أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الأخطل الصغير..شاعر الهوى والشباب














المزيد.....

الأخطل الصغير..شاعر الهوى والشباب


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 08:28
المحور: الادب والفن
    


يزخر تراث الشعر العربي التقليدي بكثير من العبقريات التي تتطلب إعادة قراءة أعمالها في ضوء المتغيرات الفنية الكثيرة التي يشهدها المشهد الشعري المعاصر، فتلك العبقريات تمدنا بتجارب إبداعية نافعة جديرة بالوقوف عليها.
ويبرز بشارة الخوري أواسط القرن العشرين بوصفه واحدا من الشعراء المجددين الذين حاولوا تلمس طريقهم إلى العصرنة وسط غابات التراث الكثيفة المتشابكة التي لا تكاد تتيح لمن يحاول اجتيازها طريقا. فقراءة سريعة لديوانه يمكن أن توصل القاري إلى أهمية هذا الشاعر في خارطة التجديد الشعري العربي.
يحاول الأخطل الصغير أن يبني لغة شعرية تخرج من سلطة التراث القائمة على البناء الثنائي الذي يتكون من تشكيل مقابلة ما بين الصدر والعجز في البيت الشعري التقليدي. ونحاول في هذا المقال القصير إنارة بعض الجوانب الفنية في شعره.
يقوم تكنيك الأخطل الصغير في الغالب على محاولة إدخال القارئ في تجربة انفعالية جديدة تعتمد على صدمة شعورية غير متوقعة، ولنقرأ مثلا هذين البيتين وهما مطلع قصيدته في رثاء الزعيم المصري سعد زغلول:

قالوا دهت مصر دهياء فقلت لهم هل غيّض النيل أم هل زُلـزل الهرمُ
قالوا أمرّ وأدهـى قلت ويحـكمُ إذن لقد مات سعدٌ وانطوى العلمُ

يمهد الشاعر في الأشطر الثلاثة الأولى للحديث عن حدث جلل، غير أن المتوقع أن يواصل إدراج احتمالات أخرى غير (غيض النيل و زلزل الهرم)، لكنه يصدمنا في الشطر الرابع بلهجة العارف الخبير بأنّ لا شيء أكثر هولا من هذين الأمرين سوى موت سعد زغلول. والملاحظ أن هذه الصدمة لا تعتمد على اللغة ذاتها بوصفها الجسد المادي للقصيدة بل تقوم على بناء الدلالة المفاجئة، لكنه لم يهمل الناحية المادية في تكنيكه هذا، فجاء بناء البيتين غير معتاد وغير تقليدي، فعلى الضد مما سار عليه شعراء العمود التقليدي في تصريع مطالعهم، جاء مطلع قصيدته بغير تصريع، بينما جاء البيت الثاني الذي ذكر فيه اسم المرثي مصرعا، وقد زادت هذه اللفتة الفنية من قوة الصدمة، بإبرازها كلمة (ويحكم) التي تعتمد التجربة الانفعالية المتوخاة على معناها.

وقد أبدع الأخطل في نظم قصص الحب في مطولات قصائده، وأبرز تلك القصائد (عمر ونعم) و (عروة وعفراء) و(المسلول) و(سلمى الكورانية)، وتحمل هذه القصائد سمات تخرجها من تقاليد العمود الصارمة إلى حد كبير.
في (المسلول) مثلا، يخرج الشاعر من تقليد نقل الحوار بوساطة فعل القول (قال وقلت) كما هو معتاد في الشعر التقليدي مثل ما فعل عمر بن أبي ربيعة:

قالت الكبرى أتعرفن الفتى قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها قد عرفناه وهل يخفى القمر

فجاء الحوار في قصيدة (المسلول) بطريقة مسرحية معتمدا على علامات الترقيم:

نم لا تسلط يا حبيبِ على مخمورِ جسمِك قلّة الجلدِ
عيناك متعبتان من سـهرٍ ويداك راجفتان من جهدِ
- لا لا أنام ولا أذوق كرى إنّ النهار مضى ولم يعُدِ
...............
- نم لا تكابر كاد رأسك أن يهوي بكأسك غير أن يدي
- يهوي نعم يا فتنتي ومنى نفسي وزهرة جنة الخــلدِ

يتضح من هذا المقطع أن الشاعر ينقل الحوار بطريقة مسرحية مباشرة، وهذا لم يكن أمرا معتادا ذلك الوقت.

والسمة المهمة التي يتسم بها شعر الأخطل الصغير هي طريقته في بناء الصورة الشعرية، فالشاعر ينعتق من أسر التقليد الموروث الذي يقوم على التشبيه والأساليب المشتقة منه استعارة وكناية وغيرها، فصوره تضج بالحركة، فقد تنبه إلى أهمية الفعل في بناء الصورة:

تعجب الليل منها عندما برزت تسلسل النور في عينيه عيناها
فظنها وهي عند الماء قائــمة منارة ضمها الشاطي وفدّاها

يمكننا ملاحظة تصويره بريق العينين في جملة يتفاعل فيها الليل مع عيني الشخصية الموصوفة، ليبني صورة حيوية، وفي البيت الثاني لم يقل (كأنها منارة) بل جعل التشبيه في ذمة الليل ونسب إليه الظن. وانظر إضافة (الشاطي) إلى الصورة وإعطائه فعلين هما (ضم و فدّى). وفي (الصبا والجمال) قال:

سكر الروض سكرة صرعته عند مجرى العبير من نهديكِ
قتل الورد نفسه حسدا منك وألقى دماه في وجنتيك
والفراشات ملت الزهر لما حدثتها الأنسام عن شفتيك

بإمكان القارئ أن يلاحظ التكنيك ذاته، فالروض يسكر والورد يقتل نفسه والفراشات تملّ الزهر أفعال تتوسط أركان التشبيه التقليدي لتحوله إلى صورة دينامية فاعلة. غير أ، هناك شيء آخر لابد من رصده لإبراز قدرة الشاعر في التصوير، وهي إدخال عنصر في التشبيه غير المشبه والمشبه به التقليديين، ففي البيت الثالث في القطعة السابقة جاءت عبارة (حدثتها الأنسام) بوصفها عنصرا مضافا إلى المشبه (شفتيك) والمشبه به (الزهر) لتكسب الصورة مزيدا من الحركة والتفصيل.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نضال نجار .. الإيقاع والتصرف الصوتي
- الصورة اللغوية في نصوص آمنة عبد العزيز
- مقدمة نهج البردة الطللية بين البوصيري وشوقي
- المرأة الحلم في شعر المتنبي
- المرأة الاديبة والرجل (المثقف )
- (أنا) الجواهري
- القصيدة المؤنثة. . لميعة عباس عمارة
- قراءة جديدة في (غريب على الخليج)
- فانتازيا الحقيقة في شعر فاطمة ناعوت
- إيقاع النثر
- تأملات في الصورة الشعرية
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(11) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(9) الشفاهية وا ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (10) الشفاهية ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة (8) تجم ...
- صورة الرجل في نصوص رحاب الهندي
- الاعتراف بالأدب النسوي
- زاوية النظر والبداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (7) الشفاهية و ...
- أسلوب الكولاج في شعر سعدي يوسف


المزيد.....




- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الأخطل الصغير..شاعر الهوى والشباب