مصر تقزم نفسها‮ ‬

مجدي شندي

الحوار المتمدن-العدد: 2238 - 2008 / 4 / 1 - 02:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

هل كانت مصر علي حق حينما قررت أن تتعامل مع نفسها مثل الصومال أو جزر القمر وتخفض مستوي تمثيلها في القمة العربية إلي وفد برئاسة وزير دولة؟
البديهي أننا نظلم مصر حينما نحملها إثما لم تفعله‮ ‬،‮ ‬فالقرار التعيس الذي تم اتخاذه لا يعبر عن البلد ولا حتي عن النخبة الحاكمة‮ ‬،‮ ‬وإنما هو رأي أفراد قلائل في جهاز السلطة اتخذوه علي الأرجح تساوقا مع مطالبات خارجية‮ ‬،‮ ‬ودون إدراك لمغزاه ولا لآثاره علي الدائرة العربية التي لم تعلن القاهرة بعد نفض يدها منها‮ ‬،‮ ‬ودون وعي بأثره الفتاك علي صورة مصر وسمعتها كبلد معتدل ينتهج سياسة عاقلة وحكيمة‮ .. ‬تتيح لها أن تظل في الصدارة من الناحية المعنوية علي الأقل‮.‬
الآن لم تعد هناك حكمة ولا عقل‮ ‬،‮ ‬ولم يعد من حق المصريين أن يزعموا بأن بلدهم‮ ‬يقود الدفة العربية‮ ‬،‮ ‬أو أنه‮ ‬يمثل حلقة وصل ما بين وجهات النظر العربية المتباينة علي نحو مافعل طوال نصف القرن الماضي‮ .. ‬بل عليهم أن يتحملوا الآن‮ ‬غمزات البعض ولمزاتهم حول ارتهان القرار المصري بالخارج‮ ‬،‮ ‬وحول أن البلد الذي كان يوما يقود نحو مائة دولة من دول عدم الانحياز أصبح تابعا‮ ‬،‮ ‬ينتظر إشارات خضراء حتي يتحرك أو إشارات حمراء كي يتوقف‮ .‬
هذا الموقف يثبت ما قيل حول القمم التي دعيت للاجتماع علي عجل في القاهرة منذ قمة 9 ‬و10 أغسطس‮ ‬1990‮ ‬وحتي اليوم‮ ‬،‮ ‬وحول البيانات التي كانت عواصم‮ ‬غربية تقترح خطوطها العريضة لتمرر في اجتماعات القادة‮ ‬،‮ ‬وكذلك يؤكد أن السمعة التي اكتسبتها قمم شرم الشيخ لم تأت من فراغ‮ ‬،‮ ‬إذ أن وقائع التاريخ تثبت أنه لادخان بدون نار‮.‬
ألم يكن من الحكمة أن تشارك مصر علي أعلي مستوي وتحاول حشد الرأي لوجهات نظرها حول معالجة القضايا العربية بدلا من أن تؤجر قرارها للآخرين؟ وإذا كان خفض مستوي التمثيل تم فعلا كنوع من الاحتجاج علي عدم تدخل سوريا لدي حلفائها اللبنانيين لإنهاء الأزمة الرئاسية‮ .. ‬ألا يفهم المسئولون أن قرارهم هذا يعمق الانقسام اللبناني ويسلمه إلي مجهول قد تكون الحرب الأهلية أهون شروره ؟
من حقي كمصري أن أسأل عن الثمن الذي تقاضته الحكومة مقابل إفشال قمة دمشق‮ ‬،‮ ‬في زمن السادات قيل لنا إن الانخلاع من العروبة ثمنه تحرير سيناء دون حروب إضافية‮ .. ‬حسنا‮ .. ‬في ذلك الوقت عرفنا الثمن سواء قبلنا المبدأ أم رفضناه‮ ‬،‮ ‬لكن ماثمن خلع مصر من عروبتها الآن ؟ ثم ماهو الثمن الذي يعوض مصر عن تقزيم دورها ومكانتها ؟ وماذا يحدث لو أن مجانين تل أبيب لم يرضوا بالدور التواطئي الذي نقوم به وقرروا شن حرب علينا‮ .. ‬هل سنعود حينئذ لنطالب العرب بالوقوف معنا ومساندتنا باعتبار ذلك واجبا نتهمهم بالخيانة إن لم يفعلوه ؟ ومن سيصدقنا وقتها‮ .. ‬؟
اغلب الظن أن القيادة المصرية تعيش حالة فصام تتصرف في الليل علي نحو‮ ‬،‮ ‬فإذا أتي النهار تصرفت علي نحو مغاير‮ .. ‬وهي إن صدق هذا التخمين تستحق الحجر عليها.‬

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل