طوابير للعصيان المدني‮

مجدي شندي

الحوار المتمدن-العدد: 2222 - 2008 / 3 / 16 - 11:22
المحور: المجتمع المدني
    

أول الكلام‮ ‬
‮ ‬إني لأعجب للرجل لا يجد قوت يومه ثم لا يخرج علي الناس شاهرا سيفه‮ ‬
الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري‮.‬

ربما تنجح أزمة رغيف الخبز فيما فشلت فيه المعارضة بشعاراتها الكبيرة واحتجاجاتها ومناكفاتها مع السلطة علي مدي ثلاثين عاما‮ .. ‬أقول ربما لأن سنوات طويلة من الرهان علي المواطن الذي يفترض أن يغضب ويثور ويطالب بحقه في حياة كريمة كانت مجرد رهان علي حصان خاسر‮ .. ‬
خسر المخلصون الذين راهنوا علي الشارع وآمنوا أن الثورة تولد من رحم الأحزان وجنوا حسرة وغيظا،‮ ‬وكسب من راهنوا علي السلطة فساوموها وساومتهم،‮ ‬فمثلوا علي الناس دور المعارض المبدئي،‮ ‬ومثلت السلطة هي الأخري فأبقتهم في مواقع المعارضة ومنحتهم مكاسب رجالها‮.‬
وبعيدا عن الأحلام والأخيلة الطوباوية فإن أي عاقل يدرك أن طوابير الخبز الحالية مرشحة للتحول إلي طوابير عصيان مدني واسع النطاق،‮ ‬ذلك أن المواطن الذي التحف دائما بالصبر لم يعد يجد في قوسه منزعا،‮ ‬فالدائرة تضيق حول عنقه‮ .. ‬والغلاء يحاصره من كل اتجاه،‮ ‬ولم يعد مجديا ان ينتقل كبهلوان من عمل إلي آخر ليعود في آخر الليل مثل خرقة بالية يلعن حظه الذي لم يتح له أن يجد فرصة عمل في الخارج،‮ ‬أو أخلاقه التي حاصرته في دوائر الرزق الحلال،‮ ‬فلم ينهب أو يرتش،‮ ‬حتي يستطيع إطعام أولاده دون أن يجد نفسه مضطرا لإهدار كرامته أو كرامة أهله من أجل الرغيف المدعوم‮.‬
إذا ارتفعت أسعار اللحوم يمكن للمصري أن يقاطعها ويجد بدائل وإذا ارتفعت سلعة أبدل مكانها أخري،‮ ‬لكن الذي ليس له بديل هو الرغيف،‮ ‬ذلك أن ثقافة التغذية التي نشأ عليها معظم الشعب المصري تضع الخبز أساسا ثم تبحث عما تكمل به المائدة،‮ ‬فإن‮ ‬غاب الرغيف جاع،‮ ‬وإن جاع لم تعد تخيفه عصي الأمن المركزي ولا ترهبه السجون‮ .‬
أزمة رغيف الخبز في مصر ليست أزمة عادية إذ تمسك فيها السياسة بتلابيب الاقتصاد،‮ ‬وتتشابك فيها خيوط مؤامرة خارجية بتواطؤ داخلي،‮ ‬وقبيل أسابيع صرح وزير زراعة سابق بملء الفم أن عدم زراعة القمح قرار سياسي ناتج عن إملاءات خارجية،‮ ‬فاكتفاء مصر الذاتي مخيف بالنسبة لإسرائيل التي باتت تتحكم في قرار أمريكا وتحاربنا بسيفها‮ .‬
بناء علي ذلك أطالب بلجنة تحقيق علي أعلي مستوي تتتبع أزمة القمح في مصر منذ بدء انفتاحها علي الغرب في عام‮ ‬1974‮ ‬وتجلب من خطط السياسات الزراعية وأجر الناس علي تنفيذها إلي قاعات المحاكم ليكونوا عبرة لغيرهم،‮ ‬وليشفوا‮ ‬غليل أناس مهددين بقضاء ربع أعمارهم في طوابير الخبز‮. ‬

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل