أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - نتاج ورشة عمل نيو ميديا على هامش بينالي الإسكندرية















المزيد.....

نتاج ورشة عمل نيو ميديا على هامش بينالي الإسكندرية


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 2126 - 2007 / 12 / 11 - 08:27
المحور: الادب والفن
    


مع افتتاح بينالي الإسكندرية لدول حوض البحر المتوسط، وتزامنا معه وضمن فعالياته، كان معرض لأعمال ورشة فنية اعتمدت الضوء والميديا الجديدة وسيطا، وضمت عشرين فنانا ذوي جنسيات متعددة احتوتهم المدينة مدة أسبوعين ليعودوا من حيث أتوا تاركين شيئا من ظلهم.. شيئا من ضوء فني لا يطمح بحال، أن يقاس، لو جمعنا الأعمال كلها، بطاقة مصباح شاحب يضيء نافذة جانبية في واحد من بيوت مدينة تتلهى بانعكاسات ضوء بحرِها نهارا، وتغوص في أنوار ليلها عندما يأتي المساء. معهد جوته بالاسكندرية بالتعاون مع جاليري دروب كانا وراء دعم هذه الورشة بتنظيم من الفنان السكندري مجدي موسى، فكان للناتج من أعمال افتتاحان: الأول في جاليري المعهد (جوته)، والثاني في أتيلييه المدينة (الإسكندرية) يوم افتتاح البينالي. عشرون فنانا إذن، كاتب السطور واحدهم، التقوا من شتات الجهات على موعد وغير موعد كذلك ، ليتفاعلوا، إنسانيا قبل فنيا، بينما شاشة المدينة المتكسرة بالتاريخ والحركة والظلال، تنسج في لا وعيهم ما سوف يخرج من شكل أو صوت أو حركة أو صورة ضوئية أو فكرة ناضجة كانت أو باهتة.
بالمرور السريع, العفوي، فيما يخص الترتيب، على الوجوه الفنية للمشاركين وما أفرزوه من عمل، نرى الأمريكي دافيد ماداكسي (أكبر المشاركين سنا) ينهل من خبرة حياته كفيزيائي، ما هو أقرب للفن منه إلى الفيزياء، ليصبه في أنبوب زجاجي فتتكسر الصورة الضوئية في الفراغ وجودا غير مرئيا يحتاج شاشة استقبال (جسد) كي يتجسّد الوهم. كيف؟ لنتخيل قطرة ماء مضخمة إلى حجم بالونة منفوخة (حققها صاحبها في وعاء بللوري كان استجلبه معه)، الوعاء موضوع على قائم على مبعدة من قائم آخر منصوب عليه بعض الأواني الفخارية كطبيعة صامته، وعبر الضوء وانشطاراته نرى الأواني الفخارية في لعبة خداع بصري مُغيِّرٍ لأبعادها وأحجامها حسب زاوية الرؤية، وعبر تركيز البصر يمكن إدراك أن أحد انشطارات المنظر معكوس في نقطة ما في الفراغ. ربما هي إحالة، رغم برودتها الفنية، على عالم الوهم البصري ونسبية الرؤية. كذلك اشتغل محمد أبو النجا على ما يشبه هذه الفكرة حين تجوّل بعدسته أمام فاترينات المحال التجارية، ليدمج صورتين في واحدة عبر الخامة المستخدمة لسطح الصورة فيما يذكّر بنوع الصور الكارت بوستال التي انتشرت في السبعينيات وكانت تصور على سبيل المثال وجه امرأة جميلة مفتوحة العينين لكنها تغلق إحدى عينيها بإغراء لحظة تحريك زاوية النطر في الكارت. بهذا الشكل نرى في صورة أبو النجا مانيكانات الفاترينة عاريات، وبحركة صغيرة لمنظور الصورة، نرى أشباح نساءٍ محجبات أمام هذا العري المتجمد في الجبس. في الوقت الذي جاءت فوتوغرافيا محمد المصري مجهولة المكان والشخوص، بآيات من الكتاب المقدس منقوشة عليها. أما مجدي موسى (منظم الورشة) فقد ألصق صورتين نفذهما بالفوتوشوب، يحيل جوُّهما على فكرتي الروحي والمادي والعلاقة بينهما (هل هناك فصل ممكن بينهما؟ وهل كان ممكنا أن يتشكل المادي إلا عبر الروحي كما لا يمكن للروحي أن يكون ويبين بغير وسيط مادي؟).
بالإتيان على الروحي، سوف نقفز إلي تجسيداته في عمل الهنديتين الشابتين، أوما راي، وأديتي كولكارني. الأولى برهافتها ونحافتها الأقرب للهشاشة، تواري طاقة من الدفء والإرادة لا توصف، عبّرت الطبيعة عنها في علامات خصت به كيانها من صوت غَنّاء وعوالم من ظلال تدمجهما في أفلامها الفيديو بشاعرية أصيلة لدرجة استحالة فصل الظل عن ميلوديا حنجرتها الهندية بينما تترنم بأشعار طاغور تاركة ظلالها في الأماكن حيث تجول. كذلك جسّدت الظل في تجهيز فراغي بلفائف شعر الألومنيوم (المستخدم في تنظيف الأواني) وخمائل الدانتيلا المعلقة لتتساءل في عملها:
What i bring with me?
What i will take back?
أما الثانية، كولكارني، بوجهها الطفولي الأسمر المستدير بابتسامة كعلامة، انشغلت بفكرة ما بين inbetween العناصر أو العوالم أو البيئات "المدينة والبحر"... ربما يمكن تمديد فكرتها إلى الفضاء الوجودي - وهو ليس غريبا عن كونها ابنة الهند الروحية العجوز- إلى ما بين الحياة والموت. ولم تكتف بهذا، بل رمت ببصرها البصيري الناقد على وضعية المرأة العربية المنغلقة داخل تابوت قماشي اسمه الحجاب أو الخمار(الشيطان وحده يعرف اسمه الحقيقي ومتى ينزاح من ثقوب ثقافتا الخائبة) عبر مجموعة من الصور الفوتوغرافية المشغول عليها بالفوتوشوب والمدمجة مع عمل فراغي لكراسٍ خاوية وخُمُر تفتقد وجودا إنسانيا متحررا من روث العقيدة.
المصريان، أحمد ناجي، وأحمد بسيوني، كان الفيديو وسيطهما، الأول اشتغل على فكرة التواصل الإنساني في غير ما حاجة إلى اللغة، حيث استعرض في مربع صغير داخل الشاشة الرئيسية، وجوه المشاركين وهم يتكلمون عن أنفسهم بلغاتهم غير مترجمة وغير مهم أيضا ما يقولونه، وكأن الأهم هو هم أنفسهم ككائنات وليس اسطوانات البرمجة الدائرة في أدمغتهم. في حين انشغل بسيوني بـ "فلسفة الرؤية البصرية للمشاهد" عبر تجريبه الانطباعي لتكنيكات الصورة وحركتها المفرَّغة جعبتُها من سهام الهم الوجودي عبر حيز زمني لم يتسع للتأمل أو السؤال. لكن نيفين فرغلي أجابت في فيلمها، بشكل مباشر، على سؤال أو سؤاليْ السلبية والانتظار بالأرجل التي تدق، بغير معنى، وبعصبية، أرضا تنتج اللا معني وتتكاثر فيها السلبية تكاثر السكان وبعددهم. وكيف لا تنتج هذا الحالة سوى صراخا نراه قبل أن نسمعه في فيلم عايدة خليل الذي داخلت فيه فكرةَ السلعة مع الكيان الإنساني المهزوم لمنطقتنا التي تغلي. بعنوان "مجتمع استهلاكي" قدم المقدوني الكسندر روزدانوفسكي فيلمه الذي، رغم عنوانه المباشر الفاضح لما سوف يتقافز (أدبيا) على الشريط، إلا أن الحس الفني لصاحبه مسّد فيلمه بيد تعرف كيف تتعامل مع هذا الفن الدقيق والدقائقي.. زمنا.
اثنان من المشاركين أسرهما الحب قبل الفن فأنهيا الورشة بزواج غير موثق يتلوه آخر أكثر ثقة وتوثيقا (بارك الفن فيهما): الكرواتية رومينا دوسيك والأردني عز الدين شحروري. أفرزت الأولى (على المستوى الفني) تجريدا فوتوغرافيا يهتز سطحه بشيء من رائحة الأرض وصمتها، غير أن بالإمكان الإنصات إلى دبيب ألم ما مردوم... ليأتي الشحروري بفيلمه "حركة" فيهز أرضا هادئة، بهدير الصوت والحركة الصادرة عن موتورات وعجلات ترام الإسكندرية، فليس عجبا أن تهز حركته السطح الهادئ لكيان صديقته فيمتزج الفن بالحب في لقاءٍ الصدفة وحدها من رتبه.
الكرواتية الأخرى، ستانكا جوريدج، شاعرة، وذات فتنة، أنهكتها فلاشات الكاميرات الإيروتيكية والموضة وبعض الأدوار السينمائية عبر رحلتها في الدنيا العملية، لينتهي بها صخب الأضواء إلى زاوية أشعارها وكاميرا فيديو في يدها، تحول بها مشاهد وأحداث ما تعايشه في أجواء مختلفة، إلى نسيج شعري غالبا ما يكون مصاحَبا بإحدى قصائدها، إلقاءً. في الفيلم الذي قدمته كانت الشاشة تبرق بالجمال البريء لوجوه تلميذات المدارس في الإسكندرية وهن يقرأن، بصوت الأمل، قصائد الشاعرة المترجمة إلى الإنجليزية وكأن الشعر هو الطفولة أوالطفولة هي الشعر. كما كان للشعر دور البطل في تجربة الفيديو الأولى لكاتب هذا النص حيث رتّل بصوته قصيدة كافافيس "المدينة" (عن الترجمة الرائعة لبشير السباعي) آنَ تصعد الكاميرا على درجات سلم بيت الشاعر، ربما هي لحظة العودة من تسكع طويل واصطدام بجدار الذات وأسئلتها المستحيلة، أو ربما هي لحظة هبوط القصيدة على الشاعر الصاعد بحَجره الوجودي المتكرر، بغير جدوى ولا معنى، اللهم إلا سطور القصيدة الطافحة بجمالٍ باق..
(رابط الفيديو):
http://de.youtube.com/user/yousseflimoud

كذلك أنجز كاتب السطور عملين آخرين: الأول تجهيز ضوئي استخدم فيه صورا بالأبيض والأسود لوجوه المشاركين، وضعهم في صناديق ما بين الكرتون والقفص، بداخل كل واحد لمبة مضاءة بلون يحيل، بالحدس، على لون الكيان الداخلي لصاحب الصورة (العمل مجرد شرارة قابلة لحريق مستقبلي تأتي فيه ألوان النيران المختلفة على ما تشتهي من صور). الثاني لوحة بعرض ثلاثة أمتار وارتفاع نصف هذا الرقم، تناثرت بين ثنايا عناصرها، الملصوق منها والمرسوم، لمبات دقيقات، وواحدة زرقاء كبيرة نسبيا، فبدا العمل كله كحقل ترابي متشقق بتواريخ مجهولة.

أشكال طوطمية ورموز نابعة من القارة السوداء، فرّغها النيجيري إميكا أوجبوه فوق سطح مسلة فرعونية خشبية يتسرب الضوء من داخلها عبر تلك الأشكال المفرغة برقة القلب الأفريقي الممزق بين ماضيه السحيق وبين ميديا العصر التي اقتحمته وأجبرته على التعبير بوساطتها. أما الفوتوغرافية التشيكية يانا هونتاروفا، اقتنصت ليل الإسكندرية أسودا وأبيضا، بكاميرا مسحوبة بحركة يد سريعة لحظة الـ تك، فسالت الأشكال والأجساد على بعضها البعض، وذُيّلت نقاط الضوء واللمبات بأذيال كأنها النجوم والشهب لحظة الهاوية. لكننا ندخل إلى هيبة النجوم وجلال الوجود الدائر بنا، في خيمة الآيسلندية تينا لودفيجزدوتير التي شيدت غرفة من قوائم الخشب والقماش الأسود الممتص للضوء، فما نكاد نمر عبر ساتر المدخل منجذبين بغناء أنثوي ساحر (صوت صديقة للفنانة) قريب من الإنشاد الكنسي الجريجورياني، حتى نصاب بدوخة مؤقتة من تداخل منظر المجرات الدائرة على أكثر من شاشة فيديو شفافة لا فرصة للتساؤل عن كيفية تركيب الصورة إلا بعد العودة المتكررة لمعايشة العمل، مع تكرار نوبة الدوخة طبعا، حيث تميد الأرض بفراغها. الغرفة واحدة من سبعة غرف تعمل عليهم الفنانة كتجهيز كبير، بداخل كل واحدة فيلم وصوت مغايريْن، ليكتمل العمل بالرقم سبعة ويكتمل الرمز كذلك به... وعلى الإسكندرية السلام.

يوسف ليمود
[email protected]

..................................................................................................

ما تيسر من أعمال وروابط خاصة لبعض المشاركين:

Stanka Gjuric
رابط فيديو
http://www.youtube.com/watch?v=cKK4ZaSqdc4
رابط الموقع
www.stankagjuric.com


EMEKA OGBOH
www.1roomshack.com


Jana Hunterov
http://765foto.com/main.php?g2_itemId=812


David Madacsi
http://advance.uconn.edu/2004/041115/04111511.htm

http://www.longislandsoundstudy.net/slides/feature.htm

http://www.longislandsoundstudy.net/slides/pg2.htm



#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيامة في فوتوغرافيا أندرياس جورسكي ومعرضه من جناح طائرة
- حوار مع منظّم معرض الفنانين المسلمين بمتحف الفن بنيو أوليانز ...
- ثنائية
- فن مصري معاصر في متحف الفن بالعاصمة بون
- جاسبر جونز .. رؤيته وإنجازه الفني في عشر سنين
- Face
- بقعة شمس
- غنائية حب وجودية
- فراغ ما بين الشكل والحرف .. إلى احساين بنزبير
- آرت | 38 | بازل
- السويسري يورج فيدرشبيل في قافلة الأدباء المنتحرين
- جغرافيا افتراضية تتلمس تاريخ الواقع .. رؤية فنية معاصرة في خ ...
- ليس إلا ..
- رضوى عاشور مع هوجو لوتشر بثلاث مدن سويسرية + تقرير السيدة را ...
- فاسيلي كاندينسكي وسنوات مخاضه الروحي نحو التجريد في معرض
- -إيروس في الفن الحديث-
- صوتيات
- تأملات في وجه نجيب محفوظ .. الوصول قبل الرحيل
- بين توماس فريدمان وعمرو خالد .. حوار مع الفنان حمدي عطية وأف ...
- بين الطاقة الجنسية والإبداع


المزيد.....




- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - نتاج ورشة عمل نيو ميديا على هامش بينالي الإسكندرية