أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مجدي شندي - كسر خواطر ليفني














المزيد.....

كسر خواطر ليفني


مجدي شندي

الحوار المتمدن-العدد: 2122 - 2007 / 12 / 7 - 03:21
المحور: كتابات ساخرة
    


في الطبيعة لا يتحول الذئب إلى حمل أبدا .. لكن الإنسان أكثر قدرة على التلون والتمثيل والإيهام بما يخالف الواقع , وذلك عين ما فعلته تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل التي حاولت ابتزاز مشاعر حضور مؤتمر أنابوليس ومعهم مشاعر الرأي العام العالمي المتعاطف في معظمه مع إسرائيل حتى وهي ترتكب ممارسات نازية , وذلك تحت سحر "الميديا الغربية" التي تحول العربي إلى وحش يجوب الفلاة باحثا عن طريدة إسرائيلية ليفتك بها .
بصوت يغلب عليه التوسل والتأثر قالت ليفني في إحدى جلسات المؤتمر (حسبما نقلت واشنطن بوست) : "لماذا لا يريد أحد مصافحتي؟ لماذا لا يريد أحد أن يُشاهد وهو يتبادل الحديث معي؟ توقفوا عن معاملتي كمنبوذة. فأنا لست مصابة بالجرب", ويعلق مسؤول "لقد تجنّبوها كما لو كانت أخت دراكولا".
بالطبع ربما لا تدرك ليفني حجم المآسي التي سببها الصهاينة للفلسطينيين وللعرب , وهي ربما تكون صادقة كإنسانة في تأثرها بمقاطعة المسؤولين العرب لها , فالإنسان يتميز بإدراك انتقائي طبيعي , حيث ينتقي العقل الباطن من الحوادث التي يمر بها الإنسان ومما يقرأه أو يسمعه أو يشاهده ما يتناسب مع توجهاته وأفكاره ومشاعره , وهو يميل إلى نسيان وتجاهل مالا يتفق مع هذه الأفكار والمشاعر . وبهذه الطريقة ينشأ التطرف السياسي منذ العصور القديمة وحتى الفاشية والنازية والصهيونية في العصر الحديث . هذا أيضا ما يمنع الإنسان من الإحساس بمرارات غيره خاصة عندما يكون في المعسكر المعادي , وغالبا ما تلصق اتهامات بكل من يحاول الخروج على المشاعر العامة , فالذي يتفهم بإنسانية معاناة الفلسطينيين والعرب من اليهود هو "يهودي كاره لنفسه" والذي يحاول القفز فوق الآلام والجراحات العربية " مطبع أو خائن".
في كل الصراعات توجد عذابات على الناحيتين , لكن الصراع العربي الإسرائيلي يكاد يكون استثناء غير مسبوق من هذه القاعدة , ومن ثم فإن ليفني ليس لديها أي مبرر للمسرحية التي مثلتها على خشبة أنابوليس وبحضور حشد دولي , فالطرف الصهيوني لم يكن يملك حبة رمل من فلسطين قبل بدء الصراع .. بل كانت بالنسبة له واحدة من عدة خيارات في بقاع مختلفة من العالم , لكن حظ أجيالنا التعس جعل دهاة الصهاينة يختارون فلسطين , إذ أنها تتيح استخدام رافعة دينية لهم , وحياكة أساطير تتيح لهم عونا ومددا عالميا بعد إنشاء الدولة التي كان الدافع الأصلي لها تخليص أوروبا من " المشكلة اليهودية" . واستغل الصهاينة نقاط تماس شائكة بين الدينيين اليهودي والمسيحي لإقناع الدهماء في الغرب بأساطير الملك الألفي ومعركة هرمجدون وربط كل ذلك ببقاء إسرائيل قوية وقادرة على هزيمة كل المحيطين بها.
نحن إذن أمام صراع غريب طرف لايملك شيئا وتمكن من سلب كل الأرض نافيا صاحبها إلى المنافي والملاجيء , طرف يحظى بالمساندة العالمية العمياء مهما فعل وإليه تتدفق التبرعات وتختلق الذرائع لبشاعاته , وآخر يتم اتهامه بالإرهاب إذا تجرأ أحد أطفاله وقذف حجرا في وجه دبابة أو صنع صاروخا مداه ثلاثة كيلومترات يحمل رأسا لا يزيد على 10 كيلو جرامات في مواجهة صواريخ مداها ثلاثة آلاف كيلو متر وقادرة على حمل رؤوس نووية, طرف تسيل دماء الآلاف من أبنائه في مجازر جماعية دون أن يحرك ذلك ضمير العالم وطرف آخر تنقلب الدنيا إذا ما لقيت إمرأة منه مصرعها بالمصادفة في عملية فدائية.
بالطبع لن تتفهم ليفني معاناة الفلسطينيين لأن لم تجرب كيف تعيش بلا زوج .. حين يأسر العدو زوجها ويضعه وراء القضبان لعشرات السنين . لن تتفهم لأن والدها لم يقتل وهو يدافع عن بيته أو أرضه .. لن تتفهم لأنها لم تكن مضطرة يوما للولادة على أحد حواجز العدو , أو الانتظار لشهور حتى "يتعطف ويتكرم" ويفتح معبرا فلسطينيا .. لن تتفهم ليفني لأن أحدا لم يعتقل ابنها وهو يسير معها في شارع أو عند نقطة عبور .. لن تتفهم لأنها لم تجرب أن تعيش في وطن بلا كهرباء أو وقود .. فيموت المرضى في المستشفيات , أو يختنق المواليد في الحضانات دون أن يحرك ذلك شعرة في رأس من يدعون الإنسانية عبر العالم.. لن تتفهم لأنها لم تجرب حياة الملاجيء ولم تجتر آلام الماضي أو تنظر إلى المستقبل فلا ترى بصيص أمل ولا شعاع ضوء .
الوزراء العرب ليس لهم حق في مقاطعة ليفني .. هكذا ترى هي , لكن 100% من العرب يرون أن إسرائيل هي "أخت دراكولا" بعيدا عمن يحكم أو يرسم السياسات , فليس بينهم بريء ولا أحد يتحلى بقليل من الإنسانية .
هل كان ينبغي على المسؤولين العرب أن ينثروا الورد حينما يرون طلتها البهية .. أم أن عقودا من الدماء كانت تلوح أمامهم وتمنعهم من كل شيء , فالذئب حين يبتسم يجعلك تدرك أنه يخطط لاصطياد فريسة أخرى.



#مجدي_شندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء المصريين الرخيصة
- الكفر بالعروبة
- صدي الخروج من التاريخ
- نفسية الجواسيس
- مصر ..الخارجة من التاريخ (2من2
- نجاة النادي
- مصر ..الخارجة من التاريخ (1من2
- على اسم مصر
- سطوة الأمن المصري
- دستور الاستعباد
- في رئاء عطية حسن
- تحرش وسط القاهرة
- غزة المرابطة
- الرئيس الذي تحتاجه مصر
- ماذا نفعل بأسمائنا؟
- آخر أجيال الهزائم
- حضرات الكتاب المزايدين
- ضرورة المراجعة
- أوهام-الصديق- الأميركي
- الورقة الأخيرة


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مجدي شندي - كسر خواطر ليفني