أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - ذكريات مع عبد الرحمن منيف















المزيد.....

ذكريات مع عبد الرحمن منيف


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 2204 - 2008 / 2 / 27 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


كنت اشد الرحال على متن قطار تونس المتوجه جنوبا من تونس العاصمة الى قابس المدينة التي تتاخم البحر والصحراء في اقصى الجنوب التونسي..

الطريق كان مغريا للنظر وانت تقطع الفيافي وعلى مسافة ليست بعيدة يطل بحر تونس وصفاقس وصولا الى خليج قابس..

وكنت احمل معي للتسلية: رواية "قصة حب مجوسية" للروائي عبد الرحمن منيف ابن نجد من حيث الاب وابن العراق من جهة الام وابن الوطن العربي من تجوله في بلاد العرب في العراق رئيسا لتحرير مجلة" النفط والتنمية" الى الاردن الى مكان اقامته الأخير في المزة بدمشق..

لم اكن اعرف يومها انني سألتقي عبد الرحمن منيف حيثما انا متوجه.. كان صديقي القاص الفلسطيني طلال حماد مسئول العلاقات الخارجية في دائرة- وزارة- الثقافة قد دبر لي مشاركة في مؤتمر "العرب في مواجهة مصيرهم" في مدينة قابس التونسية ..كان حماد صديقي العزيز وهومستقل وكان في دائرة الثقافة مستقلا آخرا يرأسها هو عبدالله الحوراني وكنت اشعر انني اقرب لجماعة المستقلين الذين يهيمنون على وزارة الثقافة مني الى دائرة الاعلام حيث يرأسها الحزبي ياسر عبد ربه وحيث كنت هناك ضائعا فيها..كانت فضاء سمحا مع رشاد ابو شاور واحمد دحبور ومن بينهم كان الصديق الاعز طلال حماد ومن وراءه عبدالله الحوراني ..

اذا انا متوجه الى قابس في رحلة للترويح والثقافة في آن .. في فندق فخم نسبيا وآثرت تحمل تكلفتها من ان اطلب ما تتطلبه مهمتي من أجر ..

أثرت في هذه الرواية"قصة حب مجوسية" وكنت في شباب ومراهقة تتقاذفني امواج العواطف التي عادة ماتستنزف عمرنا.. وعندما نعقل نكتشف ان العيش بقليل من العاطفة والكثير من العقل واللامبالاة افضل.. فكل ماهو آت اجمل فلا تتأسف على ما فاتك..

وصلت الى الفندق ولقيت ترحابا من مدير المهرجان الروائي التونسي محمد..ومن الصدف الحميدة انه خصص لي شقة صغيرة جميلة قرب جهابذة الفكر في العالم ..وفي الكولوار نفسه كان يقيم ايضا عبدالرحمن منيف وصنع الله ابراهيم والفيلسوف الفرنسي فرانسوا لاريل واغلب مفكري الوطن العربي..بدى لي عبد الرحمن منيف متحفظا وابعد ما يكون عن الاقتراب من الصحافة ومجاملتها وعجزت من الاتفاق معه على مقابلة وكان يتهرب بشدة مع نظرات كان يبدو فيها من الريب والامتعاض الشيء غير القليل ..

وعندما كنت اتابع الصحافة التونسية لاحظت انه رفض بأكثر من معنى اجراء مقابلات صحافية..حضرت زوادة فخمة جدا من المقابلات ومن ضمنها مع الفيلسوف الفرنسي فرانسوا لاريل والمسرحي المغربي عبد الكريم برشيد الذي كان لطيفا وطيبا ودمثا..ولم افوت فرصة مشاركة السياسي حمادي الصيد ممثل تونس في اليونسكو فعلقت على مداخلته القيمة رحمه الله وارسلتها الى صفحة الرأي في جريدة"القدس العربي" اللندنية ونشرتها وانا في الأيام الأولى من المؤتمر وتوقعت ان ينكسر استعصاء عبد الرحمن منيف بعد ظهور الجريدة المعنية لكن شيئا من هذا لم يحدث..

روايته "شرق المتوسط" قرأتها بتأثر يوم خروجي من سجن الأمن السياسي السوري في مدينة حلب وابكتني تأثرا بل انني تقلدت بعض تصرفات بطلها رجب..رجب مثل نموذجا لي كي اتحول الى بطل في هذا الفترة من الشباب..وعندما اشتغلت في مجلة" الحرية" كنت اتابع ما يصدره وأقرأه اولا بأول في المكتبة الوطنية في دمشق في ساحة الأمويين بعد انصرافي من العمل في المجلة.. كنت اذهب مشيا من ساحة الشهبندر حيث مكان عملي في مكتب "الحرية" في دمشق قاطعا الروضة والسفارات الأجنبية الى ساحة الأمويين.. كنت افضل المشي على أخذ سيارة رئيس التحرير او سيارات الاعلام..في المكتبة كانت تتفاعل شخصيات رواياته مع نفسيتي الهشة يومذاك ولا اجد غضاضة من الاقتباس من رواياته في موادي السياسية التي اختلط فيها الوجداني بالسياسي في تناص كان مطلوبا وانا اغطي الحرب الأهلية اللبنانية ولاسيما حرب العماد ميشيل عون على داعية الكانتونات سمير جعجع لاسيما ان هذا الملعون جعجع كان قد اغتال عمتي في مخيم عين الحلوة في الجنوب اللبناني..

وهاهي فرصة اللقاء مع عبد الرحمن منيف في قابس بل اني اتحدث معه ولكن المشكلة انني لااستطيع ان اضيف الى مجدي مقابلة معه وكانت صفحة" ادب وفن" في جريدة "القدس العربي" تغص بالمقابلات التي كنت اجريها من تونس..ولكن لم أيأس ..ووجدتها اخيرا ان استغل مشاركته الأدبية والشخصية عنه كروائي في المؤتمر وان أسأله عدة أسئلة واعتبرها مع اجابته مقابلة مع دراسة ادبية وملاحظات عنه وعن المؤتمر.. وهكذا كان ..ومع انني كنت التقيه يوميا في المطعم وفي زياراتنا لمعالم قابس ومن ضمنها سهرة طويلة سوية في احدى واحات قابس وحفلة سهر وغناء وأكل وكأننا ضيوف خمس نجوم..لكن لم تتوفر امكانية انتزاع مقابلة ولو من بعيد.. استكفيت بخطتي واعتبرت انها افضل من اللاشيء..وارسلتها الى جريدة "القدس العربي" التي نشرتها في صدر صفحتيها الادبيتين ..وكانت مقابلة رائع بدوت فيها اسرد تفاصيل شخصية وادبية لأعرض في آخر المقابلة ـ الدراسة اسئلتي واجوبة عبد الرحمن منيف..

وغادر هو.. وكان معه موفدا كأنه من الرئيس التونسي وهواستاذ جامعة معروف وطلبوا مني العودة بسيارتهم الفخمة التي كانت تبدو رئاسية الا انني اعتذرت وحين قررت العودة لوحدي وجدت ان مدير المهرجان محمد .. يعرض اجور العودة كونها من ضمن نفقات المهرجان وتغطية مصاريفه خجلت ولكنه اصر فقلت مادامت نفقات مهرجان والكل على حساب المهرجان فلم لا.. ثم هي ليست محرزة - ولن يكون لها ثمن فقد انتهى المؤتمر - لأن اجرة القطار لن ترهقني فتقبلتها كونها مسألة بروتوكلية..

عدت الى تونس العاصمة وتابعت مراسلاتي وشغلي التنظيمي ولكن كان لابد ان اعود ثانية الى دمشق بعد فترة ..فكان امرا اعتقدت انني اتممته في دراستي الا انه كان ناقصا وكان علي انهائه لمتابعة دراستي العليا في جامعة تونس بعد قبول عميد كلية الاقتصاد والادارة عبد الجبار بسيس دراساتي العليا في الثواني الأولى حين عرضت عليه امكانية متابعة دراستي فخلال ثوان طلب من سكرتيرته ان تعد قبولا جامعيا لي وفي لحظات كان في يدي قبول جامعي لمتابعة دراستي الجامعة العليا مع ان شهادتي لم تكن معي بل تطوع ان يراسل الجامعة وحين مراسلتها تبين لي ان ثمة مشكلة ينبغي السفر من اجلها لانهائها في سورية..وهذا ما كان.. وصلت الى دمشق ومرت الأيام واذا انا في احد الأيام امام عبد الرحمن منيف.. لم اره يومها.. بل هو من اندفع امامي مرحبا امام مجمع فندق الشام من جانب مدخل سينما الشام والمكتبات المقابلة للمدخل.. هناك وجدت عبد الرحمن منيف يقبل علي.. ويسلم ..ويسألني عن احوالي وكأنني انا الروائي وهو الصحافي.. واستغربت التحول.. وشككت بالأمر ..فقلت له هل تذكرتني استاذ عبد الرحمن.. فخشيت ان يكون اعتبرني شخصا آخرا لاسيما ان شهرته ايامها طبقت الآفاق ..وكان قد اصدر مدن الملح بأجزائها وروايات وكتب كثيرة..فقال لي نعم اعرفك وتعمدت ان اورد كلمات تونس ومؤتمر" العرب في مواجهة مصيرهم" حتى لااحرج اذا ما شبه له انني احد معارفه.. فأكد معرفتي وسألني عن احوالي وماذا افعل وماذا احضر لفعله في دمشق فقلت له تفاصيلا معينة وابدى استعداده لامكانية التعاون ولكن يومها كانت نشاطاتي الصحفية قد خفت وكنت احضر لمتابعة دراستي في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة او تونس.. كانت الأمور لم ترس عندي فطلبت من بعيد التعاون سوية ..

وسافرت يومها الى تونس من جديد لأبقى نصف عام تقريبا وسارت الأمور بسبب مواقفي السياسية الى طردي من طرف اجهزة امن الدولة التونسية.. فعشت اشهرا في ليبيا ثم غادرت في رحلة طويلة الى مالطا وبرشلونة ومدريد وهافانا ثم استقرت الأمور معي في بلجيكا.. مجرد ما هدأت الأمور قليلا في نفسي راسلته.. وان كان في امكاني اصدار كتيب يلخص اسئلة واجوبة بيننا.. فرد على برسالة الى بلجيكا مازلت احتفظ بها اليوم وربما انسخها في السكانر واعرضها لاحقا في مدونتي.. وليس هذا فحسب بل بعد فترة أتى الى بلجيكا وبسبب وطأة ظروف معينة لم استطع مقابلته مع انه مع نزار قباني كانا في مكان المركز الثقافي العربي في بروكسل لايبعدان عن مكان سكني الا عشرات الامتار..واعتبرت انها فرصة كان لاينبغي ان افوتها وان تقديرات مشوشة كانت تمنع انطلاق اعمالي الصحفية والثقافية ...

وهكذا بقيت اكثر مما اتوقع في بلجيكا واوروبا الغربية حتى اوائل عام 2004 أي بعد أكثر من عشر سنوات تقريبا من قدومه الى بلجيكا.. حيث زرت دمشق ثانية بعد ثلاثة عشرة عاما من الغياب.. ولكن يا للأسف.. كنت اسير في احد شوارع دمشق ليس بعيدا عن حي الروضة عندما قرأت ورقة عابرة على الحائط لاتدل على ان صاحبها الروائي الكبير عبد الرحمن منيف كانت تنعي رحيل الروائي وتحدد مكان العزاء في اليوم الذي انا فيه..وكأن حظي العاثر كان ينعي نفسه بنفسه.. كان الروائي المفضل لدي.. وكان مشروعي مازال يعتمل في رأسي.. ولكن انها الدنيا ورحمة الله عليه واسكنه في فسيج جناته..

حمد صالح سلوم
شاعر وفنان تشكيلي
لياج - بلجيكا



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة حب وصداقة بين الموسيقى العربية والالات الغربية العازفة
- الاردن أولا.. ام أخيرا
- ميركل وشرعنة جرائم النازية الصهيونية؟
- الشاعر الفلسطيني أحمد صالح سلوم يتحدث ل «الحقائق»:الجلاد الص ...
- انهم يستكثرون زبد البحر عليهم؟ ..
- ماهو الخيار التنموي الافضل اليوم؟
- سركوزي واوهام العسكرة ومصيرالاقدام السوداء؟
- ثقافة اقتصاد الكرخانة المصري السعودي اعلاميا؟
- خارطة طريق اقتصادية: خطة بريطانية للنهوض بالاحتلال الصهيوني
- صناعة المستقبل بين الهند والباكستان والعرب؟
- النفط العربي: هل هو نقمة ام نعمة؟؟؟
- من افيون بوش الى خشخاش سركوزي؟
- قصائد .. من أشعاري - الجزء الثاني -
- سلاح المقاطعة في مواجهة سلاح الابادة
- جريمة حرب متعددة الأطراف بامتياز
- محور الشر العربي الصهيوني وتمويل حروب بوش ومجمعه العسكري الص ...
- وظائف شاغرة ؟؟
- عيون مسحورة امام شريط فوتوغرافي
- جزء من فصل حول الظروف الموضوعية التي تنحو للقطبية من كتابي ا ...
- تفاهة الدويلات الاصطناعية الخليجية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - ذكريات مع عبد الرحمن منيف