|
احتفال تقييم : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2051 - 2007 / 9 / 27 - 11:01
المحور:
الادب والفن
المدعوون كثيرون ، ازدحمت القاعة بهم ، وامتلأت المقاعد بمئات من الحاضرين ، الذين اطلعوا على الدعوة العامة ،في الصحافة الورقية والتلفاز ، كنت شخصية عامة ، يشار اليك بالبنان ، تتكلمين في أي موضوع يطرح عليك التحدث فيه ، وتناقشين بهدوء ، ما تسمعين به من آراء ، لم يكن صوتك يعلو ، فقد كنت تؤمنين إيمانا راسخا ، ان ارتفاع الصوت ينتج غالبا عن الخواء الفكري ، وعدم امتلاك الحجج والبراهين التي تقنع الخصم ، وتفحمه بالحجة الدامغة ، كما يقول علماء الإقناع ، والمحاججة ، والنقاش الهادئ المستنير. جلس المتكلمون الأربعة في مقاعدهم ، وطلبوا منك الجلوس في وسطهم ، اثنان منهم على يمينك ، والاثنان الآخران على يسارك. يغبطك حضور الجماهير العريضة الى مكان الاحتفال ، ويملؤك اعتزازا وثقة بنفسك ، لقد استطعت ان تحققي شيئا ، وأن تثبتي جدارتك في شأن من شؤون الحياة ، وان يكون لسانك منطلقا في الوقت الذي يزيد الطلب عليه ، وحججك قوية ، ساطعة أمام العيان. - سيداتي ، سادتي ، أهلا بحضوركم الكريم ، نرحب اليوم بشخصية عامة ، أثبتت نجاحها الكبير ، وفصاحتها المثيرة للإعجاب في أي مجال ، تتطرق إليه حاولت ان تخبريه ، بأمر الاحتفال ، الذي يطمحون فيه إلى تقييم مسيرتك الخطابية ، والتي أثبت جدارتك ونجاحك اللافتين للنظر فيها ، ولكنك تراجعت في آخر لحظة ، وآثرت ان تكوني وحدك في هذا اليوم ، كما هو الشأن في المرات السابقة ، التي كنت تحضرين فيها احتفالات عامة ، فينطلق لسانك الفصيح مؤيدا ، وجهة النظر التي تريدين تقويتها ، ويستمع إليك الحاضرون بصمت ، وهدوء ، تسكت الأصوات جميعا ، ولا يسمع الا صوتك الرخيم ، يتفوه بأعذب العبارات وأقوى الجمل ، عارضا مختلف الآراء ، ومبينا تعدد وجهات النظر ، وحين تصلين الى نهاية خطابك ، وقد أثبت بالدلائل والبراهين صحة رأيك ، وصواب فكرتك ، تنطلق الأكف بالتصفيق المتواصل ، وأنت تنظرين مستبشرة الى رضا الجماهير العريضة. كثيرا ما تناول سيرتك السابقة بالسخرية منها ، ومن تقليل شأنها ، وإنها هزيلة جدا ، وانك يجب الا تبالغي ، في تكبير ما وصلت اليه من نجاح ، فأنت ما زلت في مكانك ولم تحققي شيئا. ينطلق الصوت متكلما: - أنها مثال ناصع في النجاح ، وتحقيق الهدف ، وفي تحدي الصعاب ، والوصول إلى الغاية. كنت في بداية عهدك به ، تظنين انه عازم على إبعاد شبح الغرور ، عن نفسك الحساسة ، وان هذا الماّل يصيب عادة من كان يمتلك الثقة بنفسه ، ورضا الجماهير عنه. - إنها قدوة للأجيال الصاعدة ، في ضرورة النضال ، والاستهانة بالعراقيل ، التي توضع أمام العازمين على السير المثابر ، والإصرار المستمر. يحدثك عن الأيام التي حققت نجاحا فيها ، وكتبت عن تلك النجاحات الصحف ، وتناولتها وكالات الأنباء ساخرا ، مستهزئا : - لم تحققي شيئا ، لأنك امرأة أيدك الناس ، وصفقت لك الجماهير معلنة استحسانها ، ان حاولت اليوم إعادة مجدك القديم ، لن تستطيعي ، سوف يصيبك الفشل الذريع ، لاتعودي ، الأيام حين تسير ، لاتعود الى الوراء ، وأنت لاتملكين صوتا جهوريا ، ويصيبك التعب منذ البداية. - إنها خطيبة مفوهة ، أمدتنا بالكثير من الخطب الرائعة ، البليغة ، والساحرة في البيان ، وهي مدرسة في أصول الخطابة الصحيحة ، والهيمنة على عقول الجماهير. ينتهي المتحدثون في إيراد ما تتمتعين به من خلال ، تسر بها الأذن ، وترنو إليها القلوب ، وتميل الى سماعها الأفئدة. - تركت الفصاحة عامين اثنين ، لأعمال منزلية ، و الآن تعود إليها ، بكل جمالها القديم ، نترك السيدة مها تحدثكم بسطور قليلة ، عن تجربتها في هذا المضمار الصعب واللذيذ. تتزاحم الكلمات في فكرك ، ولا تملكين القوة لإطلاقها ، تتيه منك الإرادة ، ويتراجع ما عرف عنك من عزم ، وصوت داخلك ينطلق عنيفا : لن تستطيعي ، سوف يصيبك الفشل الذريع. تصفق الجماهير بحرارة ، منتظرة ان تلبي النداء ، يبرد التصفيق ، ينظر إليك المحتفلون باستغراب.
صبيحة شبر 25 أيلول 200
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رأي في - مؤسسة - الحوار المتمدن
-
التابعة : قصة قصيرة
-
وجاهة :قصة قصيرة
-
حول اشاعة الديمقراطية في العراق
-
أحلام محبطة
-
حالة
-
القسم
-
المسابقة : قصة قصيرة
-
المرأة العراقية في ظل التحولات الجديدة
-
لست أنت
-
الطائفية في العراق
-
التابوت
-
قراءة في مجموعة قصصية
-
الصورة
-
ثقافتنا والتعميم
-
لماذا الاساءة للاديان ؟
-
القزمة
-
تشابك مهن
-
كيف نقرأ نصا أدبيا ؟
-
ظلم يدوم ولا أمل قريب
المزيد.....
-
-خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
-
موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي
...
-
التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|