أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام السراي - لا تبسمُ ولا تورقُ الكروم لأجلِها














المزيد.....

لا تبسمُ ولا تورقُ الكروم لأجلِها


حسام السراي

الحوار المتمدن-العدد: 2114 - 2007 / 11 / 29 - 10:18
المحور: الادب والفن
    



في مجتمعات كالتي نعيش فيها، ابسط مايميزها إنها لاتركز على الفرد ولاتعطيه اي دور، تتأرجح بين طرفي سؤال ابن عبدربه في كتابه "العقد الفريد ":هل العرب شعوب أم قبائل؟، فما الذي يمكن أن تدفع بإتجاه تغييره عينا المثقف من وعي أو ما تأتي به من معارف،عندما يرتبط فعل البصر بالفرد وتطوير وعيه نتاج مايراه، وعلى اساس الإلغاء الفردي لصالح المجموع والذي يشمل المثقف باعتباره اعزلا وحيدا مجرّدا من الانتماء، ينتمي لكل مثقفي العالم الذي تسيطر عليه منظومات وشبكات اتصال.
فأن هذه الأشكال من السيطرة تتاجر بما يسمى بـ"الصورة"، تسوق للآخر كل ما تريد،و تسهم في إعادة صياغة الوعي لافراد وجماعات، من المستحيل على المثقف أن يقوم بمثل ما تفعله تلك المنظومات، عيناه تجتر ما ترى افكار وتصورات جديدة ،توسّع من افقه وخياله ،فالشاعر "جون تارديو " ،بنظره لوجهه في المرآة ،قال : "هذا الشخص ليس أنا "،لننتبه هنا تحدث عن نفسه فقط ،ولم يقل : إن فرنسا الحقيقية ليست التي نراها في المطارات والشوارع وفي باريس وليل ونيس ،فالصورة ترتهن لما هو غير حقيقي ،لتجعله حقيقيا وملموسا بلحظات خاطفة، الصورة تفتك بعقلنا وبحدود تفكيرنا البسيطة ،كم قرأنا عن قصة المسيح وصلبه ؟،لكنها اختلفت بالكامل ونحن نراها ببصيرتنا في صورة سينمائية بديعة ابلغ وأشد وقعا بلا شك ، والمسيح في "الامه "يصيح وفي يده "الخبز ":"هذا جسدي"،إشارة منه إلى افتداء نفسه للآخرين ،الأمر ذاته في مشاهد انهيار برج التجارة العالمي في أحداث سبتمبر ،الصورة ايضا اختصرت الآف المقالات والكتابات التي ادانت واستهجنت فعلا إرهابيا كهذا .
وتبرز هنا معضلة الحديث عن الثقافة العربية التي لابد أن تكون جزءا من المشهد الثقافي العالمي ،تنفعل بما يجري حولها وتطرح خصوصيتها عبر وجودها فيه ،غير إننا كثيرا ما ننسحب من هذا الالتزام العالمي ،بتأثير صورة من الصور أو حدث من الأحداث وصل إلينا عبر وسيلة مرئية ،نتحول بلحظات إلى مجرد مرددي خطب وشعارات نستلها من أمسنا الغابر ،لتصبح عالميتنا اسمية فقط لالون ولاطعم ولا رائحة لها ،عبدة نصوص لا أكثر ولا أقل، دون أن نتجرأ على مقاضاة تراثنا و من ثم التوفيق بينه وبين الحاضر المرئي. وارتباطا بذلك التأسيس" المفرّغ من الإرث البصري "يمكننا القول عن علاقة الشعر بالقرآن، بأن قصائد "المعلقات " ونص "الإعجاز القرآني"، مرتبطان بمفصل واحد ألا وهو اللغة العربية الفصحى الحاكمة على مجمل إبداعنا فيما بعد، فالشعر بشكله الأول قوامه لغة قدسها العرب الأوائل، بدليل إن النقاد فيما بعد حسبوا الضرورة الشعرية ضربا من الانتهاك لقانون اللغة... كم هي عظيمة هذه اللغة عند العرب، والإعجاز القرآني يستمد سلطته على قرائه ومرتليه من اللغة التي أعطته بلاغة وقوة بانت بشكل واضح في بنائه، لذا فإن حضارتنا وثقافتنا تتوحدان في حبل سري واحد ألا وهو اللغة ،أفضت إلى أن يكون ارثنا خالياً من الصورة يعتمد على الهتاف والأصوات والماورائيات، نحن لسنا كالهولنديين مثلا ،تأخذ أمهاتهم بأيديهم منذ الطفولة للتآلف مع المتاحف واللوحات الفنية الفاخرة، حتى ترسخ فينا منذ إختبرنا الحياة (وهذا على صعيد شخصي ربما ) أهمية الشاعر التي تفوق النحات أو الرسام أو الممثل ،حتى إن النصوص الشعرية التي أعجبتنا راحت تحاكي ذلك" ستأخذك سورة الرحمن إلى الإيمان المصحوب بالطرب ،فتحبّ الله وتشفى من قلق السؤال الأول "
إن جزءاً من التصاقنا الثقافي بالشفاهي وتلاه المكتوب ،مرتبط بذلك البون الشاسع بين الشرق والغرب وما بينهما من ثقافة، كما يتعلق ذلك بصعوبات تتقمص مهام إعلاء شأن ثقافة المرئي،هي تلك التبعية للآخر والتي لم تؤد في كثير من أحيانها إلى تحديث ثقافي اجتماعي ،وإنما إلى قيام مجتمع "نيوبطرياركي "، تنمو على جذوعه براعم معدودة بتأثير بذور الحداثة، ما يبقي الموضوع في إطار التابع والمتبوع.
ترانا نجد -في ظل انتماء عراقي عربي -إن كل الظواهر السياسية والثقافية والاجتماعية ،محصورة في حالة الانفعال ومبتعدة عن حالة الفعل بالتأريخ التي أخذت توثقها الصورة اليوم بسهولة غير متوقعة توفرها التقانات والتكنلوجيا الحديثة .
وبذكر أسماء مثل ليوناردو دافنشي ، فان كوخ ،مايكل أنجلو ، لوكوربوزيه ، جياكوميتي ، ميل جيبسون ،علينا الاعتراف بأننا لانملك ما يضاهيها لا في الأداء أو المنجز ،ولا في أقبح التصرفات التي قد تبدو من قبيل دروس تعطى من قبلهم ،"مايكل أنجلو يزهق (إبداعيا) روح شاب أتى إليه بنموذج من تمثال اصلي أكمله بعناية فائقة ووصل إلى درجة الكمال بنظره ،فرآه أنجلو وامسكه بكلتا يديه وحطمه تحطيما كاملا وأعاد قولبته لتكون النتيجة مغايرة تماما لنحت الشاب "، إنه فعل العين التي كونت التصور لدى أنجلو بضرورة التغيير . ربما ستبقى عيوننا لاتبسم ولا يورق الكروم لأجلها ،من يدري متى يأتي زمان المرئي الذي تستنطق فيه العيون؟.



#حسام_السراي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متخصّصون في القانون يعدّون بحثاً عن قانون مكافحة الإرهاب
- إنهاء التواجد الأجنبي يرتبط ببناء المؤسسات الأمنية والعسكرية
- الشاعر والصحافي كاظم غيلان:أتمنى ألا ينقاد المثقف العراقي لل ...
- أفكار ورؤى بين فيدرالية الدستور ومشروع الكونغرس الأميركي
- قربان الطائفتين
- اول وزيرة في العالم العربي
- حلاجون جدد
- باسم حمد المولود يوم سقوط الطاغية..
- كتاب الحوار المتمدن الثاني :عراق الصراع والمصالحة
- النقابي هادي علي لفتة : نعمل من أجل تشريعات ديمقراطية تقدمية ...
- د. فالح عبدالجبار : الوسطية تخرج السياسة من إنتهازية مستغلي ...
- مفيد الجزائري: أمام الصحافي المؤمن بالديمقراطية مهمات كبيرة
- نشرة الهجرة القسرية الخاصة بالعراق
- محنة “ندى” و “احمد” جزء من المعاناة العراقية في دول الجوار
- طلة المنقذ
- دور المرأة في بناء دولة المؤسسات في العراق
- اللاجئون العراقيون إلى أين؟
- مراجعات في التشريعات و القوانين العراقية الخاصة بالمرأة
- الآثار الاجتماعية لتطبيق المادة 41
- رشيد الخيون: فقدان العراقي حق العيش على أرضه خلق إشكالية في ...


المزيد.....




- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...
- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...
- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...
- في عام 1859 أعلن رجل من جنوب أفريقيا نفسه إمبراطورا للولايات ...
- من النجومية إلى المحاكمة... مغني الراب -ديدي- يحاكم أمام الق ...
- انطلاق محاكمة ديدي كومز في قضية الاتجار بالجنس
- ترامب يقول إن هوليوود -تحتضر- ويفرض رسوما بنسبة 100% على الأ ...
- حرب ترامب التجارية تطال السينما ويهدد بفرض الرسوم على الأفلا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام السراي - لا تبسمُ ولا تورقُ الكروم لأجلِها