أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - بين (جنة الله )على الأرض البارحة، وهبة البترول اليوم نقرأ الفارق بألم















المزيد.....

بين (جنة الله )على الأرض البارحة، وهبة البترول اليوم نقرأ الفارق بألم


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1976 - 2007 / 7 / 14 - 12:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شاءت الظروف العائلية ، أن أسافر هذا العام إلى منطقة الخليج ( الإمارات العربية تحديدا)، وعلى الرغم من معرفتي لحالة الطقس الحار بشدة صيفا ، ورغم أن المسافة بين باريس والخليج تعادل المسافة بين الولايات المتحدة وباريس ــ مع الفارق الكبير بين وجهتي السفر ــ ، لكن الأمور كانت أكثر ضغطاً ، فأذعنت لها....
ليس هناك ماتزوره ويمكنك التمتع به من مشاهد ومظاهر لحضارة وتراث أو لمتاحف ومناظر طبيعية..لهذا عليك الرضا والقبول في زيارة الأسواق الضخمة ، التي تفوق بفخامتها وحداثتها مراكز التسوق الأمريكية أو تضاهيها على أحسن تقدير، ولأني لست ممن يرغب في قضاء يومه بين المحلات التجارية ومشاهدة صرعات الموضة، أو زيارة المطاعم والمقاهي داخل جدران مبردة وحديثة، خاصة لمن يعيش في باريس، وقد شفت روحه من خلال مطالعة الفن وتحسس جوانبه فيما يشاهد ويسمع ويقرأ ، تطورت عنده رهافة الحس ورقت فارتفعت مقاييسه الذوقيه وازداد شغفه بمعرفة صانعي الحضارات والتتلمذ على أيديهم ، ولم تعد لحداثة البترول وثروته ألقها وإبهارها أمام عراقة التاريخ الناطقة والحية في مدينة النور وقطب الكون السياحي ..بحللها وتميزها، بفسحة الضوء وراحة النفس وانطلاقة الروح دون حدود أو حصار...شتاءها أكثر ربيعاً من صيفها..وصيفها أكثر إشراقاً لما تعبق به رائحة حواريها وشوارعها ومقاهيها من عبق التاريخ وروعة الفن وجمال لوحاتها المنتشرة في كل بقعة وعند كل منعطف ومنحنى من منحنيات مجرى السين وضفافه ، فكيف يمكنني أن أجد روحي بين جدران صماء...وعبر عشرات الجنسيات تحيط بك من كل حدب وصوب وتغرقك بصخبها وضوضاء صراعها من أجل البقاء في مناخ تحس فيه أنك تشوى بهدوء وأناة بمطابخ تعبق بمختلف الأصناف والأنواع ...وبقدر ما تجد فيها من الغرابة ومتعة التعرف والفضول، لكنها تحمل إليك ألوانا من البؤس الإنساني متعدد الوجوه ومصدر لنماذج ومساطر من لغات ولهجات وأزياء تشكل متحفاً متحركاً ترحل معه...لآسيا وافريقية ... وأوربا وأمريكا..أنت هنا معلق بين الشرق والغرب تمسح بناظريك العالم بكرته الصغيرة في عالم الذهب الأسود.... لكن ما يبعث على الدهشة والغرابة لمشرقي عاش جل عمره في الغرب ، وعلمته غربته المفروضة أن يندمج في عالم وحضارة مختلفة ، وأن مفتاح الاندماج يبدأ من إتقانه للغة البلد المضيف، أما هنا
فالاندماج يقع على عاتق أهل البلاد أنفسهم!، وعليهم أن يتعلموا لغات أهل الأرض، ليتمكنوا من شراء خبزهم أو للاحتكاك بمن يقدم لهم خدمات يومية من الصعب استمرار حياتهم بدونها.
حين تريد ابتياع حاجة ما عليك إأن تتحدث بإنجليزية ركيكة هندية النغمة أو فلبينية الموسيقى...أما العربية التي تنتمي لها هذه الأرض فلا علاقة للعاملين بها إلا بالاسم!!!...وعلى مواطنها أن يندمج مع القادمين لكسب عيشهم فوق أرضه...هذا هو معنى الاندماج في دول البترول...أي اندماج المواطن بعادات ومطبخ وتقاليد ولغة القادم من بقاع الأرض...ففي سوق التمورمثلا .. عليك أن تدغم مفرداتك ببعض الألفاظ الفارسية أو بلغة الأوردو الباكستانية...وفي مراكز التسوق أو الفنادق عليك أن تنطق بإنكليزية نصف مفهومة ممزوجة بعربية مكسرة وفليبينية مطعمة بعصارة أمريكية تفوح منها البهارات الهندية ، فأي متعة ستجد في هذه التشكيلة ؟ ....صادف عند خروجنا للمرة الأولى ، أن نسيت حمل زجاجة صغيرة من الماء تعودت أن ترافقني، فما كان من شقيقتي إلا أن أوقفت سيارتها أمام إحدى السوبر ماركات الصغيرة قرب سكنها...وأطلقت العنان لبوق السيارة...خرج أحد الشباب مهرولا...أخرجت رأسها من النافذة قائلة وبالحرف:ــــ
" هات تو باطِل مية زغير!!!!"
وهذا يعني احضر زجاجتي ماء من الحجم الصغير...نصف العبارة عربي مكسر والنصف الآخر إنجليزي أكثر تكسيرا...وان لم تتمتع بهذه القدرة العجيبة على التلفظ بمخترعات لغوية ومصطلحات حداثية، فمن الصعب عليك أن تتمكن من ابتياع ما تحتاج إليه، اللهم إلا إذا كنت من نخبة السكان المحليين ...وهؤلاء لهم أسواقهم ومحالهم الخاصة من الماركات الفخمة ذات الاسم اللامع في عالم الصرعات والمجلات ، وهناك لا يتحدث الزائر والبائع المختار حسب الأذواق المحلية إلا بلغة إنجليزية أكثر أناقة!!! حتى في باريس فمن النادر أن نفكر بزيارة مناطق تواجد مثل هذه الماركات...وان حدث ومررنا بها صدفة فان ما يشدنا نحوها هو غرابة المعروضات والأرقام الخيالية ، التي تحملها بطاقات الثمن!.
..قادتني الشقيقة الطيبة لزيارة أحد ( المولات) ، وتعني المراكز التجارية الضخمة..لكني بمجرد خروجي لقطع المسافة الفاصلة بين المبنى السكني والسيارة ، أو بين السيارة ومدخل المركز التجاري...رحت أتصبب عرقا..وتلتصق ثيابي بجسدي نتيجة للحرارة والرطوبة العاليتين، فما كان مني ومن باب السخرية ..إلا أن أقول لأختي:" ...أتعلمين أعتقد أن من يسكن هذه البلاد سيدخل الجنة بكل تأكيد ...لو كانت هناك حقاً جنة غير هذه الدنيا."...فما كان منها إلا أن نظرت إلي بتساؤل واستغراب .فأجبتها:" لا أعتقد أنه هناك جهنمان..بل واحدة وأنتم بداخلها.....وربما ستكافأ ون على تحملكم لهذه الجهنم بجنة موعودة، أو أنه يمكننا اعتبار هِبَة البترول نوع من أنواع التعويض كمَكرُمة دنيوية...بدلا من حرمانكم من طبيعة خلابة ومياه عذبة وأنهار وبحيرات ومتاحف وآثار...الخ..وأغرقنا في الضحك ...لكن المضحك المبكي جاءنا مساءً من دمشق، حين اتصلنا بالأهل للاطمئنان عنهم وكانت الأصوات القادمة توحي أنها خارجة من بئر عميقة ..وقد شككت للوهلة الأولى أن مكروهاً أصابهم!
لكنهم أكدوا لنا أنهم بخير إنما يعانون من طقس حار يجتاح البلاد، تزيده حدة.. مشاكل أخرى لم تعد موجودة في معظم بلدان العالم وتتعلق بانقطاع التيار الكهربائي والمياه لعدة ساعات في اليوم ، إن لم يكن أياماً في بعض الأحياء والمناطق المغضوب عليها، أو من لا يسكنها مسؤول مهم!...وذلك بسبب التقنين والترشيد ( من الحكومة الرشيدة)!! ، وما كان مني إلا أن سألتهم: وكم تبلغ درجة الحرارة عندكم حتى تعانون لهذا الحد؟..
ـــ منذ أسبوع تقريبا وهي لا تبارح ال " 47 درجة !!!!!

هل هذه دمشق التي أعرف وتعرفون ؟ ..صفرت بألم واستدرت نحو الشقيقة العزيزة قائلة:" أما زلتِ مصرة على قضاء عطلة الصيف في سورية؟..وتسمينه اصطياف؟ ابقوا حيث أنتم ...فعلى الأقل إن حكوماتكم البترولية تؤمن لكم حياة أكثر رفاهية...فلم أر لا في زياراتي السابقة ولا الحالية أي انقطاع للكهرباء أو الماء عندكم..لقد هُيِئت لكم كل أسباب ووسائل الراحة...ويمكنكم التمتع بكورنيش جميل في بعض شهور السنة...لكن جنتنا المفقودة..دمشقنا ...وغوطتنا الغناء، والتي قُطعت أشجارها بستاناً تلو الآخر كي تقوم مكانها علباً كبريتية من الاسمنت، وجفت ضروع بردى ومنابع الفيجة لتصبح مستودعاً للقاذورات وللبرك الآسنة ، التي تنبعث منها الروائح الكريهة وتحولت لمرتع خصب للحشرات والجرذان...أقسم أني لا أبالغ ...، بل أملك صوراً وثائقية قمت بالتقاطها في زيارتي الأولى ( عام 2004)، بعد عقدين من الغربة والحرمان وصدمتي بحبيبتي دمشق، التي تمنيت لو ظلت صورتها الحلم في رأسي وقلبي ... رغم الفراق...لكنه أرحم من واقعها المر والمريض...وقد احتفظت بهذه الوثائق، وأخجل وأتمزق لو عرضتها.... على الرغم من معارضتي لسلطة النهب والخراب، التي عاثت فساداً بكل ما هو جميل وبكل تراث وتاريخ الشام العريق ..ووصل الخراب لشوارعها القديمة ولبيوتها التراثية المميزة...من أجل حفنات من الذهب تذهب لجيوب شرهة ، وبطون تأكل الأخضر واليابس في ( جنة الدنيا) ...هذه التسمية أطلقها عليها الرسول محمد عندما وطأت قدمه مطلع غوطتها...فعاد أدراجه خشية أن تنسيه جنة وعده بها ربه،( هذا ما رواه لنا أجدادنا، وكان سببا قي تسمية مدخل دمشق الجنوبي " القدم ").

أما طرقاتها وشوارعها ، خاصة في الضواحي، فحدث ولا حرج...حفر وأتربة وقاذورات وأكياس قمامة على الأرصفة وفي مداخل دمشق الجنوبية والشمالية ...تطالعك أكوام هائلة من القاذورات وأكياس بلاستيكية من كل الألوان تتطاير فوق أغصان الأشجار وعلى الجدران...حاويات دون أغطية تغوص بها القطط والكلاب الضالة، ويتطاير منها كم هائل من الذباب بحجم غير طبيعي( مربى على العز)!.
اعتقدت أن انقطاع الكهرباء والماء يتعلق انقطاعها حصراً بالعاصمة، ويعزى السبب غالب الأحيان لزيادة عدد سكان المحافظة نتيجة لتمركز المهجرين من حرب العراق والمتمركزين حول العاصمة، مما يشكل ضغطا في الاستهلاك ، لهذا اضطرت وزارة الكهرباء للتقنين في العاصمة رغم فصل الصيف الحارق ورغم انتشار الأمراض خاصة عند الأطفال والشيوخ ( الأضعف مقاومة)، لكن الأنباء جاءت من كل المحافظات، بل وصل حد انقطاع المياه لعدة أيام متتالية في محافظتي حمص حماة ( بنات العاصي ونواعيره)، أي أن التقنين والشح يطال كل مناطق سورية دون استثناء،وهل يعقل أن يعلن النظام تضامنه مع الشعب العراقي وأنه راعي وحامي القومية العربية ولا يفتح أبوابه لمن يطلب الحماية والرعاية؟
ثم كيف يفتح أبوابه ويدعي الإخاء والمحبة ويؤمن بالوحدة العربية ، وهو غير مستعد اقتصاديا لحرب من هذا النوع؟!، ...منذ قيام نظامه ونحن نعيش بين فكي صراع الأخوة الأعداء بين بغداد ودمشق البعثيتين...لماذا لم يكن مستعدا لاستيعاب هذا الكم وهذا العدد من المهجرين؟ وخاصة أن شعب سورية يعاني من ضائقة اقتصادية تزداد خنقا وضيقا مع استمرار نظام النهب والبلع والإفقار والاتجار بالوطن وبوطنية لم يقدم لها سوى الشعارات ... لا شك أن الأسباب عديدة يعزى بعضها لشح منسوب مياه الفرات ويبدو أن تركيا عادت لتزيد من نسبة الحصة السورية بعد تحسن علاقات الجوار ، وخاصة أن موضوع اسكندرون انتهى إلى الأبد دون رجعة وحذف من الخارطة الرسمية وفي كل الدوائر السورية..وبعد تقديم النظام السوري رأس السيد أوجلان وتخليها عن لعب دور الكر والفر في حرب الكرد مع تركيا واستغلالها لهذه الحرب في عمليات الابتزاز والذي دفعت سورية وحدها نتائجه ، هذا جانب والجانب الثاني ويتعلق ــ حسب المعلومات أو الشائعات المنتشرة في الشارع السوري ــ أن بعض المتنفذين السوريين ممن لا تشبع بطونهم وبنوكهم...يهمهم إلى حد كبير الإبقاء على مشكلة الكهرباء، لأنهم يتاجرون بالمولدات الكهربائية المنتشرة فوق البلكونات محدثة ضوضاء لا تطاق ،وما تنفثه من سموم وغازات تؤدي لزيادة التلوث في سماء مدينة الجمال دمشق المدينة الأكثر تلوثا بين مدن العالم بعد القاهرة!...
ما يزيد من مأساة البلاد...رغم الحصار للقمة العيش ورغم الفساد والنهب...رغم خراب الإنسان وهو الأشد مرارة...رغم فداحة المصاب فان مكابرة النظام تفوق الوصف وصلفه صعب التصديق واستمراره بالكذب والتدليس على شعبه والآخر لا مثيل له في عالم الخيال...يكفي لك أن تقرأ أي صحيفة أو تستمع لمذيع تلفزيوني وهو يشدو أمامك بدرجة الحرارة...بينما تكاد روحك تزهق ...وتنفسك يختفي فتسمعه يقول : الجو في دمشق صاف ومعدل درجة الحرارة اليوم 29 !!!!!!!!!!!!!
تصدير ...تدجيل حتى في درجة الحرارة ..

استمعت وشاهدت خلال وجودي في الإمارات للمرة الأولى لبعض الأصوات والوجوه الجديدة المحدثة لمن يسموهم مطربين ومطربات من أبناء الجيل الصاعد!..وشاهدت بعض البرامج ومعديها خاصة في الأقنية السورية...رغم أنه يمكنني أن أفعل في باريس ، لكني أرفض ربط جهاز التلفزيون بكابل مع الأنترنت يتيح لي هذه التقنية... أهرب منها راغبة وراضية ومختارة...وبعد هذه المشاهدة ازددت إصرارا وتأكداً ...أني محقة في قراري ..فالانحطاط عام وشامل وما الموسيقى والفن إلا أحد وجوهه المتعددة..ولم أحرم نفسي متعة مشاهدة البروباغاندا البعثية والتطبيلية السورية، بل جنبت نفسي متاعباً هي في غنى عنها...وكي لا أظلم ...فاني على يقين أن هناك الكثير من الأقلام والوجوه والقدرات الإبداعية...تحاول النفاذ بشتى الطرق وإيصال بعض الصور الصادقة...لكنها تظل محاصرة وأسيرة ممنوعة عن أكسير الحياة الحقيقي .......الحريــــــــة.

لم تقف الأمور عند هذا الحد، فبعد عودتي لباريس، اتصلت بي إحدى الصديقات تبلغني بوصولها باريس قادمة من الولايات المتحدة، التقينا وتعرفت للمرة الأولى على ابنتها ، التي أبدت إعجابها بعاصمة النور، مطالبة والدتها السكن فيها..وما كان مني إلا أن وافقتها قائلة : ولم لا ؟ يمكنكم هذا ووجهت حديثي للأم..يمكنك بعد هذه الغربة أن تبدأي مشروعك هنا ، خاصة أن لك في باريس أقرباء وأصدقاء...ضحكت وفاجأتني قائلة:" إن معظم أهلي وعائلتي يقطنون نفس المنطقة التي أعيش فيها في الولايات المتحدة..ويزيد تعدادهم على ثلاثين بيتاً!...
وفعلا حدثتني عن هجرتهم المتتالية من الشمال وغيرها من أرض سورية...وكلها منذ تسلم حافظ أسد السلطة!...وبالطبع هذه الأسر وغيرها حسبما عرفت...آشور وسريان وكلدان وتركمان ومسيحيين من كل الألوان...نسال وتسألون معنا....لماذا؟
نعم الوضع الاقتصادي يعتبر السبب الأول ربما، لكنه ليس الوحيد، ولا يمكنه أن يكون النهائي...بل خوف هذا المواطن على حياته ومعتقده يعتبر السبب الأكثر أهمية...ولا أعتقد أن أمريكا هي من يشجعهم ويفتح ذراعيه لاستقبالهم حباً بنور عيونهم وألوان بشرتهم... أو سعيا وراء إفراغ بلادنا من تنوعها، وطالما كان هذا التنوع هو رمزنا للفخر بين شعوب الأرض... فخرنا بالتعايش والمحبة ضمن هذا الطقس الملون، أليست الممارسة اليومية في سياسة الطيف الواحد واللون الأحادي هو السبب؟ ...عندما يختار حزب البعث وحده من سيحكم البلاد بصفته القائد للدولة والمجتمع....معتبراً حكماً أن خياره يمثل الشعب وكأن شعب سورية كله بعثي...ويفرض عليه هذا الخيار .. يسمي هذا ..ديمقراطية ...عندما يحاول طمس الحقائق وتعميتها رغم أن عفنها يطفو على سطح الحياة اليومية ، لكنه بالقمع والتحريم يعتبر أن الحديث عن الطائفية يصيب مقتلا ويمس المحرمات...رغم أن النظام نفسه يمارسها كطقس مقدس...بمنحه كل الميزات لآله وصحبه المقربين ويفضلهم على كل العالمين، ويتركهم يعيثون نهبا وخرقا وفسادا في كل أموال ومقدرات الشعب السوري المسكين...ألا يبعث هذا على الاشمئزاز والقرف بنفس كل مواطن؟ ألا يدفعه مهما كان انتماءه إلى الرحيل عند أول فرصة متاحة؟
ربما يظل المنتمي للطيف الأكبر عددا وحجما أكثر تشبثا وأكبر أملا في التغيير ، متقوقعا على ذاته عائدا لمذهبه وعشيرته ، لكن بقية المواطنين ممن يسمون أقليات( رغم كرهي لهذه التسمية) ، لا تنطبق عليهم الصورة والواقع نفسه إن لم يحس فيه هذا المواطن أنه آمن ومتساوي مع الآخر أمام قانون واحد يمثل الجميع ويمتثل له الجميع..إن لم يلمس أن كرامته مصانة ومواطنته أيضا مصانة فما الذي سيربطه بجاره وزميله وابن قريته؟... الأمراض التي يحرم على المواطن طرحها معتقداً أن التحريم يجعل أرض سورية بعيدة عن الإصابة بفيروس المرض، رغم أنه منتشر في كل بقعة وحي...ولا يجرؤ أي مواطن على البوح أو التفوه والإشارة لمظهر أو عرض من أعراض المرض..حتى لو كانت غايته التحليل والبحث عن علاج ودواء شاف يحمي البلاد من دمار ينتظرها على الطريقة العراقية...لكن النظام يستمر في العمى والتعمية...يستمر في القمع باسم حماية الوطن وأمنه أولاً!...إنما كيف يحميه ممن يسلبه أمنه ويحرمه حريته وهو قاتله؟ أيعقل أن يرى هذا النظام كل هذا الخراب ولا يخجل فيتوارى؟ ...أم أنه يعيش على هذا الخراب ؟
هل ستطول مدة الانحطاط التي تطال كل مناحي الحياة ؟
هل لنا بعد من أمل ؟ ...
هل نبقي على صورة الأمس الجميلة؟
أنحلم بعودة دمشق لإشراقتها؟
هل هذا ممكن بعد عقود من حرق الأشجار وقطعها؟ بعد عقود من سياسة التدجيل والتطبيل وتكديس الآلام والتجويع والتطييف ...بعد أن اعتاد الشعب ممارسة الصمت لغة دائمة ومستمرة لخوف أبدي؟ هل يمكن لحرب العراق أن تنتهي ويعود أهله لمساكنهم معززين مكرمين؟ هل يمكن للشام أن تعيد زراعة الشجرة والزهرة ، وأن تستعيد كرامتها وعبق ياسمينها؟
هل تعود شام فارس الخوري لترتدي حلتها الملونة بأطيافها المتآخية؟

باريس 12/07/2007



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تكون ضد أمريكا ومعها على الطريقة السورية؟
- إرهاب وأطباء..... لماذا؟
- لبنانان، فلسطينيتان، وثلاث عراقات!
- كيف تتزوجي من روبن هود ( أنور البني) يا راغدة؟
- كيف نقرأ هزيمة حزيران ونأمل في هذه المرحلة؟
- لا مكان لي بينكم
- مسرح الدمى السياسي في المشرق العربي
- العقل العربي في إجازة
- ما الذي ينتظرك بعد يا وطني؟
- لماذا ترتفع نسبة الجرائم في وطننا العربي، وما هي أنواعها وأس ...
- لماذا تعتبر بلداننا بؤرة للإرهاب، ومن يمارس علينا الإرهاب؟
- ليس دفاعا عن رجاء بن سلامة، ولا انتصاراً لوفاء سلطان، وإنما ...
- إلى سيف الحق أنور البني
- من صنع الإرهاب؟ من دعم وأسس الحركات السلفية في العالم العربي ...
- دعوة
- بغداد مدينة الأشباح
- تعال اتفرج يا سلام على الانتخابات السورية...يا حرام !
- كنت مسلماً ذات يوم!
- مؤتمرات، انتخابات = مساومات، رهانات، إحباط، ثم فشل!
- الطاعون العراقي!


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - بين (جنة الله )على الأرض البارحة، وهبة البترول اليوم نقرأ الفارق بألم