أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - رغم أى شيء.. كل سنة وأنتم طيبون!















المزيد.....

رغم أى شيء.. كل سنة وأنتم طيبون!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2146 - 2007 / 12 / 31 - 10:59
المحور: المجتمع المدني
    


ننزع اليوم أول ورقة من أوراق عام جديد، وسط ضباب كثيف يؤدى إلى انعدام الرؤية لكثير من الأمور التى تتعلق بوجودنا ذاته، ومصيرنا، ومستقبل أمتنا ووطننا.
وهذا الضباب، وذاك الافتقار إلى اليقين، هما اللذان جعلا كثيرين يستقبلون عام 2008 بفتور وتجهم إن لم يكن بتخوف حقيقى من أن إذا كان ما مضى سيئاً فإن القادم هو الأسوأ .
وهؤلاء "المتشائمون" ليسوا أناساً عاديين فقط، وإنما منهم مفكرون وكتاب مهمون لا يمكن تجاهل آرائهم أو الاستخفاف بها أو المرور عليها مرور الكرام.
فمنهم مثلا الكاتب والمفكر الكبير مصطفى الحسينى الذى كتب فى عموده اللاذع "شاردة وواردة" قائلاً إن تمنى السعادة للعام الجديد هو فى حد ذاته، وفى ظروفنا هذه، تعبير عن "فقدان الامل إلى حد لا يفسح له مجالاً لأن يلوح ولو على أفق بعيد" .
ومن هول هذا الاستنتاج المزعج يسارع مصطفى الحسينى يتساءل: هل هذه مبالغة فى التشاؤم؟
ويجيب: "لا أحد يريد أن يكون البومة التى نصَّبت معتقداتنا الشعبية نعيقها نزير شؤم. لكن لا أحد أيضا يريد أن يكون النعامة التى تخفى رأسها فى الرمل حتى لا ترى قوس الصياد".
ويبرر استنتاجه المخيف على النحو التالى :
واقع الأمر أنه لا شيء حولنا يلوّح بالسعادة حتى على أفق بعيد.
لا شيء هنا فى الوطن حيث تدهورت الأوضاع إلى درك يستحيل عنده التفكير- مجرد التفكير، فى إقالتها منه، فالإقالة تكون من العثرات بينما ما نحن فيه درك بعيد الغور حتى ليبدو كأن لا قرار له.
الأسوأ من الغور السحيق أنه لا يبدو أننا ندرك عمق الهوة السحيقة حيث نسكن. نسكن بمعنى السكون وأسوأ أنواعه الموت المعنوى، كأننا جميعا تحولنا إلى فصيلة القرَدة الصينية التى يجرى بها المثل: لا ترى، لا تسمع، لا تتكلم. وقد أضيف إليها قرَدة أخرى لا تفهم. لا تدرك؛ عمياء البصيرة بعد أن عَمِي البصر. اعتدنا التدهور حتى أصبحنا وأمسينا ونحن نظن أننا فى حال طبيعية.
لا أحد يتصور حالا أخرى، ليست أفضل ، بل أقل سوءاً ولو بقليل.
على سبيل المثال، لأن محاولة الحصر تفوق قدرة الأمم إن تصدّت لها، هل يفكر أحد أن تقوم أمة ليس فى مدارسها الرسمية تعليم؟ هل يفكر أحد فى مغزى أن يقوم بلد فيه مدارس يتعلم فيها مواطنوه، تستبعد من مناهجها تاريخه؟ هل يفكر أحد فى مغزى أن يكون التعليم العام- الأساسى، الالزامى- مفتوحا لمدارس لا تتعامل مع لغته؟ هل يلاحظ أحد أن أبناء من نعتبرهم "صفوة" المجتمع و "نخبته" يتبادلون الحديث فيما بينهم بلغة أجنبية أو أخرى ويعتبرون ان الحديث بالعربية من أعراض وضاعة المنبت؟ هل يتصور أحد أن تقوم لبلد قائمة ما دام معلمو الاساسيات فى مدارسه- فى الغالب- يهرفون إلى التلاميذ بما لا يعرفون؟ هذا، على شناعته، قليل من كثير جدا فى مجال التعليم. فهل لدى أحد أو جماعة منا، مهما كانت الكفاءة والخبرة، أن يغيثنا بتصور لكيفية إعادة انشاء نظام تعليم وطنى وكفؤ، يقدر على إنقاذ البلد من ما هو آتٍ؛ أن تصبح " النخب" التى ستحكمنا وتدير شئوننا أجنبية متعددة الجنسيات وإن كانت تنحدر من سلالات مصرية؟
هل ندرك أنه يصعب، بل يستحيل العثور على شارع واحد نظيف فى عاصمة البلاد، ناهيك عن حواضرها الأخرى وناهيك ناهيك عن البلدات الأصغر التى نسميها- خداعا للذات؟ - مدنا، وناهيك ناهيك ثلاثا عن القرى. هل آن الأوان لأن نفكر فى عواقب اعتياد القذارة والألفة معها، بدلا من التفكير فى "المسائل الكبرى"، لأن هذه مسألة كبرى؟
هل ندرك مأساة النقل العام وما ترتب عليها من فوضى ضاربة فى الشوارع، بفعل ازدحامها بالسيارات الخاصة وسيارات الأجرة وسيارات الخدمة (الميكروباص) وما تنتجه من تلوث جعل من عاصمتنا التى كانت من عزيزات مدن العالم، حتى سُمّيت " أم الدنيا" ، تحتل رأس قائمة تلوث المدن فى العالم، طبقا لتصنيف برنامج الأمم المتحدة للبيئة. (1- لم ينشر إعلامنا، بأنواعه وانتماءاته جميعا هذا الخبر. 2- هل تعلن حكومتنا هذه الكارثة واحدة من "إنجازاتها" ، بحكم مرتبة " رأس القائمة" ؟).
***
إلى أين يفضى الاستطراد فى هذا الحديث الذى من شأنه أن يطول ويطول، إلى أين يفضى سوى إلى وجع القلب من اليأس وقلة الحيلة .
انتهت "الشاردة الواردة" لكاتبنا الكبير مصطفى الحسينى ، التى أتفق مع كل كلمة وردت فيها وصفاً لواقع الحال.
بل إن ما جاء فيها هو غيض من فيض، لأننا نستطيع ان نستمر فى استعراض أوجاعنا فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى، لنجد فى كل مجال مصيبة.
ونستطيع أكثر من ذلك ان نوسع دائرة الرؤية لخمسة وثلاثين عاماً قادمة ليصيبنا الرعب الحقيقى حيث سيضاف إلى هذه الكوارث السياسية والاقتصادية والاجتماعية كارثة لم تكن على البال والخاطر هى كارثة البيئة، حيث أصبح فى حكم المؤكد- بموجب دراسات اكبر المعاهد العلمية الموثوق بها فى العالم- أن بلادنا سيكون نصيبها من الكوارث البيئية فادحاً ، فستواجه خطر غرق أجزاء لا يستهان بها من الدلتا ومساحات شاسعة من الساحل الشمالى، وتراجع ايراد نهر النيل، وتزايد معدلات التصحر، وتداعيات الهجرة الاجبارية لعدة ملايين من المصريين من الشمال الى الجنوب، ونقل وتفكيك ما يقرب من ثلث صناعات مصر، ومنشآتها الانتاجية، وفقدان بعضها الآخر مع مساحات من الرقعة الزراعية التى نشكو حاليا من ضيقها .
الصورة إذن قاتمة ولا شيء حولنا "يلوح بالسعادة على أفق بعيد" كما يقول مصطفى الحسينى، خاصة فى ظل غياب "رؤية" وغياب "ارادة لمواجهة هذه التحديات الخطيرة.
ومع ذلك.. فان رفع راية اليأس والاستسلام ترف لا نقدر عليه ولا نتحمل دفع فاتورته.
فيظل هناك دائما الوجه الآخر لكل عملة. وتظل كل ظاهرة تحمل نقيضها فى رحمها، ويظل التغير هو المطلق الوحيد الذى لا يمكن لأحد تأميمه أو مصادرته أو اعتقاله.
لذلك.. وعلى سبيل التغيير .. لماذا لا نحاول فى بداية هذا العام الجديد، ورغم جبال المنغصات والسخافات، أن ندعو الى " خطاب الأمل"، ليس من قبيل الغفلة والجرى وراء سراب الاحلام الوردية المستحيلة، وإنما من باب الاصرار على الحياة والبقاء لنا ولأبنائنا وأحفادنا ووطننا وامتنا.
صحيح أن جبال المشاكل المتراكة كبيرة، لكن الحلول ليست مستحيلة، بل إن المشكلة لا توجد أصلاً إلا إذا كان حلها موجوداً فى صلبها.
وبدلاً من اليأس .. وبديلاً عن الاحباط .. لماذا لا نفكر فى تأسيس " نظرية للتغيير"، وخطاب " جديد" يضع مشاكلنا المزمنة على طريق الحل، مستفيدين فى ذلك الخطاب من خبراتنا ونجاحاتنا وإخفاقاتنا السابقة، ومستفيدين كذلك من الفرص الهائلة " الجديدة" التى أتاحتها لنا ثالث ثورة فى تاريخ البشرية.. ألا وهى ثورة المعلومات بكل مستجداتها وإمكاناتها غير المسبوقة.
نعم.. نستطيع ان نفعلها..فالثورة الفرنسية التى غيرت وجه العالم- على سبيل المثال- بدأ شرارتها خمسة من المثقفين الذين صاغوا أبجدية التغيير الملائمة للزمان والمكان .. وقتها.
ولا توجد لدينا- نحن المصريين – جرثومة ضد الاصلاح والتغيير ، ولا يوجد فى العقل المصرى عيب خلقى ضد التفكير الخلاق والابداع المتجدد.
فلماذا لا نتطلع إلى ارهاصات جديدة فى عام 2008، خاصة وأن عام 2007 لم يكن كله سواداً فى سواد، ويكفى أنه شهد أكثر من خمسمائة حركة احتجاجية ، بعضها كانت انتفاضات شعبية عبقرية مليئة بالدروس الثمينة التى ينبغى أن تتعلمها النخبة بتواضع.
لذلك.. ورغم كل شيء.. دعونا نتطلع إلى العام الجديد بأمل غير خادع.. ونتمنى لشعبنا ووطنا عاماً جديداً.
عاماً سعيداً .. وكل عام وأنتم بخير



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -تشريع- الكونجرس و-أنفاق- ليفنى!
- أفيقوا.. البلد يغرق!
- أسئلة تحتاج إجابات قبل أن يحترق الوطن (2)
- أسئلة تحتاج إجابات قبل أن يحترق الوطن -1-
- باقة ورد علي ضريح فتحي عبدالفتاح
- عندما جلس رئيس الحكومة على مقعد الأقلية!
- مبروك.. لمصر
- باقة ورد على ضريح فتحى عبد الفتاح
- شيزوفرينيا وطنية .. مخيفة!
- انتخابات نقابة الصحفيين .. تعليق أخير
- شكر مستحق .. واعتذار واجب .. ل -طلعت حرب-!
- قراءة في تقرير مهم .. مبادرة »ياسين« وتحذير »الجبالي«
- طلعت حرب
- متى نتوقف عن اللت والعجن فى قضايا القرون الوسطى؟!
- هل تتذكرون بنك القاهرة ؟
- جماعة الإدارة العليا .. بامتياز (2)
- القلق لا يليق بإسرائيل .. فقط
- الكل فى واحد : مدارس صحفية متعددة ومطالب نقابية موحدة
- رغم سلبيات تافهة وتجاوزات غير بريئة.. ألف مبروك للصحفيين .. ...
- الثورة الفرنسية .. الثانية


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - رغم أى شيء.. كل سنة وأنتم طيبون!