أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - الموسيقى تحتفل بالحرية















المزيد.....

الموسيقى تحتفل بالحرية


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 2057 - 2007 / 10 / 3 - 11:23
المحور: الادب والفن
    



تحملك غيوم قطنية ناعمة الملمس خفيفة كالريش ....متحركة بانسياب رقيق تدثرك بحلم ندي وتأخذك معها في رحلة سحاب إلهي...فتجد نفسك في سقف الكون ...تلعب مع النجوم وتسمر مع القمر....ثم لا تلبث أن تستيقظ مع الفجر، فتحصد روحك الضائعة حزمة من سنابل ذهبية لأشعة شمس سرقت منك زمناً ..فتقطف منها باقة للذكرى ...تخفيها بين طيات القلب العاشق والجائع منذ عقود...ويأخذك حنين الأبواب الغائبة القريبة البعيدة ...و ذاكرة الياسمين إلى شلالات من أنغام تصيبك بخدر ونشوة عصفور شعر للتو أنه يحسن الطيران فخط بجناحيه أول دروب التحليق فوق غابات من عدن الخلود ، التي قرأ ها في أدبيات الكون الشرقي...لكن خطوطا من وجوه الحاضرين تعيدك لواقع المناسبة في عرس انقلب لمأتم عند قمة الحلم في سعيك المتواصل للقبض عليه وتحويله واقعاً تلمس حقيقة قيامه وتشكيلة جسده الشفاف فتعيدك الملامح التائهة إلى ظلمة في سرداب شرقك المريض ، فتتحسس جسدك بعناية وسرعة وتفتح عينيك على مشهد لصفوف من شباب متفتح ولآلات موسيقية تتناغم وتتحاور في عزف ولا أروع...تقول مالا يستطيع قلم أن يقوله ...أو شاعر أن يصفه...إنها لغة الجمال والمحبة...لغة التواصل دون كلام... تجتاز الحدود والبحار ...لتقول للقاتل وحامل السيف....هذا شراعي وهذا يراعي...نغمة ناعمة تعشق الإنسان...تعشق الحب ولا تعرف المكان....إنها الموسيقى ...تحتفل بالحرية....هكذا اختار شباب متفتح ومتحضر أن يعلن موقفاً من الإنسان ...مع الإنسان... لا يعرف عن سورية الكثير...لكنه يحمل بين ضلوعه قلوبا كبيرة وشابة ...تفهم الحياة وتقدسها...تحس بالآخر وتبادله مشاعر الود وتؤمن بحقه في حرية حرم منها طويلا.....
هنا في إحدى الضواحي الباريسية الرحبة وبمسرح الفنان الكبير المرحوم ( جاك بريل ) ...عاش الحضور فرنسيون وعرب...مع الأوركيسترا السيمفونية الفرنسية، وبإدارة فنان يشق طريقه بسرعة ويقين ويبشر بعالمية نادرة تخترق الحدود... وقد فعل... هذا الشاب( كانتان هندلي )، الذي لم يتجاوز بعد عامه الثامن والعشرين ، يقود أوركسترا من الشباب الآمل يتدرب وفرقته أياما لإحياء هذه الأمسية، التي تبرعوا بريعها وبكل أتعابهم من أجل الحرية والتضامن مع معتقلي الرأي السوريين ، من أجل إعادة تأهيل ومساعدة خريجي السجون السورية من السياسيين، الذين لم يفسح الوضع والمجال لأي منهم أن يعيش مع أسرته حياة سوية وطبيعية على كل الأصعدة النفسية والصحية والاجتماعية، خاصة بعد خروجه من سجن طويل...
أخذت جمعية ( روفيفر)، أي "أحيا من جديد" ...على عاتقها هؤلاء المتعبين المعذبين ...وبالتعاون بينها وبين بلدية ضاحية( فونتين سو بوا ) لإحياء هذه الأمسية.....
كان موزار حاضرا... سيد الموقف و الموسيقى ...تجلى إبداعه الشاب على أيدي صبايا وشباب في مقتبل العمر لم يتجاوز معظمهم الخامسة والعشرين...وهناك العديد بينهم من يتقدم لامتحانات جدية وصعبة في نفس الوقت الذي تم فيه التحضير والتدريب من أجل هذه الأمسية ــ لأن طموحاتهم الموسيقية لا تتوقف عند حد وتطوراتهم الفنية والعالمية تحتاج لصقل متواصل وعلم واسع والمستقبل الذي يطمحون إليه ويحلمون به ...أبعد من حدود أوربا ــ...لكنهم مع هذا... وهنا القصد..يكرسون الكثير من وقتهم الثمين وجهدهم الرائع من أجل أمسية يذهب ريعها لمعذبي السجون السورية ومعتقلي الرأي فيها...السؤال الذي يطرح نفسه : ـــ

ما الذي يربط هؤلاء الموسيقيين الفرنسيين بمعتقلي الرأي السوريين؟ ولماذا يتحلون بمثل هذا الكرم ؟
إنه الشعور الإنساني...إنها الحضارة الإنسانية....إنها حق الإنسان بالحرية وإيمانه بها، وبأن كل إنسان على وجه الأرض يستحقها، ويجب على كل من يتمتع بها...يتنفس هواءها، أن يسعى من أجل أخيه الإنسان الآخر المحروم منها، ويساعده ليصبح مثله حرا طليقا يحلق في سماء الحرية...ربما بالكاد يعرف بعضهم موقع سورية على الخريطة الكونية...ربما يجهلون الكثير عن تاريخ وطبيعة وسكان سورية...لكنهم اكتفوا بأن شاهدوا بأم أعينهم نماذج من ضحايا السجون والتعذيب على أيدي جلاد لا يرحم،اكتفوا ببعض الملامح الشاهدة على الحرمان والعطش لهواء العدل وماء الانعتاق من الاستبداد... وبحكم ثقافتهم يعلمون... أن شرقنا المتوسطي يحمل بلاءه وأمراضه ويستشفي في بيوت الحرية الأوربية ، ...اكتفوا وآمنوا منذ طفولتهم... بخدمة الإنسان و حرية الإنسان حتى لو كان بعيدا عنهم ومن جلدة غير جلدتهم...ولون غير لونهم... تفصلهم عنه مسافات من الوهاد والبحار... إنما تدفعهم هذه التربية والثقافة التي نشأوا عليها إلى اجتياز الحدود، ومد يد المحبة والمشاعر الأقوى من المحيطات والأكبر من الكلام...من خلال لغة الروح ... بموسيقاهم العذبة وأصواتهم الأوبرالية الرائعة والرقيقة، التي قدمتها فتاة رائعة الجمال والأناقة والقامة ...عبرت أمامنا كالنسيم بقدها الممشوق وثناياها رائعة الحسن والمحيا...رقيقة النغمة...تنساب بلحن سماوي....وتحلق بصوت ملائكي يأخذك لأعماق الخلود...تدعى ( إلزا تيريل)
يرافقها بين حين وآخر وبشكل منفرد شاب من أصول آسيوية ..ولد في شنغهاي ويدعى ( هانغ شي ) بصوته القوي والعميق ينشد الحب والسلام .. بمرافقة ما ينيف عن ثلاثين عازفة وعازف ، قدموا جهدهم بكرم وسخاء أخوي...يقول أن الإنسان ينتمي لهذه الأرض ويمكنه أن يفعل الكثير حين يحمل بين ضلوعه قلبا كبيرا وفي رأسه تربية وثقافة علمته أن المحبة لا تعرف الحدود وربته على أن الحرية حق لكل إنسان دون أنانية أو شوفينية...دون تعصب أو قومية نستحقها نحن ( خير الأمم) ولا يستحقها الآخر!!!....
متى.....متى ...يعرف فنانونا هذه الحقيقة ويجهرون بها؟ ...متى يقف فنانونا موقفا مشابهاً، فينشدون الحب ويرفعون أصواتهم من أجل الحرية ويضحون بشيء من أموالهم وجهودهم من أجل مناضلي الحرية؟... لا أستطيع أن أنكر على بعض فنانينا مواقفهم الخجولة...لكني أراها متواضعة وخائفة ومواربة ...أراها محكومة بالصمت والرعب من أجل الشهرة وشق طريقها بمهادنة الاستبداد ومهادنة الأيدي القابضة على المسارح وأبواب الإعلام ومصادره.....ألا تستحق شهرتهم الإنسانية والوطنية بعض التضحية ويمكنها أن تبنى على القرب من المواطن ، الذي يدرك أن الفنان أخوه في الوطن.؟..لا أنكر أبدا، أن البعض من فنانينا قالوا من خلال فنهم الكثير نطقوا بمعاناتنا وشرحوا أوجاعنا ومآسينا....إنما يظلون قلة وندرة في عالم الصخب والشخبطة والبريق اللامع للدولار وعناوين الصحف والمقابلات التلفزيونية....
نحتاجكم يا أهل المسرح والسينما والموسيقى والغناء....نحتاجكم ...لنقول للعالم أن الفن حضارة وأن أهله من الطليعة في الوعي والتوعية....نحتاجكم ونحتاج لجهودكم، من أجل كلمة الحق ولحن الحق ونغمة الحق في سبيل الحق في عالم الطغيان والظلم ...عالم انعدام الحرية....متى سيغني فنانو الدلعونة والتطبيل للقيادة الربانية المنزلة بقوة وجبروت العسكر، والذين يساهم معظمهم حتى الآن في غسل الروح والعقل لإنساننا بدلا من نصرة الضعيف والمحروم والمعتقل، الذي خرق الخطوط الحمر ليقول ما يمكنك أيها الفنان أن تقوله بسهولة أكبر وتضحية أقل؟!.
باريس الأحد 30 سبتمبر 2007



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حق المرء اختيار دينه
- شتان بين رجال دينهم ورجال ديننا!
- توقفي يا سورية عن الزنا في شهر رمضان الكريم!
- هل نحن على أبواب حرب قادمة في الشرق الأوسط؟
- إلى فرح فائق المير!
- طبيعي وطبيعي جدا!!
- ما هي قيمة المواطن العربي؟ ومن يصنع ويصون له قيمته؟
- حُكُم مُبرم بالإعدام على الشعب السوري!
- ما بالك يا شعب سورية تموت صامتاً؟
- الشباب العربي ......هموم ومشاكل
- من أين جاءت حركات الأسلمة؟ وما هي الأسباب التي ساعدت على وجو ...
- ما هي مقومات نجاح السلام العربي الإسرائيلي بعد مبادرة بوش؟
- بين (جنة الله )على الأرض البارحة، وهبة البترول اليوم نقرأ ال ...
- كيف تكون ضد أمريكا ومعها على الطريقة السورية؟
- إرهاب وأطباء..... لماذا؟
- لبنانان، فلسطينيتان، وثلاث عراقات!
- كيف تتزوجي من روبن هود ( أنور البني) يا راغدة؟
- كيف نقرأ هزيمة حزيران ونأمل في هذه المرحلة؟
- لا مكان لي بينكم
- مسرح الدمى السياسي في المشرق العربي


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - الموسيقى تحتفل بالحرية