أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضياء السورملي - الزعيم الأبله















المزيد.....

الزعيم الأبله


ضياء السورملي

الحوار المتمدن-العدد: 1497 - 2006 / 3 / 22 - 10:47
المحور: كتابات ساخرة
    


في المقاييس الطبية يصنف علماء النفس والمختصون في علم الأمراض العقلية الشخص المعتوه بانه شخص ذكاءه قليل جدا ولا تتجاوز نسبة ذكاءه الخط الأول أو الخط الأسفل في سلم الذكاء المتكون من اربعة خطوط او اربعة درجات

اما الأبله فهو الشخص الذي لا يتجاوز الخط الثاني بكل الأحوال أما الأشخاص العاديون فهم يمتلكون نسبة من الذكاء تجعلهم في موقع الخط الثالث ويسمون بمتوسطي الذكاء اما الناس الأذكياء فهم يقعون ضمن الخط الرابع أو الخط الأعلى في سلم الذكاء

توجد مسميات عديدة ونعوت كثيرة للمجنون او الذي يقع ضمن الخط الأول من سلم الذكاء واحيانا يطلق عليه تسميات مختلفة ومتعددة وهي المعتوه او المخبول او المسودن في اللهجة العراقية العامية او ان الشخص ’ طايرة عصافيرة ’ ، والشخص المخبول عكس الشخص العاقل والحكيم والتقي والورع

واعود الى الأبله فهو الشخص الذي تصرفاته لا تدل على انه مجنون كما لا تدل على انه عاقل لآنه يقع في بعض المرات قريبا من خط المجنون في تصرفاته ويقع في مرات اخرى قريبا من خط العاقل في تصرفاته تبعا الى مقياس خط الذكاء

ومن الناحية الدينية لا يجب الحج على مجنون ، أو معتوه (وهو الأبله الناقص العقل)

بعد ان وضحت مفهوم المجنون والأبله والعاقل والذكي اود ان استعرض بعض التعابير المجازية لمفهوم الأبله والذي لا علاقة له بعقل الأنسان بشكل مباشر وانمايتم التعبير عنه بما يقوم به وما يبدر منه من سلوك ملحوظ أوغير ملحوظ

ومثال ذلك ما يقوله الشاعر ابو العلاء المعري عن الدهر الأبله ويقصد بالدهر الأبله هو الزمن الذي يحكم به حكام يقودون القوم الى وضع سئ خاصة وان القوم يحاولون ان يكونوا أسوياء بتصرفاتهم واعمالهم ولكن الأمور تسير بعكس المرام وبهذا يطلب المعري منهم ان يغيروا نهج حياتهم وان يعيشوا كما يعيش البخلاء ويطلب منهم ان ينزلوا الى منزلة ادنى من منزلتهم وان يصبحوا بلهاء ويقول مخاطبا قومه

عِشْ بخـيلاً كـأهلِ عصـرِكَ هـذا ....... وتَبالَـــهْ فــإنَّ دهــرَك أبْلَــهْ
قـومُ سـوءٍ فالشِّبلُ منهم يغُول الليـثَ ...... فَرْسًــا والليــثُ يـأكلُ شِـبلهْ

ولربما أراد المعري ان يقول عكس ذلك مما يطلق عليه في الشعر إستنهاض الهمم او تذكير القوم بالأمور الصالحة ونبذ الأمور الطالحة وبهذا فهو يخاطب قومه ويطلب منهم ان لا يكونوا مثل الشخص الأبله فليس من المعقول أن يكون الدهر أبلها بل اراد الشاعر لقومه ان يغيروا من سلوكهم وتصرفاتهم وان لا يكونوا مثالا لأسوأ القوم وان لا يكونوا مثل الحيوانات في تصرفاتهم يأكل القوي الضعيف أو كما يأكل الليث شبله

ان حالة الشخص ان يكون أبلها قد صورها المعري وهو يناقش حالة الوعي ويعترض على المرحلة المتأزمة من خلال شعره الذي لا يستطيع انكار حالة الوعي المتأزمة في الفكر والتداعي الذي حصل في زمانه وما يمارسه ابناء قومه ويعبر عن فكره ومذهبه وكم هو ابله مثل غيره من ابناء قومه وهو بذلك يبين احتجاجه على حالة لا يستطيع ان يغيرها فيقول
إذا سألوا عن مذهبي فهو بيِّن ....... وهل أنا إلا مثل غيري أبله
ان الفرق بين العاقل والأبله كما يقول المثل الأنكليزي ان للعاقل عينان تبصران اما الأبله فله في وجه تجويفان فقط أو بمعنى آخر ان للأبله عينان لا ينظر بهما وانما هما مجرد تجويفان لا غير في وجه لا يعي شيئا فيما حوله

من الكتاب المشهورين الذين تناولوا موضوع الأبله هو الكاتب الأرمني الساخر هاكوب بارونيان وكتابه الشهير دفتر الأبله ويقول في مقدمة كتابه (*)
(أنا أيها السادة سأسخر ولست بحاجة إلى لحن أو بيانو كي أسخر...)
يعتبر هاكوب بارونيان (1843- 1891) رائد الأدب الأرمني الساخر، وأحد وجوه الأدب الكلاسيكي في السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر.‏ لقد لفتَ بارونيان الأنظار بشعبيته ووطنيته ، فقد ظهر بوعي عالٍ لقوة السخرية . كان بارونيان يرغب من صميم روحه بتحرير الشعب من استبداد السلطان.
أن الخدمة الكبيرة التي أسداها في هذه الفترة هي أن سخريته قدمت للشعب الحقائق والأحداث بواقعية عميقة ، وكان يعمل من أجل التنبيه وتوعية الأفكار لكي لا تعقد آمال التحرر على وعود كاذبة من السلطان والأعيان الوطنيين
ومن الكتاب المشهورين الذين تناولو ا موضوع الأبله في كتاباتهم الكاتب الروسي الشهير فيدور دوستويفسكي في روايته الأبله

ولد فيدور دوستويفسكي (1881-1821) في موسكو من اسرة فقيرة ، واكتسبت حياته منذ الطفولة طابع الشقاء الذي انحفر عميقاً في نفسه ووسمها بالحزن والمعاناة.

ان رواية الأبله وبطلها الأمير مشكين تمثل عمق العلاقات الأنسانية والخير الذي يملأ فكر دوستويفسكي واسلوبه المتمكن في السيطرة على الصراعات ومواجهة الأمور والحالات الصعبة ووقوفة المتماسك اثناء النكسات والنكبات

كانت آلام دستويفسكي هي آلام ومعاناة الشعب وكان دوستويفسكي يعتقد ان التهور والبلاهة تفسد الوصول للكمال وان المجنون والمعتوه لا يمكنهما ان يقودا المجتمع الى سبيل الخير ابدا

ان الصبي المحتضر والمصاب بالسل في رواية الأبله وفي فصلها الأخير يسأل الأمير مشـكين عن اقرب ميتة الى الفضيلة ؟ فيرد عليه الأمير مشكين عندما تمر بقربنا وتقترب منا وتشاهد وتطلع بنفسك على حالنا واحوالنا عندها ستعرف معنى حياتنا وتغفر لنا سعادتنا وهناءنا

وليس من الغريب ان يتطرق الكاتب البريطاني هارولد بينتر الذي حصل على جائزة نوبل للآداب لهذه السنه 2005 الى تعريف رئيس وزراء بلاده توني بلير بوصف الأبله وان ينعته بلقب المخدوع الأبله

يعتبر بينتر أفضل كاتب مسرحي حي في بريطانيا كما جاء في صحيفة الأندبندت اللندنية الواسعة الأنتشار , كما أنه تجسيد حي للشعور السياسي المناضل وان هذا الكاتب هو الذي صرح في احدى المرات بالقول إن الحرب على العراق عمل شرير
أن بينتر تحول في السنوات الأخيرة إلى النضال السياسي و أصبح أكثر الوجوه الأدبية في بريطانيا معارضة للحرب، حيث أطلق على الرئيس الأميركي جورج بوش لقب " القاتل بالجملة "، وعلى رئيس الوزراء البريطاني لقب المخدوع الأبله
ان المتتبع للوضع السياسي في العراق منذ اكثر من نصف قرن سيجد ان من قاد العراق وساقـَه ُ الى ما هو عليه الآن هو تعاقب الحكام البلهاء على دست الحكم وربما نكون منصفين كثيرا ً ان قلنا عن هؤلاء الحكام بلهاء والحقيقة انهم معتوهون او مجانين والقلة القليلة منهم بلهاء
ان يحكم العراق ويقوده الى الدمار ولفترة طويلة قائد يقال عنه فذ من أمثال القائد الضرورة صدام حسين لا يمكن تفسيره الا ان يكون الشعب أبلها وهذا غير جائز ابدا او ان يكون القائد أبلها بحكم النتائج وما وصلت اليه البلاد وما آلت اليه العباد وهذا هو عين الصواب
واليوم عندما يتم اخراج برزان التكريتي نصف الأخ المعتوه صدام التكريتي من امه بحجة اصابته بالسرطان وان يناشد حفنة من الرؤساء والملوك البلهاء وكل من يشاركهم القرار لاخراج هذا المجرم العتيد من السجن بحجة الأنسانية والعلاج لا تمثل الا حالة البله او الغباء التي اصابت هؤلاء الحكام والملوك والسياسين الحاكمين في العراق وفي غير العراق وليس لها غير هذا التفسير
واذا ما امتنع رئيس ما اي رئيس كان عربيا ام كرديا هنديا ام صينيا شاذا ام سويا عارفا او جاهلا عن التوقيع على حكم الأعدام على اعتى المجرمين والطغاة في عصره بحجة أو باخرى او بحجة أنه شخص يحب ان يكون انسانيا وليس بسبب كونه يحمل صداقات تأريخية مع عوائل المجرمين وليس بحجة كونه من قام بتهريبهم مع الشاحنات المحملة بالملايين من الدولارات الى خارج الحدود تلبية لدعوة ملك معتوه او رئيس قاتل او منظمة عربية تعمل لحساب الجامعة العربية او بحجة الأنتماء الى حزب تسلطي أو لرغبة يريدها حاكم من خارج الحدود البعيدة جاء بهم الى سدة الحكم
هذا ليس له تفسير سوى ان الشخص الذي احتل منصب الرئاسة لا يعدوا الا ان يكون رئيسا أبلها ليس الا او ان الشخص الذي استوزر رئاسة الوزارات أبلها مع سبق الأصرار وبمعرفة من اسيادهم وأولياء نعمهم
وعندما يصرح رئيس جمهورية ايران احمدي نجاد الرئيس المتهم بقتل الدكتور قاسملو بانه يريد ان يمحي دولة اسرائيل من الوجود او من الخارطة وهو يعرف ان ثلاثة ارباع اركان حكمه هم مؤيدون او مساندون او متضامنون مع دولة اسرائيل عند ذلك لا يمكننا الا ان نوصف هذا الرئيس بانه رئيس ابله يحب ان يصفق له اتباعه الهتافات التي تطرب اسماعه
ومن صفات الأبله انه لا يدرك انه يمارس اعمالا خاطئة ويعتبر ان كل ما يقوم به هو الصواب وانه بعيد عن الخطأ وان اوامره يجب ان تنفذ وخصوصا اذا اصبح الحل والربط او الأمر والنهي والسلطة بيد مثل هذا الرئيس الأبله فانه سيستخدمها في اتجاهات معكوسة تماما عن الواقع وتخالف ما يقوم به العقلاء
ان الزعيم الأبله هو الذي يساوم على حساب ضحايا شعبه وامواتهم وشهداءهم ويفضل مصالحه على مصالح ابناء شعبه ، ويفضل منصب الرئاسة الزائل حتما على مبادئ امة عانت من القهر والظلم لعهود طويلة ، ان الأبله في السياسة هو من يتصور انه مناضل ومخلص ووطني ويحب بلاده ويخلص لأمته والحقيقة إنه منافق وخائن ويلبي مصالح من ارتبط بهم وياتمر بامرهم ويعمل وفق ما تمليه عليه مصلحته الذاتية على حساب مصلحة الوطن والأمة
ان كثرة الشعارات والبطولات الجوفاء والثرثرة التي تصدر من البلهاء جعلتنا ولفترة طويلة نعتقد ان كل ما يقولونه صادر من عقلاء والحقيقة المرة هي ان كل ما يقولوه لا يمثل الا البلاهة حتى اصبح حالنا مثل حال الشاعر الذي يقول
وانصت الى كل أبله ..... كأني بأسرار البلاهة مفتون ُ
ان الرئيس الأبله هو من يعتقد ان الشعب كله يحبه وانهم يصفقون حبا له ، وهذا ما كان يعتقده زعيمنا الأبله والمعتوه السياسي القائد صدام حسين واليوم يعيد رؤساؤنا الجدد العزف على نفس الوتر ويريدوننا ان نصدقهم وان نصفق لهم ويعتقدون انهم العقلاء وان الشعب هو الأبله
واخيرا اقول لكل زعيم ابله يفكر في قيادتنا أن يفكر في مظلومية شعبنا والغبن الذي لحق بأهلنا وان ينتبه الى قول الشاعر ابو العلاء المعري في قصيدته لا تظلموا الموتى
الغيب ُ مجهول ُ يحار ُ دليله ُ ....... واللــب ُ يأمـر ُ أهـله أن يتقوا
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى ...... إني أخـاف عليكم ُ أن تلتقـوا



المصدر : مجلة الآداب الاجنبية - مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 123 صيف 2005(*)



#ضياء_السورملي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العراقية
- معوقات تشكيل الحكومة العراقية
- هل ينجح وباء انفلونزا الطيور في انقاذنا ؟
- هل نجحت السياسة الأميركية في العراق ؟
- ستاتين الدواء المضاد للكوليسترول
- لا تناشديهم يا بيان
- التفاعلات السياسية والحروب وتأثيراتها على الأقتصاد الأميركي
- الملف النووي الأيراني الى أين ؟


المزيد.....




- “القط بيجري ورا الفأر”.. استقبل Now تردد قناة توم وجيري الجد ...
- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضياء السورملي - الزعيم الأبله