أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء السورملي - لوحة فنية وجدار البيت الفيلي














المزيد.....

لوحة فنية وجدار البيت الفيلي


ضياء السورملي

الحوار المتمدن-العدد: 2160 - 2008 / 1 / 14 - 08:24
المحور: الادب والفن
    


وقفت إمراة جميلة جدا امام لوحات جميلة وتذكرت اللوحات المسروقة من بيتها المسروق ، تذكرت همومها يوم غادرت الوطن الى غربة طويلة لا نهاية لها ولا بصيص امل في نفق مظلم ، ايقضها من تأملاتها صوت الرجل وهو يكلمها باللغة الأنكليزية هل اعجبتك هذه اللوحة ام اعجبتك تلك ، كان الرجل يعرض لوحاته في شارع بيزواتر في لندن ، شارع طويل ومزدحم يحاذي حديقة الهايد بارك الشهيرة في العالم ، انتبهت المرأة لقول الرجل وانتبهت لزوجها لكي يسعفها عما يقوله الرجل لانها لم تفهم كلامه ، لا تزال حديثة العهد على الأنكليز وعلى لغتهم لانها جاءت في زيارة قصيرة الى لندن .

راح الرجل الانكليزي يحدثها عن جمال اللوحة وكيف عليها ان تضعها على جدار مصبوغ بصبغة برتقالية لكي تنسجم مع الوان اللوحة ، استمعت المراة الجميلة بكل تركيز على قوله ، وكانت مهتمة بالجدار اكثر من اهتمامها باللوحة ، راح الرجل يسترسل في وصف اللوحة وفي اي زاوية من الجدار يجب وضعها وفي اي غرفة من البيت ، انها لوحته وله الحق في ان ينصح المشتري لان يضعها في المكان المناسب ، هذا الكلام كان قبل اكثر من ثلاثين عاما يوم كان الناس يهتمون باللون والصورة والفن الرفيع والذوق العالي ، كان هذا في سنة 1972 في شهر اذار واعياد نوروز معلنة في كل انحاء كردستان ، في ايران وفي العراق وفي تركيا ، نوروز يوم راس السنة الكردية .

بعد ان ترجم لها زوجها كلام الرجل ، شكرته على ايضاحاته وملاحظاته وقالت له ، نحن عندنا فلوس نستطيع ان نشتري هذه اللوحة ونشتري اختها هناك ونشتري هذه اللوحة الجميلة التي امامي ، ان لوحاتك كلها جميلة وتحمل طابع خاص ينسجم مع اذواقنا وانك بذلت جهودا رائعا في رسمها ولكن تبقى عندنا مشكلة واحدة وكبيرة وحلها ليس سهلا في الوقت الحاضر وهي اننا لا نملك جدارا لنعلق عليه لوحاتك .

تعجب الرجل من كلامها واراد ان يساعدها في الوصول الى حل لهذه المعضلة التي تقول عنها هذه السيدة المحترمة ان مشكلتها ليس لها حل ، فقال لها وكيف استطيع ان اساعدك في حل المسالة التي لم تخبريني عنها .

فقالت له المشكلة ببساطة نحن قوم نسمى الكورد الفيليون ونحن ليس لدينا وطن ولا هوية ولا بيت فيه جدران لكي نضع لوحاتك الجميلة هذه على جدران البيت ، لم يفهم الرجل ما قالته السيدة الفيلية له ، لانه لم يعرف مشكلة الفيليين .

هنا تدخل الزوج فقال للرسام ، ان مشكلتنا هي مصيبة كبيرة وهي ان دولتنا استولت على بيوتنا وعلى الجدران التي نعلق عليها صورنا . لم يأبه الرسام لكلام الرجل ولا لكلام المرأة . ولكن بقي سؤال واحد معلق في ذهنه كيف لا تملك هذه المراة جدار وتقول ان عندها اموال وهي غنية وتتجول في شوارع لندن ، سال الزوج من اي بلد انتم فقال نحن لا نملك بلدا ولا ننتمي لأي بلد حسب القانون ، وهنا تعقدت المسالة قليلا ، قال الرجل ، لم افهم ماذا تقصد ، فقال له الزوج لقد قالت لك زوجتي نحن كرد فيليون ، اذا اردت ان تعرف من نحن عليك ان تبحث في التاريخ عن هويتنا ووطننا وابحث عن الجدار الذي حدثتنا عنه .

اليوم وبعد اكثر من ثلاثين عاما صادف ان يمر الرجل وزوجته من نفس الشارع ويقفون امام لوحات نفس الرجل ولكن هذه اللوحات قد تغيرت في طابعها وفي مضمونها ، كما تغيرت المرأة وتغير الرجل ، زادت الأخاديد والتجعدات والمسحات الحزينة في وجة المراة الكردية الفيلية البالغة الجمال في وقتها ، كما احدودب ظهر الرجل رغم اناقته وطوله الفارع وزادت بلاغة لغته الانكليزية ، وقفت المراة امام اللوحات وتذكرت الرجل ، هو نفسه ذلك الأنكليزي اللطيف المهذب ، زادت الأخاديد في وجهه واصبح شعره رماديا ، تكلمت معه بأدب وقالت له هل تتذكرنا ، فقال الرجل لا بكل بساطة ، وقال لهما كل اسبوع اصادف العديد من الناس ومن الصعب ان اتذكر كل الزبائن ، وبعد حديث قليل ذكرته بما دار بينهما قبل اكثر من ثلاثين عاما من نقاش ، لم يتذكر الرجل الموضوع ابدا .

هل لك ايها السيد المحترم ان تشرح لي اين اعلق هذه اللوحة وكيف اعلقها وفي اي زاوية من البيت اضعها ، فقال لها تحتاجين الى جدار عالي ومصبوغ باللون الأبيض وهذه اللوحة يجب ان تكون في مستوى اعلى من مستوى الرأس وعلى الناظر لها ان يرفع لها راسه حتى يتبين خطوط اللوحة بشكل مناسب خصوصا وانه ينظر الى فن سامي وعالي ، هذه اللوحة تعبر عن ماساة شعب وامة ، البؤس واضح في معالم الصورة ، والماساة مرسومة فيها بدقة ، فقالت له وماذا اذا لم نملك جدارا لحد الان كيف واين سنعلق الصورة ، فقال لها مندهشا ومتذكرا هذه حدثت معي قبل فترة طويلة حيث جاءني رجل وامراة لم يملكوا جدارا لكي يعلقوا عليها صورة اعجبتهم ذهبوا ولم يشتروا الصورة ، هل المطلوب مني ان ابيع لوحاتي مع الجدران .

قالت له المرأة باصرار ، لقد اخطأت المرأة في المرة السابقة والتي هي أنا نفسها ، اما اليوم ساشتري هذه الصورة وابني لها جدارا ، هذه اللوحة بحاجة الى جدار فيلي نعلق عليه صورنا وماساتنا وكل ما نملك ، سنبني بيتا ونضع فيه كله شئ بدءًا من همومنا الى صورنا سنبني بيتا ونسميه البيت الفيلي ، نعم سنبي من جديد كل ما هدمه الأعداء وسنرتب كل الأشياء التي حاول اعداءنا تشويهها وسرقتها .

ايها الرجل الطيب داوم على رسم لوحات جميلة سيأتيك الكثير من الفيليين لشراء لوحات منك وسيعلقونها على جدران بيوتهم الفيلية الجميلة .



#ضياء_السورملي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حلبجة الى دارفور في السودان
- كاكه حمه ويس و المچارية
- جند السماء
- الخَر ََف ْ السياسي
- إستقلال كردستان حلم أم حقيقة
- الكورد الفيليون واعدام الطغاة
- كاكه حمه ويس وعجائب قصور الظالمين
- اعدام صدام عبر ودروس
- احزاب سقطت في مستنقعات مدينة الموت
- كاكه حمه ويس مع الحجاج في نقرة السلمان
- كاكه حمه ويس قاضي الشعب
- كاكه حمه ويس وحقوقه المسلوبة وآيات الله
- محمد البدري وداعا
- بيروت تحترق من جديد
- المعتوه بن لادن
- أبو شنيور في المحكمة
- الصابئة المندائيون - ملائكة السلام
- الدكتورة رايس أو السيدة تمنايه
- الزعيم الأبله
- المرأة العراقية


المزيد.....




- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء السورملي - لوحة فنية وجدار البيت الفيلي