أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا















المزيد.....

الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 2220 - 2008 / 3 / 14 - 08:07
المحور: الادب والفن
    



(قراءة في قصيدة نشرة الاخبار للشاعرة فاطمة الزهراء الرغيوي)

على صفحة بحر الكلمة الواسع ، تبرق جزر كثيرة بلحظة الشعر - لن اسمح لنفسي بادعاء حكمة
وجرأة دعوتها سرابا - وفيض مفاعيله .
ولكي نقبل - دون مماحكاة الوصول من عدمه ، للحظة القبض على غيمة ذلك البرق ، او ندعي
اقتطافها من موقد فن السهل الممتنع ، علينا الاغتسال بجمر دلالة المفردة الشعرية ، ومن ثم الوضوء بزمزم تطهيرها .
هل سأدعي لنفسي - انا الذي أحسب نفسي على الشعراء - بلوغ لحظة القطف تلك ، اذ تسللت :
دهشا ، واجما ، ومحموما بنشوة الكشف الى قصيدة الشاعرة ، فاطمة الزهراء الرغيوي ،
(نشرة الاخبار) ... بالتأكيد : كلا . ولكني سأدعي اني تلصصت الى اوار تلك الجمرة ... وحاولت
مد اصبعا الى حفافي موقدها الملتهب بفيض الاجتراح ... وايضا بعصف و (ذنب) الارتكاب ...
ارتكاب القصيدة طبعا .
هكذا حاولت التسلل الى حديقة تفاح ( فاطمة الزهراء الرغيوي) المحرم .. ولكن مهلا .. هل استطيع تجاوز وهج الثريا (العنوان) التي اوقدتها الشاعرة لاضاءة بوابة الدخول الى جزيرتها
المسكونة ...؟ (نشرة الاخبار) ، عنوان مفعم بمفاعيل الدلالات والاشارات والايماءات والقصص
والصور ..، من لحظة ولادة الحرف ، في حياة وتاريخ الانسان ، الى صورة آخر جريمة
ارتكبها سوء استخدام دلالات ذلك الحرف . انها - الشاعرة - دفعت بنا ، وبكل ما اوتيت من
قوة الرفض وصرخة الاحتجاج ، التي تشرخ صدرها ، لمواجهة ، او الوقوف على الاقل ،
في مواجهة طغيان مساحة العنف والجريمة التي نقترفها بحق انفسنا ، كذوات ، اولا ، وكأرواح
انسانية جاد بها علينا حنو وعطف وكمال المرأة بالولادة ثانيا ، وكمعاول هدم لاغلب عناصر الجمال من حولنا ثالثا . وفي الوجه الثاني ، تنطوي نشرة الاخبار (عنوان القصيدة) على تقانة السرد المفتوح او الافاضة في عملية العرض (السردي) لاكثر واعنف الاحداث اثرا ... وهذا اول
مفاتيح السرد او تقانة العرض الحكائي ..

سيدتي

رفيقاتك يسرحن شعرهن

يتبادلن وصفات التجميل

وانت تلازمين نشرة الاخبار

لتتيح الشاعرة لنفسها ... او للحظة تكور الفعل الشعري ، فانها تلجأ الى تقانة العزل او الفصل
والانفصال عن الذات والابتعاد عنها لمسافة تهيأ لها القبض والتعامل مع جمرة التعبير (الخلق
الشعري) بأصابع باردة ، تمكنها من تشكيلها بعناية - لا صنعة - الفنان الحاذق ، واعادة
دسها في كور الانفلات المتوهج بشرر واشارات البث والتوصيل .
وبلغة السرد المحصن ضد معوقات التوصيل - اسلوب النصح والوعظ - والمشبع بسلاسة القبول والاستقبال ، تحاكم الشاعرة بنات جنسها على (فعل) الانجرار خلف وهج الذات الانثى او (انوثة)
ذات المرأة ، او التطرف في الانسياق لها ، واهمال ما هو اهم ، على صعيد فعل الحياة ، والتصدي
للدور المطلوب منها في فرض ذاتها في مفاعيل العملية الحياتية ، كذات فاعلة منجزة .

لم لا تضعين تاجا من نرجس ... مثلهن

وتستدرجين قطيعا من العشاق ؟

هنا تستوقفنا الشاعرة الرغيوي لتقول بملء فمها : تمهلوا لدهشة السهل الممتنع وما تشفه
بساطة بساطة المفردة في ثقل البناء ورصانته وجسامته ايضا .
هل اخبرتكم ان لحظة الشعر الفاطمي - نسبة الى الشاعرة - ستسرقني من متابعة بنية المعنى ؟
حسنا ، احسبوها علي بعد اعترافي هذا .
انها تطرح ، وبجملة بمنتهى الاقتصاد والتركيز ، كل ما تتيحه انوثة المرأة من (مكاسب) امام
الذات المخاطبة - والمفصولة عن الذات الشاعرة ، كما اسلفنا ..

وتستدرجين قطيعا من العشاق

بدل متابعة صور الدمار والموت والقتل وفعل الافناء لذات الانسان ، التي تعرضها نشرة الاخبار
وتمعن في تفصيل حجم اذاها والتهامها لروح الانسان ..

وعلى شاشتك يتمازج دخان المعارك

مع ارواح استعجلها الرحيل .

وهنا لابد من ان نتوقف لنتسائل : أي رحيل ذاك الذي استعجل تلك الارواح ؟ أ هو رحيل التسليم :
القدر ؟ أم رحيل السؤال ( الفلسفي ) : لماذا ترحل هذه الارواح (المصنوعة ) بكل هذه العناية
والدقة ولاي هدف ... ولصالح اي جهة وخدمة لاي غرض يناقض فعل الحياة ... سبب وجودها؟
في المقطع التالي ، تلقي لنا الشاعرة ايماءة اضاءة على مقاصدها وتساؤلاتها (الفلسفية) :

على جبينك ، قدر يؤرقك

ألوان قاتمة وخوف دفين .

وبعيدا عن الاشارة التوظيفية للمثل الشعبي ، فان اشارة الشاعرة التساؤلية (الفلسفية) ، تكاد
تختصر جملة تساؤلات الانسان في كلمتين محكمتا البناء والدلالة في جملة شعرية مركزة :
قدر يؤرقك . واذا ما رغبنا في استعراض مدلولات هذه الجملة فاننا سنجد انفسنا امام سيل
من الاسئلة الوجودية والكينونية والميتافيزيقية والباطنية ، تبدأ بسؤال : هل هو قدر فعلا ؟
وربما لا تنتهي بسؤال : لماذا هذا القدر ؟ او سؤال الشاعرة نفسها ، في مقطع آخر من القصيدة

لم لا تتعطرين مثلهن

أم انك تخافين ان يدميك العطر!

وهنا تصدمنا الشاعرة بصورة من اعمق واثرى الصور الشعرية الدالة على رهبة المرأة - الشاعرة
(وهي فاطمة الرغيوي هنا) من تهمة تعلق المرأة بأنوثتها ، كرأس مال اول ، بدل ذاتها الفاعلة
وعقلها الناضج المتنير وثقافتها اولا ، وخوفها ان يكون (يتحول) العطر الى دلالة للانسلاخ
او عزل الذات عن المحيط الخارجي ، بما يحمل من آلام ومآسي ومعاناة انسانية ، نقلتها
وستداوم على نقلها نشرة الاخبار . وتستمر الشاعرة في بث المزيد من تلك الصور المفعمة بالاحساس والدقة في التعبير ، وباحساس يقرب من جلد الذات ، على خطيئة تجاوز المأساة
الانسانية ..

ان يجتث صور الرعب

من عينيك

ان يجرف الرماد الذي يلفك

الى آخر النهر

وفي الشطر الاخير من هذا المقطع ، تمعن الشاعرة الرغيوي ، في التأكيد على ايصال الفكرة
القائلة : ان المعاناة جزء من الحياة او ان حياة الانسان تولد من رحم الالم (بالالم تولد وبالالم تحيا) ،بحسب توصيف الانجيل - ويحف بها الرماد الى آخر مسيرة نهر الحياة ، بحسب تصوير
الشاعرة .
في المقطع التالي تعود الشاعرة الى ارض الواقع ، واقع مسيرة الحياة : (طبعت على كدر وانت تريدها صفوا من الاقدار والاكدار) بحسب الشافعي ، ولكن بصور تحاكي واقع حياتنا ولغة السياسية التي تسيدت كامل مساحتها ومساربها ..

أ لم تكتفي من التمرد

ا لم تكتفي من هدر الدمع

لم يسلموك القضية ،

لم يعترفوا بك طرفا مفاوضا ،

فلم لا تقاطعي نشرة الاخبار

وتعبري الى الانثى المنسية فيك ؟

وتكوني ... مجرد انثى جميلة

تقدم نشرة الاخبار .

هنا تطرح الشاعرة فكرة بمنتهى الدقة والحساسية :
هل على الانثى المثقفة ، الساعية لانتزاع حريتها وفرض الاعتراف بها على الرجل والعملية
والثقافة الاجتماعيتين ان تنسى انوثتها او تتجاوز مطالبها ؟

وهنا لا املك سوى ان اجيب بالتساؤل : ومتى نسي الرجل استحقاقات ذكورته ، وهو في غمرة النضال لاداء دوره في الحياة وقمع المرأة ومصادرة حقوقها ؟
فمن قال او يقول ان على المرأة ان تنسى انوثتها امام مطلب كرامة حياتها وحريتها والاعتراف
بكفائتها ؟
واذا ما عدت - بنفسي على الاقل - الى روح الشعر الان ، فان اول ما اتذكره قول مشهور
لاحد المفكرين الفرنسيين ( مونتسكيو او روسو) :
( صحبة النساء تربي الذوق وتفسد الطقوس ) .
فمن وكيف سيطالب ، أي كان ، المرأة بالتخلي عن صحبة ذاتها ( الانثى فيها) ؟
وهل يتبقى من المرأة الكثير فيما لو تخلت عن صحبة انوثتها ، التي تربي ذوقها قبل ذوق الرجل؟
أما فساد الطقوس فسنترك امره لعذوبة انوثة المرأة ... وهي كفيلة بايجاد مخرج له !



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفولة التفاحة الاولى
- لعبة اسمها حكومة عراقية جديدة
- تعاويذ ذهبية لما هو ابهى
- عطور الدواعي
- العراق في حقيبة احمدي نجاد
- في عيد المرأة العراقية ..البنية المفهومية لحرية المرأة في ال ...
- طفولة الترجل في المواخير المطرقة
- ظهيرة عربية على النت
- الحزب الشيوعي العراقي .. النكوص والهزيمة
- الموت على حافة العزلة
- اطارد سماء بلا نوافذ ... بلا عيون
- خواتم آية الرحيل
- يقين بلا جدران
- صدع النبوات الزائفة
- احزاب اليسار العراقي ومعضلة سم خياط المنصب(نظرة تقييمية)
- تراجيع نذوري المسفوحة على مذبح الريح
- ثنائية الحكومة واللحم الابيض
- الرغبة عند درجة الاستواء
- وشم على ذاكرة البحر
- عن الوجع ... وزينب


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا