أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - خطاب مزموري إلى اسرائيل















المزيد.....

خطاب مزموري إلى اسرائيل


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 1621 - 2006 / 7 / 24 - 07:17
المحور: الادب والفن
    


"هذا يسوع الناصرة, البشارة المجسدة للحب, هذا المخلص الذي جاء بالبركة والنصر للفقراء والمرضى والآثمين. ألم يكن هو هذه الغواية في شكلها الخارق للطبيعة, والذي لا يقاوم, غواية وطريقا إلى تلك المثل العليا والقيم اليهودية على وجه التحديد؟ ألم تصل إسرائيل إلى الهدف المطلق لانتقامها الكبير عن طريق هذا المخلص, هذا الخصم المزعوم المحطم لإسرئيل؟ ألم يكن ذلك حقا جزءا من الفن السري الأسود لسياسة انتقام كبرى, انتقام متعمد خفي بعيد النظر, تُنفذ ببطء سياسة مؤداها أن إسرائيل نفسها يجب أن تتبرأ من الوسيلة الحقيقية لانتقامها أمام العالم كله, وأن تسمر المسيح على الصليب باعتباره عدوا لدودا, من أجل أن يبتلع العالم كله الطُعْمَ دون تردد؟ وهل كان من الممكن لخبث روحي أن يتخيل طُعْما أكثر خطرا من هذا؟ أي شيء يساوي القوة الجذابة الساحقة لذلك الرمز الذي يشير اليه "الصلب المقدس" ولتلك المفارقة التي ينطوي عليها القول بأن "الإله على الصليب", ولذلك السر الكامن في الوحشية المطلقة التي لا يمكن أن نتخيلها, وفي صلب الإله لنفسه من أجل خلاص الإنسان؟ ومن المؤكد أن اسرائيل بهذا الرمز, وبانتقامها وإعادة تقييمها لكل القيم انتصرت حتى الآن مرارا وتكرارا على كل المثل العليا الأخرى, على كل المثل الأنبل"
نيتشه


في البدء كان الحرف , بعدها كان الحقد فخيط الدم الطويل بلا نهاية

اسرائيل .. يا حفرة غراب قابيل في ليل الحقد الأول .. لم يقل أحد إنك عاهرة التاريخ ونسل نكاح لواطييه لاعقي مؤخرات الظلام ..

من الضعف يأتي الشر - حقيقة رصدها الشاعر.. وانت لم تعرفي كيف تحبين نفسك .. كرهتِ العالم فكرهك , رمقتيه بعينك الحولاء من ربوة التعالي فسحبك من الأنف الي سفح التاريخ حيث أقدام الأمم والقرون .. ولولتِ , وتهتِ في الأرض حافية بالذل وبالكراهة كنت البادئة , وحتي اليوم لا تعرفي كيف نفسَك تحبين ..

تحت جدران الوهم لن يتوقف بكاؤك ابدا .. ليس جدار مبكاك المبلول فحسب بل ذاك الذي رفعتيه لتسجني وراءه الله فدفنك أنت في خرابات لعنة جديدة .. ثعبانك المتلوي هذا لم يسجن مريم وعائشة بل جمدك انت في أسمنت رعب لن ينتهي .. كم تحجبك تلك الدودة الشرجية عن خطو الريح في تقدمها نحو الروح !! .. الماء الذي لن يعمدك منه يوحنا وسيستنكف المسيح .. فابكي وانتحبي طويلا في شقوق جدرانك يا امرأة لوط واعتصري من الدم والدمع ما تسقي به عامود ملحك في صحراء الحشر . ستتلفتين وراءك كثيرا وستتجمدين في ملح الشقاء طويلا .. وأحد لم يقل إنك عاهرة التاريخ ونسل نكاح لواطييه لاعقي مؤخرات الظلام ..


في وحل دم المجازر هنودٌ حمر أُبيدوا .. من وحل دم المجازر يهود صفر بزغوا .. قتل قابيل هابيلا .. سفك القردُ الأشقر دمَ الهندي الأحمر وبنى بيته الأبيض على رابيته الخضراء .. وها انت اليوم ترضعين مصاصات الدم واللبن من مؤخرة هذا القرد .. لكن بالله كيف ترابطت في إحكام حبكات كل الخيوط لتقرأ الدنيا أسوأ رواية كُتبتْ عنوانها اسرائيل ؟؟ .. ولم يقل أحد إنك عاهرة التاريخ ونسل نكاح لواطييه لاعقي مؤخرات الظلام ..

لست من صنع نفسك وحدك بل صنعتك خطايا العالم كله دون استثناء أنفسنا طبعا , صنعك الذنب والندم وشبكة حماقات دموية ارتخت علي ضمائر قوادي العالم ثم غرقت في مستنقعات شر لزجة لا خروج منها الا ميْتا ولا فرصة فيها لغسل الأيدي ..
ستظلين وهما بغير هوية .. الفأرَ والطاعون وبالوعة المجاري .. فتحة شرج .. بصقة .. عصارة معوية على المائدة .. وأحد لم يقل إنك عاهرة التاريخ ونسل نكاح لواطييه لاعقي مؤخرات الظلام ..


نحن نحب أطفال الوجود , ومن لا يفعل ؟؟ .. نحبهم حتى لو كانوا من نسل أعدائنا .. لكن , كيف بالله يكتمل حبنا لطفل انتُزِع الدم الذي يورّد خدودَه من شرايين طفل آخر ؟؟ .. والى أي الطفلين تريدين من الله أن ينحاز ؟؟ .. وهل اختارك الرب شعبا مصطفى بسبب خلط مرتبك في حساباته تجاه البراءة ؟؟ .. إنك تسرقين الرغيف الحافي من فم طفلتنا لتسمني به مؤخرات أطفالك كي تترجرج بشكل أفضل في أسواق المتعة .. تعجنين الرمل بالدم في هيكل البراءة على شواطيء طفولة إلهية , فأين نبحث عن تلك البراءة الآن , في عيون أطفالك أنت أم في نية الله الصافية تجاه شعبه المختار ؟؟ .. لكن أحدا لم يقل إنك عاهرة التاريخ ونسل نكاح لواطييه لاعقي مؤخرات الظلام ..


لم ينتحر شعراؤك في الميادين احتجاجا .. ربما فعل أحدهم من وراء جدار.. ولكن ليعلم هؤلاء أن كل بحيرات بلاغتهم تجف أمام بسملة نزع فتيل حزام جميلة من لدنا .. مريم أو عائشة .. تاج السماء ذات السبعة عشر ربيعا .. هناك .. لن تُزف عروستنا هذه لأمير من شعرائك لم يجرؤ على نزع فتيل روحه ليخلصها من مائك الممزوج بدم المسيح .. ستطرده الجميلة بنظرتها إن تقدم نحوها ولو حاملا بكاء البشر على كف ضراعتة ..


نسلكِ اليوم يسيحون في دنيا الله المنهوبة جماعات وكأن الأرض مائدتهم وبيت الدعارة المفتوح لعربداتهم , لا يراعون حرمة مضيفهم ولا عاداته ولا فقره .. في أنأى قرى نيبال والهند المتقشفة حيث الدنيا ماتزال على عذريتها كما في عهد ابراهيم وموسى رأيتهم يسطون على نور الله في الطرقات .. جماعاتٍ يسيرون بنظراتهم السمكية , شبه عراة يلفهم دخان الحشيش ورعونة الاستهتار , مستعدون لسرقة غبار المكان إن بدا لهم فيه فائدة .. يأكلون في المطاعم ثم يغافلون أصحابها البسطاء ويتسربون بدناءة هاربين قبل أن يدفعوا .. رأيتهم في غزواتهم على محطات البنزين يملؤن تنكات دراجاتهم ثم فجأة ينطلقون معا دون أن يدفعوا تاركين الولد الذي خدمهم بسعادة يذوق طعم أول خيانة .. هؤلاء هم أبناء نازيتك عساكر إس إس الحاضر ومجهزي هولوكاوست صَهيونَ المستقبل .. وهاهن بناتك المسترجلات بطلات بورنو حربك الخفية ضد بقايا وعي العالم المخدر .. كلهم شوك وأوراق جافة .. لكن للحق , قلة من هم عكس هذا , بيد أن هؤلاء الذين يشتركون معنا في ذاكرة التوت البعيدة , تمتد الآن بيننا وبينهم جدران الرمل المعجون بالدم , شواطىء تتمرغ عليها الدنيا ملطخة بدم الله , فلو التقينا فهو التقاء غير مكتمل , ولو تعانقنا فهو عناق مفتعل , ولن تتقاطع العيون في إنسانها إلا عند مدار الخجل , فمن وراء النظرة تطل الحقائق , ولم يقل أحد إنك عاهرة التاريخ ونسل نكاح لواطييه لاعقي مؤخرات الظلام ..


البخل تجارتك المعروفة من العهد القديم , لكن استدرار الشفقة بأساليب الشحاذين تجارتك الخفية التي تزحف مثل الدود في أسواق العالم وحوانيته .. تتاجرين بذاكرة الغاز وبالأفران وبقطارات الموت وبالبيجامات المخططة وبكومات الشعر والأسنان الذهبية وبالأسماء وبالأرقام المضاعفة وبأدق بقايا أظافر مذبحة تم تحنيطها ببراعة وعرضها بعناية في ثلاجات المتاحف المشرعة ليل نهار على ذاكرة العالم , وعلى الشاشات تدخل غرف النوم في أي وقت من غير استئذان لتترسب قبل النوم في الماء الذي تسبح فيه الأحلام .. فسلام على الموتى وسلام على الأحلام ..


حقيقةً لقد ناخت بنا القافلة , كبَتْ , والخيام تهلهلت , وهاهي أنوف حكامنا المخرومة يتدلى منها المقود الى يدك تجرجرينهم على رمال العزة التي باعوها , فجُري جري .. والحق , فإن أولوية العداوة الآن تجيء بك في المقام الثاني بعد طغمة الحثالة الذين أوصلونا الى مستنقعات الظلام هذه , ذلك أنهم أنفسهم يفتقدون النور وفاقد الشيء حتما لن يعطيه .. جري وجرجري حتى بوادر زحف الثورة القادمة .. إنه التاريخ .. حجر الرحى .. الثورة قادمة وستنهض الجمال من كبوتها لتقتحم باستيل الشرق , وسينكمش الذيل الجرب داخل الحجم الحقيقي لمؤخرتك .. ستعودين الى صورتك الأولى , عصابة شياطين تلطم الخدود في الصحراء وتجادل موسى في لون البقرة وإن البقر تشابه علينا .. فجري جري حتى تسقط روما , وحتى يعود الحجر الدائر بنبوخذ نصر جديد , بسبي جديد وبتيه في الأرض جديد .. حينها ربما أتي من يقول إنك كنت عاهرة التاريخ ونسل نكاح لواطييه لاعقي مؤخرات الظلام .. فسلام على التاريخ وسلام على الأوهام ..



#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟
- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - خطاب مزموري إلى اسرائيل