أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حسام السراي - رشيد الخيون: فقدان العراقي حق العيش على أرضه خلق إشكالية في الهوية العراقية















المزيد.....


رشيد الخيون: فقدان العراقي حق العيش على أرضه خلق إشكالية في الهوية العراقية


حسام السراي

الحوار المتمدن-العدد: 2025 - 2007 / 9 / 1 - 10:35
المحور: مقابلات و حوارات
    


رشيد الخيون:
فـقـدان الـعـراقـي حــق العيش على أرضه خلق إشكالية في الهوية العراقية
حاوره في اربيل حسام السراي
وصف المفكر والكاتب العراقي المغترب رشيد الخيون الديمقراطية العراقية بانها منفلتة مفضلا الاستبداد العادل عليها واقر بان الطائفية كانت موجودة سابقا غير انها لم تأخذ طريقها الى التصادم الاجتماعي

مبينا ان العلة الحالية بسبب ما اتى بعد سقوط صدام من احداث وليس للطريقة التي اسقط فيها النظام واكد ان الحكومة ستفقد هيبتها ان استمرت بعدم اعتراضها على تصرف سلبي مثلا وتصريح لوجيه في ميليشيا او حزب سياسي وشدد على ضرورة الفصل بين الهوية الاسلامية والهوية السياسية لان العلمانية حامية للدين من الدولة واشار الى ان التعددية قدر العراق وليست عيبا يؤخذ عليه طارحا عدم استغرابه من وجود ارادات داخل الادارة الاميركية لا تريد الديمقراطية كونها تضر بمصالحها ودعا الى الاعتراف بان تأثير منظمات المجتمع المدني لم يصل ولو الى جزء بسيط من تأثير رجل الدين وشيخ العشيرة في الشارع العراقي.
ديمقراطية كلام تقابلها ديمقراطية موت
* كيف تفهم الديمقراطية العراقية؟
ـ ماذا تعني لي الديمقراطية وكيف افهمها اذا كان صوت الرصاص والانفجارات يعلو وبسبب عدم وجود تأسيس واضح، الدولة تتبنى هذا المفهوم، بعد سقوط نظام صدام فسح المجال امام الجميع لاستغلال المراحل المؤقتة او الانتقالية فمن ضغط وكبت استمر فيه صراع المجتمع العراقي مع عدو شرس تمثله الدولة بكل قساوتها وطغيانها خلال 35 عاما الى ديمقراطية منفلتة فرح بها الانسان المستقيم والمتطلع واستغلها المجرم واصبح واضحا لدينا بان الدولة لا تصادر حرية احد بل ان هناك سلطات داخل المجتمع تصادر حريته واقول عن هذه السلطات بانها اقوى من الدولة وانا افضل الاستبداد العادل على هذه الديمقراطية المنفلتة لان من المفروض ترشيد الديمقراطية ولا اقصد هنا وجود حاكم مستبد يقتل ويذبح باسم الديمقراطية وانما اتمنى الاستبداد العادل الذي تتبعه الدولة واجهزتها الامنية ازاء المجرم الذي لا يأبه للنظام والقانون وان تكون ديمقراطية وشفافة مع الانسان المستقيم. ما حدث في العراق بعد سقوط التمثال احبط الجميع بصراحة فبدل تقديم العراق النموذج الديمقراطي المتطور الذي يهدد الانظمة الاستبدادية بديمقراطيته اصبحت هذه الانظمة وبتعاونها مع الجماعات الارهابية تهدد العراق ومشروعه المستقبلي وبقدر وجود ديمقراطية في الكلام والاستماع للاخر فانه توجد ديمقراطية موت، فكثير من العراقيين اليوم يستطيعون انتقاد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وشتمهم في اي وقت لكنهم لا يستطيعون انتقاد رئيس حزب او مسؤول ميليشيا لامتلاكه حق الموت عليهم ولان رئيس الجمهورية والوزراء يمثلون الدولة والقانون بالنتيجة لا يمتلكون هذا الحق بلا شك وهذا هو الذي قاد البعض للحنين الى النظام الاستبدادي السابق.
المستبد العادل ألوذ به من موتي
* تشير الى عدم وجود تأسيس للنظام الديمقراطي ما بعد صدام هل تعني ان القوى السياسية العراقية لم تعد برنامجا واضحا لما بعد صدام؟ وهل يتلاقى مفهوم الاستبداد مع العدالة في الحكم؟
ـ انا اقصد تأسيس دولة ديمقراطية لان الديمقراطية اتت بفعل تجارب انسانية طويلة ولا يجوز لاي شعب من الشعوب القول بان لي الحق في تأسيس الديمقراطية وانتشارها كمفهوم وعندما نتحدث عن القوى السياسية وبرامجها للمراحل المقبلة واعني التي وصلت السلطة ولم تحرك ساكنا امام حرية امتلاك السلاح، التي لم تأت بقرار حكومي وانما ممارستها شعبيا على نطاق واسع حولها الى قرار بدون العودة الى الحكومة هنا يتضح هل كانت هذه القوى السياسية لديها برامج ام لا وعندما اتمنى الاستبداد العادل شكلا للدولة لانه حينما يهددني الموت باسم الديمقراطية اتمنى المستبد العادل الذي يحميني والوذ به من موتي فانا ضد التضحية والاستشهاد من اجل الشعارات والمثل وبحجج مقارعة الاحتلال وليس عندي ما هو اقدس من حياة الانسان وسلامته ومنه اكون مع من يحمي حياتي وحياة الاخرين.
طوائف وقوميات رسمية واخرى غير رسمية
* هل تكمن المشكلة العراقية في النخب السياسية ام في المجتمع العراقي؟
ـ اود الحديث عن المجتمع اولا اعتقد ان الازمة العراقية مركبة ومتداخلة ويجب الا نخفي شيئا من الحقيقة بقولنا ان العراقيين لم يعرفوا الطائفية والتناحر الاجتماعي فالطائفية كانت موجودة سابقا غير انها لم تاخذ طريقها الى التصادم الاجتماعي وبقيت محصورة بمستوى العلاقة بين الدولة ممثلة للطائفة والقومية الرسميتين مقابل الطوائف والقوميات غير الرسمية ونريد او لا نريد كان هناك هدر في الحقوق واستلاب للحريات شعر به المواطن عندما تكرر لعقود تعيين رئيس للجمهورية وقيادات الدولة من الطائفة نفسها وما يكتنفه هذا الاجراء من رسالة يوجهها القائمون على السلطة منذ تأسيس الدولة العراقية انه لا حقوق للاخرين وعندما نعود الى تاريخ الطائفية وظهورها في المجتمع نقول ان العراق كان منقسما بين هيمنة صفوية وهيمنة عثمانية وبسبب الخلافات فيما بينهم نتجت الطائفية في العراق وتراكمت الى ان استخدم نظام صدام القسوة باسم الطائفة مع انه لم يكن طائفيا فاذا رأى نظام صدام ان السنة يضرونه والكرد والشيعة ينفعونه سيكون معهم، فهو نظام مستبد من نوع خاص كان يحافظ دائما على وجوده في الحكم لكنه شخص العلة وعرفها فاستخدم اقصر الطرق بتمثيله لطائفة واقصائه الاخرى وفعلا توسعت الطائفية على يديه فبقيت طائفة مهددة بالموت والمقابر الجماعية والنفي من البلاد تحت اسم خيانة الوطن وطائفة اخرى حيدها ثم جعلها تكون في مواجهة الطائفة الاخرى واتبع الطريقة نفسها في اقصاء الكرد كقومية غير رسمية فانت عندما تصر على خلفيتك الطائفية وتوجه بين الحين والاخر خطابا عروبيا يستفز الاخرين سيكون في المقابل تعصب عند الطائفة والقوميات الاخرى من كرد وتركمان، رغم ان طبيعة العراق الجغرافية تفرض نوعا من التعايش بين ابنائه الذين يعيشون على ارضه فطبيعة المجتمع المتنوعة هي انعكاس لتضاريسه الجغرافية، ذلك ان المجتمعات الواحدة المذهب والدين والقومية تعد اقل ذكاء بنظر الجاحظ وابن حديد من قبل، فهم وصفوا العراق بالذكاء المسعودي (الرافدان (دجلة والفرات) لا ينتجان الا هذه العقول) الا انه بفعل ازدياد حالات الاقصاء والتهجير اهتزت المواطنة لدى العراقي ففقد الشعور بالعراق كوطن له لدى فقدانه حق العيش على ارضه مما جعله لا يعترف بقدسية الوطن والا ماذا يمثل العراق وقتها لذوي ضحايا الانفال وحلبجة والمقابر الجماعية وهذا ما جعلنا اليوم امام اشكالية في الهوية العراقية. واصبح لدى هؤلاء المفجوعين نشيد حب الوطن مضحكا للغاية واعود الى النخب السياسية الحالية التي تتبع بمختلف توجهاتها مفهوم اذا لم تكن معي فانت ضدي والذي احدث هزة جديدة في مفهوم المواطنة واضعفها اكثر فهناك فوضى تاه فيها المواطن بين احزاب سياسية تتصارع على السلطة ولم نفهم منها ما الذي تقوم به غدا وتركوا المواطن تترصده الجماعات الارهابية المتطرفة.
انقسام داخل الطائفة والقومية نفسها
* كانك تسلم لمقولة ان المجتمع العراقي انقسم على نفسه؟
ـ المجتمع العراقي بالاساس مقسوم على نفسه والقسمة اتت من سلطة البعث فمهما يريد صدام التكلم عن الوطنية وحب العراق وشرفه هو كاذب لانه ونظامه سبب كل الاشكاليات القائمة الان لكن المؤسف ان الذين اتوا الان ولا اقصد اشخاصا محددين بعينهم بل النظام السياسي الجديد كانهم يسيرون بالمنحنى نفسه ولم يستطيعوا ان ينزعوا عنهم هذا التراث من القسوة فالكل يريد الاستئثار بالسلطة، وبطبيعة الحال فان هذا يدفع للمزيد من الانقسام الذي لن ينتهي بين الطوائف والقوميات نفسها وانما يتعداه الى انقسام داخل الطائفة والقومية نفسها بصورة من الاقتتال تفتت البلد.
لا بديل من دخول الدبابات الاميركية
* هناك من يعزو تدهور الوضع في العراق للطريقة الخاطئة التي اسقط بها نظام صدام فماذا تقول عن ذلك؟
ـ ان خيرت العراقي بين قسوة نظام صدام والبعث التي ذاقها منذ عام 1963 واسقاط النظام بايد خارجية وما يليه من مصاعب فانه سيجعل اسقاط النظام خياره الوحيد الذي لا بديل عنه، ولم تقف فكرة احتلال الاجنبي لبلده عائقا امام قبوله بانتهاء زمن الطغيان ان كان الاجنبي يتفق معه في مرحلة لاسقاط نظام القسوة واعتقد ان من السذاجة الوقوف ضد هكذا خطوة تأتي من الخارج بعدما وصل اليه العراقيون من حالة يأس كبيرة من القوى والاحزاب السياسية العراقية وامكانيات اسقاطها لنظام صدام وكنت اتمنى سقوطه بيد عراقية الا ان المعارضة كانت متهالكة مثلما هي اليوم في السلطة وحتى محيط العراق الاقليمي كان يريد ابقاء صدام واعوانه في السلطة وبضمنهم ايران على اعتبار ان بقائه دولة ضعيفة ومعزولة افضل من ان يصبح دولة ديمقراطية ينقل تجربته للاخرين وهذه الطريقة التي يقال عنها خاطئة لم يوجد وقتها اي بديل يجنبنا دخول الدبابات الاميركية.
ليست العلة في سقوط صدام بهذا الشكل وانما بالذي اتى بعده من حل للجيش وتدمير للمؤسسات وسرقتها واخرها ترك البلاد من دون حكومة سبعة اشهر حتى الخطاب بين الطوائف كان غير متوازن اطلاقا، طائفة محرومة ومعذبة اتت وكانها تهدد الطائفة الاخرى وطائفة استنفرت وبدأت تدافع بتكوين جماعات وميليشيات مضادة بالاعتماد على قوى خارجية والصراع والعنف لا ينتشر في بغداد فقط فالناصرية مثلا محكومة بقوى منقسمة على نفسها لا ترى فيها ان تسهم في بناء دولة.
مجاملة من اجل الحفاظ على المناصب
* ما اسباب كون السلطة الحالية متهالكة؟
ـ عندما لا تستطيع الحكومة الاعتراض على تصرف سلبي او تصريح لوجيه في ميليشيا او حزب سياسي بلا شك فانها ستفقد هيبتها مقابل بقاء اشخاصها في السلطة بمجاملتهم من يسيطرون على الشارع والحال نفسه في البرلمان عندما لا يستطيع اعضاؤه قول الحقيقة وانتقاد متنفذ له مسلحون ينتشرون في الشوارع. على كل سياسينا تجاوز المصالح الضيقة من اجل الحفاظ على مناصبهم بتحالفاتهم وفقا لضرورات سياسية على حساب المواطن نفسه.
استبداد البعث وبني العباس
* ماذا عن الصراع على شكل الدولة المقبل؟
ـ يجب الفصل بين الهوية الاسلامية والهوية السياسية فاقحام الدين بامور الدولة وشؤون الحكم سيضر الدين والهوية السياسية معا لاسيما ان اعتبار الدولة اسلامية مبنية على وفق اسس الدين، يبرز منه سؤال مفاده على اي مذهب ستكون؟ الا ان العلمانية تحمي الدين من الدولة لان اسلاما بلا مذهب لا وجود له فدعا عدد من المفكرين الاسلاميين الى ضرورة فصل الدين عن الدولة على اساس ان مكانة الدين ستنزل الى الامور الحياتية ما علاقة الدين بالخدمات والامن ومؤسسات الدولة التي تحتاج الاكفاء، وقيادة الدولة بعباءة الدين يعني تحول مهام رجل الدين الى مهام المحافظ او الشرطي فعندما يحدث نقص في الخدمات والحكومة مدنية يمكنك تقديم شكوى على المحافظ او المسؤول الحكومي وبعكسه عندما يقال لك ان هذه حكومة الله في الارض هل تشتكي على الله؟ وهذا هو جوهر الخلاف مع قوى الاسلام السياسي الساعية للسلطة ولنتذكر الامام علي (ع) عندما قال له الخوارج (لا حكم الا لله ولانحكم الرجال) فاجابهم: سبحان الله، الحاكم اما ان يكون برا او فاجرا اما ان يكون صالحا او طالح، فالحاكم هو الانسان الذي نستطيع محاسبته وعلى اساس ان القوى السياسية الدينية تمثل الشارع فقد اصابها شيء من الغرور متناسية ان اسقاط النظام حدث بايدي القوات الاميركية ومن الضروري الا تغيب هذه الفكرة عن اذهان العراقيين جميعا فكم تعالى البعثيون على الناس وامسكوا بالسلطة مثلما فعل العباسيون من قبل حين قالوا: (لا تخرج من بني العباس حتى يظهر المسيح المخلص).
انا ضد الاحتلال الا ان اسقاط نظام صدام فيه ايجابيات كثيرة اولها ان اي جهة تريد الاستبداد في السلطة تتذكر مجيء دبابة من الخارج تسقطها لذا على القوى السياسية اعادة ثقة المواطن بالمشروع السياسي، فبناء الاستبداد واسقاطه سهل جدا غير ان بناء الدولة يحتاج تأييد المواطن وفعاليته معها.
العلة في استثمار التنوع سياسيا
* هل تعد التعددية عائقا اخر امام انجاح العملية السياسية والنظام الديمقراطي في العراق؟
ـ التعددية قدر العراق وليست عيبا، فالسنة والشيعة تأسست مذاهبهم في العراق المذهب الحنفي تأسس في الكوفة (اهل الرأي) والمذهب الحنبلي والشافعي تأسسا في بغداد والمعتزلة في البصرة والاشاعرة في بغداد و كل المعارك التي دارت رحاها على ارض العراق بين الدولة وخصومها من العلويين تؤكد ان التشيع منتوج عراقي مهما يتكلمون عن الايرانية والصفوية فهذا التنوع في المذاهب يعطي حرية في التفكير الا ان العلة والمشكلة في استثمار هذا التنوع والاختلاف لاغراض سياسية ضيعت المواطنة ورغم كل ذلك نجد مؤشرات واضحة على اعتبار التعددية في المجتمع العراقي نعمة عندما احتج الازيدي وهو ممثل لطائفة صغرى على قسم رئيس الوزراء وهو ممثل لطائفة كبرى بذكره الشيطان، ويجسد الموقف الاخير درجة الحرية التي وصل اليها العراقيون اليوم باحترام الحقوق العقائدية للذين تختلف معهم وبقي ان تترسخ هذه المواقف مجتمعيا في التصرفات والسلوك ونتخلص مما اسميه بالدولة الاحتياطية (تحت الارض) التي يهدد شخوصها اي انسان يتكلم وفق معايير الديمقراطية وينتقد رئيس حزب او رجل دين اساء للديمقراطية في تصرف ما، و خوف المواطن من هؤلاء يهدد الديمقراطية ويدفع البعض لاعتبار التعددية نقمة حينما لا يدرك العامي مصلحته ويتجاوز على حقوق الاخرين وينتهك حرياتهم، ففي ضوء التعددية تم احتضان الزرقاوي والتستر عليه وحدثت تجاوزات على الجامعات وقتل اساتذة باسم العقيدة.
سلطة تعمل في الخفاء
* ما الدولة الاحتياطية وما انجازاتها؟
ـ الدولة الاحتياطية تمثلها جماعات البعث والتكفيريين والمتشددين الذين لا يريدون الديمقراطية ويعدونها عدو الوجود بالنسبة لهم، فهذا يريد تأسيس دولة سلفية والاخر يريد ارجاع دولة البعث بينما يريد غيرهم ابقاء حكم الميليشيات وسطوتها على الشارع وهؤلاء يأخرون تشكيل الدولة لأن حضورها وتطبيقها للقانون يعد نهاية لهم ولمصالحهم في العراق فاعداؤنا لا يقتصرون على كونهم جماعات البعث والزرقاوي وانما حتى من هم في البرلمان ممن يؤيدون القوى المتطرفة وممارستها الدكتاتورية التي تقوض الديمقراطية بتدخلها في شؤون الثقافة والتعليم وحياة المجتمع كله وعلى الجانب الاخر نرى كثيرين يدافعون عن الديمقراطية ويقفون بوجه التطرف والتشدد امام من يعوقون التقدم باسم الدين والمذهب ووظفت كلمتي الدولة الاحتياطية للتعبير عن دولة الظل التي تريد الهيمنة على الدولة الرسمية وتبقيها شكلية تعمل في الخفاء وتفوق سلطتها صلاحيات الدولة وامكانياتها.
نخب تسفه الديمقراطية
* الكل يتحدث عن تثقيف المجتمع ديمقراطيا وما زالت الممارسات الدكتاتورية تتكرر من احزاب سياسية وافراد في المجتمع؟
ـ على العراقي الا ينسى التركة الثقيلة التي خلفها نظام صدام والبعث وانعكس هذا على الاجيال الناشئة في العقود الثلاث الاخيرة فشباب اليوم ولا نقول كلهم بل نسبة ليست قليلة منهم تسيطر مفاهيم العنف والقسوة على تفكيرهم وعقولهم وبمساهمة نخب سياسية تسفه الديمقراطية وتستغل هؤلاء، فأستجابة المواطن للتثقيف يتطلب تحسنا في الوضع الاقتصادي والاجتماعي ووجود اعلام عراقي حر لا يثير النعرات الطائفية فهي مجموعة اجراءات مترابطة تتبعها الدولة ومؤسسات المجتمع المدني بحيث لا نجعل حياتنا تتشح بالسواد دائما وهنا لا نغفل الاصوات المعتدلة لرجال دين يرفضون الايغال في هذه الممارسات التي لا تعبر بالضرورة عن الالتزام بالدين للافادة من خيراتنا وخبراتنا بشكل ينفع ديمومة الحياة وتطور المجتمع.
أحزاب يجب أن تغير اسماءها
* هل تعتقد ان الفوز في الدورات الانتخابية المقبلة سيبقى حليف القوى السياسية الممثلة للطوائف والقوميات في العراق؟
ـ هذا هو الخطر الحقيقي ان على احزابنا الدينية والقومية التحول الى احزاب مدنية ولا يعني الحزب المدني الا يكون رجل الدين عضوا فيه بل يتبنى الحزب المدني مفاهيم عراقية بدل المفاهيم الضيقة المسوقة من قبل الاحزاب الحالية اي برنامج سياسي واقتصادي يخدم ابناء البلد جميعا ولا يفرق بينهم، فالحزب الديني تأسس في مرحلة سابقة شهدت اضطهادا طائفيا وقوميا كانا سائدين واليوم عليه ان يغير في نظامه الداخلي ويصبح حزبا عراقيا فيه شيعة وسنة واكراد وليست احزابا تتخصص بطائفة او قومية دون غيرها فعلى من يتبع نهج الاخوان المسلمين قطع الصلة بالاصل وعلى حزب الدعوة والمجلس الاعلى تغيير اسميهما وفتح الابواب للجميع والامر نفسه بالنسبة للاحزاب الايديولوجية كالحزب الشيوعي العراقي لارتباطه بايديولوجية في مرحلة سابقة شهدت استبدادا حزبيا وفشلت تجربتها في العالم، فعليه تغيير اسمه والتعامل بنهج ديمقراطي جديد والا ينشد لايديولوجية محددة وفكر شمولي واحد لان الاحزاب المدنية تحرس الديمقراطية وتؤسس نظامها الجديد وهنا نعرف لماذا تشوه فكرة العلمانية ويسميها رجال الدين الرافضون لفكرة الاسلام السياسي بالعلمانية المؤمنة بسبب الضغوط المتزايدة عليهم واتجاهات الشارع، وان بقيت الاحزاب على وضعها الاني فستكون اول من يخون الدستور العراقي الذي كتبته.
أميركا لا تخدم أو تخذل أحداً
* هل تعتقد ان الولايات المتحدة الاميركية جاءت الى العراق لنشر الديمقراطية؟
ـ اميركا لم تات الى العراق لسواد عيوننا وربطت بين مجيء الاميركان والمغول الى العراق، فلولا سقوط البرجين ووجود معلومات عن تعاون صدام مع الجماعات الارهابية (القاعدة) لما اتت القوات الاميركية الى العراق فبعد تعاونها مع انظمة دكتاتورية وضربها لانظمة ديمقراطية مثل (تشيلي) شعرت الادارة الاميركية بان الديمقراطية في الشرق الاوسط تخدم وجودها ومصالحها فيه فهي لم تأت لخدمة احد وخذلان اخر، وعلى العراقيين استغلال التقارب الموجود في المصالح مع الادارة الاميركية. هذا وانه على الفصائل السياسية العراقية بناء قواعدها الجماهيرية بقوة لضمان وجودها ولا نستغرب من وجود ارادات داخل الادارة الاميركية نفسها لا تريد الديمقراطية بفعل ما تخلفه من ضرر للمصالح الاميركية وشركاتها الاستثمارية.
* تدخلات لدول الجوار في الشأن العراقي وارادات داخل الادارة الاميركية لا تريد الديمقراطية فكيف تنظر للمرحلة المقبلة؟
ـ ان العراق لن يبقى مشدودا الى الخارج فالقضية العراقية حلها عراقي ولا ابرئ اي دولة من وجود مصالح لها في العراق سواء كانت مصالح سياسية او معنوية او اقتصادية واميركا احدى هذه الدول فاستمرار العملية السياسية وحصر الخلافات السياسة في الغرف المغلقة وعدم التسليم لما يدور من ان السعودية وايران مثلا لا تريدان الديمقراطية، ومن ثم طمأنة المحيط الاقليمي والدولي للانتقال من ذروة العنف الى عملية تداول سلمي دائمية فيها امان واستقرار للبلاد بتفاعل المواطن مع مفهوم الديمقراطية وسموه عن الانتماءات الثانوية، فلن يكون وقتها للتدخل الخارجي هذا الشأن في تاخير عملية البناء.
حكومة بدون تكنوقراط لا تنفع البلاد
* انت تدافع عن التكنوقراط العراقيين بينما يرى مراقبون ان الوضع الحالي يحتاج الى ادارة حازمة قبل كل شيء فمن الصائب؟
ـ لماذا لا يكون المسؤول الحكومي (تكنوقراط) وادارياً حازماً في الوقت نفسه وليس بالضرورة الا يهتم رئيس الوزراء (التكنوقراط) بشؤون الامن ولا يكون حازما لكننا عندما نختار وزيرا للداخلية او الدفاع يجب ان يكون الوزير حازما قبل كل شيء ولديه خبرة امنية وعسكرية. وبنجاح التكنوقراط في تحسين مستوى الخدمات والجانب الصحي والبيئي والتربوي، الا يعد حازما بتفوقه في تحقيق مهامه المطلوبة منه باسرع وقت وكما ان التكنوقراط بعيدون عن الهيمنة الحزبية والطائفية فان الرأي المؤيد لحكومة حازمة خارج التكنوقراط خاطيء ولا ينفع البلاد.
المكاشفة تحمي حقوق الانسان
* كان نظام صدام ينتهك الحريات وحقوق الانسان وبعد سقوطه اشارت منظمات حقوق الانسان الى تعاظم مديات الانتهاك فهل تلازم ثقافة العنف واقصاء الاخر الحياة العراقية ولا تفارقها؟
ـ دولة البعث الموفقة في الجمع بين الاستبداد الديني والسياسي مارست اقصى حالات الانتهاك لحقوق الانسان والدولة الناشئة اليوم لا تمارس ذلك رغم وجود انتهاك هنا وهناك، والفرق الواضح بين العهدين تصاعد الانتقادات لاجهزة الدولة الامنية في قضايا اثيرت بعد سقوط صدام كقضية سجن الجادرية على النقيض مما كان سائدا ايام صدام بعدم استطاعة احد انتقاد السلطة القمعية ولا يمكن ان نعقد مقارنة بين العهدين، مقابر جماعية وانفال وتجفيف للاهوار وتهجير للعوائل، تقابلها علنية ومكاشفة تحمي حقوق الانسان في العراق يكون لوسائل الاعلام ومنظمات حقوق الانسان الدور الابرز في تشخيص الاخطاء والانتهاكات الحاصلة ومن جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية
العراق بحاجة إلى منظمات المجتمع المدني
* هل ترى في منظمات المجتمع المدني ما يشكل اليوم قوى ضاغطة على القرار السياسي في البلاد؟
ـ تقوم منظمات المجتمع المدني في الانظمة الديمقراطية بدعم المجتمع وتنفيذ خطط الدولة وبرامجها، وفي العراق هناك سعي واضح لتحديد عمل منظمات المجتمع المدني واستغلالها حتى لا تصبح حرة ومستقلة، فالمنظمات المدنية رديفة لاي نظام ديمقراطي في العالم وبدونها لن يتأسس النظام الديمقراطي نجدها تدافع عن المجتمع وتقدم المساعدة للدولة في مراقبة ادائها وللمجتمع في ايصال مطالبه الى السلطة الحكومية، فالعراق احوج ما يكون لهذه المنظمات التي لم تصل بعد لمستوى قوى ضاغطة تؤثر وتغير في الشارع والقرار السياسي نتمنى الا تصبح العوائق الحالية محبطة لعملها في المستقبل، لأن المهم الاستمرار في بناء الكيان وعدم الانصياع للضغوطات الحكومية.
منظمات ليست لديها جماهير
* ما دامت المنظمات توجه الدولة وتقوم اداء الحكومة لماذا لم تخرج هذه المنظمات بتظاهرات تندد بتأخر تشكيل الحكومة؟
ـ المنظمات اليوم بمؤسسيها فقط وليس لديها اي جماهير فكيف نريد خروج عشرين او ثلاثين شخص في تظاهرة من اجل مطالب مجتمع باكمله تندد بتأخر تشكيل الحكومة بدون وجود قاعدة جماهيرية واسعة اضافة الى الوضع الامني الذي يخدم القوى الاستبدادية وانا متأكد من ان اوساطا كثيرة تريد الخروج بتظاهرة وتعبر عن رأيها الا ان التدهور الامني يعوقها وعلينا الاعتراف بان تاثير منظمات المجتمع المدني لم يصل ولو الى جزء بسيط من تأثير رجل الدين وشيخ العشيرة في الشارع العراقي، فمجتمعنا لم يدرك مفهوم المجتمع المدني وحقوق الانسان.
* ما قولك اخيرا وانت تزور العراق؟
ـ لم يكن العراق غائبا عن بالي اطلاقا ولا اتابعه لاغراض النشر والكتابة والبحث، بيد ان شعوري بمعاناة ابناء بلدي يدفعني لذلك ومجيئي للعراق اثبت لي ان العنف لم يهدم كل شيء وارى شعلة مضيئة في نهاية النفق العراقي.



#حسام_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تبتكر بغداد صوت نايها المفقود
- مجتمع وقناعات مفخخة !!
- تطواف مكتوب مع الجواهري
- على صحافيي العالم أن يقفوا إجلالا لزملائهم في العراق
- د. كاظم حبيب: ذهنية الهيمنة الطامحة للتحكم بسياسة العراق يجب ...


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حسام السراي - رشيد الخيون: فقدان العراقي حق العيش على أرضه خلق إشكالية في الهوية العراقية