أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حسام السراي - كامل شياع : وحدة المجتمع في الأزمات التأريخية شرط ضروري لنجاح الدولة















المزيد.....


كامل شياع : وحدة المجتمع في الأزمات التأريخية شرط ضروري لنجاح الدولة


حسام السراي

الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 11:15
المحور: مقابلات و حوارات
    



حاوره حسام السراي
يرى الكاتب والباحث كامل شياع ان منظمات المجتمع المدني بعد انتشارها الكبير تحولت الى جماعات شبه مستلبة ذات حضور وقتي قائم على ردود الافعال، ولنا اليوم اسباب حقيقية في اعتناق الخيار التاريخي لتأسيس نظام ديمقراطي في العراق، فالميل نحو ذلك قوي وواضح وفق ما يعتقد ويشير الى ضرورة ان نبقى نسلم باهمية وجود منظمات المجتمع المدني لان تذبذب نشاطاتها ناتج عن تعددها، ويؤكد على وجود جهد حقيقي مبذول لمعالجة قضايا مصيرية تخص العراقيين وملامح الدولة الناشئة عبر آلاف المقترحات المقدمة بشأن الدستور ومئات الندوات التي عقدت لمناقشة ذلك مبينا ان المنظمات التي تتحول الى واجهات لافكار تقليدية ليست ضمانا للتحول الاجتماعي المطلوب، ولم يجد اشكالية في دخول الناشطين السياسيين الى المنظمات شرط احترامهم خصوصيتها، وان السياسي الذي يراهن على هذه المنظمات لحل مشكلات مجتمعية واهم جدا، كما نوه الى ان التجربة البرلمانية في العراق ستخلف بلاشك طبقة سياسية من كل الاحزاب قائمة على الاجماع والاختلاف في آن واحد لحل قضايا ملتهبة لا يواجهها الا البرلمان الذي يصنع طبقة سياسية تختلف تماما عن الاحزاب التي اعتادت ان تكون بعيدة عن بعضها وتعمل بشكل عدائي، وفي مجال الجمع بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية لا يجد امكانية لتحقق ذلك في العراق لاننا لا نملك دولة قوية والاقتصاد العراقي غير انتاجي، وعن ادراك هويتنا كعراقيين ولحظة التماهي- بحسب رأيه- بين الدولة والمواطن يجد تحقيقها مهما لنحصل على دولة ذات هيبة ومواطن حر.
قوى الضغط بين الدولة والأحزاب
* هل تعتقد ان منظمات المجتمع المدني استغلت اخفاق الاحزاب السياسية وفشلها في تحقيق مطالب المواطنين؟
- نشأت منظمات المجتمع المدني في العراق في اوقات مختلفة غير ان نشاطها ظهر واضحا وملموسا في الفترة التي تلت سقوط النظام 2003، وكان هذا رد فعل طبيعي لقوى اجتماعية مشلولة ولاحتكار السلطة وهيمنة الحزب الواحد والدكتاتورية على الحياتين العامة والخاصة، فظهرت منظمات اجتماعية ثقافية انسانية وغيرها نهلت من مناهل التحولات الديمقراطية الجارية في العالم واصبحت جزءا من رهان دولي على ترسيخ الديمقراطية في العراق وارى من الصعب القول انها اخذت مكان الاحزاب لانها موجودة بالتوازي معها (اي الاحزاب) وهي ايضا في الجانب النظري تلعب دورها بوجود حياة سياسية تعددية، ونرى ان منظمات عديدة اتجهت لممارسة السياسة بعد ثبوت فشل الكثير من الاحزاب التقليدية والايديولوجية والسلطات القمعية عن اداء واجبها، وجذبت اعدادا ونخبا راقية الى عملها، الاشكالية التي تحيط بها انها ترفع قضايا مطلبية وهذا ما يضعها في حدود الظرف والآنية، بمعنى انها ليست احزابا تمتلك مشاريع سياسية متكاملة لكنها تصلح ان تكون قوى موازية وقوى ضغط ضرورية بين الدولة والاحزاب وبين المجتمع والحكومة، من دون ان تكون بديلا لهذا الطرف او ذاك، اصالة دور المنظمات تتمثل بوجود حاجات حقيقية وغير مفتعلة، وشاهدنا انتشارا كبيرا لها وبدت كما لو انها اشكال مصدرة ولا تخلو من الافتعال في قدرتها على تحريك قضايا فعلية، فبدلا من ان تكون رقيبا على عمل الدولة والسلطة وحافزا لتحريك المجتمع تحولت الى جماعات شبه مستلبة ذات حضور وقتي قائم على ردود الافعال، مما يشير الى اعتمدها على قوى خارجية ويجعل الشك قائما على شرعيتها وفي قدرتها على ان تصبح طرفا مساهما في اعادة دمج المجتمع وليس تفتيته، ولكي تكون قوى مكملة للمجتمع وليست هدامة لمشروعة يجب توفر مؤسسات دولة واحزاب ونظام سياسي تعددي.

وحدة المجتمع.. نجاح الدولة
* منظمات مجتمع مدني بعدد كبير وبنشاطات متذبذبة كيف لنا ان نسلم بانها من ضرورات النظام الديمقراطي وهي على هذا الحال؟
- لا توجد وصفة جاهزة لطبيعة المجتمع الديمقراطي، وبالتأكيد هناك تنوع كبير في عملية تشكله وباشرنا بالفعل في العراق بوضع لبنات اساسية لقيام مثل هذا المجتمع ولنا اسباب حقيقية لاعتناق هذا الخيار التاريخي بعد تعاقب النظم الدكتاتورية على حكم العراق وكذلك التجربة البرلمانية الكسيحة التي مررنا بها في العهد الملكي، فالميل نحو الديمقراطية قوي وواضح وهناك من يدافع عن ذلك فوجود منظمات بنشاطات متذذبة ظاهرة تستحق النقد لكنها لا تنفي ضرورة وجودها كما انها لا تنفي وجود احزاب سياسية ومنه لا يمكن بناء الديمقراطية الا من خلال التعددية واقرار الحقوق للجميع بعد ضمان المساواة وقدرة جميع الفاعلين الاجتماعيين على طرح الشأن العام والتداول فيه، فتبدو الاتجاهات التي تسير بها العملية الديمقراطية في بلدنا متنافرة لاول وهلة وكأنها ليس بالامكان ان تصب في نهاية محددة لكنها لابد ان تنتهي الى شكل من التبلور لان مشاكل العراق السياسية تعني فشل المجتمع في التعبير عن نفسه وايجاد مقومات اساسية لوحدته فتم ترحيل كثير من القضايا الاجتماعية وتحويلها الى قضايا سياسية واصبحت موضع صراع يسهم في اضعاف المجتمع بطبقاته وفئاته ومكوناته الثقافية والاجتماعية التي هي اساس لانبثاق الدولة ولا يمكن تخيل دولة تنشئ مجتمعا بطريقة اصطناعية خاصة في مجتمع عريق كالعراقي، فنحن لا نتكلم عن مجتمع مهاجرين انما له جذور عميقة وتاريخ طويل حتى من الصراعات والتناحرات الطائفية والعشائرية والطبقية غير ان وحدته في الازمات التاريخية شرط ضروري لنجاح الدولة، اخيرا اذ ظهر لنا ان نشاطات المنظمات وحتى السياسية منها لا تصب في غاية التحول الديمقراطي في البلد فيجب ان نبقى نسلم باهمية وجودها، فهذا التذبذب الناتج عن التعدد، فضلا عن عوامل داخلية وخارجية جميعها تحفز حركية المجتمع الذي لا يمكن ان يكون ديمقراطيا بلا توتر، فالديمقراطية بقدر ما تحتاج الىالتوافق تحتاج الى التوتر بين السلطات وبين الدولة والمجتمع وبين الحيز الخاص والعام وعلى مستوى الحقوق ومن سمات الطرح الديمقراطي انطلاقته من فكرة مفتوحة للمواطنة بدخول عناصر جديدة للمجتمع تنعكس ايجابيا على حركيته وتحوله.

معارك فكرية وثقافية
* تتحدث عن الفاعلين الاجتماعيين ومن ضمنهم النخب المثقفة والناشطين في المنظمات الا تعتقد انهم تقاعسوا عن دروهم في التثقيف بمبادئ اساسية في عملية التحول التي نشهدها؟
- ان عددا غير قليل من منظمات المجتمع والنخبة المثقفة والاكاديميين ورجال السياسة لعبوا ادورا كبيرة وقدموا خدمات جليلة في مجال بلورة وعي اجتماعي عام يمسك بتلابيب التكوين الاجتماعي المفتت ويعيد له وحدته المفقودة فاذكر ان آلاف المقترحات قدمت بشأن الدستور ومئات الندوات عقدت لمناقشة قضايا الدستور واثارة القضايا الخلافية وشمل ذلك بغداد وبقية المحافظات، مما يؤشر جهدا حقيقيا لمعالجة قضايا مصيرية تخص العراقيين وملامح الدولة الناشئة وساهم فيها المجتمع المدني وهي بحد ذاتها معارك فكرية وثقافية ونظرية ومع الزمن ستظهر النتائج التي تحققت وتراكمت نتيجتها اي انها ستؤدي الى الاهداف المطلوبة ضمن شروط محددة في عملية التحول الديمقراطي التي هي ليست خاضعة لوصفة مسبقة، بل ان المفاهيم هذه كلها اظهرت انها غير ذات صلة بما يجري في الواقع على مدى الثلاث سنوات الاخيرة، فهناك جوانب تناحرية وجوانب اتفاق وتسويات سياسية ايديولوجية وتغليب للجانب الاخير سيفضي الى تحقق اجماع على مبادئ التعايش السياسي الذي لا ينشأ من دون توفر الثقة والتي فقدت بين فئات مجتمعية مختلفة ومناطق وقوى سياسية واننا لكي ننتقل من نظام دكتاتوري الى ديمقراطي تعددي فيدرالي يجب ان تتحقق هذه الثوابت اللازمة لذلك ولكن بين الثوابت والمصالح المختلفة مسافات كبيرة للمناورة والالتفاف والصراع حول السلطة والثروة. ان السعي لزرع جسور الثقة مطلوب وكلنا نعرف انها فقدت لفترة طويلة بين الموظف والدولة والموظف وزميله والمحكوم لا يثق بالحاكم هذا التدهور الكبير نحاول الان تجاوزه بجهود ومحاولات الاقلام الشريفة ودعاة حقوق الانسان والسياسيين الناضجين.

مجتمع مدني .. اخر أهلي
* برأيك اين الخلل ان اصبح المنتمون لاحزاب سياسية اعضاء في منظمات مجتمع مدني؟
- فكرة المجتمع المدني قد طرحت في منطقتنا (ارتباطا بالوضع العراقي) منذ التسعينيات واعتبرت علاجا شافيا لتحديث المجتمع الذي انهكته الدكتاتورية والحكومات العسكرية ونظام الحزب الواحد كرد فعل على كل ذلك وعلى المنظومات الايديولوجية التي تبنتها الاحزاب وخاصة الشيوعية منها ومنه نشأت فكرة المجتمع المدني الذي يراهن عليه كبديل عن الطبقة وسلمت الطبقة العاملة هذا الدور له بعد انتهاء دورها، فاصبح هذا البديل يمثل قوى وسطية متنورة مشحونة بقيم حقوق الانسان والحريات تؤمن بالسوق والديناميكية المدنية وراهن عدد الكتاب والباحثين العراقيين على تحويل المنظمات الى حامل للتغيير الاجتماعي المطلوب بعد عجز الدولة والاحزاب السياسية التقليدية عن ذلك، غير انه لا احد يضمن ان تتشكل في بلداننا منظمات تضمن استمرار عملية التحديث المطلوبة لمجتمعاتنا لانها يمكن ان تكون حاملة لافكار تقليدية اي لبوسا لمنظمات اهلية وهناك فرق بين مجتمع مدني واخر اهلي وهنا ربما تتحول الى واجهات لافكار تقليدية ومن ثم هي ليست ضمانا للتحول الاجتماعي المطلوب، فلا اعتقد ان هناك مشكلة لو دخل ناشطون سياسيون في المنظمات شرط احترامهم خصوصيتها والتمييز بين النشاط السياسي والمطلبي، والمنظمات تدخل في اطار الحقوق المطلبية لانها لا تتولى مهمة تغيير العالم. انها محاولة سد الثغرات الموجودة بين السلطة وخلق التفاعل بينهما لا اكثر ولا اقل فهي لا تحمل مشروعا تاريخيا بدليل انها متنوعة بشكل يصعب حصره تبدأ من البيئة ولا تنتهي بالمرأة وحقوق الانسان، ان تحرك السياسيون عليها ونشاطهم فيها باعتبارهم اعضاء في منظمات لها استقلاليتها لا يوجد اي شك عليه، ولكن ان حصلت وفكر البعض اما بتجييرها لصالح احزاب محددة فهذا قصور في السياسة وفي الوقت نفسه السياسي الذي يراهن على هذه المنظمات لحل مشكلات المجتمع بعد عجز السياسة واهم جدا وظاهرة اختراق السياسة للمجتمع المدني لن تدوم طويلا لعدم امتلاكها اسباب الديمومة ويبدأ هنا اعضاء المنظمات يدركون انهم اما يناضلون من اجل قضايا مطلبية او يؤطرونها باطار سياسي وتصبح القضية بحثا عن مواقع نفوذ وامتدادات في عمق المجتمع، في حين انها اثارة قضايا حيوية لتحريك المجتمع وليس مناطق نفوذ سياسية او حزبية.

الخلاص من الفرص التدميرية
* بالاستناد الى ما ذكره المحامي حسين جميل في كتابه (نشأة الاحزاب السياسية) عن ظهور احزاب وتطورها بفعل تجارب برلمانية في العالم أنستطيع ان نلمس اتجاها مماثلا لذلك في العراق؟
- التجربة التعددية تأخذ شكلها واطارها العملي من خلال البرلمان ولاستمرار اي نظام برلماني يجب ان توجد طبقة سياسية لازمة لديمومته، ففي تركيا التي بدأت بنظام دكتاتوري استخدمت البرلمان كواجهة لسلطة عسكرية اثرت على اعادة هيكلة المجتمع التركي الخارج من هزيمة كبيرة في الحرب العالمية الاولى بتراثه الكامل من التسلط والاستبداد العثماني وكانت الصراعات واضحة بين اليسار واليمين متمثلة بحزب اليسار التركي والجمهور التركي، فبقت السلطة العسكرية خارج العملية السياسية لكنها مسكت بكل مفاتيحها وفي ايران مارست السلطة نوعا من الرقابة على الحياة البرلمانية بعد عام 1979، ومع كل هذه المحددات والتأطيرات على سلطة البرلمان الا انه فرز طبقة سياسية لان البرلمان مختبر فعلي للعملية السياسية واستمرار التقاليد البرلمانية يعيد صياغة البرامج والاحزاب السياسية ويشذب الايديولوجيات باتجاهات اكثر براغماتية كما في ايطاليا التي تشكلت فيها اكثر من 49 حكومة منذ الحرب العالمية الثانية بينما بريطانيا من عام 1760 وحتى تغيير بلير فيها 53 تغييرا وزاريا اي اكثر من 300 سنة، وفي 50 عاما فاق عدد الحكومات الايطالية ما يقابلها في بريطانيا بما ساعد على التطور الاقتصادي الذي شهدته ايطاليا وهو اقتصادي قوي في اوروبا ونلمس هذا بشكل واضح على مستوى حياتهم ايطاليا في السبعينيات ليست كما هي عليه في التسعينيات او ما بعد الالفية الثالثة اليوم هناك قدر عال من الرفاه على مستويات كثيرة، هذا بفعل اعتماد مسالك ملتوية طويلة النفس ضرورية للعملية السياسية تخلصها من الفرص التدميرية والانقلابات، وفي العراق ستخلق التجربة البرلمانية طبقة سياسية من كل الاحزاب قائمة على الاجماع والاختلاف في آن واحد وقائمة على الارضية الاساسية لادارة العملية السياسية كعملية نيابية تستند الى الشرعية ومسرحا لصراعات ضارية حول قضايا كشكل الدولة والسياسة الاقتصادية وما يتعلق بالنفط وعلاقة الدولة بالدين والتمثيل السياسي والنظام اللامركزي والمركزي والفيدرالية وحقوق الجماعات الثقافية وغيرها كلها قضايا ملتهبة لا يواجهها ويصوغها الا البرلمان. نعم الاحزاب السياسية تصنع برلمانا لو اختارت هي ذلك لكن البرلمان بطريقة جدلية يعيد صناعة القوى السياسية ويصنع منها طبقة تختلف تماما عن الاحزاب التي اعتادت ان تكون بعيدة عن بعضها وتعمل بشكل عدائي، وايديولوجيا تحركها مسبقات واحكام قطعية ضد بعضها البعض.

مهام الدولة
* ماهي الارضية التي تتيح للنظام السياسي العراقي الجمع بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية؟
- ان النظام السياسي الموجود في العراق لم يواجه بعد مستحقات الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية ويوجد رأيان بشأن ذلك مثلا في الصين: الاول يقول بالفعل يمكن الجمع بينهما عندما يتعلق الفصل الاجتماعي باعادة توزيع الثروة والسيطرة على التوزيع غير المتساوي للدخل ومنح فرص متكافئة للافراد ورسم سياسات اقتصادية وطنية غير خاضعة لمتطلبات منظمة التجارة والعولمة القائمة على التفاوت والتطور غير المتكافئ، فالرأي الاول يقول ينبغي فسح المجال للديمقراطية الاجتماعية ولجم قوى السوق غير ان الطرف الثاني المصنف على اتجاه الليبرالية الجديدة المحدثة يقول: ان السوق اولا وفتح ابواب آليات السوق على مصراعيه سيحقق ديمقراطية اجتماعية فلا يمكن جمع تفاحتين بيد واحدة اي ديمقراطية سياسية وعدالة اجتماعية و هذا الكلام يصح على الصين والهند، ففي الصين هناك مشكلة السلطة السياسية غير الديمقراطية وفي الهند هناك مشكلة النظام الاجتماعي غير المتكافئ والقائم على اللاتكافؤ، وفي تجارب الانتقال الاخرى التي حدثت في اوروبا الشرقية ووسطها تشير الى صعوبة الجمع بين هذين الملفين لكن وجدت ضمانات مهمة ساهمت باستقرار الحياة السياسية الاوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وجعلت الايديولوجيا السائدة هي الاشتراكية مما يعني ان تجربة الاصلاح الاجتماعي اساس للتطور الاقتصادي هناك وهذا يمكن تعميمه على البلدان التي ستدخل تباعا الى الاتحاد الاوروبي فترى ان الضوابط الموضوعة على السوق في تلك البلدان ضمانة للحفاظ على الديمقراطية الاجتماعية، اما في العراق لا يمكن الجمع بين سلطة قوية واقتصاد منفتح من جهة اخرى لاننا لا نملك دولة قوية قادرة على الامساك بجميع مفاصل المجتمع وخلق فرص مؤاتية لنمو اقتصادي رأسمالي منفتح ولان الاقتصاد العراقي غير انتاجي وهذا يميزنا عن الصين والهند، فالقطاعات الاقتصادية عندنا قطاعات ثروات طبيعية مصدرة اي اقتصاد ريعي وبقدر تعزيز دور الدولة لا يعطيها فرصة كبيرة للدخول كقوة اقتصادية في السوق فضلا عن اشكالية اخرى مفترضين تحقق ديمقراطية سياسية مستقرة وشرعية هي كيف يمكن تسخير هذه الثروة لمعالجة التفاوت الاجتماعي الكبير وعقلنة الاقتصاد وزيادة قطاعات الانتاج وتوفير البنى الاساسية للخدمات المقدمة وان تحفز الدولة المستثمرين وتخلق سوقا للاقتصاد الوطني وفضلا عن الجانب الاقتصادي السياسي ايضا الجانب الثقافي فنحن نحتاج الى جهد كبير في مجال الثقافة الديمقراطية وتوضيح مفهوم المواطنة والمسؤولية الفردية لان تحديث الاذهان مهم لانجاح العملية الديمقراطية والتطور الاقتصادي.

التصويت للدستور.. نحو دولة جديدة
* مازال البعض في الشارع يخلط بين مفهومي الدولة والحكومة ويعد اعلان الحكومة (المتغيرة) اساسا لقيام الدولة (الثابتة)، فكيف تنظر لذلك؟
- الدولة صورة للمجتمع ذات صفة معنوية لا تمتلك الا مؤسسات تتمثل بالسلطة والحكومة عمليا وهي تعبير مكثف عن الحقوق الاساسية والغاية النهائية للمجتمع، فروح الدولة مكتوبة بنصوص معينة في الدساتير الحديثة تحدد طبيعتها وطبيعة الحكم والنظام السياسي ومنظمومة الحقوق تتجسد من خلال الاجهزة التنفيذية، والخلط بين الدولة والحكومة ناتج عن مفهوم لغوي اشير اليه انه من دال يدول والدوال يعني التحرك، فعل متغير، بينما فكرة الدولة في اوروبا مرتبطة بالثبات ودال فعل حركي في حين (state) (حال) (ثابت) ويعكس سياقا ثقافيا لفهم الدولة. ان كل الدول تقوم وترتقي ثم تمر بمرحلة التدهور والسقوط وتعقبها اخرى بهذا الشكل وعندما نقول انه لا توجد دولة اي انه لا توجد هيبة للسلطة واليوم في العراق نسبة كبيرة من ابنائه ساهموا بصياغة دولة جديدة ممثلين بـ7 ملايين الذين صوتوا للدستور ولدولة جديدة بنهاية حقبة زمنية انتهى دورها وذهبت مع اشخاصها ورموزها، الا ان الرخاوة المتحققة في الوضع السياسي تنعكس سلبا على صورة الدولة ونفس المواطن الذي ساهم في صناعتها يبدأ بالتعبير عن استيائه ليس من الحكومة فقط بل الدولة ككل.
اننا نحتاج الى فترة طويلة حتى تدخل في نفوسنا قيم هذه الدولة الجديدة التي نشأت بعد 2003 ولسنا استثناء من بقية الشعوب لم يكن فيها الفصل واضحا بين الدولة والحكومة واحتاجت الى فترة لادراكه، فالثورة الفرنسية نشأت على اساس منظومة فلسفية متكاملة للخروج من النظام الاقطاعي الاستبدادي والكنسي فاتى الرد على ذلك بصورة مختلفة للدولة كانت خلاصتها فلسفية استنادا لقيم المعرفة والتنوير والعقل ونبذ التقاليد والمؤسسات التي تروج لمفاهيم اعتبرت بالية بمقياس التنويريين وعندما تسأل الفرنسي ما الدولة؟ يأتي الجواب بشعار الثورة: حرية اخاء مساواة. الان ما هوية المواطن العراقي ازاء قضية الدولة وهل لنا قيم محددة تشعر المواطن انها هذه هي هويته؟ واظن ان المجتمع لا يتوفر على الهوية الا من خلال السياسة والاجماع السياسي صحيح اننا نمتلك هويات قديمة تمتد الى بدايات عصور التاريخ الاولى ولدينا تراثات مختلفة ما قبل الاسلامية وبعدها واتجاهات فكرية وملل وطوائف واقوام كلها صحيح ووجودها طبيعي لكن الضمانة الوحيدة لبناء هوية عراقية تبدأ من قيم الاجماع السياسي وليس العكس لانه لو حصل ذلك لاصبحت القيم الثقافية اداة للانقسام فان تجمعنا على تلك القيم نضمن الشرط المناسب والملائم للتنوع الثقافي والفكري، اخيرا الدولة روح وفلسفة والحكومة هي تنفيذ واقتراب من هذه الفكرة ليس اكثر لان اية حكومة هي محاولة اقتراب من المثل التي تمثلها فلسفة الدولة وتحاكم على هذا الاساس حتى نصل الى هذه النقطة لابد ان ندرك هويتنا كعراقيين من خلال الدولة ولحظة التماهي بين الدولة والمواطن يجب ان تتحقق لنحصل على دولة ذات هيبة ومواطن حر والا نظل نعيش في هذه الفوضى التي تتناسل بيننا حتى اليوم.



#حسام_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات عراقيين في دمشق
- المسرحي صباح المندلاوي:هناك إصرار على تقديم أعمال مسرحية عرا ...
- أربع سنوات من العمل الصحافي الواسع وجز رقاب الصحافيين العراق ...
- رئيسة منظمة الدفاع الدولية وداد عقراوي : الموضوع العراقي و أ ...
- د.محمد احسان: ننتظر الالتزام بنص المادة (140) وخيار انفصال ا ...
- لا تبسمُ ولا تورقُ الكروم لأجلِها
- متخصّصون في القانون يعدّون بحثاً عن قانون مكافحة الإرهاب
- إنهاء التواجد الأجنبي يرتبط ببناء المؤسسات الأمنية والعسكرية
- الشاعر والصحافي كاظم غيلان:أتمنى ألا ينقاد المثقف العراقي لل ...
- أفكار ورؤى بين فيدرالية الدستور ومشروع الكونغرس الأميركي
- قربان الطائفتين
- اول وزيرة في العالم العربي
- حلاجون جدد
- باسم حمد المولود يوم سقوط الطاغية..
- كتاب الحوار المتمدن الثاني :عراق الصراع والمصالحة
- النقابي هادي علي لفتة : نعمل من أجل تشريعات ديمقراطية تقدمية ...
- د. فالح عبدالجبار : الوسطية تخرج السياسة من إنتهازية مستغلي ...
- مفيد الجزائري: أمام الصحافي المؤمن بالديمقراطية مهمات كبيرة
- نشرة الهجرة القسرية الخاصة بالعراق
- محنة “ندى” و “احمد” جزء من المعاناة العراقية في دول الجوار


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حسام السراي - كامل شياع : وحدة المجتمع في الأزمات التأريخية شرط ضروري لنجاح الدولة