من الرائدات : الأديبة والمربية .. عفيفة صعب

مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 2025 - 2007 / 9 / 1 - 11:09
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

عفيفة صعب أديبة وكاتبة ومرشدة تربوية ومديرة ثانوية , الصراط , في عالية, لبنان ... جمعت بين الكفاءات الأدبية والتربوية , وخدماتها في شتى الحقول الإجتماعية والثقافية.. والتوجيه التربوي .
ستون عاماً أشعلتها هذه الأديبة شموعا و نورًا .. يوما بعد يوم وسنة بعد أخرى في محراب الكلمة .. دخلت خلالها ردهات المعرفة فأغتنت وأغنت .
ولدت الرائدة عفيفة صعب في بلدة الشويفات ( ضاحية بيروت ) عام 1900 , والدها قاسم فندي صعب , والدتها لطيفة حسن .
تلقت علومها في مدرسة الإنكليز في بيروت , ومدرسة الشويفات الوطنية فيما بعد . أحبَت الأدب والكلمة منذ طفولتها , أصدرت مجلة ( الخدر ) 1919 وكان لها من العمر تسعة عشر عاما .. وكان لهذه المجلة روعتها وثراؤها في تاريخ الصحافة اللبنانية.. والعربية ..

تعتبر هذه الرائدة من أوائل اللواتي حملن قلما لمعالجة المشاكل السياسية والإجتماعية في مرحلة مبكرة من الوعي الفكري والإجتماعي .. خدمة لوطنها لبنان ونشراً للثقافة بين طبقات الشعب , وخدمة للإنسانية التي تنتمي إليها ... وهذا ما جعلها تنصرف لبناء الأجيال الصاعدة , حيث تعاونت مع شقيقتيها فطينة , وذباد , في تأسيس مدرسة ( الصراط ) في عاليه 1925 – كمعهد من أرقى المعاهد العلمية .
ستين عاماً .. سلختها و قدَمتها عفيفة صعب من حياتها ساهرة على طلابها تودَع فوجا وتستقبل اّخر , تكافح الحاجة بالصبر والمواظبة وبالثقة العامرة والجد والإجتهاد , هي وممن حولها من أخوات ..

لم يشغلها إنهماكها في عملها اليومي , في الحقل التربوي عن إهتماماتها الأدبية , فقد بقيت تكتب وتشارك وتحاضر في الندوات والمحاضرات الثقافية .. حيث كتبت في مجلات عديدة تربوية ونسائية .. وقد كانت تقيم في مدرستها الصراط في عالية , الكثير من الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية يشاركها العديد من الشعراء والأدباء والمثقفين...... وقد صدر لها كتاباً بعنوان :
- الواقع الدرزي وحتمية التطوَروالوحدة الوطنية – عام 1962 .

سافرت إلى أميركا وزارت العديد من معاهدها في جولة تربوية حافلة أفادتها في تطوير مدرستها وعملها التربوي ..
انتخبت عضواً في مؤتمر الأدباء في " بيت مري " في مجلس نقابة المدارس الخاصة – وكانت أيضاً عضواً بارزاً في أغلبية الجمعيات النسائية اللبنانية , وما أكثرها .... .!؟

تتمتع هذه الأديبة والرائدة بطاقات فكرية وعقلية كبيرة غنية وخصبة .. فقد دعيت إلى مراسلة صحف عربية وأجنبية عديدة , وإلى إلقاء محاضرات في سورية ولبنان , دافعت فيها عن حقوق المرأة .. حيث كان لديها الفهم والوعي الناضج بوضع المرأة وحقوقها المهضومة في المجتمعات العربية .. ولذلك تعتبر الرائدة و المربية عفيفة صعب مناضلة نشيظة ومساهمة بقسط كبيرفي بيئتها ومحيطها في رفع مستوى التقدم والتحرر النسائي وبالتالي تحرير المجتمع ككل .. لأنها اّمنت بقدرتها وقدرة تأثير المرأة على التغيير نحو الأفضل والأرقى على كل المستويات ..

نالت وسام الإستحقاق اللبناني – برتبة ضابط تقديرًا لجهودها التربوية لعام 1958 . ( جيد أن الدولة اللبنانية كرمت وتكرّم الكثيرات من النساء , وهذا تقليد وطني و ظاهرة رائعة ) , هذا ما لاحظته عند قراءة سيرة الكثيرات من الرائدات اللبنانيات وهذ ا ما تفتقر له معظم الحكومات في منطقتنا .. يجب أن نعترف ونقدر كل خطوة جيدة في هذا المضمار .
وفي العام 1982 أقيم لها حفل تكريمي كبير في بلدتها ( الشويفات ) ..... بحضور العديد من الوزراء والنواب وأهل العلم , وقدَم لها الوزير ( الشهيد رينه معوَض ) رئيس الجمهورية الذي اغتيل لاحقاً - في عهد رئيس الجمهورية اللبنانية حينذاك الياس سركيس – وسام العمل المذهَب .

لا شك أن الوسام الكبير الذي يناله المرء في مهنته وعمله التربوي .. هو محبة طلابه وطالباته واحترامهم وتقديرهم الذي هو أثمن من أوسمة الذهب ............ وكما قالت : " على الإنسان ألا يتذمر من الألم , فهو مغذ للذكاء , ومهذب للشعور , ومنبَه للإدراك " ....... " المرأة لم تخلق فقط للواجبات البيتية إنما هنالك رسالة أخرى يجب عليها إتمامها وهي إثبات وجودها في ميادين كثيرة " ( عفيفة صعب ) .

.........

عرفت هذه الرائده المتحرَرة التقدَمية .. .. في أواخر الستينات من القرن الماضي , زرتهم أكثر من مرَة , وفي كل مرَة كنت أكتشف الكثير عن هذه الأسرة العريقة في العلم والأخلاق والعطاء .... حين قدَمتني لها شقيقتها الصغرى في صومعتها الثقافية , وجدت نفسي كأنني في معبد صوفي تملأ جوانبه هالة من نور العلم والشعر والثقافة .... تحدثنا معا في التربية .. وطرق التدريس الحديثة .. في السياسة .. وهموم الأوطان الكثيرة ....

كنا يومها في مرحلة المدَ الثوري العربي , الذي جمعنا مع نسيبها الرفيق المناضل المرحوم هلال رسلان .. .. وقد اطلعت عن كثب عن أعمال هذه الرائدة وشقيقتها و نضال هذا البيت الوطني وهذه الثانوية الوطنية بامتياز , على جهودهم الرائعة في دعم العمل الفدائي الفلسطيني واللبناني ضدالعدو الصهيوني مادياً ومعنوياً , من خلال المنظمات والجمعيات النسائية التي كن يشرفن عليها بالإضافة إلى الحفلات والفعَاليات التي يقمن بها لرفد العمل ... ك ( تشغيل النساء والطالبات , في حياكة الملبوسات الصوفية وغير ذلك من حاجات و أعمال , وإهدائها للمقاومين ....) ...
هذا هو البيت اللبناني الأصيل الذي تفوح منه رائحة الفضيلة والأدب .. وعطر التراث العريق .. بالعطاء الصامت ... وروح تحمل فيض الخير والوطنية والإنسانية ...
رحم الله رائدتنا عفيفة صعب , ولروحها الخلود .... أعمالها ثابتة في جذور الأرض .. ذكراها في سماء الأرز.. وحقول التفَاح .. والليمون ..
لاهاي / 25 / 8
.

#مريم_نجمه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل