أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - تأملات في وجه نجيب محفوظ .. الوصول قبل الرحيل














المزيد.....

تأملات في وجه نجيب محفوظ .. الوصول قبل الرحيل


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 1692 - 2006 / 10 / 3 - 06:56
المحور: الادب والفن
    


" الرسام العجوز يقهقه بين حطام لوحاته التي حطم في أشكالها العالم" .. أيكون هذا هو الحلم الأخير الذي لا يُحكى لأنه الأخير ؟.. لأنه السر ؟..
* * هذا الذي بلغ السكون , منطقةَ السيادة التي تبتسم للعشب بروح العشب .. هذا الامتلاك لجوهر "كن", يوزع الأقواس ويعيد هندسة الحسابات , يمُد جسورَ الرياضة الكونية لتصل أطرافَ الروح بأطراف الماوراء , محاوراتِ الأنا بالظلمة المتكتلة , هُلاميةََ اللامعني بصلابة التشكيل في بازَلت الكائن كي يخرج التمثال هادئا بابتسامة بوذا وجلال الرخام ..

الشريط الفيلم يعيد الآن في لفّاته المتباطئة ذراتِ الطيش والإرادة .. تتكشفُ في خلاياه أسرارُ الولادة ورنين المعدن الساقطِ مرغما من أمومة الرحم .. يعيد تأكيد أن العالم حلم وأن بَكرة الحلم ماتزال تدور ..

منذ اتساع الروح كمحيطٍ في أفق صبح بغير بلاد , استقرت النظرة على مدار النورٍ بثقل الأرض ورقائقَ من شفافيةٍ على ميزان اليقين .. وهاهي اليد تعيد للتراب حفنتَها بعد أن باركت ذاتها .. ترفع التاجَ فوق الجبين العريض ببطء التواضع وحياءِ التعفف وكأن الأخذَ ليس مهنتها وكأن الأخذ عطاء .. وهاهي الوقفة الخاشعة .. صلاة الأرض للأرض لا تنقطع .. مرآة أمام مرآة بينهما الله فخور بنسخة آدم الذي أخضع الثعبان لعصاه الساحرة .. مرآة أمام مرآة دون كلمة أو حرف أو ذرة من غبار .. مرآة أمام مرآة تنعس الأبدية بينهما في لانهائية الإنعكاسات ..

نور القمر الآن شديد على الجرة الراشحةِ نداها .. نجمة واحدة تكفي كمصباح يؤنس جمال الظلام المحتشد بالحكايا والأهازيج , بالعشق والقتل , بالمعارك ونبابيت الدم , بالسراب والنباح , بالدموع الجارية من قلب الليل الى قلب الأرض , بالمرايا وأحلام الآلهة , بالخيانات واللصوص , بالانتحارات والجنون , بتوهج الجنس وعربدة الفن , بتهدج التواشيح ومناجاة الزمن والموت , بالإفلاس والسقوط وعض الأصابع , بالتحولات في الزهد وفي الفصام وفي الدعارة وفي صحارى الليالي والأساطير والعجب العجاب ..

الفجر روح الله العاشقة في جرح الوجود الناعس .. يقظة تحفظ توازنا لا يُرى .. تمسّد في الغرفة الضيقة صدورَ الفقراء قلوبَ المقهورين في حضور الله .. ملكوتُ الصمت ومنبت الندى وبرزخ امتزاج الغبطة بالشجن .. الفجر يجتاز في طقسه الممرَ الخانق بين الهنا والهناك , بينهما الجبين الذي توضأ من ضروع التوق وعروق الإرادة النافرة وقل أعوذ برب الفلق .. الفجر نافذة الغسيل الليلي تفرش للشمس حقلها المحروث بالبركة .. كُوّةُ التلاوة والنشيد .. وهذي بقعة الشمس تطوي مسافات القلب الرقيق في سرابها فوق أفق الموت الأبيض وقطعان الأبدية الشهباء ..

الظهيرة المتقشفة ترفع خبزها على رمال الروابي في الصهد الذي يعلن طعم الوطن , رائحةَ العمل المكتمل والموتِ الحميم . ليس في هذا الوادي غير عين الشمس وجبين الإنتصار , برزخِ الليونة والصلابة والمشي الطويل على الحفنة المنثورة تحت القدم من تراب الخلق وأنين الحواري وأحلام الغموض , هياكلِِ التمرد على دنيا البداية والنهاية والتسكع بين الأحرف والسطور لاستحلاب الجوهر المغمور في التفاهةِ ليوزع رغيفَ الدنيا على ناسها ورغيفَ الله على ملائكته ويقرأ سورة الرحمن في ضريح الذات . الخِضرُ جوّابُ آفاق الغبار في ممالك التيهِ بخيمة اللامرئى , سكيرُ حانات اليقظة الباذخةِ في ظهيراتِ قاهرة المعز وخراباتِ الحاكمِ أزقةِ الخرافةِ الملفوفةِ في الجسد البضِ لحب مستحيل ..

العصر تموجات الروحِ على رقائقِ النسيم المحمول على ريش الأزمنة .. ساعةُ التمشي العذبِ في شِعاب الطمأنينة الداخلية والوقتِ غير الضائعِ والزمنُ صنيعةُ صاحبِه .. هنا يموج الكافور على مرايا النيل متجاهلا عفونةَ حاضرٍ مهلهل وزمن كريه .. امتدادٌ في غَوْر أفق ٍ يميل بالشمس على أبدية من نحاس .. ساعةُ الشِّعرِ الذي لايُسَطَّر .. ساعةُ امتلاكِ قرصٍ الشمس المتأهب للغروب على كوكبٍ يفيض بنبض الحب وعصيرِ الحنين .. ساعةُ اختمار المجهولِ في الكلمة .. ساعةُ إنا شرحنا لك صدرك .. هو الامتلاءُ والدفق .. الدهشةُ الدائمة .. السر .. صَهرُ المعادنِ وتحويلُها .. كيمياءُ التراب والذهب .. امتزاجُ الوضوح بالعمتة الغامضة .. معادلةُ الوليدِ وضريحِ الولي .. مصفاةُ الترشيح بين الفجور وبين النبوة .. كاسُ الرحيق الذي يعلن اقترابَ الليل فالفجرِ الجديد , وهذي رنة القمرِ على كفة ميزان الراحلين ..

حقلُ حنينٍ مترامٍ في أفق النظرة المبهمة .. قبابُ عصورٍ لحست بقاياها شمسٌ قاهرة .. أضرحةُ مماليكَ ونخيلُ أفنيةٍ وغبارُ قرونٍ وأعشاشُ بلادٍ وجحورُ بشر .. مناعةُ روح ٍ امتلكت ناصيتَي الصيامِ والشبق .. وردةٌ بيضاءُ وثمرة من زمن ٍ ناضجة ..

تجسَّد النورُ في فضاء الزمن .. في اللحم الطري وعَظْمِ الإرادة .. في المسافة بين الولادةِ وبين الأفول .. في تحقق المعجزة الرافض ِ لمنطق المعجزة .. في إنزال الألوهة من سمائها إلى العبث الترابي .. في القدم الموضوعةِ على طريق البهاء .. في خطوات الخِضر والنفري .. وآتنا غداءنا فقد لقِينا من سفرنا هذا نصَبا ..

* * *

تقدّم أيها الميلاد النبيل في اتجاه القوس والزنبقة , لاتبهرنك الألوان والأشكال .. تقدم ناحيةَ عُرْي النور واخلع نعليك .. علي جانبيك حطام الخليقة ولغَط الساقطين .. وخلفك حَتحُورُ تفردُ لوحاً مصقولا وصفحةً من بياض ٍ والطائرُ بين يديك .. تقدم .. لايبهرنك الأصفر الشديد فهو محضُ خدِاع وكوكبٌ مغلّف بسِجلاتِ الضلال .. تقدم ناحية مرآةِ حُورس مرفوعةً فوق الماء الأولِ وأطلق الهدهدَ علي زجاج السرمدية .. اليدُ والقلب والإبتسامة والرموز المحيرة تفتح فيافيها على عسل الخرافة .. تقدم أيها السهم ناحية القوس المنتشرِ في مرمر الفجر وفي قلب الجوهرة ..

* * *

الشراع مفرودُ أمام الريح .. البحر هادئ .. والبَوصلة الآن في اتجاه النجوم العاشقة ..



#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين توماس فريدمان وعمرو خالد .. حوار مع الفنان حمدي عطية وأف ...
- بين الطاقة الجنسية والإبداع
- حجر قابيل
- اللحظة الأخيرة
- خطاب مزموري إلى اسرائيل


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - تأملات في وجه نجيب محفوظ .. الوصول قبل الرحيل