أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ممدوح رزق - تساؤلات الكمال الإنساني في مواجهة البلطجة الدينية















المزيد.....

تساؤلات الكمال الإنساني في مواجهة البلطجة الدينية


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 1924 - 2007 / 5 / 23 - 11:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" أقسم أني لا أفهم .. فقط أتألم "
غلوريــــا فويرتيــس
( الكمال لله وحده ) ... هكذا يؤكد المؤمنون دائما بمنتهى الثقة والاطمئنان ، وهم لا يفعلون ذلك بنية التسليم القاطع بحقيقة يقينية محسومة تخص الإله بقدر ما هو تسليم قاطع بحقيقة يقينية محسومة أخرى تخص الإنسان وهي ( النقص ) .. النقص كطبيعة أوحالة بديهية ثابتة تمثل القانون الكوني الذي يخضع الوجود الإنساني لحدوده وشروطه وقراراته بالضبط مثلما يمثل ( الكمال ) الطبيعة أو الحالة البديهية الثابتة بالنسبة للإله ..

النقص هنا أمر لايرتبط بما هو إيماني أو عقائدي لكونه غير محكوم بمدى قدرة الإنسان على الإلتزام بفروض العبادة ـ إيا كانت الديانة التي تنتمي إليها هذه العبادة ـ وباتباع ما أمر الإله به وترك ما نهى عنه أومحاربته ؛ فالإنسان لن يصل أبدا إلى درجة الكمال الإلهي مهما بلغت درجة إيمان هذا الإنسان وطاعته وتقواه لأن الإنسان مهما فعل من خير ومهما تجنب من شر لن يتحول أبدا بالطبع إلى إله ، ولأن ( الكمال لله وحده ) !! .

هناك إذن نتيجة واضحة وهي ناجمة تلقائيا عن حقيقتي الكمال للإله و النقص للإنسان وهي وجود مسافة فاصلة أكيدة بين الكمال والنقص .. مسافة فارقة بين طبيعة ( إله ) وطبيعة ( إنسان ) .. مسافة بين الصفات الحتمية الكاملة للإله ( حتمية لأنه لادخل للإنسان فيها ) ، وبين الصفات الحتمية الناقصة للإنسان ـ التي لادخل للإنسان فيها أيضا ـ هذه المسافة الملغزة والمبهمة والغير قابلة للتحديد أوالاستيعاب هي التي تعيش بداخلها تساؤلات الإنسان وأفكاره ومشاعره ورغباته في الوصول للحصانة النهائية المطلقة ضد الألم والشر .. الحصانة التي اختص بها الإله نفسه فقط اتساقا مع الكمال الذي حُرم الإنسان منه ..
ما يمكن أن نتحدث به عن هذه المسافة هو مايمكن أن نتحدث به عن الفن .. الفن باعتباره الفضاء المطلق اللامحدد الذي يعتني ويعبر عن هذا الأرق وهذه الهموم والتأملات المرتبطة بالإنسان والوجود والعالم .. الفضاء الذي يحتوي كافة التجارب البشرية في اشتباكاتها مع الحياة والموت وخلق علاقات جدل وتواصل فيما بينها .

ما هو وضع الفن داخل المجتمعات التي تحكمها سلطة دينية ؟! .. السلطة الدينية التي لا تعني مجرد المرجعية الأساسية والنهائية لنظام الحكم والتشريع وإنما أيضا الوصاية التي يمتلكها رجال الدين داخل المجتمعات التي لا مرجعية دينية ـ ولو شكليا ـ لأنظمة الحكم بها والتي تتوافق مصالحها وتستلزم إعطاء هذه الوصاية لهؤلاء الرجال ؟!

على الفن داخل هذه المجتمعات أن يواجه هموما إضافية ومتاعب وآلام متزايدة لا تنتهي بسبب الحروب والمعارك التي تحتم عليه خوضها دفاعا عن نفسه وعن حقه في الوجود ضد الذين لا يطيقون العيش دون أن يؤكدوا لأنفسهم وللآخرين طوال الوقت أنهم الوحيدون الذين يفهمون كل شيء .. ضد محتكري الحقيقة المتاجرين بـ ( قال الله ) و ( قال الرسول ) .. ضد المهووسين بالسيطرة على حياة الناس وموتهم وباتخاذ قرارات إدخالهم الجنة أو النار اعتمادا وثقة في الغريزة الإيمانية والموروث العقائدي لدى البشر الذي يجعلهم تلقائيا يستجيبون ويوافقون ويخضعون لكل ما له علاقة بالدين ـ مهما كان ـ باعتباره هو الخير دائما .. الذين لايتحملون أن يتم التعامل معهم بأقل من التقديس بصفتهم الكائنات الأرقى والأطهر والأنقى من المخلوقات العادية .. الذين لا يستطيعون مجرد تفسير لماذا يترك الله طفلا يعذب قطة في الشارع !!! .
هؤلاء لاينظرون إلى الفن والإبداع إلا كوسيلة متاحة وفرصة سهلة يجب استغلالها كما يجب لترسيخ كونهم المكلفين من الله بإنقاذ العالم من الشر فيبدأون عملهم تحت حماية العمامة واللحية والقرآن والسنة في الصراخ والتحريض والمنع والهدم والإقصاء قبل أن يأخذ كل منهم نفسا عميقا كبطل مطمئن انتهى من جهاده المقدس بنجاح استطاع أن يكسب به الدنيا والآخرة !!! .
لافرق بين أن يكونوا على وعي بأنهم يعملون لمصلحتهم الشخصية أو لمصلحة سلطة أو لصالح علاقة تجمع المصلحتين معا .. لافرق بين أن يكونوا صادقين مع أنفسهم بأنهم هكذا فعلا يخدمون الله والعقيدة والإنسان أو أنهم يدركون أن ما يمارسونه هو تزييف مقصود بامتياز .. في جميع الأحوال النتيجة واحدة : مجرد حياة تُقتل باسم إله وسعت رحمته كل شيء !!! .

لكن ما الغريب في ذلك ؟! .. أليس رجال الدين بشرا عاديين يسعون للخلاص وللأمان ولو بالاعتداء على الآخرين وعلى حريتهم ورغبتهم في الخلاص والأمان ؟! .. أليس الإنسان بالنسبة لهم ليس أكثر من مجرد كتلة من الذنوب والمعاصي والآثام تسير على قدمين ؟! .. أليس لديهم الحل المجاني السهل والتقليدي ويمثل المادة الخام الأزلية التي لاتنفذ أبدا وبالتالي تضمن لهم دوام العمل والسلطة والمال والشهرة .. هذه المادة الخام ببساطة هي أن كافة هزائم وإخفاقات وشقاء الإنسان سببها الوحيد أنه لايعبد الله جيدا ؟!! .. أليست العصور والأزمنة المتعاقبة تثبت أن وجودهم حتمي طوال التاريخ الذي لابد أن تتوفر به كافة العوامل والأسباب اللازمة لإنتاج من يصدقون أنفسهم بأنهم أشباه رسل أو أشباه ملائكة وينبغي عليهم نتيجة لذلك تفريغ دماملهم كيفما شاءوا فوق عمل مسرحي أو لقطة سينمائية أو مشهد روائي أو سطور في قصيدة أو قصة قصيرة أو ... أو ... .. التاريخ الذي لابد أن تتوفر به كافة العوامل والأسباب اللازمة لإنتاج المستعدين دوما للاستجابة إلى أمراضهم الشخصية أو إلى التعليمات الحكومية أو قوى الخارج بالتدخل لقتل الناس في أي وقت ؟! ...
والأهم من كل هذا .. أليست طبيعة ما ينطلقون منه ويحتمون به ويستخدمونه في تحويل أنفسهم إلى سيوف يقطعون بها رقاب المخالف لهم .. أليست طبيعته ـ وهو الدين بالطبع ـ طبيعة لا توفر الحماية من الخطأ والاستغلال وسوء الفهم ؟! .. أليست غير حاسمة وغيرمنقذة وغير قادرة على منع الصراع بين البشر بل العكس كانت ولاتزال سببا أساسيا له ؟! .. أليست طبيعة الدين أسهل ما يمكن المتاجرة به والنصب من خلاله ؟! .. أسهل ما يمكن استخدامه في جعل الإنسان يدفع الثمن ؟! .. الإنسان الذي حرمه الإله من الكمال وجعله من في الأرض ـ طاعة لهذا الإله ـ يدفع ثمن تساؤلاته عن هذا الحرمان !! .



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الألم
- كوميديا لم يكن هناك وقت لمشاهدتها
- العائدون من الموت
- بينما ننتظر آخر خبر عاجل
- حارس الأنقاض
- النمو بطريقة طبيعية
- الألم الذي يقتل / .. للشاعرة الأمريكية : أندريا فينزيمير
- أنا مخرِّب .. أنا موجود
- قد يدخل ( أحمد ) الجنة بعد الموت
- رجل وامرأة متعانقان في سعادة كخلفية لشاشة الكومبيوتر
- بخصوص حكمة ما
- شعراء قصيدة النثر ومواصلة الهوس المجاني بالذات خارج النص
- لأننا لا نتألم بطريقة صحيحة
- ربما سنذهب .. ربما سيأتي
- كأن لديه خبرة بالماضي
- لكل ميت رومانسيته
- ( قانا ) .. مثلا
- الحقيقة والدين / .. ردا على مقال د. كامل النجار - في طبيعة ا ...
- مُستعمَل / .. للشاعرة الأمريكية : سارا أكاسيا
- أكثر من طريق إلى مدافن الأسرة


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ممدوح رزق - تساؤلات الكمال الإنساني في مواجهة البلطجة الدينية