أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - قصص قصيرة جدا














المزيد.....

قصص قصيرة جدا


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 06:17
المحور: الادب والفن
    


( 1 ) فقاعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أيتها البائعات الجالسات تحت شمس الظهيرة وراء أقفاص الخضروات والفاكهة .. الرجل الذي يهتف بأنواع الأسماك المختلفة .. الطبيب الذي يبيع الدواء داخل الصيدلية .. الشاب الواقف داخل الدكان الخشبي لبيع الخبز .. يا كل العابرين والمطلّين من الشرفات .. هناك امرأة عجوزتسير بينكم كل يوم تقريبا .. تحمل في يديها أكياسا سوداء بلون ثيابها .. تتبادلون معها التحية أحيانا .. لكنكم لم تلحظوا رعشة كفيها ، ولا حزن نظراتها المختبيء وراء عدستي نظارتها السميكتين .. لم تفكروا في السبب الذي جعل عينيها ملتصقتين دائما بمواضع خطواتها الثقيلة .
أيها الشارع الطويل المزدحم .. هناك امرأة عجوز ما عادت تسير بداخلك .. كما أنك لازلت مستمرا في صخبك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 2 ) كان
ـــــــــــــــــــــــــــــ

التاريخ كل حياته .. منذ الطفولة وبعد انتهاء الدراسة يقرأ ويكتب كثيرا عن الحضارات والشعوب والعصور الفائتة .. يبحث ويفكر ويرصد الأحداث القديمة للإنسان باستمتاع هائل وحميمية كبيرة .

* * *
في هذا المساء سوف يخرج من عيادة الطبيب بوجه شاحب وقدمين مرتجفتين .. وحينما يدخل بيته ويقف عند عتبة حجرة المكتبة المفتوحة .. سوف يتملى طويلا في كتب التاريخ المتراصة فوق الأرفف .. يتملى طويلا قبل أن يتحرك خطوة واحدة للداخل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 3 ) ذكرى
ــــــــــــــــــــــــــــ

أشعلت العجوز أعواد البخور وجلست لتتناول عشائها .. قطعة صغيرة من الجبن وكسرة خبز مبللة .. يتسلل الدخان إلى صدرها .. تسعل بقوة .. تتوقف قطعة الجبن في حلقها .. تشعر بالدوار بينما تختنق .. تسعل .. تسعل .. تقفز قطعة الجبن خارج فمها .. تسيل الدموع فوق تجاعيد وجهها .. تحاول أن تبتسم .. تسعل .. توزع نظراتها المنطفئة على الأشياء القليلة للحجرة التي تقتسم معها الوحدة والسكون .. تهمس بصوت مرتعش :
ـ لي طفل .. يحب إشعال أعواد البخور .
تزداد دموعها بينما يرتجف بشدة جسدها الضئيل المنكمش فوق الأريكة الصغيرة .. تقول :
ـ لي طفل .. طفل له ملائكة يشعلون الآن من أجله أعواد البخور التي يحبها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 4 ) نفس الحياة .. نفس الموت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا عدتِ .. سوف أعد فنجان قهوتي صباحا وأغسل أطباق طعامي بنفسي .. سأنظّم الأشياء المبعثرة في حجرتي وأزيل الغبار والعنكبوت .. سوف أمتنع عن التمدد فوق الأريكة القديمة وأدرّب قطتي على التبول والتبرز في دورة المياه بدلا من أرضية غرفة المعيشة .. سأمتنع عن التدخين والسهر والصياح في وجهك والإلحاح في طلب النقود وسرعة إعداد الطعام وأكواب الشاي كما سأجعلك تشاهدين القناة التليفزيونية التي ترغبينها دون أن أعترض .
إذا عدتِ .. سوف أجلس معكِ كثيرا لنتأمل صورا فوتوغرافية قديمة تجمعنا ونتحدث عن الذكريات .. سأسألك دائما عن أمنياتك وأحزانك وعن الذي تريدينه أن أفعله لتصبحي أكثر اطمئنانا .
صدقيني .. سأفعل كل هذا وأكثر .. لو كنتِ تستطيعين العودة .. لو كنت أستطيع أن أعود .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 5 ) طعام الملائكة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
... إلى ( سيزان )

في نهاية كل ليل .. يجلس رجل معها في الشرفة .. من أجله تفك الأزرار العلوية وتخرج بهدوء رقيق ثدييها الكبيرين .. يحتوي بين كفيه انتصابهما الساخن .. يوزِّع قبلاته عليهما بنهم ملتذ .. يتحسس وجهه نعومتهما السخية قبل أن يستكين بينهما طويلا .. تظل مغمضة العينين بابتسامة ترتعش .. هكذا .. يمر الليل .

* * *
الواقف في الشرفة العلوية يراقب كل ما يحدث .. حينما يتأكد أن شرفة المرأة صارت خالية .. يدخل إلى غرفته ليستكمل رسم اللوحة التي بدأها منذ فترة .. سلة كبيرة تحوي ثمرات متباينة الأحجام من التفاح والبرتقال بينما تحلق في الفراغ الممتد حولها ملائكة كثيرة .

* * *
في نهاية هذا الليل .. جلست وحيدة في شرفتها .. بعد وقت قصير .. بدأت تفك الأزرار وأخرجت ثدييها ، وبينما كانت تتحسسهما بيدين مرتجفتين وثقيلتين .. بدأت تتساقط دموعها فوقهما .. هكذا .. مر الليل ، وعاد الواقف في الشرفة العلوية إلى لوحته ليزيل جميع الملائكة المحيطة بسلة التفاح والبرتقال .



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيادي مرفوعة إلى سقف الحظيرة
- رسول العاطفة الإلهية
- نار هادئة
- أحسن تكوين
- تساؤلات الكمال الإنساني في مواجهة البلطجة الدينية
- الألم
- كوميديا لم يكن هناك وقت لمشاهدتها
- العائدون من الموت
- بينما ننتظر آخر خبر عاجل
- حارس الأنقاض
- النمو بطريقة طبيعية
- الألم الذي يقتل / .. للشاعرة الأمريكية : أندريا فينزيمير
- أنا مخرِّب .. أنا موجود
- قد يدخل ( أحمد ) الجنة بعد الموت
- رجل وامرأة متعانقان في سعادة كخلفية لشاشة الكومبيوتر
- بخصوص حكمة ما
- شعراء قصيدة النثر ومواصلة الهوس المجاني بالذات خارج النص
- لأننا لا نتألم بطريقة صحيحة
- ربما سنذهب .. ربما سيأتي
- كأن لديه خبرة بالماضي


المزيد.....




- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - قصص قصيرة جدا