علي عبد السادة
الحوار المتمدن-العدد: 2163 - 2008 / 1 / 17 - 02:48
المحور:
كتابات ساخرة
السيد الشتاء المحترم..
لا تصدق أكذوبة التفاؤل بموسم الثلج. انها دعاية يرقص لها المتنعمون بطقطقة خشب موقد العاج، يرتجف من هولها المختبئون بين أزقة الصقيع التي لا تصلها شمس واهية لا دفء فيها. إنها إشاعة استغرقت ما لا يتجاوزه الوفر ليذوب على أسفلت العاصمة. انها حكاية (نيسان) جاءت قبل موعدها لينكشف زيفها امام طوابير المحطات وسماسرة سوق النفط.
السيد الشتاء المحترم..لا تندب حظك، انه ذنب الصدفة التي جمعت بين ثلجك الفريد في مدينتنا وعجز الوزارة عن تخطي أزمة "عطل" هنا، و "توقف" هناك.
***
هل تعرف، ايها الموسم القارس، بأن عشرات الأجساد العارية كانت تئن، وجعا، تحت خيم المهجرين. تبحث عن ثقب صغير في الأرض يرحمها من لفحة هواء تذبح الأحشاء مثل سكين حاد يجز رقبة ذبيحة الأضحى؟ ان ثلجك الذي يصلح لصورة صحفية تتصدر الجريدة لا ينفع المئات من فاقدي المأوى وسقف المنزل العتيق في اشعال عود ثقاب.
هل تعرف-ايها الغريب عن مناخاتنا المضطربة- ان رجلا طاف، كحاجٍ، خيم المهجرين من قلب العاصمة الى ما بعد حدود امانتها يحرق، في كل ليلة، قطعة اثاث او كومة كتب، من اجل نار تلملم عظام بضعته الصغار. ويشعل، في كل ساعة، املا جديدا بالعودة الى الديار؟
هل تعرف ان حكايات المهجرين، هذه الايام، تترنح بين خيم اليونسيف المثقوبة لأجل الهواء والثلج. او حل بديل ينتظرهم في مكاتب عريضة في هيئة نزاعات الملكية!.
السيد الشتاء المحترم..لا تندب حظك، انه ذنب الصدفة التي جمعت بين ثلجك الفريد ولحظة غفا فيها المهجرون، دون ان يستمتعوا بمشهده البغدادي النادر.
***
ايها الثلج اخطأت المكان والزمان، ربما قادتك موجة رياح الى حيث الناس لا تنعم بالبرد الا في صورة تزين جريدة، سيستخدمها الفقراء في نار الموقد. السيد الشتاء المحترم.. لا تصدق أكذوبة التفاؤل بموسم الثلج في بغداد.
#علي_عبد_السادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟