الوطن يناديكم والشهداء يستصرخونكم والنضال يحرركم ويوحد صفوفكم

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2223 - 2008 / 3 / 17 - 08:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

خمس سنوات وقوات الاحتلال تنتهك ارض الرافدين بدباباتها وتدنس سماءه بطائراتها وتسمم مياهه باسلحتها. خمس سنوات وشارع الرشيد يناديكم، ورغم كل معاول التهديم والتشويه يشع كل حجر فيه بسجل بطولات ابائكم واجدادكم. فكم مزقوا من معاهدات استرقاقية واحلاف عسكرية وقاموا بتنفيذ احكامهم بحق خونة الشعب والوطن . لقد سجل بوقع اقدامهم وقوة عزائمهم متحدين الموت تمزيقهم معاهدة بورتسموث الامبريالية البريطانية واسقاط الحكومة التي وافقت على ابرامها. واليوم يعيد التاريخ نفسه فالحكومة البريطانية التي دخلت العراق قبل قرن تحت شعار جئناكم محررين لا محتلين تماما كما تدعي الادارة الامريكية اليوم، ارادت تثبيت بل وتطوير شرعية احتلالها من خلال اتفاقية بورتسموث تماما كما ترمي الادارة الامريكية لتثبيت وتطوير احتلالها الذي فرضته من خلال الحرب الخاطفة المدانة عالميا وحرب الابادة المستمرة . وجاءت تلك الاتفاقية ايضا تحت شعارات الصداقة والتعاون في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والامنية لتخفي الهدف الرئيس وهو استمرار الاحتلال الذي كانت تجسده قاعدتي الحبانية والشعيبة وينفذه عشرات الالاف من المستشارين العسكريين والمدنيين في جميع مفاصل الدولة، وتطويره بتحويل العراق كله الى قاعدة عسكرية كبرى تكون مركزا لحلف بغداد العسكري. واليوم فان الاتفاقية الامنية ترمي الى تحويل العراق الى قاعدة عسكرية لادارة الهيمنة الامريكية على منطقة الشرق الاوسط ومصدر اساس لتمويل هيمنتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية بنهب ثرواته النفطية . وهاهو شارع المتنبي ينايكم وقد فجروه بهدف اطفاء نور معرفتكم. وهاهي متاحفكم تستصرخكم بعد ان نظم المحتلون وادواتهم نهبها بهدف محو تاريخكم ونسيان تجاربكم. وهاهي البصرة والموصل والعمارة والنجف وكركوك وقلعة دزه ، بل وكل شبر من ارض الوطن يناديكم ويطالبكم بالذود عن حريته.
لقد قدم شعبنا الاف الشهداء من اجل صيانة حرية الوطن وطهرها بدمائهم وزين سماؤه بنجوم ساطعة ستبقى تنير دروب النضال لغد مشرق ولكن القهر الطويل والرعب المستمر والتضليل الذي حجب نور شمس الحقيقة ودروب النضال، صم اذانكم عن سماع صراخ شهداء شعبنا الذين حفظوا لكم بدمائهم حرية الوطن التي تسحقها اقدام قوات الاحتلال، وصراخ مليون ونصف ضحية رخيصة سقطت في الشوارع وتحت اسقف البيوت والمعامل والمدارس التي تهدم بالمتفجرات والمفخخات والغارات الجوية وترمى جثثهم في المزابل او في المقابر الجماعية . شباب بعمر الورد واطفال ونساء كان يمكن ان يكونوا اكبر جيش جماهيري لطرد الاحتلال وبناء العراق الحر الديموقراطي المزدهر وان يسجلوا بدمائهم تاريخ تحرير وطنهم من اشد اعداء شعبهم واعداء البشرية اجراما، لو تمسكت طلائعكم السياسية باستراتيجيتها الوطنية وبتجاربها التاريخية وبثقتها بنفسها وبكم وبالبشرية. نعم لم يكن الامر سهلا . ولكن ليس مستحيلا . ولم يتطلب الامر اكثر من التمسك بالاستراتيجية الوطنية وصياغة الهدف الرئيس وهو تحرير الوطن من الاحتلال . وصياغة البرنامج الذي تسمح به الظروف لمناهضة الاحتلال وتحميله مسؤلية كل ما يعانيه الشعب من حرب ابادة وحرمان من كل مستلزمات الحياة الطبيعية، وليس التهادن والمساومة معه وترديد كل ادعاءاته لتبرير استمرار احتلاله . وفي مقدمتها ان خروج قوات الاحتلال مرهون باعداد القوات المسلحة العراقية التي تستطيع حماية الامن !! الامر الذي لايمكن تحقيقه طالما بقي الاحتلال. ولا يقل عن هذا التبرير لبقاء الاحتلال هو ان العدو الرئيس تارة الارهاب وتارة الطائفية . في حين ان الارهاب والطائفية هما اداتا الاحتلال لتمزيق وحدة الشعب وشل طاقاته ولايمكن القضاء عليها الا بربط النضال ضدهما بالنضال ضد الاحتلال . واليوم وبعد خمس سنوات وبدل توعية الجماهير وتعبئتها للنضال ضد اتفاقية التعاون بكل عناوينها المختلفة باعتبارها تشريع للاحتلال وادامته مهما كان عنوانها ومهما اعلن من بنودها ، يتبارى شركاء العملية السياسية في تضليل الجماهير وخداعها . فقد طرح بعضهم شروطا مثل عدم اقامة قواعد عسكرية دائمة !! فما الحاجة لاقامة قواعد عسكرية دائمة في حين ارض العراق كلها اصبحت قاعدة عسكرية دائمة لهم بحكم نص الاتفاقية على حمايتهم للامن الداخلي والخارجي وتدريبهم للقوات المسلحة العراقية وانتشار خبرائهم ومستشاريهم في جميع مرافق الدولة. وراح اخرون لتضليل الجماهير بالاعتماد على قوة ومهارة الوفد المفوض والزام الجماهير بدعمه!!
ولكن ورغم خمس سنوات من الابادة الجماعية التي عاناها شعبنا وشحذ كل ابواق التضليل السياسي وتشويه الحقائق وتخدير يقظة الجماهير استطعتم وقف تشريع قانون النفط والغاز بفضل جهود طليعة وطنية واعية من الخبراء في مجال النفط في توعية الجماهير بمحتوى القانون واهدافه الذي صاغه المحتلون بالاتفاق مع الحكومة التابعة واستطاعوا تحريك الجماهير ولاسيما النقابات العمالية وفي مقدمتها اتحاد نقابات عمال النفط في البصرة وخاضوا مختلف اشكال النضالات . جمعوا التواقيع ونظموا المظاهرات والاعتصامات وحققوا من خلال ذلك اقامة جبهة وطنية واسعة لمناهضة قانون النفط والغاز . واليوم اذ تشحذ قوات الاحتلال كل ادواتها ولاسيما اقطاب العملية السياسية لجني ثمار حربها وخمس سنوات من الاحتلال بكل ما اقترفته من جرائم بحقكم وما كلفته مقاومتكم لها بجميع اشكالها من خسائر فادحة هزت قدراته العسكرية و الاقتصادي وسمعته الدولية والعالمية، من خلال عقد اتفاقية التعاون المشترك التي يصبح قانون النفط والغاز احد بنودها . ولذلك فالوطن يناديكم ودماء الشهداء والضحايا تستصرخكم للنضال الفعال على اختلاف اشكاله ووسائله لقبر هذه الاتفاقية وتعرية كل المروجين والمبررين لها . فمن خلال هذا النضال الوطني الجبار تتم وحدة القوى الوطنية وتتطور اساليب ووسائل النضال وصولا الى تحرير الوطن وبناء العراق الديموقراطي الموحد .

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل