أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيلة بورزق - ليلة دخلة الزعيم














المزيد.....

ليلة دخلة الزعيم


سهيلة بورزق

الحوار المتمدن-العدد: 2209 - 2008 / 3 / 3 - 08:17
المحور: الادب والفن
    


كانت يتيمة الأم، مسترجلة في حركاتها، قوية الجسد، كانت أطولنا جميعاً، لها شعر أشعت ووجه يوحي بالفقر إلى الحنان، كنا نحتمي بها نحن عصابة الأطفال الأشقياء من هجمات أولاد الأحياء الأخرى، كانت زعيمنا وكنا فريقها الذي لا يجرؤ على الخيانة. عندما اكتشفتْ حبي للكتب طلبت مني تعليمها القراءة فهي لم تدخل المدرسة أبداً، كنت أقرأ لها كتب "توفيق الحكيم"، وأكتب لها الحروف على لوح خشبي أملس، وأطلب منها حفظها عن ظهر قلب ثم كتابتها في اليوم التالي، كانت تقول لي كتبك مختلفة عن القصص التي أراها عند باقي الأطفال، ولم أكن أدري لماذا كنت شاذة عن باقي رفاقي، كنت مهووسة بـ"طه حسين" و"جبران خليل جبران" "ونجيب محفوظ" وقبلهم جميعاً "توفيق الحكيم" الذي أخذ عقلي وقلبي وروحي إلى عوالم السحر والخيال.
كانت تغضب منا عندما يخطئ أحدنا ويناديها بـ"الزعيمة"، فهي "الزعيم" فقط من دون تاء التأنيث التي تربكها وتضعف صورتها أمامنا على حسب قولها، كانت تأمرنا إناثاً وذكوراً، وتقترح علينا ماذا نلعب، وماذا نغنّي، وماذا نحضر من البيت من حاجيات تساعدنا على تخيُّل عالم طفولي ما نعيش فيه للحظات... وعندما تغضب من أحد لا تتركه إلا والدم ينزل من جهة ما من جسده، وإذا حصل وأخبر أهله يُقصى من الفريق ولن يلعب معه أحد.
كانت قاسية الطباع، ومحبةً للكتب، وعاشقةً لرفيق لنا اسمه "عادل"، كان الوحيد الذي لا تعاقبه مثلنا ورغم عدم اهتمامه بها، كانت لا تغار عليه من الأخريات، ولا تسأله اللعب معها، وربما كانت تكتفي بالنظر إليه والابتسام في وجهه فقط. كبرنا وانطفأت شقاوتنا وفرقتنا الحياة، وبقت "الزعيم" وحيدة في الحي تنتظر معجزةً من السماء متمثلةً في "عادل".
عرفتُ بعد سنوات أن "عادل" تعرَّض لحادث مرور أفقده رجليه وكان وحيد أمه، لم تتحمل والدته الصدمة فتوفيت، "الزعيم" هي الوحيدة من كانت تزوره في بيته، وتهتم بشؤونه رغم أقاويل الجيران التي أساءت إلى سمعتها، قيل لي إن أباها قرر تزويجها من صديق أرمل له عشرة أطفال حتى يتخلص من عارها وهي المملوءة طهراً وحباً، قاتلت لأجل قلبها طويلاً، وعن عشق صارحت "عادل" بحبها وبرغبتها في أن تصبح زوجة له، لكنها صدمت وهي تسمع "عادل" يقول لها: أنا لم أحبك يوماً.
ارتفعت الزغاريد في الحيّ، ورقص العريس العجوز وأولاده العشرة حتى الصباح، وفي دخلته عليها اكتشف أن التي تزوجها لا تملك ما تملكه جميع النساء، فخرج يصرخ ويستغيث: (لقد تزوجتُ رجلاً... لقد تزوجتُ رجلاً).. فهمت لحظتها لماذا لم تكن "الزعيم" تحب تاء التأنيث، هل تصدقون؟.



#سهيلة_بورزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة العشق
- كأس ... بيرة
- ليلة القبض على الحب
- مصحة عقلية لكل عربي
- الرغبة
- هنا الغربة
- سلطة المقروئية
- فضاء الكتابة
- هيلوين


المزيد.....




- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيلة بورزق - ليلة دخلة الزعيم