أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد هجرس - باقة ورد على ضريح فتحى عبد الفتاح














المزيد.....

باقة ورد على ضريح فتحى عبد الفتاح


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2130 - 2007 / 12 / 15 - 08:27
المحور: الادب والفن
    


بدأت مشوارى الصحفى معه فى مركز الأبحاث، الذى كان أول مركز من نوعه يتم افتتاحه فى الصحافة المصرية قاطبة.
ولم يكن الدكتور فتحى عبد الفتاح، الذى ساهم فى تأسيس هذا المركز رئيساً تقليدياً، بل كان صديقاً للجميع، الصغير قبل الكبير، له قدرة عجيبة على كسر الحواجز مع الآخرين، واجتذاب الموهوبين واكتشاف أصحاب الكفاءات المجهولين، الذين أصبح كثير منهم فيما بعد من نجوم الصحافة .. والسياسة .
وشاءت الظروف والمصادفات أن يفارق الحياة وينهى مشواره المهنى والفكرى والنضالى بعد هذه البداية بنحو أربعين عاماً ونحن نعمل معاً أيضاً فى مركز الجمهورية لدراسات مكافحة الأرهاب، وهو مركز وليد أنشأه الزميل محمد أبو الحديد رئيس مجلس إدارة دار التحرير وكان لى الشرف فى أن أتزامل مع الدكتور فتحى عبد الفتاح فى عضوية مجلس إدارة هذا المركز. لكن القدر لم يمهلنا للعمل معاً بما فيه الكفاية فى هذا الموقع الجديد حيث هاجمه المرض اللعين بعد فترة قصيرة.
وبين البداية والنهاية ارتبطت حياتى بحياة الدكتور فتحى عبد الفتاح بوشائج متعددة أكثر وأكبر من علاقة العمل.
فهذا –أولاً- ليس مجرد كاتب صحفى متميز، وإنما هو أيضاً مناضل حقيقى انخرط فى صفوف الحركة الوطنية والديموقراطية قبل ثورة 23 يوليو 1952، وشارك فى الكفاح من أجل الاستقلال والدستور، وانضم إلى المدافعين عن الاشتراكية فى وقت كانت فيه هذه الكلمة كفيلة بأن تزج بك إلى غياهب السجون. وواصل الكفاح من أجل العدل الاجتماعى ، والديموقراطية، بعد ثورة يوليو، وعرف طريقه إلى السجون والمعتقلات فى تجربة رهيبة سجل وقائعها المروعة فى كتابه البديع " شيوعيون وناصريون" ، الذى وصفه أديبنا العظيم نجيب محفوظ بأنه لا يقل أهمية عن كتاب المنشق الروسى سولجنستين، وسمعت هذا التعليق من فم محفوظ شحصياً. وغنى عن البيان أن فتحى عبد الفتاح لم يكن مجرد "شاهد" على تجربة السجن والاعتقال , وإنما كان "الضحية" أيضاً، حيث لم يعان فقط من فقدان الحرية وإنما تعرض لما هو أفظع من ذلك: التعذيب والتنكيل والحرمان من أبسط حقوق الانسان . وكان من نصيبه أكثر من ذلك أن يمر بتجربة جنونية حيث فقد إحدى عينيه لأنه رفض استنكار مبادئه وخيانة رفاقه وأصدقائه .. ونفسه!!
وظل مقاله الاسبوعى فى جريدة "الجمهورية" مصباحاً للتنوير والدفاع عن الحق والخير والجمال والعقلانية والحياة.
والمدهش أنه ظل يكتب بنفس السلاسة، والجسارة، وصفاء الذهن، حتى وهو على فراش المرض، يعانى من آلام رهيبة فوق احتمال البشر ولم يتوقف عن كتابة مقاله الاسبوعى سوى قبل أيام قليلة من رحيله.
وهو – ثانياً- طراز رفيع من المناضلين، حيث جمع بين "اليسارية" و"الوطنية" فى مركب فريد ومستنير بعيد عن التعصب والشوفينية.
وهو – ثالثاً – مدافع صلب عن الديموقراطية، حتى فى الأوقات التى كان فيها البعض منا على استعداد للتضحية بالديموقراطية من أجل بعض المكاسب الاجتماعية أو الوطنية.
وثبت فيما بعد أن المكاسب الاجتماعية التى تتحقق فى غيبة الديموقراطية سرعان ما يتم النكوص عنها. فى أول منعطف. كما ثبت أن الطغاة هم الذين يمهدون الطريق للغزاة، وان التناقض بين "الوطنية" و"الديموقراطية" تناقض مفتعل، وان إقامة نظام وطنى على قاعدة استبدادية أشبه بتشييد قصر فوق الرمال سرعان ما ينهار مع هبوب أى ريح معادية، وهو ما حدث ودفعنا ثمنه غاليا.
والمهم بهذا الصدد ان فتحى عبد الفتاح كان من اوائل من أدركوا هذه الحقيقة وحذر منها وناله ما ناله بسبب ذلك.
والمدهش حقاً ان رجلاً بكل هذه الصفات يكون على الأرجح فظا غليظ القلب، وعبوساً ومتجهماً ، على النحو الذى تصوره الثقافة الشعبية السائدة والمسلسلات التليفزيونية السطحية. لكنه كان على النقيض من ذلك تماماً، عاشقا للحياة، يجعلك تقبل عليها وتفرح بها باعتبارها أعظم منحة حصل عليها الانسان.
ولم يمنعه حبه الشديد للحياة من القيام بدوره كمناضل، وكاتب صحفى وأديب وناقد له أكثر من عشرين مؤلفاً من بينها المجموعات القصصية (حكايات من بلدنا- والنيل والغضب)، والدراسات الاجتماعية (القرية المصرية عام 1971 والقرية المعاصرة عام 1972 والثقافة والقرية عام 1973) والكتابات السياسية (وجه امريكا القبيح) وغيرها من الكتابات التى أثرت المكتبة المصرية والعربية.
هذا بعض من سيرة الدكتور فتحى عبد الفتاح الذى رحل عنا فى صمت بعد رحلة عطاء وكفاح تستحق أن ننحنى أمامها تقديراً وامتناناً .. ومحبة.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيزوفرينيا وطنية .. مخيفة!
- انتخابات نقابة الصحفيين .. تعليق أخير
- شكر مستحق .. واعتذار واجب .. ل -طلعت حرب-!
- قراءة في تقرير مهم .. مبادرة »ياسين« وتحذير »الجبالي«
- طلعت حرب
- متى نتوقف عن اللت والعجن فى قضايا القرون الوسطى؟!
- هل تتذكرون بنك القاهرة ؟
- جماعة الإدارة العليا .. بامتياز (2)
- القلق لا يليق بإسرائيل .. فقط
- الكل فى واحد : مدارس صحفية متعددة ومطالب نقابية موحدة
- رغم سلبيات تافهة وتجاوزات غير بريئة.. ألف مبروك للصحفيين .. ...
- الثورة الفرنسية .. الثانية
- نشرة حكومية .. لكنها تستحق الاحترام
- يومان داخل عرين -حلف شمال الأطلنطى- .. يا حفيظ!
- إنها الحرية .. يا غبى
- أيها المجتمع المدنى الكسيح .. كم من الجرائم ترتكب باسمك؟!
- جرثومة الكسل الاسلامية!
- لا تقولوا أن -الفلوس- هى السبب !
- أفراح وأحزان.. في احتفالية مكتبة الإسكندرية بعيد ميلادها الخ ...
- ارفعوا أيديكم عن نقابة الصحفيين


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد هجرس - باقة ورد على ضريح فتحى عبد الفتاح