أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باتر محمد علي وردم - العرب والمسلمون: معايير مزدوجة في تقدير قيمة الحياة الإنسانية














المزيد.....

العرب والمسلمون: معايير مزدوجة في تقدير قيمة الحياة الإنسانية


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 649 - 2003 / 11 / 11 - 03:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مصطلح "المعايير المزدوجة" يستخدم بشكل دائم في الإعلام العربي، وهو يتعلق بمواقف الولايات المتحدة بالذات من قضايا المنطقة، فهناك معايير مزدوجة في تطبيق قرارات مجلس الأمن، وفي التعامل مع العنصرية ضد المسلمين وغيرها من القضايا. وهناك أيضا معايير مزدوجة في تقدير قيمة الحياة البشرية، وهذا ما ظهر واضحا في تعويضات ضحايا طائرة لوكربي والتي جعلت من قيمة الضحية الأميركية أعلى بكثير من اية ضحية في العالم، كما أن السياسة الأميركية والإعلام الأميركي والغربي يستخدم معايير مزدوجة في تقدير قيمة الحياة بالنسبة للضحايا الفلسطينيين والإسرائيليين، أو الضحايا العراقيين وغيرهم من ضحايا المعركة المفتوحة على كل الاحتمالات في العراق.
ولكن ما يجب أن نعترف به أننا في العالم العربي والإسلامي نستخدم نفس هذه المعايير المزدوجة في تقدير قيمة الحياة والبشر. من الطبيعي أن يكون تقديرنا لقيمة الشهداء الفلسطينيين والعراقيين كبيرا جدا فهم الأقرب إلينا في كل شئ، وحتى على المستوى الشخصي والعائلي فإن الإنسان يهتم بمن يعرفه ويكون قريبا منه. وكلما ابتعد الضحايا عن إطارنا الديني والقومي يقل الاهتمام، فالعالم العربي ليس مهتما بشكل كبير بالشهداء البوسنيين والشيشان اثناء الحرب عليهم، باستثناء الإسلاميين الذين يؤمنون بالأخوة الدينية العابرة للأعراق. ونحن أيضا لا نهتم كثيرا لضحايا المجاعات والأمراض في إفريقيا والفيضانات في آسيا، ربما على اعتبار أن هؤلاء ضحايا لكوارث طبيعية أكثر منها إنسانية.
ولكن في المقابل فإن هناك معايير مزدوجة كبيرة حتى في حالات القتل والاعتداءات على الحياة البشرية التي يكون فيها العرب والمسلمون طرفا، أما كضحية وإما كمعتدين. فالقليل جدا من العرب والمسلمين اهتموا بمعاناة وقيمة الضحايا الذين سقطوا في تفجير برج التجارة والطائرات المدنية المخطوفة، وهم كلهم اشخاص أبرياء ومنهم الكثير من المسلمين. ولم يهتم المسلمون كثيرا بضحايا تفجيرات بالي في إندونيسيا أو نيروبي بل أن الكثير اعتبر هذه العمليات الإرهابية جهادا في سبيل الله بغض النظر عن ايقاع العمليات لقتلى أبرياء لا علاقة لهم بالصراع العربي الإسرائيلي والسياسات الأميركية في المنطقة.
والمدهش ايضا وجود معايير مزدوجة في تقدير قيمة قتلى من نفس الشعب، ضمن ظروف مختلفة واسباب مختلفة وأفضل مثال على ذلك الضحايا العراقيين. فالإعلام العربي والأردني بالذات ركز كثيرا كما هو مطلوب على الضحايا من المدنيين العراقيين نتيجة العدوان الأميركي على العراق ونتيجة الحصار الرهيب، ولكن هذا الإعلام نفسه لم يهتم إطلاقا لقيمة حياة عشرات الآلاف من العراقيين الذين قتلوا نتيجة بطش النظام وحملات الإعدام والمقابر الجماعية، بل أن البعض ذهب إلى إنكار كل هذه المآسي البشرية من أساسها كما في حلبجة عام 1988 واعتبارها من صنع الدعاية الإمبريالية الأميركية. وكأن الشعب العراقي يستحق البكاء إذا كان ضحية للعدوان الأميركي ولا يستحق الذكر إذا كان ضحية للنظام أو الإرهاب. وقد قرأت بكثير من الفزع مانشيت إحدى الصحف الأسبوعية الأردنية بعد يوم من تفجيرات الإثنين الدامي في بغداد والذي قال " بغداد تهتز تحت أقدام الغزاة" ونسيت الصحيفة بكثير من الاستهتار قيمة حياة 43 عراقيا كانوا ضحية  هذه التفجيرات العشوائية، فالعراقي الذي يسقط نتيجة صاروخ أميركي له قيمة أما الذي يسقط نتيجة إجرام النظام والعمليات الإرهابية العشوائية فليست له قيمة عند البعض.
نفس المنطق نجده عند الحديث عن العنف بين النظام والمعارضة في الكثير من الحالات، وبالتحديد لدى زملاءنا الإسلاميين الذين يغضبون كثيرا نتيجة ألقاء القبض على مجموعات من الإسلاميين أو قيام أجهزة الدولة بمواجهة التنظيمات المسلحة ويدعون إلى احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن زملاءنا يصمتون تماما عند ارتكاب هذه التنظيمات لعمليات إرهابية يسقط نتيجتها أبرياء وإذا ما قاموا بالتعليق يقولون بأن النظام ارتكب هذه الجرائم كي يتهم الإسلاميين بها أو أن الصهيونية العالمية هي التي قامت بذلك!!
ونفس الشئ ينطبق على اليساريين والقوميين والعلمانيين الذين يطالبون بتطبيق الديمقراطية وحقوق الإنسان والرأي الآخر ليتمتعوا بها ولكنهم يصمتون لدى تعرض بعض الأحزاب والتنظيمات الإسلامية السياسية لعمليات تصفية وقمع من الأنظمة، وكأن الرأي الآخر ليس حقا لمن يخالفونهم في الرأي.
المعايير المزدوجة موجودة في كل حياتنا، وأسوأ شئ أنها تظهر لدى تقدير قيمة حياة الناس، ونقوم بتصنيف الضحايا حسب رؤيتنا لأفكارهم وجنسياتهم وهوية المتسبب بالقتل، فنحن نبكي ضحايانا بشدة ولكننا نصمت عند ارتكاب بعض العرب والمسلمين لاعتداءات على أبرياء من جنسيات أخرى وهذا منتهى الإزدواجية في المعايير. قيمة الحياة البشرية البريئة يجب أن تكون قيمة واحدة، وهكذا علمنا الإسلام وكل الأخلاقيات لتي نعرفها، ويجب أن نكون في منتهى الأمانة وحضور الضمير في الدفاع عن كل ضحية ورفض كل معتد على الأبرياء حتى لو كان منا.



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردا على ناهض حتر: الخطأ ليس في مضمون رسالة الحزب الشيوعي الع ...
- ضد الاحتلال الأميركي، ودكتاتورية البعث معا!
- فاجعة للثقافة العربية
- العالم في 11 سبتمبر 2003
- كانكون: ولادة مجموعة الثلاثة وعشرين في مواجهة العولمة
- الفيتو الأميركي: واشنطن تخسر وعرفات يكسب
- توجهات الموقف الأردني من العراق ( 3 من 3): المعيار القومي
- توجهات الموقف الأردني من العراق ( 2 من 3): المعيار الوطني
- الموقف الأردني من العراق ( 1 من 3)- المعيار الأخلاقي
- لو كانت أنا ليند عربية!
- شركة القاعدة-الموساد المتحدة للعمليات الإرهابية!
- جولة بن لادن السياحية، وثقافة الكراهية!
- العالم العربي...قوة طاردة للعقول!
- العرب والعراقيين بين ذهب صدام وسيفه
- النزعة الإنعزالية للمثقفين العراقيين
- أدوية الايدز ومخرجات العولمة: أرباح الشركات أهم من حياة المل ...
- تحليل تاريخي لفكرة -حاكمية الله
- جوهر العلمانية: شرعية النص الديني يجب أن تخضع للعقل الإنساني
- لم يحكم المسلمون بما أمر الله طوال التاريخ
- مانفستو العلمانية الإنسانية


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باتر محمد علي وردم - العرب والمسلمون: معايير مزدوجة في تقدير قيمة الحياة الإنسانية