أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - براحة ضمير كاملة














المزيد.....

براحة ضمير كاملة


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 2224 - 2008 / 3 / 18 - 07:18
المحور: الادب والفن
    


العجوز التي كانت تجلس كل يوم في الشرفة
لسنوات كثيرة
نزلت اليوم من بيتها
ميتة
المرأة التي كانت تجلس كل يوم في الشرفة المقابلة
لسنوات لم تصبح كثيرة بعد
والتي لم يكن بينها وبين العجوز أكثر من ( صباح الخير )
بكت
ربما لأنها تعوّدت على وجودها اليومي
وملامحها الحزينة
أو لأنها تذكرت كافة الأحبة الذين نزلوا من بيوتهم هكذا
وربما لأنها تخيلت نفسها مكانها
وربما لأنها تأكدت أكثر
أن الجلوس في الشرفات مثله كأي شيء آخر
ينتهي دون أن يصبح أحد
على كل شيء قدير

* * *
أمام الكاميرات وقف الطفل يصرخ ويبكي بذهول وألم ويصف بصوت مذبوح ومرتعش كيف تحول أبيه وأمه وشقيقته الصغيرة إلى أشلاء داخل السوق الشعبي المزدحم حينما انفجرت المرأة المريضة بعته مغولي التي ملأها مجموعة من الأشخاص بالقنابل وقاموا بتفجيرها عن بعد ثم قاموا بتصوير أنفسهم وهم واقفون تحت ( لا إله إلا الله ) ، ( محمد رسول الله ) ويقرأون بيانا يؤكدون فيه أن الله موجود ويحيط بكل شيء علما قبل أن يعلنوا مسئوليتهم عن العملية الجهادية التي تدعم التصالح بين الخطاب الإنجيلي والمحافظين الجدد المؤمنين بالحل العسكري لإنقاذ العالم المقسّم بالعدل إلى شركات كونية متحالفة إلكترونيا تعمل على إنتاج قيم أخلاقية تشهد على التوافق بين العهد القديم والمهمة الرسولية لأمريكا في إدخال البشرية لعصر ما بعد الإنسان ؛ كما أن الطفل عليه أن ينتهي من صراخه وبكائه سريعا كي يواصل تنفيذ ما علمته له الأشلاء ـ حينما كانت كائنات حية ذات يوم ـ بضرورة أن يفعل ـ على قدر ما يستطيع ـ خيرا كثيرا في الدنيا التي لم تُخلق عبثا حتى يغفر الله له ويدخله الجنة .

* * *
هل تصدق ... ؟
أن الذي ينتظر كل يوم
حتى يصبح لوحده بالبيت
ويتمدد على الأريكة
بصحبة إضاءة خافتة
واضعا سماعتي الـ ipod في أذنيه
ليستمع إلى أغنيات طفولة الثمانينيات
مغمضا عينيه لفترة طويلة
ويستعيد الذكريات
ويبكي
لن يعود طفلا أبدا
كما أنه بالمناسبة
سيموت ذات يوم ؟!!!

* * *
وهو طفل صغير جدا كان يعتقد أن الدنيا ـ لسبب مجهول ـ خلقت خصيصا من أجله ، وأن كافة البشر : أسرته وعائلته وجيرانه وكذلك الناس الكثيرة جدا الذين يسكنون البيوت والمدن الأخرى ويسيرون في الشوارع ويتحركون داخل التليفزيون ويسمع أصواتهم في الراديو وتظهر صورهم في الصحف والمجلات ويتظاهرون بأنهم لا يعرفونه هم في حقيقة الأمر ينفذون مهمة سرية تجاهه تم تكليفهم بها من الله لغرض خفي .. كان يعتقد أيضا أن لهذه المهمة وقت محدد حينما ينتهي سيتمكن حينئذ من أن يفهم الحكمة الغامضة التي تكمن وراءها .
وهو كبير جدا استغرب كثيرا من نفسه لكونه تمكن من التوصل لهذه الحقيقة المؤكدة مبكرا هكذا ودون مساعدة من أحد رغم أنه كان لا يزال طفلا صغيرا جدا .

* * *
إذن .. لم تعد هناك طريقة تفكر بها في الآخرين سوى أن تجلس وحدك كل ليلة ، وتسترجع تواريخهم واحدا واحدا كي تستخرج وتوثق في ذاكرتك أكبر كم من الدلائل على كونهم دائما عبيدا مثاليين لسخرية القدر ...
لم تعد هناك طريقة سوى هذه
حتى لا يقتلك الحزن والرغبة المكتومة طوال الوقت في شفي الغليل من الآخرين الذين يعيشون كأنهم بلا أقدار ساخرة والذين لا يرحمون أبدا إخوانهم من العبيد المثاليين .

* * *
http://mamdouhrizk.blogspot.com/



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيارات المتاحة في حركة الرأس باتجاه الحائط
- ضرورة أن أكون في أمان كهذا
- ما لم يذكره ( سلاح التلميذ )
- أنا أسوأ من ذلك بكثير
- السينما كتجميل للأنقاض الخالدة
- الشعر قصيدة النثر الكتابة … ( لاشيء غريب .. لا شيء عادي )
- مبررات ضعيفة لإساءة الظن بوظيفة الأشلاء
- … وصلاة على روحك لن تعترف بشيء
- نصوص
- Setup
- خلل بسيط في برمجة السعادة
- آدم وحواء
- المُدافع
- كأحلام غير مزعجة داخل رأس ترتدي الخوذة الواقية الوحيدة
- دروع بشرية لحراسة الغيب
- وقت قصير يمنعني من إخباركم بكل الخسائر
- السماء المرسومة في كتاب الحكايات
- قصص قصيرة جدا
- أيادي مرفوعة إلى سقف الحظيرة
- رسول العاطفة الإلهية


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - براحة ضمير كاملة