أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب سلمان - لحظة الموت حباً














المزيد.....

لحظة الموت حباً


زينب سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 08:12
المحور: الادب والفن
    


يذوب الحنانُ بعينيكِ مثلَ دوائر ماءْ
يذوبُ الزمانُ ، المكانُ ، الحقولُ ، البيوتُ .
يسقطُ وجهي على الأرض مثلَ الإناءْ
وأحملُ وجهي المكسَّر بين يديَّ ..
وأحلمُ بامرأةٍ تشتريهِ ..
ولكنَّ من يشترونَ الأواني القديمة ، قد أخبروني
بأنَ الوجوهَ الحزينة لا تشتريها النساءْ ............................. نزار قباني من ديوان احبكِ والبقية تأتي

استمتعت بقراءة بعض النصوص الشعرية التي القاها شاعر مغمور على شبكة الانترنيت كجزء من تسلية مضجرة اخذ يمارسها الكثير هذه الايام، انها ليلة هادئة من ايام تشرين الثاتي يرمي القمر فيها اشعته الخجولة على وجه نهر دلفي الحانق دوما كوجه رجل عجوز جاوز سبعينه دون لحظة حب او سعادة ، القيت بأوراقي التي لم اتخل عن عادة ملأها بترهات لم تعد تهم غيري جانباً لأن وجه النهر المطل عليّ من النافذة أثار فيّ شعور غريب بالوحدة او الحنين وربما كلاهما معاً ، دعاني الى التوقف عن التفكير به للحظة وسلخ جلدي الى التمرد او الغضب الى انكار هويتي والتخلي عن ذاتي فلطالما منحني التفكير به امتيازاً عظيماً لكني اليوم لم استطع تجاهل دعوة رجلي العجوز المطل عليّ من النافذة واستجبت بدون شعور الى دعوته، فتقافزت الى ذهني في لحظتها تساؤلات عمّا اذ كنت سأعرف نفسي بدون اغتيال طيفه لمخيلتي او اجتياح كلماته ذاكرتي ... ترى هل ستعرفني مرآتي بدونه؟ .
قطع رنين الهاتف ما كنت افكر به وحمل لي نبرات زمن كدت انساه بصوت صديقي اثير الذي اعتاد ان يقطع اتغماسي بغربتي باتصالاته التي تحمل رائحة قهوة امي في ليالي شباط الحزينة والباردة ويجرني نحو دروب عشت فيها وأخال انها لازالت تتذكر مغامرات طفولتي الطائشة ومطاردتي اليائسة للقمر التي لم تنفع معها تطمينات امي بأن الحوت سرعان ما سيأتي ليلتهمه ولن يطلقه حتى يغني له اطفال الحي ويطلبون اطلاق سراحه، لم افكر حينها بأني ساهمت باعتقال القمر في بطن الحوت وتركته خلفي يعاني من خوفي منه لأني لم اشارك اطفال الحي الغناء، رفعت سماعة الهاتف فجائني صوته مشاغباً:
- أهلا صديقتي .
- أهلا أثير، كيف حالك؟
- انا بخير لكني قلق عليك انتابني حدس غريب بأنك لست على ما يرام . ضحكت بنبرة حزينة وأجبته
- لا تقلق فعمر الشقاء بقاء .
- خبريني كيف أنت؟
- جيدة، غير اني لا استطيع الكتابة وهذا يقلقني .
- لا اعتقد انك تستطيعين ان تتوقفي عن الكتابة الا اذا توقفتي عن التفكير به .
- كيف عرفت اني توقفت للحظات استجابة لشعور غريب بأني اريد تجربة ذلك؟
- لأني منذ عرفتك وانت تكتبين له ومن اجله .
- هل هذا عيب فيّ يا صديقي أصدقني القول ؟
- لا اعرف .
- هذا جواب عائم لان مثلك لا يجيب على مثلي بلا اعرف، بالمناسبة كيف حال زوجتك والاولاد ؟
- كما تحبين ... تريدين تغيير الموضوع، على العموم هم بخير ويرسلون لك بالسلام وخصوصاً زوجتي فهي تترقب الحديث معك.
- ارجوك بلغها تحياتي، أنا مقصره بحقها فمنذ زمن لم احادثها وهي التي رافقت ذكريات الدراسة العذبه .
- نعم، والآن خبريني ما بك لازلت غير مطمئن لوضعك .
- لا شيء غير أني أموت حباً ، هذا كل ما في الأمر .
- أتعلمين؟! لقد اعتدت الاتصال بك لأنك الوحيدة التي تستمعين لسخافاتي وهمومي بدون احكامٍ مسبقة او حتى لاحقة لكني لم اتصور انها مهمة صعبة لهذا الحد حتى نطقت بما قلتيه .
- هل تعتقد ان ما أخبرك به سخافة ؟
- لا، لكني اعتقد انه هم كبير، فهو الموت بكل ما يحمل من خوف وعدمية ورحلة نحو المجهول فما بالك اذ كان الموت حباً ، سيحمل كل معاني العدم والوجود معاً سينوء بكل المتناقضات .
- هل تعتقد اني جديرة به؟
- ما بالك تسأليني اسئلة صعبة اليوم، هل تختبرين معرفتي بك؟ وعلى العموم انت جديرة بكل الاشياء الجميلة حتى بهذا الموت الغريب الذي يمنحك الخلود ولا يمنحك العدم .أرجوك لنغير الموضوع
مرت لحظات صمت حملت تنهداتنا معاً حتى اتاني صوت أثير ثانية
- الو ... الو أما زلت على الخط ؟
- نعم موجودة، خبرني كيف حال الازقة والأحياء الا زالت تفتقدني ؟ أجابني بتوتر
- نعم كل شيء هنا يفتقدك، حتى الموت الذي ازكمت رائحته انوفنا وطاردت أشباحه أحبتنا .
- هل تسخر مني؟
- أبداً بل أحاول التخفيف من حنينك لوطن أشد ما يكره ابناؤه.
- لكن الغريب يا صديقي أنه كلما أزداد كرهاً لهم كلما ازدادوا حباً له ، مذل هو الحب من طرف واحد !!
- نعم أوافقك، هل لديك شيء تخبريني به....
- ابداً ، أنا في أحسن أحوالي إذ ان البدء في رحلة الخلود تشبه اغنية لفيروز عاقرتها منذ صغري فلا تحزن كل شيء سيكون على ما يرام .
- اتمنى لك رحلة موفقة ... هل ممكن أن أسألك شيئاً؟
- نعم تفضل !!
- هل عودتك للتفكير به ستثنيك عن هذه الرحلة ؟
- وهل صدقت اني استطيع التوقف عن التفكير به ولو لرمشة عين؟... إن هذه الرحلة هرباً منه إليه يا صديقي انها الرغبة بالالتحام والالتصاق بكل ما يمثله هو من أحاسيس نبتت في روحي وعقلي كزرع شيطاني امتدت جذوره بقسوة وبعمق بداخلي .
- أالى هذه الدرجة تحبينه؟
- لم تعد كلمات الحب تصف ما اشعره اصبحت بلا معنى ولا اعتقد انا ما احمله بداخلي نحوه هو الحب أنه اكبر وأبعد وأخطر من ذلك بكثير لحد لا يمكن ان تتخيله ، أنت الذي عاقرت كل انواع النساء ولم تجد من تلقي بك من السماء لتتلقاك بكفيها لا اعتقد انك يمكن ان تفهمني حتى لو شرحت لك.
- أتعيريني أم تشفقين عليّ ؟
- لا اعرف ربما أشفق عليك ... نعم فمسكين قلب من لم يذق طعم الحب الحقيقي فبرغم كل الامه فهو يحمل الاحترام للذات واكتشافها .
- احسدك .
- لا تحسدني ابلغ تحياتي للعائلة مع السلامة .
- مع السلامة يا صديقة ايامي .
اغلقت الهاتف ولم اعرف ماذا ستكون الخطوة القادمة فتحت نافذتي على مصراعيها واستسلمت لاجتياح نسمات تشرين العذبة والتي حملت رائحة ماء النهر المسترسل بسباق ابدي نحو رحلة خلوده الابدية وموته المحتوم في أحضان البحر، العشق يشده مثلي ومثل كل شيء في بلادي أنه الموت حباً .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم للنسيان
- ذكرى مقاتل نسى رأسه في خوذته
- اغتراب
- ومضة
- لقاء أخير
- حزن الغياب
- قلبي والمطر
- عرس الانتظار الاخير/- تداعيات الانتظار الازلي للحظة فرح مؤجل ...
- فجر جديد


المزيد.....




- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...
- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...
- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب سلمان - لحظة الموت حباً