوارزمية ــ السكيفية.
3 ــ السلافية: الفرع الشرقي (الروسية ــ البيلوروسية ــ الاوكرانية) الفرع الجنوبي ــ الفرع الجنوبي.
4 ــ البلطيقية.
5 ــ الجرمانية.
6 ــ الرومانية.
7 ــ السلتية.
8 ــ اليونانية.
9 ــ الالبانية.
10 ــ الارمنية.
11 ــ الاناضولية.
12 ــ التوخارية.
اللغات الفنلندية الاورغورية: اللغات المنغولية ــ التونغوسومية ــ المنشورية ــ الصينية التيبتية ــ الدرافيدية ــ الاوسترالية/ الاسيوية/ المالاوية/ البولينزية ــ الاسترالية ــ لغات البابوا ــ لغات سكان افريقيا الاصلين.
اللغات الباليو/ اسيوية الصغيرة ــ اللغات الباليو افريقية الصغيرة/ لغات الاسكيمو ــ لغات امريكا الشمالية ــ لغات امريكا الوسطي ــ لغات امريكا الجنوبية.

ما اللغة الميتة؟
يري المؤلف ان اللغات الميتة هي تلك التي توقفت عن اداء وسيلة الاختلاط لدي شعب من الشعوب، وهي عديدة منها ــ وكما يري حرفياً ــ السومرية في بلاد الشام ما بين النهرين (الألف الرابع ق .م) والايتروسسية في ايطاليا (الألف الاول ق.م) وغيرها، وثمة لغات اخري تعود الي الماضي غير البعيد نسبياً، هذا وتختفي اللغات نتيجة لزوال حامليها (تعرضهم للابادة من قبل الغزاة او المستعمرين) او بسبب ازاحة لغة لاخري لاسباب تاريخية واقتصادية وثقافية.
وتدخل ضمن اللغات الميتة، ايضاً، كما يؤكد المؤلف: لغات شعوب معاصرة في مرحلة عريقة فيما اذا كانت تتمايز شديداً عن الحديثة، الاغريقية القديمة تميزاً عن اليونانية المعاصرة، واللغة اللاتيية بصفتها سلف الايطالية، واللغات الرومانسية الاخري، والفارسية القديمة، والسنكريتية الكلاسيكية وغيرها.
وثمة نقطة مهمة يشير اليها المؤلف، تتعلق باستمرارية أثر السلف اللغوي في الخلف، وهذا ما يتجلي في جملة مؤثرات، تمارس سطوتها في اللغة المستحدثة، حتي بعد غيابها هي إذ يقول: تحظي اللغات الميتة بأهمية فائقة في مجال تحديد قوانين التطور اللغوي، مثلاً ان النحو والصرف في اللغات الهند اوروبية او السامية قائمان: بصورة رئيسة علي معطيات اللغات الميتة. ويبدو ان سؤالاً يفرض نفسه هنا: هل ان العالم يسير حقاً خطوات حثيثة كي يكون ذا لغة واحدة؟
بل أية جدوي يمكن ان تبقي لهذا العالم، إذ لم يبن ــ كما هو الآن ــ علي التنوع، لا سيما وان فرض لغة واحدة علي هذا العالم، سيأتي بعد مرحلة طويلة من التنميط، وتدمير تراثه، وحضارته، وتحويله الي محض آلة، يتم التحكم بها عبر الريموت كونترول، بغرض أداء وظائف محددة، مرسومة له علي حساب انسانيته وسائر ملكاته الابداعية المعروفة.
في هذا الحال، لم نعد امام جماليات لغة/ لغات، بل اننا، وبالتأكيد سنكون في محض مصنع كبير، لا صوت فيه إلا لقرقعة آلات تدعو الي الضجر، قرقعة وصرير لا يشبهان رحابة سمفونية الحياة الجميلة قط.

الانترنت يقرع الأجراس!
اجل ان من يقرأ ما كتبه د. نبيل علي الخبير في المعلوماتية وتحت عنوان الانترنت مقبرة اللغات أم بستانها؟ سيحس بهول الخطورة بأكبر، فهو يري عبر دراسته ان في العالم 6000 لغة، وأن نصفها مهدد بالانقراض، ويري انه في افريقيا وحدها 1800 لغة مهددة بالاندثار، ويقول: ولا جدال ان افريقيا وحدها تعجز عن القيام بهذه المهمة الحضارية باهظة التكاليف ومن بين الاسباب المهمة المؤدية الي موات اللغة يري ان ابناء افريقيا يتعلمون الانكليزية او الفرنسية للعمل .
ويبدو انه امام هيمنة اللغة الانكليزية علي وسائل الثورة المعلوماتية، بل من اجل تحصين لغتها القومية، والحفاظ علي لغتها القومية، ولعل قرار وزارة الثقافة الفرنسية برصد ملايين الدولارات من اجل حماية ثقافتها هو مؤشر واضح بهذا العدد، لا سيما وان د.علي يري انه لا يتمثل علي شبكة الانترنت من كل هذه اللغات العالمية سوي 500 لغة فقط، معظمها ذو حضور ضعيف جداً.
ولقد عرف التاريخ المعاصر، بحق، نقاطاً مضيئة، بل وعياً مبكراً لدي بعض الشعوب ذات الاغلبية السكانية، بخصوص لغات الشعوب التي تعيش الي جوارها، ففي الاتحاد السوفياتي السابق كان هناك اكثر من 120 لغة، وكان من حق اية مجموعة بشرية متمايزة صغيرة، وان كان عددها لا يتجاوز المئات ممارسة تعلم لغاتها القومية، ومطالبة الدولة بتوفير ما يلزم من اجل ذلك. ثمة نقطة مهمة،يمكن ان تقال هنا ايضاً، ان درجة وعي ابناء الشعوب للغاتهم، عامل مهم في الحفاظ عليها، ولعل المثال الاكبر بهذا الصدد هو ــ اللغة الكردية ــ التي استطاعت ومنذ العام 17 هجري ان تحافظ علي ذاتها برغم انصهار المجتمع الكردي في البوتقة الاسلامية، حيث هيمنة لغة القرآن الكريم، بعكس لغات اخري لم تستطع الصمود أكثر من بضعة عقود، حيث اصبحت في ظل لغة اخري، مهيمنة، نسياً منسياً ولعل الامثلة هنا جد كثيرة، تؤكد ان امكان حفاظ اللغة علي نفسها من خلال توفر جملة عوامل ضرورية من اجل ذلك، وهي عموماً، عوامل لا تأتي بالمصادفة.

علي ابواب الالفية الثالثة
تعزو دراسة اليونيسكو الاسباب الجديدة لاندثار اللغات الي نقاط عدة منها:
1 ــ سياسات الحكومة القمعية.
2 ــ سياسات الامتصاص والضغوط الاقتصادية.
3 ــ الهجرة.
4 ــ الامراض والكوارث الطبيعية ويمكن هنا ان نضيف كذلك سبباً آخر، هو هيمنة اللغة الواحدة في ظل سياسات العولمة، لذلك فأن اسئلة ملحة تطرح نفسها إزاء الثورة المعلوماتية، بخصوص مصير ثقافات الشعوب بعامة، ولغاتها القومية بخاصة، كونها الخزان الرئيس لتراثها وحضارتها ومعين ديمومتها في آن واحد..!
ولعل الخيار الديمقراطي، ونبذ الاضطهاد، والاستغلال، والقمع والحروب، والدمار وتحسين الاوضاع المعيشية للفرد، وتأمين سبل الحياة والثقافة والتعليم وكل ما تنص عليه قائمة (حقوق الانسان)... الخ.
باتت ضرورات لا يمكن الاستغناء عنها، وستظل تتصدر جداول الاعمال في اية مؤتمرات داخلية، أو دولية تهجس بمستقبل الحياة فوق هذه الارض، من أجل حياة كريمة، لانسان سويٍّ قادر علي ان يكون فاعلاً وهو يلج بوابات الالفية الثالثة، وذلك علي أحسن نحو كما هو منه.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استنطاق الحيوان كشكل للدلالة علي تازم العلاقة بين المثقف وال ...
- الحوار المتمدن دعوة جادة إلى حوار جاد
- المواطن السوري: معط أو مستعط...!ووظيفة الدولة والشركات الخاص ...
- الإعلام الضال ظاهرة مسيلمة الصحاف أنموذجا
- الحكمة الكردية في الزمان الصعب !!
- ما بعد الانترنيت
- التلفزيون السوري والبرامج الرمضانية
- على هامش ندوة:مهامنا السياسية
- حوا ر مع الشاعر العراقي اسعد الجبوري
- طيـب تيزيـنـي فـي مقالـه; مثقفون لا رعايا
- حامد بدرخان الراحل وحيداً
- احوار مع البروفيسور والناقد الكردي عزالدين مصطفى رسول
- حوار مع الباحث الماركسي السوري عطية مسوح - اليسار العربي تجا ...
- صناعة ا لموظف الحكومي
- لنفكر معا.. مقترحات اولى من اجل اجراء مسابقات عمل ناجحة وعاد ...
- مداخلة إبراهيم اليوسف في الندوة التي أقامها الحزب الديمقراطي ...
- جامعة بلا طلاب
- مداخــلة الاستاذ إبراهيم اليوسف – اللجنة الوطنية لوحدة الشيو ...
- برنامج (الاتجاه المعاكس) : عقدة صراع الديكة..!
- كيف أصبح وزيراً......؟!


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - هيمنة الانترنت تطفئ جذوة الايحاء ومنظمة اليونسكو تقرع الأجراس: نصف لغات العالم مهدد بالزوال