مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 12:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لمحة جغرافية تاريخية لا بد منها ..
هولندة دولة صغيرة يقدر مجموع مساحتها حوالي ( 40 ) ألف كلم مربع , وتقدَر المسافة بين الشمال والجنوب بحوالي 300 كلم , وبين الشرق والغرب حوالي 200 كلم . تتوفر في هولندا طرق جيدة تخوَل لك السفر من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال بالسيارة أو بالقطار في ظرف أربع ساعات . في طرق لا تمل منها تحتضنها الغابات والمزروعات والورود والأقنية المائية ... وكل شئ منظم ومخطط بعناية وجهد إنساني كبير .
تقع هولندا على بحر الشمال , الذي بدوره جزء من المحيط الأطلسي , تحدها جنوباً بلجيكا , وشرقاً ألمانيا .
عاصمة هولندا هي مدينة ( أمستردام ) . غير أن مقر الحكومة لا يوجد بالعاصمة كما هو المعتاد في الدول الأخرى , بل يوجد في مدينة دين هاخ ( لاهاي ) .
تنقسم هولندا إلى 12 إقليماً , ولكل أقليم عاصمته الخاصة .
يسكن أغلب سكان هولندة في الجهة الغربية , خصوصاً في أقليم أوتريخت , أقليم هولندا الشمالي والجنوبي , التي تعرف أكبر كثافة سكانية . يطلق على هذه الأقاليم إسم مدينة ( الحافة , Randstad ) , لأن البناء بكل من أمستردام , دينهاخ , روتردام , وأوتريخت , قد أصبح عبارة عن تكتل سكني واحد . أما الأقاليم الشمالية : فريسلاند , خروننخن , درينت , والأقليم الجنوبي زايلاند , فهي أقل الأقاليم كثافة .
* نشوء هولندا :
كان يطلق في الماضي على هولندة ولكسومبرغ وبلجيكا إسم الأراضي المنخفضة . – ومنها أتى إسم نيدرلاند أو هوللاند – حوالي سنة 1500 كانت الأراضي الواطئة هذه تشكل جزءاً من مملكة تشمل كل أطراف أوربا الغربية . هذا, وكانت أوربا خلال هذه الفترة معتنقة للمذهب الكاثوليكي بنسبة 99 , بالمئة . وبسبب النقد الموجه للكنيسة الكاثوليكية بروما , بدأ إنتشار المذهب البروتستانتي إنطلاقاً من ألمانيا وفرنسا . في هذا الإطار , كان لكالفن البروتستانتي - من سويسرا - تلميذ مارتن لوثر قائد الثورة والإصلاح الديني في أوربا , تأثير كبير في هولندا .
في منتصف القرن السادس عشر , ظهرت المعارضة في عدد من المناطق في شمال هولندة ضد الإحتلال الأسباني الذي كان اّنذاك حاكماً أيضاً على الأراضي المنخفضة , وأخذ هذا الصراع شكلاً دينياً , لأن ( تميلم فان أوراني ) الذي كان اّنذاك مسؤولاً عن تسيير منطقة هولندا كان يدافع عن المذهب البروتستانتي , وبالتالي عن حرية الأديان , وإستقلال الهولنديين , الشئ الذي أدى إلى إندلاع حرب عرفت بإسم " حرب الثمانين سنة " أدت إلى إنفصال المناطق المعارضة عن أٍسبانيا وتأسيس جمهورية الهولنديين المتحدة .
بداية .. كانت هولندا جمهورية , وفي سنة 1815 تم تنصيب أحد أمراء ( أورانيو ) ملكاً – من هنا نرى شعار هولندة البرتقالي - وبذلك نشأت المملكة الهولندية , التي كانت تشمل إلى جانب هولندا دولة السورينام , وجزر الأنتيل الهولندية , ومنذ ذلك الوقت , وهولندا دولة ملكية تترأسها في الوقت الراهن الملكة بياتريكس .
........
* سكان هولندا :
تعرف هولندا كثافة سكانية جد مرتفعة , ويقدَر عدد سكانها بأكثر من ( 16 ) مليون نسمة . يتكوَن أكثرهم من جنسيات مختلفة .
غير أن ذلك ليس جديداً على هولندا . فقد استقر في الماضي وبصفة منتظمة عدد كبير من المهاجرين , كانت لهم دوافع مختلفة . كانوا يغادرون أوطانهم بسبب الحروب أو لأجل العمل ..... أو غير ذلك . ومن جهة ثانية فإن الهجرة تحدث أيضاً إنظلاقا من هولندا , بحيث يغادر هولندا سنويًا بعض الهولنديين في إتجاه نيوزيلاندا , وبعض الفلاحين إلى كندا , ونسبة أقل إلى الدانمارك والبرتغال .. ولذلك أن الهجرة إلى هولندا ليست ظاهرة جديدة , وقد أصبحت هولندا عبارة عن مجتمع متعدَد الثقافات يضم مجموعات سكانية مختلفة .
.. سأشرح التاريخ الإستعماري لهولندا والصراع الديني الطويل فيها في موضوع اّخر - إلى أن توصلت إلى هذا الإستقرار والوحدة والتقدَم حينما أصبحت الدولة علمانية , وحققت فصل الدين عن الدولة ..
...........
- 1 الحرية الدينية
* * توجد في هولندا حرية الأديان . هذا يعني أنه لكل شخص حرية العقيدة أو الدين الذي يختاره , إضافة إلى أن هولندة لا تعرف ما يسمى بدين الدولة , ولا تحدَد الحكومة بالتالي الديانة التي يجب على الناس أتباعها . من ناحية أخرى , لا يجوز للمؤسسات العمومية منع أحد من دخولها , ولا للشركات رفض أي عامل بناء على معتقداته الدينية , إلى جانب الحريات السياسية المطلقة ..
هولندة دولة علمانية , الشئ الذي يعني أنه ليس للمشرفين على الكنائس ولا لرجال الدين تأثير سياسي مباشر . إلا أنه يمكنهم – كما هو الشأن بالنسبة للسكان الاّخرين – إستعمال حقهم في التصويت للتأثير في السياسة الهولندية والعكس , هو أن الدولة لا تتدخَل في شؤون الكنائس .
تعتبر الديانة المسيحية أكثر الديانات تأثيراً في المجتمع الهولندي , وهي أكبر الديانات في أوساط من يؤمن بدين معيَن , يليها الإسلام . إلى جانب ذلك هناك ديانات أخرى لها عدد قليل من الأتباع ... أهم هذه الديانات والطوائف والمذاهب هي :
1 - المسيحية
* يشكل الإنجيل البناء الأساسي لمبادئ المسيحية في هولندا . غير أن هولندا تعرف وجود جماعات كنائسية مختلفة تؤوَل وتشرح كل منها الإنجيل حسب إعتقادها الخاص . إلا أن أكبر إتجاهين داخل الديانة المسيحية هما الإتجاه البروتستانتي , والإتجاه الكاثوليكي , اللذين كانا في الماضي معزولين بشكل صارم عن بعضهما – المتتبع لتاريخ هولندا القديم - فقد حصلت الكثير من الصراعات والحروب والإضطهادات بين الطوائف المسيحية نفسها وذهب الكثر من الضحايا خلالها ............ إلى أن تحكم العقل وانتصرت لغة الحوار والإعتراف بالاّخر وفصل الدين عن الولة - إذ أن لكل اتجاه مدارسه الخاصة وجرائده وجمعياته الخاصة . لدرجة أن الزواج بين بروتستانتي وكاثوليكية كان يخلق مشكلة كبيرة . أما الاّن , فلم يعد لذلك تأثير ملحوظ , بل يحاول المرء حالياً جمع كل الخطوط العريضة للمسيحية مع بعضها .
المذهب الكاثوليكي
* تعتبر الكنيسة الكاثوليكية الرومانية أقدم الكنائس المسيحية , ويترأسها البابا الذي يقيم في روما . يعين البابا أسقفاً في كل بلد , أما الكهنة المتواجدين في درجة أدنى من الأساقفة فيشرفون ويسهرون على توجيه أتباع هذه الفئة من المسيحيين . ويجب الإشارة إلى أن الأساقفة والكهنة غير متزوجين . لأنهم وهبوا حياتهم لخدمة الدين .
من بين مميزات بناء الكنيسة الكاثوليكية هنا من الدتخل , هي أن جدرانها مزينة ومزخرفة بالصور والأيقونات , للسيد يسوع المسيح ومريم العذراء والقديسين .. ووجود الصليب في وسط صدر الكنيسة مع المذبح . وجوقة الترانيم نساء ورجالاً , والموسيقى الشهيرة في أعلى الطابق الثاني " الشعرية " - ويشعل زوارها من المصلين الكثير من الشموع . وأكثر الصلوات جماعية , وخاصة قانون الإيمان – والصلاة الربية أبانا -
من الملاحظ أن عدد كبير من أتباع هذه الطائفة كان يذهبون إلى الكنيسة كل يوم أحد , ومنهم من كان يذهب كل يوم , أما اليوم فقد قلت هذه الزيارة بشكل كبير . ويناولون القربان " المناولة " كل يوم أحد أثناء القدَاس . وبعض كنائسهم اختفت وتقلصت وتحولت إلى مؤسسات وأبنية أخرى – كما لاحظت ذلك في حيَنا ..
يساعد رجال الدين في تعميد الأطفال , والمرض , والأعراس , وعند وفاة أحد أفراد العائلة ..
يسكن في جنوب هولندا أغلبية معتنقي المذهب الكاثوليكي , لذلك نرى هنا وهناك كنائس صغيرة خاصة معابد ملحقة للكنائس , وتماثيل للسيد المسيح في زوايا الأزقة وعلى الطرقات ..
أما المذهب البروتستانتي :
* حصل في أوربا خلال القرن الخامس عشر وما بعد عدة ثورات أهمها الثورات الدينية , الصناعية , الفكرية ,الإجتماعية , والفنية , وغيرها.. بدأ الناس خلال القرن السادس عشر ينتقدون الكنيسة الكاثوليكية , وكان الإنتقاد موجها بصورة رئيسية ضد سلطة البابا والكنيسة والإقطاع بروما لأنها كانت تدعم الطبقات المستغلَة والملوك , . وممارسات كثيرة خاطئة , ونتيجة لهذه الإنتقادات ظهرت الكنيسة البروتستانتية التي تعتبر تمرداً وثورة على سلطة البابا والإقطاع .
من مميزات هذه الكنيسة , أن تجهيزها بسيط للغاية . لا يوجد فيها أيقونات , ولا صور , ولا تماثيل لأي من السيد المسيح ولا لأي قديس اّخر , فقط صليب خشبيي أو معدن معلق في صدر الكنيسة , وأكثر جدرانها رسومات مجسمة من نفس المادة المعمارية مثلاً : رسم سمكة , أو قارب وتلاميذ يسوع , أو قربان , وعناقيد العنب ... الخ .. وأحيانا تجد هذه الرسوم على زجاج النوافذ الملونة للكنيسة .. هذا طبعاً مع وجود اّلة البيانو الاّلة الموسيقية التقليدية في كل كنيسة في الغرب كافة مع عزف السيمفونيات والأناشيد الشهيرة الرائعة - كما في كنيسة أوليفا القديمة الشهيرة هي أيضاً في مدينة كدانسك –
لا يصلي الناس في الكنائس البروتستاتنية إلا يوم الأحد ولا يتناولون القربان إلا مرة واحدة في الشهر, في اّخر أحد مثلاً – ويترأس جمهور المؤمنين بهذا المذهب أثناء القداس القسيس , الذي يمكن أن يكون متزوَجاً , والملاحظ أن الكنائس البروتستانتية تسمح للنساء أيضاً بممارسة هذه الوظيفة الدينية . المساواة في كل شئ , فلا تفريق في الوظائف مهما كانت دينية أم مدنية . والملاحظ أيضاً أن القسيس يتغيَر كل أحد بمعنى أن القسيس يتعرف كل أحد على جماعة مؤمنة وكنيسة جديدة يقيم فيها الصلاة , وكل حركة تقوم بها الكنيسة تعلن أمام الحاضرين , حتى إضاءة الشموع في بداية القداس مثلاً , يعلنوا : الاّن سنضئ الشموع .. يوزع على كل من يدخل الكنيسة الكتاب المقدس مع االأناشيد والبرنامج لنهار الأحد والصلوات والترانيم جماعية مع " لمة الصينية ".... ومشاركة الأطفال في كل قداس بفاعالية معينة . مع دٌ جرس الكنيسة طوال تلاوة الصلاة الربية" " أبانا الذي في السماء ....... " . فلكل طائفة وكنيسة طقوسهاوشعائرها . ..؟
الديانات الأخرى
هل هناك ديانات كثيرة في هولندة وما هي ؟
هناك الكثير من الطوائف الدينية المتعددة , عرفت هولندا مع مرور الوقت والإنفتاح والهجرات واستقبالها لكثير من لاجئين العالم وخاصة من منطقتنا العربية والشرق عموما ً, إرتفاعا كبيرا في عدد المنتمين إلى الديانات العالمية الأخرى , والذين يتم تمثيلهم داخل المجتمع بطرق مختلفة , عن طريق التعليم مثلا , أو عن طرق الصحافة .
هذه لمحة سريعة توضيحية عن هذه الديانات العالمية المتواجدة هنا .
• الإسلام :
..... يأتي الإسلام في الدرجة الثالثة بعد الكاثوليكية والبروتستانتية . إذ قدم في العهود الأخيرة عدد كبير من المسلمين للعمل , أو اللجوء في هولندا , خصوصاً من المغرب وتركيا.
إضافة إلى ذلك تعرف هولندا جمعيات , ومدارس , ومحلاَت إسلامية كثيرة , والجوامع ودور العبادة موجودة في كل مكان ومدينة حتى في مراكز الضيافة والتحقيق - . يتمتعون بكافة الحرية من إقامة الشعائر الدينية , حتى أحيانا إقامة الاّذان في الجوامع بالمكبرات – سماع شخصي في جامع قرب " البازار " الشعبي الرئيسي في مدينة دينهاخ – هوف كادا – عصراً كنت متواجدة يومها في السوق – هذا قبل عامين تقريباً – لكن بعد الحوادث التي شاهدتها هولندا مؤخراً حوادث القتل والإرهاب وغير ذلك أعتقد أن الأمر اختلف بعض الشئ –
ملاحظة ذاتية لا بد من توضيحها . هي أن جميع الذين التقيت أو اجتمعت معهم من الهولنديين لم اشعر بأي معاملة عنصرية لا للإسلام ولا لأي دين اّخر .. وممنوع منعاً باتاً التحريض العنصري ( درسناه في مناهج الكتب في التحضير للإندماج في المجتمع الهولندي , وتربية المواطن الهولندي منذ الصغر تجعله إنسان يحترم الاَخر دون تمييز , وممنوع أن تتحدث أمامه عن كره الاّخر المسلم أو البوذي الخ ..... ومعاقب عليها في القانون , ولذلك نرى الموظف الأجنبي – من أي دين أو عرق أو مذهب أو بلد – موجوداً داخل الجسم الإداري في المؤسسات والدوائر والمدارس وكل عمل في الهيكل الإداري للدولة الهولندية ..
* الدين اليهودي :
يعيش اليهودي في هولندا منذ القرون الوسطى . ولهم فيها معاهد ومعابد خاصة للصلاة يوم الراحة , بالنسبة لليهود هو ما يسمى ب " صبات " ويبدأ يوم الجمعة مساء , لقد انخفض عدد اليهود في هولندا أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية نتيجة الملاحقات التي تعرَضوا لها .. لكن نفوذهم الإقتصادي والإجتماعي والسياسي في الدولة موجوداً وخاصة في الأحزاب الهولندية ..
* البوذية والهندوسية :
يعتنق الكثير من سكان اّسيا المتواجدين في هولندا إحدى هاتين الديانتين , مع الإشارة إلى ظهور إهتمام كبير في هولندا بالديانات الشرقية خلال السنوات الأخيرة . خاصة أن أعداد الوافدين واللاجئين , أو الهجرة المنظمة من الصينيين واليابانيين والهنود , وبلدان الحروب الملتهبة إيران , أفغانستان والعراق .. تزداد يوما بعد اّخر رغم التشديد على قبول اللاجئين في المراحل الأخيرة ( من الجنوب , وجنوب شرق ) الكرة الأرضية إلى الشمال الأوربي والأمريكي ..!؟
تأثير الديانة المسيحية والدولة على الحياة اليومية ؟
أصبح تأثير الكنائس المسيحية منذ الحرب العالمية الثانية ضئيلاً جداً في الحياة اليومية , بحيث أصبحت الحكومة على وجه الخصوص هي التي تسهر على الناس الضعفاء في المجتمع , وليس الكنيسة . وكما حلَت الحكومة محل الكنيسة , حل أيضاً الطبيب النفساني – الذي يشتغل لدى مؤسسة للعناية الصحية – محل رجل الدين , وذلك في مساعدة الناس على حل مشاكلهم الروحية والنفسية .
لقد أصبح حالياً عدد الناس المنتمين إلى كنيسة معينة قليلاً , بالمقارنة مع الماضي , ثم فقد أصبح الإيمان مسألة شخصية أكثر مما هو إعتناق أو إيمان جماعي . لأن الكثير من المتدينين يمارسون دينهم حسب طريقتهم الخاصة التي ليس لها دائما إرتباط بالكنيسة . خاصة وبعد دخول التلفاز للبيوت وتعدد الأقنية الفضائية المحلية والعالمية , ونقل الشعائر الدينية والصلاة عبرها , أصبح المواطن المتدين يشاهد ويشارك وهو جالسا في منزله ..!؟
ففي يومي السبت والأحد يخصص في الإعلام كافة وخاصة ( الراديو والتلفاز ) الكثير من البرامج الدينية والثقافية والإجتماعية من عادات وتقاليد وشعائر وأغاني وغير ذلك.. لكل الأديان والأعراق والثقافات ولكل الجاليات في هولندا ( زيارات , لقاءات وو ... ) واّخرها عيد رمضان في البرامج الصباحية التي كما شاهدناها .. وغيرها من إحترام للمواطنين والساكنين على هذه الأرض ..... الحقيقة أن المجتع الهولندي مدرسة يتعلم الإنسان منها يوميا الكثير , هذا طبعا لايعني أنه لا يوجد سلبيات ومساوئ في هذا المجتمع لكن على المرء أن يدرس ويطلع على كل شئ ويتعلم من الأشياء الجيدة والإيجابية ..... وفي هذا المجال نستطيع أن نقول : بأن الهولنديون يولون اهتماما كبيرا للمسؤلية الشخصية , من المهم أن يكون المرء أهلاً لإتخاذ القرارات بنفسه , إلآ أن هذا لا يعني أنه لا يجوز للمواطن طلب المساعدة والإرشادات بخصوص مسائل متنوعة من أفراد العائلة أو من الأصدقاء , لكن يجب في اّخر المطاف أن يتخذ الإنسان القرار بنفسه ليكون بالتالي مسؤولا عن عواقبه ونتائجه ..
في هولندا يوجد عدد كبير من الناس الذين لا دين لهم , وهذا شئ عادي في هولندا .
من ناحية ثانية , نرى بأن الديانة المسيحية تركت اّثارها في المجتمع الهولندي بطبيعة الحال . فهي أكبر الديانات وأوسعها منذ القديم , ولذلك تأثر إطار الثقافة الهولندية بتعاليمها ... مثال : عطلة نهار الأحد كيوم راحة في البلاد , والأعياد المسيحية التي أخذت صبغة الأعياد الوطنية . لايشتغل أغلب الهولنديون وتغلق المؤسسات العمومية أبوابها . إنتشار ظاهرة أو قاعدة التطوَع المجاني وخدمة الاّخر , إحترام الناس , الروح الإجتماعية لديهم ومحبة الغريب وخدمته ومساعدته , البشاشة والطيبة والتواضع والبساطة لدى أكثرية الشعب . وتعد هذه الصفات من طبيعة المجتمع الفلاحي الريفي , مع حبهم للطبيعة والورود ..
وللحقيقة أقول : لم أشاهد ولم أسمع خلال وجودي في هذا البلد , أي كلمة نابية أو غير أخلاقية من أحد أو أي شخص كان , ولا موقف أو حركة أو نظرة غير طبيعية , أو إعتداء سواء لي أو لغيري من الناس أثناء السير في الطرقات والشوارع أو أثناء ركوبي وسفري في كل أنواع المواصلات , هذه أقولها للتاريخ والحق كشهادة على المجتمع الهولندي الذي أعيش فيه ..
ولكن مع الأسف الشديد أن الأكثرية العظمى من لاجئي الشرق الأوسط لا يزالوا تحت تأثير العصبية الدينية العمياء وعقلية التكفير .. ورفض الاّخر .. !؟
وكما يحتفل الهولنديون بأعيادهم الدينية , يحتفل أيضاً من يعتنق ديناً اّخراً بأعياده الدينية الخاصة . يتشاورون في هذا الإطار مع رب العمل أو مع المدرسة ويحصلون على يوم راحة , والمؤسسات أيضا تلبي رغبات مستخدميها في هذه الناحية .
أهم الأعياد الدينية في هولندا :
يعتبر عيد " كيرست مس " عيد ميلاد السيد المسيح , هو العيد الكبير والأساسي عندهم . يحتفل بهذا العيد يومي 25 و 26 ديسمبر كانون الأول وهما يومي راحة في هولندا . فضلا عن أن المدارس تحتفل في هذه الفترة بعطلة رأس السنة والتي تدوم أسبوعين . يشتري الكثير من الهولنديين " شجرة التنوب " للإحتفال بذكرى هذا العيد مع الزينة والهدايا الخ .... مع بطاقات المعايدة – هناك أيضا عطلة الخريف للمدارس فقط أسبوعا كاملا .
- الكرنفال :
الكرنفال ليس عيداً دينياً لكنه مرتبط بتراث الكنيسة . يحتفل به خاصة في جنوب هولندة ويستغرق أربعة أيام ويكون قبل بداية فترة الصيام بالرغم من أن عدد قليل من الناس يصومون لكنهم حافظوا على الإحتفال بالكرنفال الشعبي . يلبسون ملابس التنكر ويرقصون ويشربون طيلة أربع أيام غالبا ما تكون في شهر فبراير شباط , وتصادف عطلة فصل الربيع للمدارس .
- هناك عطلة يوم " الجمعة العظيمة Goede Vrijdag ) ) ذكرى صلب السيد المسيح , قبل عيد الفصح " ثم عيد الكبير ( Paaseieren )
- ثم عيد ( Pinksteren ) عيد الصعود أو وعيد العنصرة .. ( Hemelvaart ) -
16/ 10 لاهاي / مريم نجمه
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
