أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - نعم تصادميين، و هل كان غاندي إلا تصادمي؟















المزيد.....

نعم تصادميين، و هل كان غاندي إلا تصادمي؟


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2028 - 2007 / 9 / 4 - 08:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في أحد أعداد شهر أغسطس 2007 من جريدة الحوار المتمدن اليومية الإنترنتية، نشر أستاذ فاضل مقالاً صنف فيه المعارضة المصرية في ثلاث فئات، بعد أن إستبعد الفئة المستسلمة المستكينة التي تشكل أغلبية الشارع المصري حتى الأن، و التي سوف نوقظها بإذن الله، و هذه الفئات الثلاث، هي المعارضة الحكومية، صناعة أجهزة الأمن، التي أستطيع أن أقول أن وظيفتها هي تشتيت الإنتباه، و تفريق الصفوف، و ترويج الأفكار التي تريدها السلطة، فليس ما هو أفضل من أن تأت تلك الأفكار على لسان معارضة، من أن تأت على لسان السلطة، خاصة في ظل الثقة المفقودة بين الشعب المصري و حكامه، أما الفئة الثانية فهي المعارضة التصادمية، هكذا وصفها سيادته، و هي التي تريد التغيير الجذري، و تعتمد أسلوب الصدام الجريء، و قد إعتبرها كاتب المقال - أو بالأحرى السلطة - إنها معارضة غير ذات طائل، لا تجلب إلا الخراب على نفسها و أسرها – لاحظ التهديد المبطن – أما الفئة الثالثة، فهي المعارضة الهادئة، التي تعمل بهدوء، و لا تتصادم مع السلطة، و التي رحب بها كثيراً الكاتب، و أحتفل بها في مقاله.
لقد كان الأحرى بسيادته – إن شاء قول الحق – أن يقول أن المعارضة التي نعتها – أي وصفها – بالتصادمية، هي المعارضة الحقيقية، خاصة إنه يعالج في مقاله المذكور الحالة المصرية، و ليس البريطانية أو السويدية، فكأن سيادته، بمقاله هذا، يريد من المعارضة المصرية الحقيقية، أن تصبح كالمعارضة البريطانية، معارضة هادئة خافته تطرح أرائها بصوت هامس في خطب مدبجة بليغة في البرلمان، و تتناقش بهدوء تام على صفحات جرائدها و مواقعها الإنترنتية، و تكون كحزب المحافظين البريطاني، دون أن يطالب سيادته النظام الحاكم أن يكون هو أيضا على شاكلة الأنظمة الحاكمة في السويد أو بريطانيا أو فرنسا، أو حتى تركيا.
في مصر تم إعادة النظام الحزبي المتعدد منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين، و مع عودة الأحزاب عادت الصحافة المعارضة، و إن كان أغلبها من نمط المعارضة المطلوبة، أو الهادئة كما وصفها سيادته، أو تعمل لجهات خارجية، فهل حالنا، في كل النواحي، أفضل من حالنا من ثلاثين عاماً؟؟؟
ها هي جماعة الإخوان المسلمين - و التي لا أنتمي لها، و لم أنتم إليها - مستكينة هادئة، فهل وصلت إلى شيء، سوى خمس مقاعد برلمان صوري، و بضع صحف و مواقع أنترنتية لا تغني و لا تسمن من جوع الشعب للعدالة، و إعتقالات إعضائها على قدم و ساق.
سيادته يريد ألا نلاحظ أن الخناق قد ضاق، و إن كان بهدوء، حول أعناقنا، و أن علينا أن نهدأ و نسكت، فلا نصرخ، حتى نختنق.
سيادته يريدنا أن نغلق عقولنا فلا نعي أنه خلال الربع القرن الماضي قد ضاقت مساحة الحريات، و ضمانات حقوق الإنسان، أكانت على مستوى الشخص أو على مستوى العمل السياسي، في ظل وجود المعارضة الهادئة.
ضمانات حقوق الإنسان القليلة، و التي كانت متوافرة في الدستور، تم محوها، منذ أمد قريب، بممحاة التعديلات الدستورية الأخيرة، فأصبح العسف اليوم دستوري، و ضاق السبيل بالمظاليم، فلم يعد لهم ملجأ إلى قضاء يعطيهم حقوقهم، حتى و لو على الورق، فكيف ينصفهم قاضي عادل، و الدستور و القانون الذي أمامه أصبح يحلل الظلم و يقننه؟
التغييرات الحقيقية التي حدثت في معظم البلدان كانت نتيجة تصادم، حروب البرلمانيين ضد طغيان الملكية البريطانية في عهد تشارلز الأول، و الثورة البيضاء التي خلعت جيمس الثاني كانت تصادمية، و الثورة الأمريكية، و الثورة الفرنسية، و حروب الوحدة الإيطالية، و الثورة الروسية، و ثورتي مصر في 1805 و 1919، لم يكونوا جميعاً إلا تصادم مع السلطة، أكانت سلطة محلية حاكمة، أو إحتلال غشوم، و أغلب تلك المناسبات التصادمية محل تقدير و إحتفال من الأجيال الحالية.
مصر لم تتخلص من السلطة المباشرة للإحتلال العثماني إلا بثورة تصادمية، و لم تسر في طريق الإستقلال الفعلي إلا بثورة 1919، ثم الكفاح المصري في منطقة القناة، في خمسينيات القرن العشرين، ثم مع حركة يوليو 1952، و كل تلك الأحداث أحداث كانت تصادمية، و إن لم تكن كلها دموية.
التصادم مع السلطة الغاشمة، أكانت سلطة حاكمة محلية، أو سلطة إحتلالية وافدة، لا يعني دائما تبني العنف وسيلة لتحقيق الغايات، و إن كانت نبيلة، فغاندي، المثال الحديث و الأفضل للنضال السلمي، كان تصادمي، و قد ذكر أحد الكُتاب، و الذي حلل شخصيته، فذكر إنها كانت تنطوي على قدر كبير من القوة، و أنه كان أعنف كثيراً مما بدا، و لا أشك أن الكاتب قصد أن عنف غاندي، هو عنف الإيمان بالمبدأ، و عنف المواجهة مع الخصم، و عدم الإستسلام، و الإصرار الذي لا يلين، و الإستعداد للتضحية بالحياة في سبيل المبدأ و الهدف، و كل ذلك من خلال وسائله السلمية التي تبناها، و عُرف بها.
إنني عندما أطابق هذا التحليل لشخصية غاندي، على حياته السياسية، يتبين لي صدقها، و مدى قوة شخصيته و تصادميته، فغاندي لم يقبل إلا بالإستقلال التام، و لم يكن من الذين يقبلون بحلول وسط، التي كان من أنصارها والد الرئيس الهندي الراحل نهرو، و بقية أعضاء تلك المدرسة، و أعني فكرة الإستقلال الجزئي في إطار التاج البريطاني، أي ما يمكن تسميته بحكم ذاتي، و أصر على المواجهة التصادمية مع الإحتلال البريطاني، و ذلك من خلال الطرق السلمية، فكان أيضاً معارضاً لفكرة الإستقلال التام من خلال الكفاح الدستوري الطويل النفس، تلك الفكرة التي كان يتبناها محمد علي جناح.
غاندي لم يقبل سوى بالمواجهة، أو التصادم، و على الطريقة السلمية التي إختطها لنفسه و لتلامذته و رفاق دربه، و أصبح علماً عالمياً لها، فليس في حملة مقاطعة المصنوعات البريطانية، سوى مواجهة، و مواجهة موجعة، فإستفادة بريطانيا من الإحتلال كانت إقتصادية في المقام الأول، و ليس في مسيرة الملح الذائعة الصيت، و الإصرار على تحطيم إحتكار الملح، إلا تصادم و هجوم، و لا يجب أن ننسى كفاحة التصادمي الهجومي السلمي في جنوب أفريقيا ضد التمييز العنصري.
هل كان عبد الغفار خان، أو غاندي منطقة الحدود، أي المنطقة الواقعة بين باكستان و أفغانستان اليوم، إلا تصادمي، و إن كان أعزل؟ ألم يكن هو صاحب مدرسة الكفاح السلمي ضد الإحتلال البريطاني، و أيضا ضد التخلف، فتبنى حركة تعليمية تنويرية في منطقته، و كسر بذلك الصورة النمطية لإبن منطقته، أي الباتاني، أو البشتوني، حامل البندقية، البشتوني العنيف. مثلما كان جريء عنيف في مخالفته غالبية مسلمي الهند، فوقف رافضاً تقسيم الهند، و إنشاء دولة مستقلة للمسلمين، معتبراً الهند دولة واحدة، و رغم ذلك لم يرفع سلاح أبداً و لم يدع لذلك؟؟؟
هل كان القس الأمريكي مارتن لوثر كينج، صاحب الخطبة الشهيرة، لي حلم، و صاحب الكفاح المعروف ضد التمييز الرسمي ضد الأمريكيين من أصل أفريقي، و الحاصل على جائزة نوبل للسلام، إلا تصادمي، فلم يقبل بأقل من حقوق مدنية متساوية، و إن كان ذلك بالقلم و الخطابة.
نحن كذلك تصادميين مثلهم، لأننا نؤمن بأن المعارضة الناعمة المستأنسة سوف تؤدي إلى لا شيء، في الظروف المصرية الحالية، اللهم إلا إلى مزيد من إستفحال الفساد و الإستبداد، كما رأينا خلال ربع قرن منصرم، أما وسائلنا فسلمية تماماً كما كان غاندي، و عبد الغفار خان، و مارتن لوثر كينج، فنحن أيضا، مثل الأمثلة الثلاثة السابقة.
و نحن مثلهم على إستعداد للتضحية بحياتنا، و نضع أرواحنا على أكفنا، و نعرف إننا نواجه نظام دموي وحشي، و نعرف إن إقامتنا بالخارج ليست معناها إننا في منجاة من مخالبه و أنيابه، و ندرك تماما أن السلطات الرسمية في بلاد منفانا متواطئة مع النظام الحاكم الفاسد في مصر، في الجهود الرامية إلى إسكاتنا و التخلص من حياتنا، و نعرف أن أفراد أسرنا في مصر أسرى في أيدي سلطة وحشية همجية، و لكن كل هذا لن يردعنا عن المواجهة و التصادم مع الفساد و الإستبداد، بوسائلنا السلمية.
لقد ضيق أسيادك، أيها الكاتب الحكومي، الطريق، و أغلقوا كل يوم باب في وجهنا، فهل هناك سبيل أخر لنا سوى أن نزأر - فنحن لا نعرف المواء - و نعلن الصدام، أمام سلطة لا تعرف إلا معنى البطش، و لا تحترم المستكينين، و لا تلتفت إلى المستضعفين، و لا تدوس إلا على الساكتين على حقوقهم؟؟؟؟؟
إن درب العدالة عندما يضيق، و باب الحرية عندما يغلق، لا يكون أمامنا إلا أن نمسك بالمعول لنوسع الدرب، و أن نطرق الباب حتى يفتح أو يتحطم، معلنين المواجهة، دون أن يعني هذا تبني للعنف، أو التحريض عليه، أو الترويج له، أو مناصرته، بأي شكل أو تحت أي مسمى.



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكراهية في الصغر كالنقش على الحجر
- من وراء جريدة الدستور؟؟؟
- ثم هرع إلى بوش يستغيث به
- إلا اليونسكو
- الإصلاح يحتاج يد صارمة و تفويض شعبي
- الدولة الفاطمية، هذه هي الحقيقة
- لأنني أريد نتيجة و أرفض الوصاية و لا أخشى المنافسة
- و هكذا الإحتلال أيضا يا ناظر العزبة
- فوز حزب العدالة التركي مسمار في نعش آل مبارك علينا إستثماره
- لقد كان نضال وطني و ليس مجرد خلاف فقهي
- إقتحموا الحدود، فالبشر قبل الحدود
- مستثمر رئيسي أم لص شريك؟؟؟
- رسالة إلى حماس، نريد القصاص من هؤلاء المجرمين
- مشروع الهيئة المصرية الأهلية للعدالة
- يوم و نصب المعتقل المصري المجهول
- يوم و نصب المعتقل المجهول
- إضرابات بدون هدف و تنظيم، لا شيء
- مصر ليست أحادية الإنتماء
- الإنقلاب العسكري المصري القادم، أسبابه و مبرراته
- حمر عيناك، تأخذ حقوقك


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - نعم تصادميين، و هل كان غاندي إلا تصادمي؟