أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ضياء السورملي - الخَر ََف ْ السياسي















المزيد.....

الخَر ََف ْ السياسي


ضياء السورملي

الحوار المتمدن-العدد: 1812 - 2007 / 1 / 31 - 10:02
المحور: حقوق الانسان
    


الخرف من الناحية الطبية هو مرض عقلي ذهانى يتظاهر بنقص في الذاكرة والذكاء ويحدث غالباً في سن متقدم من العمر. اما الخرف السياسي فهو مصطلح سياسي يشابه رديفة الطبي ولكن تطبيقاته تكون في المجال السياسي . فمن هو المخرف سياسيا وما هي اعراض الخرف السياسي وعلى من يطلق وفي اي مناسبة يتم استخدامه وهل هو مصطلح سياسي رصين وابعاده وحدوده معروفة ام ان الخرف السياسي يتم اطلاقه جزافا على بعض السياسيين للانتقاص منهم .

لكي نوضح الصورة لمصطلح الخرف السياسي ، اريد ان اوضح مصطلح النضج السياسي اولا او السياسة الناضجة او السياسي الناضج وهذه المصطلحات تطلق على السياسة الرصينة التي تقوم مبادئها على الدراسات التحليلية المستندة الى العلم والمعرفة والتقصي والأستنتاج والأحصاء والتنبؤ او التوقع لوقوع الأحداث المقبلة من خلال معطيات مدروسة . تكون السياسة ناضجة اذا استندت الى اسس صحيحة واثمرت عن نتائج باهرة تعم فائدتها عموم المجتمع وافراده وتؤدي بدورها الى الوصول الى مراحل اكثر تقدما واكثر تطورا .

من مميزات السياسة الناضجة ان يقودها سياسيون ذو خبرة وذو مقدرة على الأدارة ولهم فن القيادة والتوجه ولديهم شخصية ذات مواصفات تلتف حولها الجماهير كما لها القدرة على الأقناع والمناورة وكل هذه العوامل تسهم في دفع العملية السياسية برمتها نحو الأمام . ان السياسة الناضجة تعتمد على المنهجية المبرمجة والأنظمة المتسلسلة بدرجات ادارية مستقلة في اتخاذ القرارات ولها صلاحيات ثابتة واسس تعمل عليها من دون تدخلات للمتطفلين والجهلة من خارج نظام العمل كما ان لها ميزانيات ثابتة لاتعتمد على مبدأ الربح والخسارة في ميزانياتها كاساس ثابت وانما تهدف الى التطوير وما ينتج عنها من مراحل لاحقة نافعة ومثمرة ومربحة حسب الخطط الموضوعة لها .

عكس السياسات الناضجة هي السياسة المتخلفة او الناقصة او المشوهة او الطائشة المتهورة او السياسة المجنونة وكل هذه السياسات لها اسبابها ومميزاتها وما يهمنا هو السياسة التي تقترب في اهدافها من الجنون بسبب ان قيادتها قيادة مجنونة او قيادة خرفة مما تؤدي بالبلد المرتبط بهذه السياسة الى حافة الهاوية والأنحدار وتجعله من البلدان المتخلفة والفقيرة والمهزومة والمحرومة والمنعزلة ونماذج مثل هذه السياسات كثيرة سناتي على تفاصيلها لاحقا .

من البلدان التي قادها سياسي وصل حد الخرف هي تونس على سبيل المثال في زمن الرئيس الحبيب بورقيبة ، لم يتنازل هذا الرئيس عن الحكم وهو في حالة مرض شديد وعجز كبير ووصل به الحال انه كان يتبول على نفسه في فراشه ومع ذلك كان حاكما لبلاده ، لقد تقدم به العمر كبيرا ولكنه كان ملتصقا بكرسي الحكم من دون ان يتركه ، ان مثل هذا أوصل دولته التي يحكمها الى مرحلة الخرف السياسي خصوصا وانه الحاكم المطلق حتى ولو كان خرفا وعاجزا ونفس الكلام ينطبق على فيدل كاسترو الرئيس الكوبي حيث وصل به الأمر الى نفس المرتبة ولا يزال هو الحاكم المطلق رغم تسليم السلطة رسميا الى اخيه .

ان قدرة الحاكم وخصوصا عندما يكون دكتاتورا ومتخلفا تتناقص بمرور الزمن ويصبح عرضة للنهش من المفسدين من المستشارين والمتطفلين المحيطين به وكلما طالت فترة الحكم في الزعامة كلما قلت قدرته على ادارة دفة الأمور ، والعكس صحيح كلما ابتعد الحاكم او الزعيم عن الحكم او الزعامة في فترة معقولة وسلم مقاليد الحكم او الزعامة الى مسؤولين اخرين كلما تعززت مكانة وقوة الدولة المحكومة .

من الامثلة الواضحة على الحكام طويلي العمر في الحكم هم الرئيس المصري محمد حسني مبارك والذي يجلس على كرسي الرئاسة لفترة تزيد على اربعين عاما وكذلك الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ومعظم الرؤساء والملوك العرب فانهم مثل العلكة اللاصقة في الملابس لا يمكن قلعهم الا بانقلاب او ان يتدخل عزرائيل فيقبض ارواحهم وينهي حقبة حكمهم مثلما حدث مع الرئيس السوري حافظ الأسد وملك الأردن الحسين بن طلال وغيرهم من الملوك والرؤساء العرب ، او ان يلتف حبل المشنقة حول رقبتهم ويلويها مثلما حدث مع صدام حسين عندها فقط سوف يعرف هؤلاء الحكام انهم كانوا من الحكام الذين كان حكمهم يمر في فترة الخرف السياسي او ما شابه ذلك من عدم نضوج في مراحلها السياسية الطويلة.
في مقابل مصطلح الخرف السياسي ظهرت مصطلحات مشابه منها المقاومة غير الشريفة ، والمقصود من الناحية اللغوية غير الشريفة هي العاهرة اي التي تمارس العهر الجنسي ام من الناحية السياسية فان المقاومة غير الشريفة تعني ممارسة القتل للابرياء وللناس عامة وخصوصا الذين لا علاقة لهم بالتسلح والتسليح وتقوم بمهاجمتهم بحجة او باخرى مخالفة للعرف السياسي والقانوني وبذلك يطلق عليها المقاومة غير الشريفة ، ونفس الشئ يطلق على مصطلح العهر السياسي اي ان تكون السياسة قائمة على اسس غير صحيحة قانونيا او اخلاقيا وبذلك فانها سياسة منافية للمجتمع وتعمل على نشر الفساد والتدمير للاسس القويمة في المجتمع .

ان العهر السياسي والمقاومة غير الشريفة هي من مقومات السياسة غير الناضجة او السياسة الخرفة ، والفرق بين السياسة غير الناضجة هي السياسة المستندة على اسس غير قويمة وغير مكتملة ويقودها اناس جهلة لا علم لهم ولا معرفة بينما السياسة الخرفة هي سياسة طويلة في مراحلها ولكن قادتها وساستها لم يتبدلوا ولم يتغيروا واصبحوا عاجزين عن الأداء الأمثل واوصلوا البلاد لنفس النتائج التي توصل لها السياسة غير الناضجة او المتهورة او السياسة الطائشة .

ان افضل مثال للسياسات الخرفة هي ما يحصل في بلدان مثل اليمن ومصر وليبيا نتيجة خرف رؤسائها سياسيا وعجزهم عن الاداء لطول الفترة التي جلسوا بها على كرسي الحكم .

اما ما يحصل في العراق من تخبط في السياسة باكملها هو خليط من السياسة الخرفة والسياسة الطائشة والسياسة المتهورة والسياسة غير المتزنة نتيجة لعدة عوامل متداخلة ومتشابكة اهمها تعدد مصادر القرار السياسي وتذبذبه وصعوبة تطبيق القرارات الصادرة من الجهات المتعددة ، اضف الى ذلك ان في الحكم ساسة وصلوا مرحلة الخرف السياسي نتيجة طول فترتهم في الزعامات وهؤلاء اعدادهم كثيرة ومنهم الساسة الكبار السن مثل جلال الطالباني والباججي والجعفري وفؤاد معصوم ومحمود عثمان وموفق الربيعي وعدنان الدليمي .

أغلب هؤلاء الساسة فشل من الناحية السياسية في اكثر من مجال في زعامة حزبة او قوميته ولكن تشبثهم بكرسي الحكم وحب المناصب ونهب المال العام والثروة المفرطة جعلهم ملتصقين بكراسيهم رغم الترهل الجسمي والذهني وضعف الأداء مما اوصل البلد في زمنهم وفي فترة قياسية الى مرحلة من الفوضى والدمار والقتل. والغريب انهم يرفضون ان يتحملوا مسؤولية ما يحدث بل بالعكس فانهم يحملون الأخرين مسؤولية الدمار الحاصل على الرغم من كونهم في قمة السلطة والهرم السياسي في الحكم وهذا سببه خرفهم السياسي وعجزهم الأداري والحكومي .

انا شخصيا لا افرق بين الزعماء حسني مبارك والقذافي وعبدالله صالح وجلال الطالباني من حيث وصولهم الى قمة الخرف السياسي وما عليهم جميعا الا ان يتنازلوا عن قياداتهم الآلهية الثابتة وان يكفوا عن سماع المديح لحكمهم وحكمتهم المتناهية وانه لولالهم لهلك البشر ، الحقيقة هي ان وجودهم في الزعامات والحكم قد اهلك العديد من شعوبهم التي حكموها ، لقد حان وقت تنازلهم عن السلطة لا لشئ الا لتقادمهم السياسي وخرفهم السياسي وقلة ادائهم التي اصبحت تعطي المردود السلبي .

ان اكثر الناس يقدرون كلامنا هم اصحاب السيادة انفسهم ، ويفهمون ما نقصده من مضمون الخرف السياسي لانهم يقيمون اسلوب ادائهم وعجزهم ، ويصابون بالذهول عندما يعرفون الحقائق الغائبة عنهم ، وهذا ما حصل لصدام حسين عندما تم تقديمه للمحاكمة وتبين انه غافل عن كثير من المسائل التي كان يوقع عليها من دون علم ومعرفة .

ان مجزة الأنفال ومجزة حلبجة ومجزرة الكرد الفيليين لا يتحملها القادة المجرمون من العرب لوحدهم باعتبارهم من نفذ هذه المجازر ولكن يشاركهم المسؤولية القادة الكرد باعتبارهم قادة في تلك الفترة وعليهم ان يعترفوا بانهم كانوا قادة فاشلين لانهم هم الذين فشلوا في تجنب تلك المجازر وعدم معرفتهم في المناورة وعدم قابليتهم في التنبؤ بما سوف يحدث من عواقب وخيمة بسبب جهلهم وطيشهم وعدم حكمتهم ولو كانوا ذو شجاعة كافية لقاموا بالتخلي عن قياداتهم في وقت مبكر ولجنبوا الشعب الكردي ماسي ومصاعب راح ضحيتها الآف الشباب والاف العوائل نتيجة طيش ورعونة القادة المتهورين من العرب والكرد الذين لم يحسنوا الأداء في تلك الفترة وانما كانوا يلهثون وراء مناصبهم وعشائرهم مثلما يحصل اليوم من صراع على الكراسي والمال والثروة والشهرة رغم خرف الكثير منهم سياسيا وعقليا وذهينا ووصولهم مرحلة من التضخم العرضي تجعلهم عاجزين عن الحركة الفكرية والسياسية والجسمية .



#ضياء_السورملي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إستقلال كردستان حلم أم حقيقة
- الكورد الفيليون واعدام الطغاة
- كاكه حمه ويس وعجائب قصور الظالمين
- اعدام صدام عبر ودروس
- احزاب سقطت في مستنقعات مدينة الموت
- كاكه حمه ويس مع الحجاج في نقرة السلمان
- كاكه حمه ويس قاضي الشعب
- كاكه حمه ويس وحقوقه المسلوبة وآيات الله
- محمد البدري وداعا
- بيروت تحترق من جديد
- المعتوه بن لادن
- أبو شنيور في المحكمة
- الصابئة المندائيون - ملائكة السلام
- الدكتورة رايس أو السيدة تمنايه
- الزعيم الأبله
- المرأة العراقية
- معوقات تشكيل الحكومة العراقية
- هل ينجح وباء انفلونزا الطيور في انقاذنا ؟
- هل نجحت السياسة الأميركية في العراق ؟
- ستاتين الدواء المضاد للكوليسترول


المزيد.....




- واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكت ...
- الولايات المتحدة تقول إن خمس وحدات بالجيش الإسرائيلي انتهكت ...
- العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل ...
- ماذا نعرف عن اتهام أمريكا لـ5 وحدات عسكرية إسرائيلية بـ-انته ...
- الولايات المتحدة تعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بحق إس ...
- ماذا قالت المحكمة الجنائية الدولية لـCNN عن التقارير بشأن اح ...
- واشنطن: خمس وحدات عسكرية إسرائيلية ارتكبت -انتهاكات جسيمة لح ...
- مجددا..واشنطن تمتنع عن إصدار تأشيرة للمندوب الروسي وتعطل مشا ...
- البيت الأبيض يحث حماس على قبول صفقة تبادل الأسرى
- واشنطن -لا تؤيد- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ضياء السورملي - الخَر ََف ْ السياسي